في ظل تواصل الاحتجاجات والإضرابات في إيران بأشكالها ومستوياتها المختلفة، وفي ظل استمرار قمع الاحتجاجات من قبل النظام والاعتقالات الواسعة، وقبل ساعات من تنفيذ أول حكم إعدام بحق أحد المحتجين المعتقلين في سجون النظام، محسن شِكاري، أصدرت بدري حسيني خامنئي، شقيقة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بياناً تبرأت فيه من شقيقها ومن حكمه الاستبدادي، وأعلنت عن قطع علاقتها معه.
وأصدرت بدري التي تسكن في طهران، وهي والدة الناشطة فريدة مُرادْخاني التي اعتُقلت مؤخراً بسبب مواقفها من خامنئي ومن الاحتجاجات وبعد دعوتها للحكومات الأجنبية لقطع علاقاتها مع إيران، بياناً عبر صفحة نجلها محمود مرادخاني المقيم في فرنسا على “تويتر” باللغتين الفارسية والإنكليزية، كتبت فيه أن شقيقها “لا يستمع لصوت الشعب ويواصل طريق الخميني (مؤسس الجمهورية الإسلامية) في قتل وقمع الأبرياء”.
كما أضافت بدري في بيانها أن شقيقها” لا يستمع إلى صوت الشعب الإيراني ويظن أن صوت مرتزقته وعملائه هو صوت شعب إيران”.
بدري هي زوجة الشيخ علي طهراني، الذي كان من أنشط رجال الدين أيام الثورة، وأصبح في ما بعد عضواً منتخباً في مجلس خبراء القيادة، لكنه ابتعد رويداً رويداً عن رجال الدين
وأكدت في بيانها أنها قطعت علاقتها مع شقيقها، لكنها قبل ذلك بسنوات ولعدة مرات أوصلت صوت الشعب الإيراني الذي يطالب بحقوقه، وقالت إنها فعلت ذلك باعتباره واجباً إنسانياً عليها. وأضافت أنها وبعد أن شهدت أن شقيقها ليس لديه آذان صاغية ويتبع نهج الخميني في قمع وقتل الأبرياء قطعت علاقتها معه. وقالت بأنها تعتقد أن حكم الخميني وخامنئي لا ينتج ثماراً غير الظلم والاضطهاد والمعاناة للشعب الإيراني، برغم أن الشعب الإيراني يستحق الحرية والرفاهية، ونضاله لإحقاق حقوقه مشروع ولازم.
وأشارت في بيانها إلى مقتل واعتقال الشباب على يد السلطات الإيرانية منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية وحتى الآن، قائلة: “فقد الأبناء والابتعاد عنهم حزن كبير لكلّ أمّ، وقد أصبحت العديد من الأمهات حزانى خلال العقود الأربعة الماضية (منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية حتى الآن)”.
كما أضافت بدري في بيانها: “إلى جانب براءتي من شقيقي، رأيت أنه من المناسب أن أعبر عن تعاطفي مع جميع الأمهات اللواتي يعشن على جرائم النظام الإيراني منذ عهد الخميني وحتى العصر الحالي لحكم علي خامنئي الاستبدادي، ومثل كلّ الأمهات الإيرانيات الحزينات، أشعر بالحزن أيضاً تجاه ابنتي”، مضيفة: “عندما يعتقلون ابنتي بعنف، فمن الواضح أنهم يمارسون العنف مضاعفاً آلاف المرات على أبناء وبنات الآخرين المضطهدين”.
وأشارت أيضاً إلى معارضة ابنتها فريدة وزوجها الشيخ علي طهراني للنظام، الذي توفي قبل أشهر في طهران، وقالت: “معارضة عائتنا ونضالهم ضد هذا النظام الإجرامي بدأ بعد أشهر قليلة فقط من الثورة الإسلامية في إيران، لأن جرائم النظام وقمع الأصوات المعارضة وسجن الشباب، والتعذيب القاسي، والإعدامات واسعة النطاق بدأت منذ بداية الثورة من قبل هذا النظام”.
ودعت بَدْري، الحرسَ الثوري الإيراني، ومن وصفتهم بـ”مرتزقة خامنئي” إلى إلقاء سلاحهم بأسرع ما يمكن، والانضمام إلى الشعب قبل فوات الأوان.
وأعربت عن أسفها لأنها ولأسباب جسدية وصحية لا تستطيع المشاركة في الاحتجاجات الجارية في البلاد كما ينبغي، وقالت: “لكن قلبي وروحي مع الشعب الإيراني”. كما أعربت في نهاية بيانها عن أملها في النجاح القريب لانتفاضة الشعب الإيراني للوصول إلى “الحرية والديمقراطية”.
وللمرشد الإيراني، ثلاثة أشقاء هم محمد، وهادي، وحسن، و4 شقيقات هن علوية، وبتول، وفاطمة، وبدري. كما له من الأبناء 6، هم: مصطفى، ومجتبى، ومسعود، وميثم، وبشرى، وهدى.
ويقف هادي وأسرة فاطمة وبدري في اتجاه معاكس لسياسات شقيقهم الذي يتقلد منصب المرشد الأعلى منذ عام 1989، أي بعد وفاة روح الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية وزعيم الثورة الإسلامية. والجدير بالذكر أن الشقيقتين علوية وبتول، قد توفيتا منذ فترة طويلة.
وبدري هي زوجة الشيخ علي طهراني، الذي كان من أنشط رجال الدين أيام الثورة، وأصبح في ما بعد عضواً منتخباً في مجلس خبراء القيادة، لكنه ابتعد رويداً رويداً عن رجال الدين، وأعلن دعمه لحركة “مجاهدي خلق” المعارضة. وفي كانون الثاني/يناير 1984 هرب طهراني إلى العراق، ثم تبعته زوجته وأبناؤه الخمسة بعد عام. وفي عام 1995 عاد إلى إيران بعد أن عادت أسرته لطهران، وقد حُكم على الشيخ علي طهراني، 20 عاماً من السجن، بيد أنه قضى 9 سنوات منها في سجن طهران حتى أطلق سراحه، وتوفي في 19 من تشرين الأول/أكتوبر عام 2022، عن عمر ناهز 96 عاماً.
وجاءت رسالة شقيقة خامنئي، بعد يومين من رسالة الرئيس الإيراني الأسبق وزعيم التيار الإصلاحي في إيران، محمد خاتمي، الذي أعلن عن تأييده للاحتجاجات، وحث النظام فيها على “مدّ يد العون للطلاب قبل فوات الأوان” والاعتراف “بجوانب الحكم الخاطئة”.
“إلى جانب براءتي من شقيقي، رأيت أنه من المناسب أن أعبر عن تعاطفي مع جميع الأمهات اللواتي يعشن جرائم النظام الإيراني منذ عهد الخميني وحتى العصر الحالي لحكم علي خامنئي الاستبدادي”
ووصف خاتمي الممنوع من الظهور على وسائل الإعلام على خلفية احتجاجات عام 2009 في إيران بسبب انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، في رسالته بمناسبة يوم الطلاب الموافق 7 كانون الاول/ديسمبر، شعار الاحتجاجات الإيرانية “المرأة، الحياة، الحرية” بأنه “رسالة رائعة تعكس التحرّك باتّجاه مستقبل أفضل”. وقال إن فرض القيود “لا يمكن أن يضمن في نهاية المطاف استقرارَ وأمنَ الجامعات والمجتمع”.
وهذه الرسائل هي من ضمن الضغوط الداخلية على النظام، والأصوات الإيرانية العديدة التي تؤيد الاحتجاجات، وتدعو النظام إلى تغيير نهجه الاستبدادي والقمعي، والتي تدعو إلى تغييره
وتتواصل الاحتجاجات في إيران رغم مضي نحو ثلاثة أشهر على وفاة مهسا أميني بعد اعتقالها من قبل شرطة الحجاب في طهران، والتي راح ضحيتها حتى الآن نحو 300 شخصاً وفقاً للإحصاءات الرسمية، ونحو 500 شخصاً وفقاً للإحصاءات غير الرسمية، ناهيك عن اعتقال الآلاف، بينهم شخصيات سياسية وفنية وثقافية ورياضية.
وحتى الآن لا يُعرف مصير الاحتجاجات الإيرانية؛ هل يصمد النظام الإيراني كما يعتقد داعموه أو سيسقط كما يعتقد ويأمل معارضوه؟ لكن هناك شبه اتفاق في الآراء بأن إيران مع كلّ ما حدث وسيحدث في الفترة المقبلة، لم تعد إيران السابقة.
هذا، ونشرت قناة “إيران إنترناشيونال” المعارضة نقلاً عن مصادر غربية خبراً أفاد بأن النظام الإيراني دخل في مفاوضات مع فنزويلا من أجل إيواء مسؤولي النظام وعائلاتهم إذا تفاقم الوضع في البلاد وزاد احتمال الإطاحة به. ووفقاً لهذا الخبر قام عدد من مسؤولين رفيعي المستوى من إيران بزيارة إلى فنزويلا في شهر تشرين الأول/اكتوبر الماضي، وطلبوا من فنزويلا السماح لكبار المسؤولين الإيرانيين وعائلاتهم باللجوء إليها في حال وقوع “حادث مؤسف في إيران”.