تابعنا، معنا، ونحن في بيت صديقي الصدوق أبو سكينة، خطاب الناشطة العراقية الأيزيدية ناديا مراد، خلال حفل قبولها وتسلمها جائزة نوبل في العاصمة النرويجية أوسلو. كان صوتها الخافت النبرات والشجاع، المحمل بالألم والحزن المتراكم يشق صمت الحفل ويصفع الوجوه اللامعة لعلية القوم ممن تحلقوا حولها يسمعونها وهي تصرخ بهم:
ــ لا توجد جائزة في العالم يمكن أن تعيد لنا كرامتنا إلا بتحقيق العدالة ومحاسبة مرتكبي جرائم الإبادة.
أظهرت لقطات من الحفل بعض الحاضرات وهن يمسحن دموعهن تأثرا، وتعالى التصفيق مرارا لكلمات ناديا وهي تطالب بحماية أبناء شعبها الأيزيدي من المتطرفين المتاجرين بالدين. قالت نادية مراد في كلمتها بأن هناك مجتمعات ضعيفة تتعرض للتطهير العرقي والتمييز أمام أنظار المجتمع الدولي، مشددة على أن حماية الأيزيدين مسؤولية كل المجتمع الدولي.
ظلت الديانة الأيزيدية ـ عزيزي القارئ ـ وهي من أقدم العقائد الدينية في العراق وتؤمن بالله وتوحيده وتدعو الى التسامح والمحبة، مجهولة للكثيرين من أبناء شعبنا العراقي، بل وتعرضت للكثير من التشويه والافتراء، من قبل الأنظمة الحاكمة، خصوصا في فترة النظام الديكتاتوري الصدامي، الذي مارس سياسة شوفينية ميزت بين مكونات الشعب العراقي. وبعد سقوط النظام البعثي الشوفيني، تأمل كل العراقيين، ان يعمل الجميع بإخلاص لبناء عراق ديمقراطي فيدرالي يضمن حقوق جميع مكونات الشعب العراقي، الاثنية والدينية، لكن الذي حصل ان سياسة المحاصصة الطائفية والاثنية، التي كرسها المحتل، وسعت اطراف منتفعة لإقرارها واستمرارها سببت ان التنظيم الإرهابي التكفيري والمشبوه، العامل تحت اسم “الدولة الإسلامية” الذي يُعرف اختصاراً بـ “داعش“، تمكن من احتلال مساحات شاسعة من سوريا والعراق وتنفيذ ابشع الجرائم بحق أبناء شعبنا وفي مقدمة ذلك جريمة الإبادة لأبناء شعبنا من المكون الأيزيدي سواء بالقتل المباشر للرجال والنساء والأطفال أو بسبي واستباحة النساء.
قال جليل: لن ننسى أحاديث أبو سكينة المتكررة، عن “داعش” و“ماعش” وما بينهما.
تنحنح أبو سكينة وقال: يعني تريد مني لازم أحجي وأعلق. أنتم تعرفون بالنسبة لي أن “داعش” وجرائمها المدانة معروفة وواضحة، أنا اكرر دائما بأن خوفي الدائم هو من “ماعش“، فهؤلاء يمكن ان تجدهم في كل مكان يتعالى فيه صوت طائفي يسحق كلمة الوطن ويخرق الدستور والقانون، يعتدي على مكونات الشعب، يقمع المتظاهرين المطالبين بحقوقهم، يزايد على نضالات المناضلين الحقيقين، يتباكى على الديمقراطية ويلغف حقوق غيره مرتديا لبوس الضحية، وتشوفه مثل الحية ناعم.. ناااااااااعم وعلى غفلة ويلدغك!
* طريق الشعب العدد 86 ليوم الاثنين 17 كانون الأول 2018