لم يسبق أن أثارت بطولة كأس العالم لكرة القدم النقاش والجدل وترافقت بشحن سياسي مثل مونديال قطر. ورغم كل ذلك نجحت قطر في تنظيم المونديال، ولكن لا تزال هناك أسئلة كثيرة هامة تنتظر الإجابة عليها حسب صحف ألمانية.
الأولمبياد الهدف التالي؟
تساءلت صحيفة “دي فيلت” في تعليقها عن الوضع في قطر بعد انتهاء المونديال، بقولها “إلى أي مدى ستبقى الأضواء مسلطة على قطر بعد مغادرة آخر أفضل لاعبي العالم؟ إنه سؤال مثير للاهتمام. التاريخ يخبرنا بأن الدولة المضيفة مثل روسيا عام 2018 (بعد المونديال السابق) والصين التي نظمت الأولمبياد الشتوية 2022، قد تم تركها وشأنها بعدما لم تعد الأضواء الرياضية مسلطة عليها. ويخشى أن تكون قطر الدولة المارقة التالية، مع الألعاب الرياضية والسياسية”.
وعن طموح قطر الرياضي القادم، كتبت الصحيفة “بعد تنظيم بطولات العالم في كرة اليد والدراجات وألعاب القوى وكرة القدم، الهدف التالي سيكون الوصول إلى الحلقات الخمس (الألعاب الأولمبية). تنظيم أولمبياد 2036 هذا ما يتصورونه في قطر، الحلم التالي بعد تنظيم الألعاب الآسيوية عام 2030، لتخليد أنفسم على خارطة العالم الرياضية. فهذا المونديال الذي تم تنظيمه في الشتاء قد أظهر بشكل واضح أنه بالمال يمكن تنظيم/فعل الكثير”.
التقارب مع الجيران والابتعاد عن الغرب!
رغم كل الانتقادات تشير قطر إلى حصيلة إيجابية للمونديال، فعلى الأقل وحدت العالم العربي خلال البطولة، حسب صحيفة “فرانكفورتر ألغمانيه” التي كتبت تقول: “في الواقع أطلقت بطولة كأس العالم هذه أيضا طاقة توحد الشعوب. لكنها لم تستطع تجاوز كل الخلافات، وإنما على العكس من ذلك أظهرت الكثير مما يفرق. لقد وحدت البطولة في قطر بالدرجة الأولى الناس في المنطقة. العرب المشاركون والمشجعون لم يكونوا موحدين في حماسهم لكرة القدم فقط، وإنما في رفضهم للانتقادات الغربية للدولة المضيفة أيضا”. وتضيف الصحيفة “اللهجة الحادة من الغرب لم تؤذ سمعة الإمارة (قطر) في العالم العربي، وإنما العكس”.
وتتابع الصحيفة بأن “الأسئلة الخلافية الكبرى بقيت دون إجابة. القيادة القطرية عليها إثبات أن الإصلاحات في قانون العمل والإقامة، مثلما تم الإعلان عنه، سيتم متابعتها حتى بعد انتهاء المونديال، وحقوق العمال المهاجرين سيتم تعزيزها. وأن يكون هناك حرصا فعلا على تعويض ضحايا الظلم في مواقع بناء منشآت كأس العالم”.
الشحن السياسي للأحداث الرياضية!
أشارت صحيفة “نويه تسوريشر تسايتونغ” السويسرية في تعليقها إلى نجاح قطر في تنظيم المونديال، بقولها “كل النقاشات التي سبقت انطلاق المونديال حول وضع العمال المهاجرين والمثليين والمثليات، لم تؤثر على أجواء البطولة. المستوى الرياضي كان جيدا، والجمهور راضيا. ما بدأ كحالة خاصة، انتهى كبطولة بنهائي أحلام لا يحتاج للاختباء خلف أي مونديال سابق”.
وأضافت الصحيفة في إشارة إلى نجاح الفرق الآسيوية والإفريقية في البطولة بقولها “أظهرت بطولة كأس العالم هذه للأوروبيين ولجنوب أمريكا أن الأفارقة والآسيويين ليسوا مجرد أرقام في عالم كرة القدم”، وتابعت الصحيفة: “يترافق مع هذا الإدراك أن القيم والمفاهيم الأخلاقية، ولا سيما معاملة المثليين والمثليات، لا تتوافق مع المعايير الغربية في كل مكان. وخاصة ممثلي كرة القدم والسياسة الألمان كان عليهم بشكل مؤلم، أن يعرفوا أن احتجاجهم غير الناضح لم يتم تقديره. وصحيح أنه لا يمكن استبعاد ذلك في هذه النقطة، فإن تأثير التعلم يظهر هنا ومنه يدرك أصحاب الفضيلة أن الشحن السياسي للأحداث الرياضية قد يؤدي إلى عكس النية (الحسنة) الحقيقية”.
نجاح المونديال لا يغطي على فضيحة الرشوة!
تساءلت صحيفة “زوددويتشه تسايتونغ” في تعليقها على المونديال “بعد إطلاق صافرة نهاية كأس العالم في قطر: هل كان تنظيم البطولة مجديا للإمارة الصغيرة؟”. تجيب الصحيفة على سؤالها “أولا وقبل كل شيء: سواء أكان مناسبا لأحد هنا (ألمانيا) أم لا، سار المونديال بشكل سلس. وعلى عكس بطولة الأمم الأوروبية عام 2016، لم يقم الهوليغنز بأعمال شغب/ تخريب في شوارع الدوحة، ولم تكن هناك تقارير عن ذعر في الملاعب ولا عن هجمات على المثليين. وقد وصف الناس الذي زاروا قطر الأجواء بالسلمية والمريحة. ربما لم يكن هناك اهتمام بالمونديال في ألمانيا، لكن نسبة المتابعة والمشاهدة كانت عالية في الدول الأوروبية الأخرى وباقي العالم”.
كما تشير الصحيفة في تعليقها إلى مخاوف قطر بقولها “بشكل عام كانت البطولة نجاحا للإمارة. الخوف الأكبر للعائلة الحاكمة كان ولايزال فقدان السيادة لصالح الجيران العرب. كما حصل عام 2017 حين أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصارها (لقطر)”. وتتابع الصحيفة في هذا السياق أن “هذا الخطر قد تم تجنبه حاليا، لأن الانتقادات الأوروبية قربت العرب من بعضهم خلال المونديال. وطبعا لا تزال الخلافات السياسية مستمرة، لكن بالنسبة لقطر فإن النجاح المفاجئ الذي حققه الفريق المغربي جاء لصالحها من خلال إطلاق الشعور بالتضامن عربيا. وهذا لن يفوت الحكام العرب الآخرين”.
لكن وبحسب الصحيفة، فإن كل هذا النجاح وما حققته قطر “لن يغطي على فضيحة الفساد في الاتحاد الأوروبي. ففي حين أن بروكسل مشغولة بالتحقيق في قضية رشوة برلمانيين أوربيين كبار من قبل قطر والمغرب، أكدت قطر أنها تتصرف وفق القانون الدولي. لكن هذه هي الطريقة التي تتصرف بها قطر”.
إعداد: عارف جابو