وفي حين لفت التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، الى ان الحكومة العراقية المدعومة من إيران، تبذل جهودا من أجل السيطرة على سعر الصرف بهدف احتواء الغضب الشعبي المتزايد جراء تزايد أسعار السلع، نقل عن مالك شركة للصيرفة في بغداد، ضرغام حميد قوله ان سعر صرف الدولار في السوق السوداء كان يتارجح حول 1550 دينارا عراقيا من حوالي 1470 دينارا، مضيفا ان الدينار يترنح في مقابلة الدولار منذ اوائل الشهر الحالي، وهو ما “خلق فوضى في السوق”.
وذكر بأن البنك المركزي في العراق طرح منذ العام 2004، آلية مزاد العملات الأجنبية باعتبار انها احد الادوات من اجل تحقيق الاستقرار النقدي، وهو من خلال هذه المزادات، أتاح للحكومة النجاح في ضبط سعر الصرف في السوق السوداء.
الا ان التقرير اشار الى انه طوال سنوات، كان السعر الرسمي المعتمد في البنوك وشركات الصرافة، هو 1182 دينارا فيما بلغ السعر في الشارع نحو 1200 دينار.
غير ان هذه العملية حافلة باتهامات بالفساد وتبييض الاموال وتحويل الدولارات الى الجارين الايراني والسوري، من خلال استخدام سندات مزورة. ولهذا أدرجت الولايات المتحدة على القائمة السوداء مجموعة من البنوك العراقية التي تتعامل بشكل اساسي مع ايران حيث فرضت مثلا عقوبات على بنك البلاد الاسلامي العراقي بسبب تعامله مع الحرس الثوري الايراني في ايار/ مايو العام 2018.
وتابع التقرير انه في ظل ازمة السيولة الناجمة عن تراجع اسعار النفط في السوق الدولية، عمد البنك المركزي العراقي الى تخفيض قيمة الدينار في كانون الاول/ديسمبر العام 2020 الى 1460 دينارا للدولار للبنوك و 1470 دينارا للافراد، حيث اعتبرت الحكومة المؤقتة وقتها ان هذه الخطوة ستعمل عل الحد من هروب “الدولار الرخيص” الى خارج العراق.
الا ان التقرير اشار الى ان هذه الخطوة لم توقف تدفق العملة الصعبة التي تتعزز الحاجة اليها.
ونقل عن مسؤول في البنك المركزي وعن نائب عراقي ان السفيرة الامريكية في العراق تقدمت بشكاوى للمسؤولين العراقيين في عدة مناسبات تتعلق باستمرار ارسال الدولارات الى ايران، لكن حكومة محمد شياع السوداني التي تولت السلطة في نهاية تشرين الاول/اكتوبر الماضي، لم تعمد الى اتخاذ اي اجراء.
كما نقل التقرير عن مسؤول البنك المركزي قوله انه “عندما لم يحدث اي اجراء من جانب الحكومة، فإن البنك الاحتياطي الفيدرالي (الامريكي) بدأ في تطبيق اجراءات تدقيق على التحويلات الخارجية، وهو ما ادى الى تأخير عملية الافراج عن الاموال من جانب الولايات المتحدة من اجل تغطية الواردات والاحتياجات الاخرى”.
كيف تسير العملية
وذكر التقرير ان كل دولار يجنيه العراق من بيع النفط، يدخل الى حساب في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، ثم يقوم العراق بسحب رواتب الحكومة ونفقات ما تستورده، مشيرا الى ان بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك هو الذي يزود العراق بالعملات الصعبة بطلب من الحكومة العراقية.
وتابع التقرير انه فيما يتم استخدام بعض هذه الاموال من اجل تغطية الواردات الحكومية والمتطلبات الاخرى التي تحتاجها، فان الكثير من هذه الاموال تمرر الى البنوك التجارية، بهدف ظاهري يتمثل في تغطية تكاليف واردات القطاع الخاص، وهي عملية سيطرت عليها كارتلات تبييض الاموال في العراق منذ فترة طويلة.
ولفت التقرير الى ان يضاف ما يتبقى من الاموال، تتم اضافته الى الاحتياطي الدولي.
وكان السوداني اعلن في وقت سابق الشهر الحالي انه بفضل تزايد عائدات النفط في، فان البنك المركزي اصبح يمتلك حوالي 96 مليار دولار من احتياطيات النقد الاجنبية.
واستنادا الى مالك اخر لشركة صيرفة، طلب عدم الكشف عن هويته، فان البنك المركزي قام كمعدل ببيع حوالى 240 مليون دولار الى 250 مليون دولار يوميا، موضحا انه جرى صرف 10 الى 20 % فقط من هذه الاموال لتوزيعها على البنوك وشركات الصرافة ثم للافراد، بينما تم ارسال المبلغ الباقي الى حسابات بنكية في دبي وتركيا وعمان والصين لتغطية واردات القطاع الخاص.
ونقل التقرير عن مالك شركة للصرافة قوله ان “لا مشكلة لدى العراق فيما يتعلق بالمال على الاطلاق، لان لديه احتياطيات جيدة، ويبدو ان القضية لها دوافع سياسية لان الامريكيين مستاؤون”.
وذكر الصراف العراقي بانه خلال الاعوام الـ19 الماضية، فان البنك الاحتياطي الفيدرالي (الامريكي) لم يعمد ابدا الى تأخير اي طلب او معاملة من العراق، مضيفا ان البنك الامريكي كان “يوافق على اي فاتورة على الفور”، الا ان الامريكيين بدأوا منذ اوائل الشهر الحالي “في تطبيق اجراءات تدقيق على التحويلات الخارجية، والعملية الجديدة تسببت في تأخير كل معاملة لمدة تصل الى اسبوعين”.
ولفت صاحب شركة الصيرفة ايضا الى ان غالبية الطلبات جرى رفضها لانه تم الاشتباه بارتباطها ببعض البنوك في ايران.
واشار التقرير انه في ظل ذلك، فقد تراجعت المعاملات اليومية من حوالي 200 مليون دولار الى ما بين 20 و 30 مليون دولار يوميا.
واوضح الصراف العراقي ان “الاحتياطيات (المالية) في الحسابات بالخارج، جفت، وهو ما تسبب في ارتفاع الطلب على الدولار في السوق المحلية لتغطية الواردات”.
ومن اجل كبح الاسعار في السوق السوداء، فان الحكومة طلبت من البنك المركزي العراقي القيام باجراءات عاجلة من اجل تعويض نقص الدولار في السوق المحلية، وفي هذا الاطار، خفض البنك المركزي سعر الصرف للافراد من 1470 دينارا الى 1465 دينارا لمساعدتهم على تأمين تكاليف السفر للحج والعلاج والدراسة.
وبالاضافة الى ذلك، طلبت الحكومة من البنك المركزي ان يساعد البنوك الخاصة على تقوية احتياطياتها من العملات الاجنبية غير الدولار مثل اليوان الصيني واليورو والدرهم الاماراتي والدينار الاردني، الا ان كل هذه الاجراءات لم تنجح في تقوية الدينار العراقي امام الدولار.
ونقل التقرير عن حميد قوله انه ليس متفائلا “ونعتقد ان الأسوأ لم يأت حتى الان، ما لم تطبق الحكومة اجراءات عاجلة وفورية وفعالة”.