أثار تصريح منقول, لصديق ووصي قائد فيلق القدس الراحل, من أنه كان يتمنى أن يموت بطريقة, تشابه طريقة رحيل الشهيد السيد محمد باقر الحكيم, دهشة كثير من المهتمين بقضايا تكاد تنسى, وهي عظم التضحيات التي قدمها رجال, نكاد أن ننساهم..
رغم أننا طوينا صفحة نظام الطاغية صدام وزبانيته, من نحو عشرين سنة مضت, لكنا غصة تلك السنوات, بأيامها ولياليها بل وبدقائقها ولحظاتها, لازالت تشعرنا بالمرارة, مع كل ثانية تمر من حياتنا.. فلا نحن نستطيع أن ننسى تلك الأيام السوداء أو نخرج من قيودها, ولا الجيل التالي لنا يمكنه أن يفهم, ما نعانيه من أثار عميقة, كجروح غائرة وصلت حد العظم..
حكاية هذا الرجل الكبير ” محمد باقر الحكيم” وأسرته, قضية ثانية تستحق التأمل ولو قليلا.. فرغم أننا كعراقيين, عانينا من وحشية وجبروت وظلم النظام وجلاوزته, لكن هناك أفراد مروا مع النظام, بظروف ومواقف تكاد لا تصدق, من فظاعتها ووحشيتها وقساوتها, مع صمود وجلد وثبات على المواقف, لا يمكن أن يوفق له الناس العاديون..
هذا الشهيد “المختلف” كثيرا عن غيره, كان معارضا علنيا للنظام, بمعية أخيه الشهيد ” المغيب إعلاميا” السيد مهدي.. وحمل لواء المعارضة العراقية بعده, فحاول النظام إعتقاله لكنه أفلت من قبضته بشكل غريب, ورغم كل محاولات ترهيبه وتهديده, لم يتراجع عن موقفه.. فلجأ النظام لطريقته “الخسيسة” من خلال تهديده بتصفية عائلته وشخوصها, ويا لها من عائلة.. فهم أولاد وأحفاد وأصهار وأسباط المرجع الأعلى للشيعة في زمانه!
حتى في إعدامهم كان النظام يفعلها بطريقة فضيعة, فكان يعذبهم بأسواء طريقة, ويحاول إبتزاز الشهيد محمد باقر الحكيم, بان يتوقف عن معارضته, وعندما كان يزداد إصرارا ويستمر بفضح النظام, كان بعدم عدد من أخوته وأفراد أسرته.. لقد كانت طريقة شنيعة, وكان ليتمزق لها قلب أي رجل, وربما يتنازل ويتراجع ويستسلم أو في الأقل يهادن, لكن هذا الرجل كان مختلفا.. كان يفكر بوطن وشعب, وواجب وتكليف شرعي هو يراه بل أختاره لنفسه, مهما كان الثمن غاليا ومؤلما..
حكاية هذا الرجل مختلفة, لكنها تشابه حكاية رجال كانوا يمتلكون رؤية مشرقة, لمستقبل مشرق بغد أفضل لأمتهم ووطنهم.. كانوا من أولئك الرجال الذين يموتون كالنخيل..وقوفا.