ضمن الأسئلة التي التي طرحتها عليّ طالبة الماجستير (هـ. م.) هو: تعددت التفسيرات بشأن الايزيديين العراقيين؛ منهم قال إنهم أكراد ، وآخر عرب وإما مستقلة أو دعاة المواطنة..الخ. أي منهم أصح بنظرك؟. فكان الجواب أدناه:
ج/ لا أريد هنا الدخول في شرح مفهوم الهوية بمعناه اللغوي والفلسفي، ولا التحدث عن أنواع الهويات القومية والدينية والاجتماعية والثقافية، فهي قضية يطول الحديث فيها، فقط أريد الإقرار ببروز أكثر من إتجاه بين الايزيدية خاصة بعد سقوط نظام البعث نيسان 2003.
الإتجاه الأول: القائل بالقومية الكردية . ظهر هذا الإتجاه بشكل محدود وخجول بشكل خاص بعد اندلاع الحركة الكردية المسلحة أيلول عام 1961 من خلال إنضمام قسم من الايزيدية الى تلك الحركة.
الاتجاه الثاني: وهم مجموعة قليلة جداً من أفراد من بيت الامارة وقلة من رؤساء العشائر الايزيدية، القائلين بالقومية العربية.
الاتجاه الثالث: القومية الايزيدية؛ ظهر هذا الاتجاه عام 2003 وتبنتها حركة الاصلاح والتقدم الايزيدية التي تشكلت بعد السقوط ودخلت اول برلمان على كوتا الايزيدية.
الاتجاه الرابع: وهو الاتجاه الأقدم والأوسع القائل بالايزيدية (كديانة ومعتقد) وحسب ، لا كردي ولا عربي ولا قومية ايزيدية خاصة.
الهوية القومية هي حديثة العهد تعود الى عهد الثورات الاوربية، إنتهى دورها (الدولة القومية، الشعارات القومية) مع ظهور عصر العولمة والانفوميديا. القومية هي بالأساس حركة سياسية وفكرية متعصبة تصل أحياناً الى درجة الشوفينية والفاشية. وهذا لا يعني أن بعض الأديان لا تحمل شحنات التعصب والارهاب والغاء الآخر المخالف.
الهوية هي تراكم هائل من القيم والعادات والمشاعر والعقائد الروحية عبر آلاف السنين تنشأ مع الانسان الفرد منذ ولادته الى حين مماته. الهوية متحركة وليست ثابتة وهي تتصل بالشعور أكثر من اتصالها بأي شئ آخر، وليست اللغة هو العامل الحاسم لتحديد الهوية، ويمكن للفرد أن يحمل أكثر من هوية في آن واحد. الايزيدية ليست بحاجة الى البحث عن هوية قومية لها، إنها على طول تاريخها التى تعرضت فيها الى إبادات كالتي رأيناها في 3/آب/2014، لم تتعرض لها بسبب هويتها القومية بل بسبب هويتها الدينية العقائدية، بدليل أن بعض (أبطال وقادة) جيوش حملات ابادة الايزيديين في القرن التاسع عشر وقبلها كانوا أمراء كورد، والذين أصدروا الفتاوى كانوا من مشايخ الكورد! فضلا في أحيان أخرى كان هؤلاء أدوات تنفيذية بيد أخوانهم في الدين من الترك والعرب والفرس لابادة أتباع الديانات الاخرى من ايزيديين ومسيحيين (كالأرمن والآشوريين…).، وأن الكثير من أمراء الدواعش ومنفذي جرائمهم في إبادة ايزيدية سنجار الأخيرة (آب/2014)) من أكراد دواعش كردستان!.
الايزيدية هي ديانة مغلقة لمجموعة من القبائل والعشائر التي تتحدث باللغة/اللهجة الكورمانجية الشمالية (ما عدا أهالي قصبتي بعشيقة وبحزاني اللتان يتحدثان لهجة قريبة من لهجة أهل الشام)، ولم يتم لحد الآن البحث عن اصول انتماء هذه العشائر بشكل علمي دقيق. ولكن هنالك حقيقة، نستطيع ان نطلق عليها، حقيقة تاريخية إجتماعية وشعورية في إن الأقليات الدينية والاثنية وبسبب انغلاقها وضعفها ومحاربتها من قبل الأديان والقوميات السائدة، يتداخل فيه الاتجاهين الديني والقومي بحيث يغلب الاتجاه الديني على القومي كما هو الحال لدى اليهود أو الديانة اليهودية. التجربة الماثلة للعيان هو أن تغليب الجانب القومي للأقلية الدينية على الجانب الديني هو الذوبان في مشروع القومية السائدة، بينما تغليب الجانب الديني العقائدي هو صراع من أجل بقائه!.