بغداد – العالم الجديد
شكى ممثلون للأقليات الدينية من التهميش السياسي، محملين القوى السياسية الفاعلة مسؤولية ذلك، بعد حرمانهم من تمثيلهم في لجان البرلمان، فضلا عن الحكومة الحالية، وفيما أشاروا إلى استحواذ الأحزاب الكبيرة على المناصب، رد الإطار التنسيقي بأن التمثيل يتبع عدد نواب كل كتلة والتوافقات السياسية، مؤكدا أن “الغبن” غير موجود.
ويقول النائب عن الديانة الصابئية أسامة البدري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “التمثيل السياسي داخل البرلمان والحكومة ضعيف جداً، ولا يرتقي للامتداد التاريخي للصابئة المندائيين في العراق، إذ نفتقر لأي تمثيل داخل الحكومة، ابتداء من منصب الوزير إلى الوكيل إلى المدير العام، باستثناء منسق لشؤون الطائفة في مجلس الوزراء، صدر أمر توظيفه بعقد مؤخراً”.
ويضيف البدري: “أما في البرلمان نحظى بمقعد يتيم، يتقاتل مع الكتل السياسية للحصول على حقوق المكون، التي سلبت على مستوى البرلمان، حيث لم نحظ بحقنا في نيابة رئيس لجنة الاستثمار النيابية”.
ويبين أن “المتعارف عليه أن الصابئة المندائيين لهم رئاسة لجنة أو نائب أول لرئيس لجنة داخل مجلس النواب في كل دورة انتخابية، وتم الاتفاق قبل انتخابات رئاسة اللجان بأن يكون منصب نائب رئيس لجنة من نصيب الصابئة المندائيين، ولكن بعد دخولنا إلى قاعة البرلمان كان هناك كلام آخر للكتل السياسية، بعد أن جلس رؤساء الكتل في غرفة خاصة، نسميها المطبخ السياسي، حيث تم توجيه نوابهم على انتخاب الرئيس ونائبيه”.
ويشير البدري إلى أن “الأعراف السياسية السابقة خرقت واستحوذ مكون على حصة مكونات أخرى، ففي العادة يكون رئيس اللجنة من مكون، ونائباه من مكونين آخرين، لكن ما حدث أن رئيس لجنة انتخب شيعياً، والنائب الثاني كان شيعياً أيضاً، والنائب الثالث كان كردياً، بدلاً من أن يكون النائب الثاني صابئياً، ليتم إقصاؤنا بشكل حصري من قيادات الإطار التنسيقي”.
ويرى أن “تهميش الصابئة المندائيين على الصعيد السياسي مستمر منذ العام 2003 حتى الآن، لذا ندعو مناصري الأقليات والإعلاميين إلى المشاركة في الوقفة الاحتجاجية التي ستقام يوم غد الثلاثاء، وذلك في مندي الصابئة المندائيين في بغداد، في تمام الساعة السادسة مساءً”.
يذكر أن رئيس كتلة الصابئة المندائيين النيابية، أصدر يوم أم، بيانا شديد اللهجة، بعد عدم انتاخبه نائبا لرئيس لجنة الاستثمار والتنمية النيابية، وأكد فيه “نأسف لما حدث خلال الاجتماع من نسف مبدأ التوازن والاصرار على تهميش المكون المندائي بعدم منحه نائب رئيس اللجنة، وأن اصرار ممثلي قوى (تحالف إدارة الدولة) في مجلس النواب على تهميش المكونات يعد خطراً كبيرا على المستقبل السياسي لابناء الاقليات في العراق، داعيا المجتمع الدولي وممثلية الامم المتحدة في العراق لرصد ما يعانية ممثلي المكونات العراقية من تهميش واقصاء واضح في ظل وجود الكتل السياسية المتنفذة، حسب بيانه.
ومنذ تشكيل أول حكومة بعد العام 2003 ولغاية الآن، لم تحصل مكونات الصابئة والإيزيدية والشبكية على مناصب تنفيذية، على عكس المكون المسيحي، حيث حصل على وزارة ومناصب أخرى.
من جانبه، يذكر النائب السابق عن المكون المسيحي عمانوئيل خوشابة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، “إننا كأقليات نعاني من سيطرة المكونات والكتل السياسية الكبيرة على كل المناصب والمراكز الإدارية والسياسية، التي ابتلعت الكوتا التي أعطيت للأقليات، عبر استمالة أعضاء مكون معين، وبالتالي يصبح هؤلاء الأعضاء عبيداً لأيديولوجيا الحزب على حساب المواطنين من الأقليات، بمن فيهم المسيحيون”.
ويضيف أن “الاستحواذ على المناصب وعدم إعطاء الأقليات حقوقهم بلغ ذروته، وهو يزداد يوماً بعد آخر، إذ لم تحصل العديد من الأقليات على مناصب هي من استحقاقهم، سواء على صعيد التمثيل الوزاري، أو مقررين داخل مجلس النواب، أو حتى أعضاء، وهذا يختلف تماماً عمّا نسمعه من إنصاف وعدم تهميش للأقليات، مع مديح يعطينا الأقدمية في أرض العراق”.
ويؤكد أن “وزيرا واحدا يمثل المسيحيين في الحكومة، عبر وزارة الهجرة والمهجرين، وما دونه ليس هنالك أي منصب لأي مسيحي، سواء على مستوى وكيل أو مدير عام، وهذا عائد لاستحواذ الكتل الكبيرة دون استثناء”.
ووفق القانون، فان للمكون الإيزيدي مقعد كوتا واحدا بمجلس النواب عن محافظة نينوى، بالإضافة الى 5 مقاعد للمكون المسيحي عن بغداد ونينوى وكركوك، ومقعد للمكون الصابئي في محافظة بغداد، ومقعد للمكون الشبكي في محافظة نينوى وللكرد الفيليين مقعد واحد في محافظة واسط.
وقد تعرض المكون الإيزيدي في سنجار غربي نينوى، في 3 آب أغسطس الى اجتياح من قبل تنظيم داعش الذي قام بتنفيذ إبادة جماعية تمثلت بقتل الآباء والأبناء والنساء، من كبار السن والشباب من خلال عمليات إعدام جماعية، فضلا عن سبي (خطف) النساء والفتيات والأطفال.
إلى ذلك، يرى النائب السابق ورئيس الحركة الايزيدية من أجل الإصلاح والتقدم حجي كندور الشيخ، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أي حكومة عراقية منذ العام 2003 حتى الآن لم تعط للأقليات حقوقهم الكاملة، وبالأخص المكون الأيزيدي الذي تعرض لأبشع جريمة في تاريخ البشرية، جعلتنا نعتقد بعد هذا الحدث الأليم وهذه التضحيات أن يحصل الأيزيديون على حقوقهم المشروعة، على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي، لكن ما حصل كان عكس ذلك”.
ويضيف الشيخ أن “المكون لا يمثله في المناصب رفيعة المستوى إلا مدير عام واحد فقط تابع لرئاسة الجمهورية، عدى ذلك فإننا لا نشغل منصب السفير، ولا وكيل وزير، ولا مناصب أخرى تقربنا من صنع القرار، لينعكس ذلك على الصعيد المجتمعي، إذ نعاني من تردي الوضع الخدمي في مناطقنا”.
ويبين أن “عدم التمثيل السياسي كان انعكاساً على ملف النزوح، إذ مازال هنالك أكثر من 150 الف نازح ايزيدي داخل اقليم كردستان وبعض الدول المجاورة، مع وجود مقابر جماعية لم يتم التحري عن ذوي ضحاياها، تبعاً لذلك فالإبادة الجماعية مازالت مستمرة ولم تنته”.
ويكمل الشيخ “في الانتخابات تحدد الكوتا نائباً واحداً عن الأيزيديين يمثلهم في مجلس النواب، إلا أن الأحزاب الكردية كانت تستحوذ على هذا المقعد، عبر ممثلهم لا ممثل المواطنين الايزيديين، وبهذا فإن ولاء النائب سوف يكون للحزب لا لأبناء جلدته”.
وسبق لـ”العالم الجديد”، أن تناولت مرشحي الأقليات لمقاعد الكوتا، ومنها الصابئة المندائيون والإيزيديون، حيث كشفت عن وجود صراعات وخلافات وتدخل أحزاب كبيرة في الترشيحات والاستيلاء على المقاعد المخصصة للأقليات.
وقد تنافس على مقعد الكوتا للصابئة المندائيين 7 مرشحين، وفاز منهم أسامة كريم من محافظة ميسان، لكنه بعد الفوز أعلن عن انضمامه الى الكتلة الشعبية المستقلة التي شكلت من قبل مرشحين مستقلين فائزين بالانتخابات، ومنهم سجاد سالم ومحمد عنوز.
بالمقابل، يؤكد النائب عن دولة القانون عبد الهادي السعداوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الاقليات في العراق محترمة، ولها تمثيلها في كل دوائر الدولة ووزاراتها، وتبعاً لتعدد الأقليات فإن المفاضلة تبقى للأكبر على حساب الأصغر، لذلك فالأقليات بشكل عام لها حضور داخل المؤسسات الحكومية كافة”.
ويضيف السعداوي “على سبيل المثال فإن وزارة الهجرة والمهجرين يشغلها ممثل عن المكون المسيحي، وبالتالي فالأقليات حاضرة على صعيد اتخاذ القرار، لكن تبقى الآليات والقوانين هي التي تعتمد شغل منصب دون غيره لأقلية دون غيرها، فباعتقادي أن الغبن غير موجود لا في الحكومة ولا في اللجان داخل مجلس النواب”.
وعن تشكيل اللجان داخل مجلس النواب يبين أن “توزيع اللجان يتم بين الكتل السياسية، دون اعتماد معايير الكفاءة أو الاختصاص، بل توزع وفقاً لعدد النواب لكل كتلة، ففي البداية يجري توافق بين الكتل السياسية وأعضاء مجلس النواب حول رئاسة وأعضاء اللجان، يتبع ذلك تصويت جميع أعضاء البرلمان بطريقة الانتخاب على رئاسة وعضوية اللجان”.
وكانت المحكمة الاتحادية، أصدرت في شباط فبراير 2022، قرارا بوجوب مساواة المكونات الشبكية والكرد الفيلية والإيزيدية، مع المكونين المسيحي والصابئي، وأن حصولها على مقعد واحد لكل منها، يتعارض مع أحكام المواد 14 و16 و20 من الدستور.