كيف سَمَّتْ روما السريان النساطرة المتكثلكين، كلداناًج1، أسقفية أربيل
المسيحية تدخل العراق لأول مرة عن طريق أربيل، نشوء أسقفية أربيل، وفقيدا أول أسقف في العراق 104م
يُعدُّ تاريخ كنيسة المشرق السريانية النسطورية (الكلدانية-الآشورية حديثاً)، عموماً إلى سنة 1830م غامضاً ومُشوَّهاً ومُتشابكاً ومُعقداً جداً خاصة من البداية إلى سنة 317م، فهو شحيح المصادر وغامض ومبهم تتخلله أساطير وخرافات كثيرة، وقد كانت كنيسة المشرق معزولة، وهذا بإجماع المؤرخين وآباء الكنيسة وكُتَّابها أنفسهم قبل غيرهم كما سنرى (1) (نظراً لطول الهامش أُدرج نهاية المقال)، والسبب أن هذه الكنيسة كانت ضعيفة ومعزولة، وكثير من الكراسي الأسقفية جلس عليها أسقفان أو ثلاثة وكانوا يتنازعون الرئاسة، ولا يوجد اثنان من كتابها أنفسهم متفقين تماماً على من هم مبشريها الأوائل بالضبط، ولا على سلسلة أساقفتها إلى سنة 1830م، وعاشت منذ 497م محرومة من جميع كنائس العالم بسبب اعتناقها النسطورية، وكل تاريخ كنيسة المشرق السريانية النسطورية القديم كُتب بعد القرن الحادي عشر الميلادي، وحتى ذلك التاريخ ليس رصيناً تماماً حيث تتخلله أساطير وخرافات وزيادات وتبجيليات..إلخ، وأشهر كتاب والمعتمد عليه هو المجدل، وهذا الكتاب اتضح بما لا يقبل الجدل أن كاتبه اعتمد على كتاب لمؤلف مجهول من سنة 1036م، اكتُشف سنة 1908م، في إحدى كنائس مدينة سعرد ونشره مطران سعرد أدّي شير باسم التاريخ السعردي، واكتُشف ملحقه سنة 1983م، وحتى كتاب المجدل ليس تاريخ كنيسة بمعنى الكلمة، فهو لا يتجاوز 158 صفحة بما في ذلك الأساطير الكثيرة التي تتخلله، وما قبله هو شذرات قليلة ومتفرقة تم تجميعها، وتلك الشذرات ليست شبيهة بتاريخ السريان الغربيين كالإفسسي والفصيح والتلمحري والزويقنيني والعمودي وميخائيل وابن العبري وغيرهم، فضلاً عن مصنفات إغناطيوس النوراني ومار أفرام السرياني والمنبجي وشمعون الأرشمي وسويريوس والسروجي والرهَّاوي وابن الصليبي، وغيرهم، ناهيك عن ورود أخبار وتواريخ كنيسة أنطاكية في تواريخ الكنائس العالمية الأخرى ومجامعها لأن كنيسة أنطاكية عالمية ورسولية، فكل هذا اعتمد عليه المؤرخون السريان فيما بعد، أمَّا تاريخ كنيسة المشرق فبقي غامضاً إلى أن اكتُشف تاريخ أربيل أو مشيحا زخا سنة 1907م، الذي كشف غموض البداية، يضاف إليه اكتشاف وفهرست وطبع بعض الشذرات التي جُمع بعضها أيام الجاثليق السرياني النسطوري طيمثاوس الأول +823م ككتاب المجامع الذي تم تجميع قسم منه في عهد طيمثاوس، ثم جُمعً كاملاً في عهد الجاثليق إيليا الأول +1049م، وطبُع سنة 1902م، أمَّا عالمياً فلا يكاد يوجد ذكر لكنيسة المشرق باستثناء بعض أخبارها في مصنفات الكنيسة السريانية لأنها جزء منها.
يقول المعلم لومون الفرنساوي +1794م: برغم أن عدد النساطرة الذين ألَّفوا كتباً في العهد الإسلامي يفوق عدد اليعاقبة (السريان الأرثوذكس) بكثير، إلاَّ أن مؤلفاتهم في الغالب هي أحطُّ قيمةً مما خلَّفهُ اليعاقبة، وذلك لأن علماء اليعاقبة كانوا مُلِّمين وأخبَرْ باللغات الأجنبية من النساطرة، خاصةً اليونانية، فانتفعوا من معرفة تلك اللغات وجمعوا في كتبهم فرائد اليونان ونوادر كثيرة تهم المؤرخ واللاهوتي ومفتش العتائق البيعية وغير ذلك، وهذا قلما تراه عند النساطرة (لومون، مختصر تواريخ الكنيسة، طبعة الدومنيكان، الموصل 1873م، ص395)، ويقول مسؤول كنيسة الكلدان في روما الكاردينال أوجين تيسران سنة 1939م: يُراد بكنيسة المشرق، كنيسة قطرية، وليس بأيدينا مصدر لإنشاء تاريخ الكنيسة النسطورية شبيه بالتصانيف التاريخية المطوَّلة كالتي خَلَّفها العالمان ميخائيل الكبير وابن العبري، ولتنسيق المعلومات المبعثرة في المصادر اهتدى المؤرخون بنور التاريخ البطريركي الذي يصل بنا إلى منتصف القرن الثاني عشر، وقد أدمجه ماري بن سليمان في المجدل، وبعده بجيلين وضع عمرو بن متى نفس الكتاب، ثم أدخل فيه صليبا يوحنا بعض التصحيحات، ثم اكتُشف التاريخ السعردي سنة 1908م وهو لشخص مجهول يعود لسنة 1036م، أي لقرن قبل ماري، ويُعتقد أن ماري اعتمد عليه، ورغم ذلك فهذا التاريخ يبدأ من العهد الساساني والإمبراطور والينس +378م، وبعد القرن الرابع فيه فجوات تاريخية أيضاً، وليس هناك مستند تاريخي يوضح لنا بالضبط زمن وكيفية دخول المسيحية إليها قبل أن تدعي قدميتها نهاية القرن الثامن، فالبطريرك طيمثاوس الأول +823م أراد أن يُثبت قدر المستطاع قِدَم كنيسته إلى العهد الرسولي بنص لا يخلو من الاعتراض بقوله: المسيحية عندنا قبل نسطور بخمسمئة سنة تقريباً وبنحو عشرين سنة بعد صعود المسيح، وقبلها بقليل كتب البطريرك نفسه: لم يكن لدينا ملوك مسيحيون، إنما كان بادئ الأمر بين المجوس، ولا يوجد أي تلميع لمسألة قبول البشارة الإنجيلية (تيسران، خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية، 1939م، تعريب مطران الكلدان سليمان الصائغ، ص4-7، علماً أن اسم كتاب تيسران الحقيقي هو “الكنيسة النسطورية” وليس الكلدانية كما ترجمه الصائغ، وهذه ليست أول مرة يزوِّر فيها الصائغ، فغالباً ينقل كلمة نسطوري أو سرياني من كتب التاريخ القديمة، ويكتبها كلداني، انظر كتابه تاريخ كنيسة الموصل، ج1 ص243، حيث استند إلى ابن العبري الذي قال قرية بيشابور النسطورية، لكن الصائغ كتبها الكلدانية، ومن الواضح أن أغلب الكلدان يفعلون ذلك لأغراض سياسية مدفوعين من الغرب كالكاردينال تيسران وغيرهُ، فالمطران أدّي شير أيضاً في كتابه تاريخ كلدو وأثور نقل كلمة سرياني من المصادر القديمة فكتبها، كلداني، وكاهن الكلدان يوسف حبي في ترجمته كتاب المجامع الشرقية يقول في المقدمة ص57: “إننا توخينا الدقة والتقيد بروحية النص القديم في ترجمة ونقل الكتاب بالعودة إلى النص الأصلي السرياني المشرقي”، وعنوان النص السرياني الأصلي هو للكتاب الذي ترجمه هو: (المجامع النسطورية وليس المجامع الشرقية!)، وبدورهم الآشوريون أيضاً يفعلون مثل الكلدان فيترجمون من التاريخ أو يكتبون كل كلمة نسطوري أو سرياني، آشوري).
لقد قمتُ بالدراسة والتقصي الدقيق وغربلة جميع مصادر كنيسة المشرق السريانية (الكلدانية والآشورية حديثاً) وأغلب المخطوطات تقريباً ومقارنتها ببعضها، واستبعاد الأساطير والخرافات والزيادات للوصول إلى إعطاء صور واضحة حقيقة لتاريخ كنيسة المشرق، فتأسيس أي كنيسة في التاريخ ككرسي كنسي رسولي أو جاثليقي أو مطراني أو أسقفي، يبدأ بسلسة أساقفة متصلين ومعروفين، والمؤكد أن المسيحية دخلت العراق الحالي عن طريق مُبشِّري وإرساليات كنيسة أنطاكية السريانية عِبرَ مدينة الرها، حيث كانت أول مملكة مسيحية- سريانية (البطريرك ساكو، جذورنا، ينابيع سريانية، ص43. وانظر يوسف حبي، تاريخ كنيسة المشرق، التاريخ العقائد الجغرافية الدينية، ص189وبعدها، وفيها ملوك الرها وأسماؤهم وعددهم 31. وانظر المطران أندراوس صنا، مجلة المجمع العلمي العراقي، مج5 ص263)، ومن الرها دخلت المسيحية إلى أربيل التي كانت مملكة يهودية، فالكنيسة السريانية الشرقية في العراق تستمد رسوليتها من كنيسة أنطاكية السريانية الأم، ونتيجة لانفصالها عن كنيسة أنطاكية سنة 497م لأسباب سياسية تحت ضغط الدولة الفارسية، وعقائدية لأنها اعتنقت المذهب النسطوري، فقد آلت الكنيسة إلى الانفراد والعزلة بعد هذا التاريخ ونتيجةً لذلك شاب دخول المسيحية إلى العراق كثير من الأساطير والقصص الخرافية بشأن الأشخاص والرسل الذين بَشَّروا العراق، والسبب أن كُتَّاب الكنيسة السريانية الشرقية وضعوا تلك الأساطير والخرافات لإثبات أن كنيستهم رسولية ومستقلة خدمةً لأهداف طائفية وعقائدية وسياسية، يضاف إليها أهداف سياسية وطائفية أخرى حديثة منذ سنة 1553م، وبالذات منذ بداية القرن العشرين.
إذا كان دخول المسيحية إلى العراق الحالي من أنطاكية عِبر الرها أمراً مؤكداً، لكن لا يوجد أمر مؤكد من هو الشخص الذي بَشَّرَ في العراق ورسم فقيدا أول أسقف لأربيل (حدياب) سنة 104م، التي تُعدُّ أول أسقفية مسيحية في العراق، ولا يتفق اثنان من مؤرخي كنيسة المشرق على سلسلة الأساقفة الأوائل إلى سنة 317م، وأول ذكر لسلسلة أساقفة كنيسة المشرق السريانية تعود لسنة 893م لمطران دمشق النسطوري إيليا الجوهري، ويضع فيها الرسول أو المُبشِّر أدّي ثم ماري فأبريس، وهذا الجدول أضيفت إليه بعد موت الجوهري أسماء أشخاص مجهولين لأنه يصل بالجثالقة إلى طيمثاوس +1332م، علماً أنه في مخطوط فاتيكاني عربي آخر برقم 157، لا يُنوِّه بخلفاء أدّي وماري، لكنه يُشير إلى المبشر نثائيل أحد تلامذة أدّي وماري، ويقول إنه بَشَّر الفرس والهوزيين، ونثائيل غير موجود في جدوله، وفي مكان آخر يزعم أن لوقا بَشَّر جزيرة ابن عمرو والموصل وبابل..إلخ (السمعاني، المكتبة الشرقية، ج2 ص391-392. انظر البطريرك الكلداني دلي، المؤسسة البطريركية في كنيسة المشرق، ص37-38، مستنداً على المخطوط الفاتيكاني العربي، 157 ورقة، 6-7، 67، 82. والمخطوط الفاتيكاني العربي 635، ورقة 88، ويقول: الأسماء بين فافا وماري مضافة أيضاً، علماً أن الموصل هي آخر مدينة عراقية دخلتها المسيحية في القرن 6)
https://h.top4top.io/p_2602qdjfy1.png
بينما أقدم مؤرخ لكنيسة المشرق السريانية النسطورية، المطران إيليا برشينايا (975-1046م)، يبدأ من أبريس دون أدّي وماري (تاريخ برشينايا، تعريب يوسف حبي، ص63-64)، والعلاَّمة الأب السرياني النسطوري عبدالله بن الطيب (980–1043م) المعاصر لبرشينايا، إضافةً لأدي وماري وأجي، يُقحم توما ونثائيل لأول مرة، ويقفز من القرن الأول من ماري وأجي إلى أسقف المدائن فافا +329م مباشرةً فيَعدُّوهُ أول أساقفة كرسي المشرق بدون ذكر أساقفة متسلسلين بينهما باستثناء شحلوفا الذي يؤكد بوضوح أن الناس اختلفوا عنه فيما بينهم، فقوم قالوا شحلوفا أول أسقف للمدائن وآخرون قالوا فافا (ابن الطيب، فقه النصرانية، ج1 ص114)، أمَّا السرياني النسطوري ماري بن سليمان صاحب كتاب المجدل الذي عاش بين (1134-1147م) فيُدخل في القائمة أجي ونثائيل مقتبساً الأخير من ابن الطيب، وتاركاً توما (ماري، أخبار بطاركة المشرق، من كتاب المجدل، طبعة روما، 1899م، ص7). ويقوم سليمان مطران البصرة السرياني النسطوري +1224م بكتابة الجدول ويبدأ بأدي وماري، ويقول: توفي أدّي في الرها، أمَّا العلاَّمة المطران السرياني النسطوري عبديشوع الصوباوي +1318م، فيقول: توما بَشَّر الهنود والصينيين، وأدي معلم ماري وأجي الذي بَشَّر بلاد ما بين النهرين، قال: إني لبلاد فارس كلها، وبشأن شحلوفا وفافا يُطابق الصوباوي ابن الطيب، لكنه يَعدُّ خليفة فافا هو شمعون بن الصباغين +341م أول مطران للمدائن ( Scriptorum veterum nova collectio e Vaticanis codicibus, edita ab Angelo Maio, 1833)، ويقوم الأب صليبا بن يوحنا الموصلِّي السرياني النسطوري بكتابة وتنقيح كتاب المجدل لماري بن سليمان سنة 1332م، فيبدأ من ماري دون ذكر أدّي، وينقل الأساقفة الأوائل بشكل مختلف فيضيف ثمانية جثالقة في القائمة ويحذف وإضافة أمور أخرى، ويقوم معاصرهُ عمرو بن متى الطيرهاني السرياني النسطوري بتنقيح وكتابة أخيرة نسخة سنة 1349م، لتُسجَّل أخيراً باسمه، وذكر فيها أنه في البداية كانت أربعة كراسٍ رسولية، متى ولوقا ومرقس ويوحنا، وكرسي المشرق مثلهم، علماً أنه إلى سنة 451م كانت في المسيحية ثلاثة كراسٍ رسولية فقط، أنطاكية، روما، الإسكندرية، وبقي هذا الغموض والتخبُّط في تاريخ كنيسة المشرق وأساقفتها إلى أن نَشرَ الباحث السرياني من كنيسة الكلدان ألفونس منكانا تاريخ أربيل لأول مرة سنة 1907م، فأزال الغموض في سلسلة الأساقفة الأولين، وأثبت أن الأساقفة الأوائل قبل فافا الآرامي، هم أساقفة أربيل، وليس المدائن (انظر، عزيز بطرس، مطران الكلدان في زاخو، مجلة النجم 1928م، ص350).
——————-
( هامش1) عن غموض البدايات والعزلة والأساطير والشكوك في كنيسة المشرق السريانية النسطورية (الكلدانية والآشورية حديثاً)، انظر: بطريرك الكلدان ساكو: إن كنيستنا بلا بهاء خارجي ولا قوة ظاهرة، والوثائق عن كنيستنا غير وافية وجاءت بمستويات متنوعة (خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية، ص1، 4-6)، وله أيضاً، كنيستنا عاشت منعزلة وخارج الأسوار ولم تُشارك في المجامع المسكونية..إلخ (كنيسة المشرق ليست نسطورية، مجلة نجم المشرق، عدد22، 2017م، ص314-315)، وبطريرك الكلدان عمانوئيل دلي: علينا أن نعترف أنه ليس ثمة معطيات تاريخية تخولنا تأكيد تاريخ تأسيس جثلقة المدائن قبل سنة 317م، وقد عَمدَ مؤرخو الكنيسة وآباؤها إلى جمع مختلف الأخبار والأساطير والقصص لتحقيق هدفهم (المؤسسة البطريركية في كنيسة المشرق، ص33-41). وكاهن الكلدان يوسف حبي: لا بد من القول: إن المصادر بشأن بدايات كنيسة المشرق شحيحة جداً، وهي كذلك بشأن الاجتماعات والمظاهر المجمعية الأولى، وهي كنيسة ذات مظهر انعزالي (مجامع كنيسة المشرق، ص22، 38، 40)، وله وبالتفصيل ولكل قضية عنوان: غموض البدايات، الشكوك والاعتراضات، العزلة، أساطير..إلخ (كنيسة المشرق التاريخ، العقائد، الجغرافية الدينية، ص77، 83، 91، 107-108)، وله أيضاً، أسطورة مار أدي، وكنيسة المشرق عاشت في عزلة وشبه قطيعة عن كنائس العالم (كنيسة المشرق الكلدانية- الأثورية، ص16، 39)، وكاهن الكلدان ألبير أبونا: ليس في حوزتنا نص كتابي يوضح دخول المسيحية لبلاد ما بين النهرين، لذلك نضطر للجوء إلى التقليد، وقد راحت كل فئة تنسج قصصاً وأساطير وليدة الخيال والعواطف الدينية لا تمت للحقيقة بصلة، وقد حاول بعض الآباء منذ القرن السابع انتشالها من العزلة الدينية والروحية وإرجاعها إلى المسار المسيحي العام، وقصة ماري وأدي أساطير فيها شكوك (تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، ج1 ص3-16، ج3 ص129). وأسقف الآشوريين عمانوئيل يوسف: ليست هناك براهين عن دخول المسيحية إلى ما بين النهرين، فمعظمها أساطير تُدخل القارئ في شك (آشوريين أم كلدان؟، ص113). ومطران الآشوريين- الكلدان باواي سورو: لا يوجد أي سجل صحيح لدخول المسيحية لما بين النهرين، والمعلومات عن تاريخ كنيسة المشرق وثقافتها وأصلها غامض جداً ووصلنا بأدلة تاريخية محدودة وتقليد غامض، والمؤرخون يَعدُّون هذه الروايات خيالية (كنيسة المشرق، ص36، 43، 48). ومطران الكلدان أدّي شير: لسوء الحظ لم يصلنا شيء يستحق الذكر من أخبار أجدادنا الأوائل في الأجيال الثلاثة الأولى، وأخبار كرسي ساليق قبل الجاثليق فافا +329م غائصة في الظلام (تاريخ كلدو وأثور، ج2 ص8، 53). ومطران الكلدان سرهد جمو: أحاط سياج العزلة بكنيسة المشرق أجيالاً عديدة، ثم جرت بعض الاتصالات مع روما منذ القرن 13، وأوضاع الكنيسة إلى القرن 16غارقة تماماً في دياجير المحن وانعدام الوثائق، وتلك الحقبة يقف المؤرخ أمامها فارغ اليدين (كنيسة المشرق بين شطريها، بين النهرين 1996م، ص188-190). والأب منصور المخلصي: استقلت كنيسة المشرق عن أنطاكية سنة 424م وعاشت معزولة عن الكنائس الأخرى (الكنيسة عبر التاريخ، ص103). والكاردينال أوجين تيسران: ليس بأيدينا لإنشاء تاريخ الكنيسة النسطورية مصدر شبيه بالتصانيف التاريخية المطولة كالتي خَلَّفها العالمان ميخائيل الكبير وابن العبري (خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية، ص3-10)، ويقول دوفليليه في الشرع الكلداني، ص367: يتعذر علينا تتبع تاريخ هذه الكنيسة ولا نكاد نعرف جدول بطاركتها وتسلسلهم الحقيقي إلى عهد الجاثليق شمعون فرج الباصيدي سنة 1450م عندما أصبحت وراثية، وحتى بعد هذا التاريخ استأثرت عوائل أخرى بالكراسي الأسقفية. ويقول المطران بطرس عزيز: إن تاريخ أربيل الذي اكتشفه منكانا سنة 1907م حلَّ لنا مشاكل وغموض وأصل كنيستنا وبطريركيتنا في المدائن، فمن الآن لن يعود يذكر المؤرخون في جداول بطاركة كنيستنا أساقفة وهميين، فكثير من الأسماء كانت إمَّا مخترعة أو أسماء أساقفة غرباء جُلبوا بالسبي الفارسي من بلاد الروم إلى المدائن (مجلة النجم 1928م، ص350)، وهذه استشهادات قليلة من كثير،
وشكراً/ موفق نيسكو، يتبع ج2