يتواجد في بغداد هذه الأيام، وفد من حكومة الإقليم مكون من أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني فقط، لحل الملفات العالقة وأبرزها قانون النفط والغاز والموازنة والمادة 140، وفيما لم يتم التوصل لأي حل، استبعد الإطار التنسيقي تقديم الحكومة الاتحادية تنازلات لأربيل، لكن مراقبا سياسيا رهن حل هذه الإشكالات بتوفر “الإرادة السياسية”.
ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفاء محمد كريم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الحوارات بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية مستمرة منذ أيام، وأن وفدا وصل خلال الساعات الماضية وتم عقد اجتماعات مطولة مع لجان فنية وقانونية في وزارة النفط الاتحادية، من أجل بحث قضية إعادة صياغة قانون النفط والغاز، إضافة إلى آليات تصدير النفط”.
ووصل وفد من حكومة إقليم كردستان إلى بغداد، يوم أمس، بهدف مواصلة الاجتماعات التي عقدها مطلع الشهر الحالي، حيث عاد الوفد لأربيل في الـ13 من الشهر الحالي.
ويبين كريم، أن “زيارة وفد الإقليم ستستمر لعدة أيام، وسيجري خلالها عقد اجتماعات مطولة مع جهات حكومية متعددة في بغداد، بهدف الوصول إلى اتفاق بشأن قانون النفط والغاز، إضافة إلى قضية نسبة إقليم كردستان ضمن موازنة سنة 2023، فحتى الساعة لم تحسم هذه القضية، وعدم حسمها يؤخر إقرار الموازنة من قبل مجلس الوزراء”.
ويضيف أن “وفد حكومة إقليم كردستان، سيبحث في بغداد تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها، فهناك إصرار على تطبيق هذه المادة الدستورية، كذلك العمل على تفعيل اتفاق سنجار ما بين بغداد وأربيل من أجل تطبيع الأوضاع في القضاء، وهذه القضايا كانت ضمن شروط القوى الكردية للانخراط في ائتلاف إدارة الدولة، الذي شكل الحكومة الحالية، برئاسة محمد شياع السوداني”.
وبالتزامن مع وجود الوفد، أعلنت حكومة إقليم كردستان، في بيان لها يوم أمس، تشكيل لجنة مشتركة لصياغة مشروع قانون النفط والغاز الاتحادي، بعد اجتماع وفدها مع وزارة النفط الاتحادية.
وكان نائب رئيس حكومة إقليم كردستان قوباد طالباني زار بغداد، في 30 من الشهر الماضي، والتقى بداية مع السوداني وبحث معه التنسيق بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، وصولاً إلى تحقيق تفاهمات في العديد من الملفات وحل الإشكالات القائمة بما يعزز الاستقرار ويحقّق المصلحة العامة للبلد، وفقا للبيان الرسمي، ثم التقى، رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي.
ومنذ سنوات لم تحسم النقاط الخلافية بين بغداد وأربيل، وقد جرى تبادل مئات الوفود بين الطرفين لغرض حلها من دون جدوى، وبقيت معلقة وترحل من حكومة لأخرى، وأبرزها قضية المناطق المتنازع عليها وتطبيق المادة 140، وقضية حصة الإقليم من الموازنة، التي تثار سنويا مع تقديم كل موازنة، وهو ما يسبب بتأخير إقرارها عادة، إلى جانب قضية تصدير الإقليم النفط ودفعه مستحقات بغداد، وهذا تنص عليه أغلب الموازنات لكن لم يطبق، وفي موازنة 2021 تم الاتفاق على ترحيل تصفية الحسابات بين بغداد وأربيل إلى أجل غير مسمى.
من جهته، يؤكد النائب عن الإطار التنسيقي عارف الحمامي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحوارات بين بغداد وأربيل تجري وفق تفاهم كبير، وهناك نية حقيقية من الطرفين لحل الخلافات العالقة، خصوصاً أن قانون النفط والغاز سيسهم بشكل كبير بحل الكثير من الملفات العالقة، خصوصاً أن هذا القانون سينظم العلاقة المالية والنفطية بين الطرفين”.
ويبين الحمامي، أن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، يريد بشكل حقيقي إيجاد حلول للازمات والخلافات مع إقليم كردستان، وهو يبحث عن حلول حقيقية وجذرية وليس حلولا ترقيعية، حتى لا تثار أي خلافات ما بين بغداد وأربيل بين حين وآخر، وهذه الحوارات ستستمر وتتواصل لحين الوصول إلى اتفاق على شكل قانون النفط والغاز، وكذلك نسبة الإقليم ضمن الموازنة بشكل منصف ووفق الدستور”.
ويتابع النائب عن الإطار التنسيقي أن “الحديث عن تقديم تنازلات من قبل الحكومة العراقية أو الإطار التنسيقي للإقليم مخالفة للدستور والقانون، غير صحيحة، فلا يوجد أي تنازل، بل هناك حوارات واتفاقات تجري وفق الأطر الدستورية والقانونية، ولا يمكن التنازل عن حقوق وثروات الشعب العراقي لأي سبب كان، خصوصاً أن المحكمة الاتحادية، ستكون متصدية لأي قرار واتفاق غير دستوري، كما حصل سابقاً”.
يشار إلى أن موازنة 2021، نصت على أن يسلم إقليم كردستان العراق الحكومة الاتحادية 460 ألف برميل نفط ونصف إيرادات المنافذ الحدودية، وبعد احتساب كلف التشغيل والإنتاج، من المفترض أن يسلم الإقليم 250 ألف برميل نفط إلى بغداد، فيما تم تأجيل تسوية الأموال السابقة التي بذمة الإقليم، (وهي متراكمة نتيجة عدم تسليمه إيرادات النفط والمنافذ للحكومة الاتحادية)، لكن لم يسدد الإقليم حتى الآن أي مستحقات للحكومة الاتحادية.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا، أصدرت الشهر الماضي، قرارا، يقضي بإلغاء جميع القرارات الحكومية المتعلقة بتحويل الأموال إلى إقليم كردستان، ونص قرارها على “الحكم بعدم صحة القرارات الصادرة من قبل مجلس الوزراء في عامي 2021 ومطلع 2022” بشأن تحويل الأموال لإقليم كردستان، مضيفة أن “الحكم بات وملزم للسلطات كافة”.
في الأثناء، يبين المحلل السياسي أحمد الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحوارات بين بغداد وأربيل ليست بالجديدة، فهي تجري بين الطرفين منذ سنين طويلة، لكن دائما ما يكون مصيرها في النهاية دون أي نتائج لحل الخلافات العالقة، خصوصاً المتعلقة بالملف النفطي والمالي”.
ويوضح الشريفي، أن “قانون النفط والغاز، تعمل على إقراره القوى السياسية منذ سنة 2005، وهو متواجد في البرلمان منذ سنين، لكن الخلافات السياسية ووجود إرادة سياسية بعدم حل الخلافات ما بين بغداد وأربيل، هي ما يمنع أي حلول، وهذه الإرادة مازالت موجودة، خصوصاً ان هناك الكثير من الأطراف السياسية سواء في بغداد او أربيل تستغل هذه الخلافات كجزء من الدعاية الانتخابية والسياسية لها”.
ويكشف أن “ضغطا دوليا كبيرا على بغداد وأربيل في الوقت الحالي لحصول اتفاقات ما بين الطرفين وحل الكثير من القضايا الخلافية، لكن تبقى الإرادة السياسية الراغبة بعدم حل الخلافات، قائمة، ولهذا فأن الحوار الحالي رغم استمراره لأيام وفترات طويلة، لا يعني أن الأزمات سوف تنتهي وربما تتفاقم، في حال عدم حلها خلال المرحلة المقبلة”.
وكان رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني، أجرى زيارات عديدة إلى بغداد مؤخرا، وبحث مع السوداني أطر العمل بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، ضمن أهداف المنهاج الوزاري، وأكد السوداني له، بحسب البيانات الرسمية في حينها التزام الحكومة الاتحادية بالدستور العراقي لمعالجة الملفات العالقة مع حكومة الإقليم بما يضمن حقوق جميع المكونات.
جدير بالذكر، أن المحكمة الاتحادية أصدرت، منتصف شباط فبراير 2022، قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، ومنعته من تصدير النفط لصالحه، على أن يكون التصدير عن طريق بغداد حصرا، بناء على دعوى رفعتها وزارة النفط الاتحادية، ومن ضمن قرارات المحكمة الاتحادية، هو استقطاع مبالغ تصدير النفط من نسبته بالموازنة في حال عدم التزام إقليم كردستان بتطبيق القرار.