الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
Homeالاخبار والاحداثيحتفل به المسلمون والمسيحيون والأيزيديون.. ما هو عيد خضر إلياس؟

يحتفل به المسلمون والمسيحيون والأيزيديون.. ما هو عيد خضر إلياس؟

في سنة 2016، أُضيف الاحتفال بعيد خضر إلياس إلى قائمة اليونيسكو للتراث الثقافي العالمي غير المادي.
في سنة 2016، أُضيف الاحتفال بعيد خضر إلياس إلى قائمة اليونيسكو للتراث الثقافي العالمي غير المادي.

تحتفل الطائفة الأيزيدية في العراق في شهر فبراير بعيد خضر إلياس. ويعتقد الأيزيديون أن الاحتفال بهذا العيد يعود لأربعة آلاف سنة مضت قبل الميلاد. يشارك في هذا الاحتفال المسلمون والمسيحيون أيضا، وبالتالي تحول العيد لتقليد اجتماعي عراقي شعبي.

في سنة 2016، أُضيف الاحتفال إلى قائمة اليونيسكو للتراث الثقافي العالمي غير المادي. من هو النبي خضر إلياس عند اليهود والمسيحيين والمسلمين؟ وكيف ظهرت شخصيته في الديانة الأيزيدية؟ وما هي أهم الطقوس التي تُمارس في ذلك الاحتفال؟

إلياس في الديانات السماوية

تعرف الأديان الإبراهيمية الثلاثة شخصية النبي إيليا أو إلياس. في اليهودية، وردت أخبار إيليا في سفر الملوك لأول، وسفر الملوك الثاني. يسميه العهد القديم إيليا التشيّبي، نسبةً إلى بلدة التشيبة الواقعة في بلاد جلعاد في شرقي الأردن. يذكر التقليد اليهودي أن النبي إيليا عاش في القرن التاسع قبل الميلاد في الجزء الشمالي من فلسطين. وعُرف بجهوده في التصدي لعبادة الإله الوثني بعل. وفي الفترة الأخيرة من حياته هرب من الحكام الذين أرادوا القبض عليه. وألتقي بتلميذه إليشع (اليسع) ومكثا مع بعضهما البعض لفترة. ويذكر سفر الملوك الثاني أن نهاية إيليا وقعت بطريقة “إعجازية”. يحكي السفر أن إيليا ذهب مع إليشع إلى نهر الأردن، وأنه -أي إيليا- أخذ رداءه “ولفه وضرب الماء فانفلق إلى هنا وهناك، فعبرا كلاهما في اليبس”، وبعدها نزلت من السماء مركبة عظيمة من النار وخيل من نار “فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء”. وهكذا، صعد إيليا إلى السماء أمام عيني إليشع المذهولتين!

انتشرت تلك القصة بين بني إسرائيل عبر القرون. وصار من المعتاد أن ينتظر اليهود نزول إيليا مرة أخرى إلى الأرض. في هذا السياق، يحدثنا العهد الجديد أن المسيح لمّا بدأ يدعو اليهود فإنهم سألوه إن كان هو نفسه النبي إيليا. أيضاً ورد في إنجيل متى أن المسيح صعد إلى الجبل ذات يوم بصحبة كل من بطرس ويعقوب ويوحنا. وهناك، شاهد التلاميذُ الثلاثةُ موسى وإيليا وقد تجليا فوق الجبل. بشكل عام حظي إيليا بمقام مبجل في المسيحية، واُعتبر مع أخنوخ (إدريس) الشاهد الذي سينزل على الأرض مرة أخرى قبل عودة المسيح الثانية لتهيئة العالم للخير ومحاربة الشر. في هذا المعنى، وُصف إيليا وأخنوخ في رؤيا يوحنا اللاهوتي بأنهما “الزيتونتان والمنارتان القائمتان أمام رب الأرض”.

ما هي قصة هذا العيد؟ وكيف ورد في التقاليد اليهودية القديمة؟ وماذا عن الطقوس المرتبطة بالاحتفال به؟

ظهرت شخصية إيليا في الإسلام تحت اسم إلياس. وورد ذكره عدة مرات في القرآن وفي الأحاديث. يذكر ابن كثير في كتابه البداية والنهاية أن النبي إلياس دعا قومه مراراً لترك عبادة الوثن بعل. ولمّا يئس من استجابتهم “دَعَا رَبّه أَنْ يَقْبِضهُ إِلَيْهِ، فَيُرِيحهُ مِنْهُمْ”. وبعدها حانت نهايته بطريقة إعجازية “أَقْبَلَ إِلَيْهِ فَرَس مِنْ نَار حَتَّى وَقَفَ بَيْن يَدَيْهِ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِهِ… فكساه اللَّه الرِّيش، وَأَلْبَسهُ النُّور، وَقَطَعَ عَنْهُ لَذَّة الْمَطْعَم وَالْمَشْرَب، وَطَارَ فِي الْمَلَائِكَة، فَكَانَ إِنْسِيّاً مَلَكِيّاً أَرْضِيّاً سَمَاوِيّاً”.

ربطت الروايات الإسلامية بين شخصيتي إلياس والخضر بشكل وثيق. ونسجت حولهما العديد من القصص الأسطورية. على سبيل المثال يذكر ابن كثير الدمشقي أن “الخضر وإلياس كانا أخوين. وكان أبوهما ملكا”، كما تحدثت المرويات الإسلامية أن الاثنين لا يزالان على قيد الحياة، وأنهما يصومان شهر رمضان كل سنة ببيت المقدس في فلسطين، ويحجان في كل سنة، ويشربان من ماء زمزم شربة واحدة تكفيهما طوال العام!

حظي إلياس بمقام مُعتبر أيضاً في الذاكرة الشيعية، بشكل خاص. وربطت بعض المصادر الشيعية بين اسمه واسم علي بن أبي طالب. على سبيل المثال يذكر الطبرسي في كتابه “الاحتجاج” أن أحد الرهبان المسيحيين أقبل على المسلمين في خلافة أبي بكر الصديق ليناظرهم وليثبت لهم فساد معتقداتهم. بحسب الرواية، تمكن الراهب من الانتصار على أبي بكر. فأرسل الخليفة ليستدعي عليا بن أبي طالب. لمّا وصل علي أجاب على جميع أسئلة الراهب، وأثبت له صحة الإسلام. اندهش الراهب عندها وسأل عليا عن اسمه. فأجابه بقوله: “اسمي عند اليهود إليا، وعند النصارى إيليا، وعند والدي علي، وعند أمي حيدرة”!.

إلياس عند الأيزيديين

تحضر شخصية إلياس في الذاكرة الأيزيدية أيضاً. ورد اسمه في بعض الكتب المقدسة. ويُعرف باسم راكب الفرس. ويُعتقد بأنه ملاك نوراني يختص بالطبيعة والإنماء والزراعة.

تذكر التقاليد الأيزيدية القديمة أن قوم إلياس تعرضوا للهجوم من قِبل أحد الجيوش. تمكن المغيرون من تدمير المجتمع الأيزيدي ونهب جميع ممتلكاته كما حرقوا المنازل قُبيل مغادرتهم. لمّا عرف إلياس بما وقع رجع إلى قومه وجمع الناس وهاجم المعتدين وتمكن من تحرير المجتمع الأيزيدي. رجع الأيزيديون بعدها لمساكنهم ووجدوا أن طعامهم احترق. فاضطروا إلى تناول ما تركه الحريق من المواد الغذائية المختلطة، وظلوا يمارسون هذا الطقس عبر القرون حتى لا ينسوا تلك الحادثة.

تتشابه تلك القصة إلى حد بعيد مع قصة القديس المسيحي الشهير مارجرجس الروماني الذي تحكي التقاليد المسيحية عن شجاعته وقوته ودوره العظيم في القضاء على الأفعوان/التنين الذي منع الناس من شرب المياه من النهر.

ربط الناس بين شخصيتي الخضر ومارجرجس في القصص الشعبية الشائعة في كل من بلاد الشام والعراق. من هنا، تماهت شخصيتا إلياس والخضر في المعتقد الأيزيدي. وصار من المعتاد أن يُنظر لهما على كونهما شخصاً واحداً في الكثير من الأحيان، رغم أن بعض الروايات الإيزيدية تذكر أنهما شخصين منفصلين.

طقوس الاحتفال بعيد خضر إلياس

يأتي عيد خضر إلياس في أول يوم خميس من شهر فبراير شباط من التقويم الشمسي الشرقي المعتمد عند الأيزيديين. وتسبقه ثلاثة أيام من الصوم. ويحرص الأيزيديون في تلك الفترة على الامتناع عن ذبح الحيوانات وعلى تناول الخضراوات فحسب في وجباتهم اليومية.

يتم الاحتفال بالعيد في التجمعات الأيزيدية في بعشيقة وبحزاني وتلعفر وغير ذلك من المدن العراقية التي يتواجد فيها الأيزيديون، كما أن الكثير من العراقيين -على مختلف طوائفهم وأديانهم- يذهبون في هذا العيد لمقام خضر إلياس الذي يقع في بغداد ويطل على ضفاف نهر دجلة للزيارة وطلب البركة. من الملاحظ أن عيد خضر إلياس يتزامن مع بعض الأعياد المعروفة في تلك الفترة ومنها الاحتفال بقرب فصل الربيع، وصيام الباعوثة المعروف عند المسيحيين العراقيين.

الباعوثة كلمة كلدانية – آرامية تعني الطلب والتضرع. ويرتبط هذا الصيام بقصة النبي يونان أو يونس، كما هو معروف في المصادر الإسلامية، وذهابه إلى مدينة نينوى العظيمة عاصمة الإمبراطورية الآشورية القديمة. ما هي قصة النبي يونان؟ وماذا فعل في نينوى؟ ولماذا يوجد اختلاف بين الكلدان والآشوريين حول تحديد أصل الباعوثة؟ وما هي الطقوس العراقية المرتبطة بذلك الصوم؟

تذكر التقاليد الأيزيدية أن هناك طريقة مخصوصة في صوم خضر إلياس. وهي الطريقة المعروفة باسم طوي الصوم. بحسب تلك الطريقة يقوم من يرغب من الأيزيديين بالصيام في الأيام الثلاثة بشكل متتابع من دون أكل أو شرب. يبدأ الصيام بعد سحور يوم الاثنين ويستمر إلى فجر يوم العيد الذي يحين موعده في يوم الخميس.

يتبع الأيزيديون بعض التقاليد الخاصة بالأطعمة التي يتم تناولها في هذا العيد. تُعرف هذه الأطعمة باسم “بيخون”، التي تعني بدون دم، وفي ذلك إشارة لعدم سفك دماء الحيوانات التي تُقدم كأضحية في جميع المناسبات الأخرى. تُصنع البيخون من سبعة أنواع مختلفة من الحبوب والبقوليات المجففة، وهي القمح والفول والحمص والعدس والسمسم والذرة وبذور عباد الشمس. تُطحن تلك الحبوب مع بعضها البعض. ثم تُعجن ويتم قليها على صاج مخصوص يسمى بالجافوف. يُقدم هذا الطعام في صوان بعد ذلك. ويُوزع على الناس وسط مشاعر الابتهاج والفرحة. تقوم الأسر الأيزيدية أيضاً بطبخ حساء الحبوب واللحم الذي يسمى بالهريسة وبكميات كبيرة لتوزعه على الفقراء والمحتاجين وعلى الجيران والمقربين.

لا تقتصر طقوس عيد خضر إلياس على الطعام فحسب. بل تظهر تلك الشعائر بصور متعددة في العادات الاجتماعية المتعارف عليها في القرى الأيزيدية. تجتمع النسوة في هذا العيد في منزل العائلة التي تمتلك آلة الرحى المُسماة “دستار”، وتنتظرن أدوارهن للطحن. “وأثناء ذلك تغني النسوة أغان تراثية، وكل واحدة تدعو بأن يزورها “خضر إلياس” ويحل ضيفاً عزيزاً لتحل البركة والخير على ذلك البيت”. من الشائع أيضا أن تذهب النسوة لزيارة المقابر لقراءة بعض النصوص المقدسة على أرواح الموتى في هذا اليوم.

يحتفل معظم المسيحيين حول العالم بعيد الغطاس في السادس من شهر يناير. يمثل هذا العيد تذكاراً لحادثة معمودية السيد المسيح في نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان، كما في الكتاب المقدس. من هو يوحنا المعمدان؟ وما أهمية طقس المعمودية في العقيدة المسيحية؟ وما هي أهم تقاليد الاحتفال بعيد الغطاس في الدول العربية؟

من جهة أخرى، يتميز عيد خضر إلياس بكونه مناسبة خاصة للشباب والفتيات المقبلين على الزواج قريباً. بحسب التقليد الأيزيدي فإن كل من يرغب بتحقيق أمنية له “يتناول القليل من وجبة البيخون ويضع الإناء الموضوع فيه تحت فراشه وينام من دون أن يشرب مياه ليكتسب البيخون البركة”. ويؤكد الأيزيديون بأن من يأكل البيخون سيرى حلماً سعيداً. وسيتحقق هذا الحلم مستقبلاً، خصوصا أحلام الزواج والحب والارتباط بالجنس الآخر.

من الجدير بالذكر أن عيد خضر إلياس أخذ صوراً شتى خارج الثقافة الأيزيدية العراقية. على سبيل المثال تحتفل الشعوب التركمانية في كل من تركيا وأذربيجان وإيران ودول آسيا الوسطى في السادس من شهر مايو بعيد الخضر وإلياس. وبحسب التقاليد التركمانية القديمة فإن هذا اليوم يوافق موعد اللقاء السنوي للخضر وإلياس بعد انتهاء تجوالهما في الأرض طوال العام. وُيعدّ إشعال النيران والقفز فوقها من أشهر طقوس الاحتفال التركماني بذلك العيد.

RELATED ARTICLES

1 COMMENT

  1. لا علاقة للأديان السماوية بعيد خدر و الياس, إنما عيد سومري للبحث عن الخلود, تحتفل به شعوب الشرق الأوسط, بغض النظر عن الدين ولا علاقة لغير الئيزديين به تاريخيّاً , فالسومريون قد إنصهروا في الأكديين الآراميين وإنقرضوا, واليهود يعترفون بالياسهم على أساس تاريخي وليس ديني , لكن الئيزديون يعترفون بخدر الذي هو كي خسرو بلهجتنا خدرو وهو من تاريخنا , تحور إلى خدر زندة وهو خدر الياس وأيضاً على اساس الخلود وليس الدين لكنه دخل الدين الداسني مُؤخراً أي بعد زمن الخاسين وشكراً

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular