الأربعاء, نوفمبر 27, 2024
Homeاخبار عامةطبيب ألماني في كوباني: "ألمح الخوف في وجوه الناس"

طبيب ألماني في كوباني: “ألمح الخوف في وجوه الناس”

خوف كبير يدب بين أهالي كوباني من عودة الحرب والموت إلى مدينتهم الواقعة شمالي سوريا. الطبيب الألماني غيرهارد ترابرت يتحدث في تقرير له من هناك عن هذا الخوف ويوجه نداءات عاجلة إلى الأوروبيين.

    
Mediziner Gerhard Trabert (picture alliance/dpa/P. Zschunke)

مرة أخرى أنا في طريقي إلى شمال سوريا للمرة الثالثة هذا العام. البلد، الناس الذين يعيشون هناك، الحرب، الفقر، كلها عناوين اختفت من وسائل الإعلام في أوروبا إلى حد كبير. أحيانا ينتابني الشعور، بأننا في ألمانيا وأوروبا لا نريد حقيقة معرفة المزيد عن وضع الناس في منطقة الحرب. يبدو أن نضال العديد من السوريين من أجل الحرية والديموقراطية في بلادهم، نضال ضائع. في لعب القوى العظمى الدائر على السلطة والمصالح الاقتصادية للشركات المتعددة، سيتم سحق بذور الحركة الديمقراطية.

الخوف يسيطر على  كوباني

سكان شمال سوريا، في منطقة روج آفا، يشعرون بالخوف مجدداً من الحرب والدمار. أستطيع قراءة ذلك على ملامحهم. العديد من الأشخاص، ألتقي بهم الآن لمرات متكررة، أستطيع رؤية شعورهم بعدم الأمان وخيبة أملهم، من دون كلمات. والخوف من تركهم لوحدهم. أستطيع أن أرى وأحس بخوفهم. أحد الأطباء الجراحين الممارسين، والذي فضل عدم ذكر اسمه – حفاظاً على سلامته وسلامة عائلته قال :”لقد ولدنا هنا في كوباني، حيث يشكل الخوف والفقر والمعاناة والموت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا”. وأضاف: “نحن جميعنا قلقون للغاية، ونشعر بقدر كبير من عدم الأمان، ومع كل يوم يمر، نصبح أقل دراية بما سيكون عليه الغد”.

روح الحرية

كوباني، هي مدينة تم فيها بناء وتفعيل هيكلية المشاركة الشعبية واتخاذ القرار. بالنسبة لي هي مدينة تسكنها روح الحرية والمساواة والأخوة، والتعاون السلمي القائم على التسامح بين مختلف الأعراق والأديان. ما يثير اعجابي دائماً هو الطاقة والالتزام في إعادة بناء كوباني. حتى الآن سنحت لي الفرصة للمرة الخامسة على التوالي لزيارة كوباني، و تعرفت على العديد من المباني الجديدة التي شُيدت مؤخراً: منازل جديدة، مرافق صحية، مرافق تعليمية، دار للأيتام خاصة بالأطفال. كوباني، المدينة التي تمثل رمز المقاومة ضد تنظيم”الدولة الإسلامية”، وضد الإرهاب. مدينة عانى سكانها وبنيتها التحتية كثيراً في معارك درات فيها بوحشية (في خريف عام 2014، احتدمت معركة شرسة ضد كوباني، عندما حاولت ميليشيا داعش الاستيلاء على المدينة، التي غالبية سكانها من الأكراد، ومن خلال الدعم، بما في ذلك  من الولايات المتحدة الأمريكية- حُررت المدينة في كانون الثاني/ يناير 2015).

Gerhard Trabert (rechts) mit einer Mitarbeiterin des Waisenhauses Rainbow in Kobane (Gerhard Trabert)الطبيب الألماني، غيرهارد ترابرت (يمين الصورة) مع إحدى الموظفات في دار الأيتام “قوس قزح” في كوباني

المساعدة الطبية من ألمانيا

خلال زيارتي الحالية، أحمل معي جهازاً طبياً يسمح بزراعة الجلد، لاسيما زراعة الجلد السليم الخاص على الجروح الكبيرة المنتشرة على أجزاء أخرى من الجسم. ويمكن استخدام هذا الجهاز لعلاج الجروح الكبيرة والحروق التي تسببها الحرب والتي تحدث أيضاً  بشكل متكرر بسبب المتفجرات، التي يزرعها عناصر “داعش”. ويمول الجهاز الخاص الجديد بقيمة  12 ألف يورو من قبل جمعية “الفقر والصحة” من  مدينة ماينتس. وبحوزتي أيضاً أدوية خاصة بظروف طبية محددة، وهي علاجات غير موجودة في شمال سوريا. ونتلقى الدعم هنا من قبل “Medicine for Rojava”، وهي منظمة إغاثة ملتزمة مقرها في غيلزنكيرشن. كما ندعم بناء وصيانة دار الأيتام في كوباني الذي استمر أكثر من عامين، والتي افتُتحت مؤخراً في تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم.

 وعلى الفور وجد العديد من الأطفال، الذين قُتل آباؤهم في الحرب منازل جديدة هناك. كما يتم تنظيم بعثة الإغاثة الخاصة بي ودعمها من قبل “شراكة مدينة فرانكفورت – كوباني” (التي كانت قادرة على تمويل دار الأيتام بشكل كبير في كوباني) و “مؤسسة المرأة الحرة من روج آفا”. وعلى الرغم من كل المآسي والأزمات، من الجيد رؤية منظمات إغاثة مختلفة في ألمانيا تعمل معاً لتحسين الظروف المعيشية للشعب  في سوريا.

التهديد من أردوغان

مباشرة على الحدود مع تركيا، يتعرض الناس للتهديد العسكري من قبل الرئيس التركي المناهض للديمقراطية، رجب طيب أردوغان. وقام أردوغان وأتباعه مراراً وتكراراً بالتشهير بالمقاومة الكردية العربية ضد داعش ونعتهم بالإرهابيين. ويقول طبيب جراح صديق: “نحن قلقون من أن يستغل أردوغان اللاجئين العرب لإعادتهم إلى المناطق التي يحتلها الجيش التركي في روج آفا”. لا يهتم أردوغان بمكافحة الإرهاب، فهو مهتم بنرجسيته وبالتوسع الإقليمي لتركيا، وبالأخص بقمع وإبادة الشعب الكردي. وقد شن أردوغان حرباً في منطقة عفرين في انتهاك للقانون الدولي وقام عمداً في التسبب بقتل مدنيين.

Flüchtlingslager 40 Kilometer nördlich von Rakka (Gerhard Trabert)مخيم للاجئين على بعد 40 كيلومتراً شمالي مدينة الرقة

أوروبا تصمت

كل هذا نعرفه في العالم الديمقراطي الحر، لكننا صامتون. حلف الناتو، وهو تحالف عسكري من العالم الحر والديمقراطي، يضم ألمانيا أيضاً، يقبل بأن يرتكب شريك الناتو جرائم حرب. نحن نقبل  إرهاب الدولة هذا، لأننا نخاف من فقدان شريكنا في حلف الناتو، تركيا، والخوف من فرار المزيد من الناس إلى أوروبا الحرة.

وبفعل هذا نحن نفقد هويتنا الخاصة: فهم أوروبي حر، قائم على التسامح والتعاطف واحترام حقوق الإنسان كأساس لتعايشنا. ما هي القيم الفعلية التي تقوم عليها الديمقراطيات الغربية؟ السماح للناس بالغرق في البحر الأبيض المتوسط، وإغلاق الحدود والنظر بعيداً عما يحدث للناس في مناطق الحرب والأزمات. يقبلون بذلك عندما تقوم الدول التي تتعاون معهم بشن حروب غير مشروعة وارتكاب جرائم حرب.إن نظام المجتمع الديموقراطي الأساسي في كوباني بشمال سوريا هو التهديد الحقيقي لإدارة أردوغان، ويجب علينا حماية ودعم هذه النبتة الهامة للبشرية والديمقراطية. أُخبرت في كوباني بأنّ “تاريخ المعاناة الكردية يتكرر كل 20 أو 25  سنة”. دعونا جميعا نقاوم بشكل سلمي، لكن بشكل محدد وحازم هذه الكارثة الإنسانية!

غيرهارد ترابرت من مدينة ماينس، طبيب وأستاذ في الطب النفسي الاجتماعي. منذ أكثر من 20 عاماً سافر إلى مناطق الأزمات لمساعدة السكان المحليين. وهو مؤسس جمعية “الفقر والصحة” في مدينة ماينس في ولاية راينلاند بفالتس.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular