( بمناسبة الذكرى ال 150 عاماً لنضال المرأة 1873-2023).
المطلب الرابع :: الراسمالية والمرأة
اكد ماركس ان تطور المجتمع البشري قد مر ب 5 تشكيلات اجتماعية -اقتصادية، وهي: المشاعية والعبودية والاقطاعية والراسمالية والشيوعية ولكل تشكيلة اجتماعية – اقتصادية اسلوب انتاج خاص بها، مثلاً اسلوب الانتاج المشاعي، اسلوب الانتاج العبودي اسلوب الانتاج الاقطاعي اسلوب الانتاج الراسمالي واسلوب الانتاج الشيوعي. يلاحظ ان المجتمعات الطبقية وهي العبودية والاقطاعية والراسمالية لها سمات خاصة مشتركة رئيسية وهي: الملكية الخاصة لوسائل الانتاج في كل مجتمع طبقي والاستغلال الطبقي للعاملين في الاقتصاد وتحقيق الربح كهدف رئيس لكل مجتمع طبقي سواء كان ذلك بشكل عيني او نقدي حسب طبيعة النظام الحاكم.
ان المجتمعات الطبقية الثلاثة ( العبودية والاقطاعية والراسمالية) تتميز بغياب المساواة بين المرأة والرجل وفي كافة المجالات المختلفة ، وان شكل ومضمون الاستغلال والاضطهاد الطبقي للمرأة يزداد شدة مع تطور شكل ومضمون الملكية الخاصة لوسائل الانتاج، فتشكل الراسمالية ابشع اشكال الاضطهاد والاستغلال الطبقي في المجتمع وخاصة للمرأة بهدف تحقيق وتعظيم الربح بالدرجة الأولى وكذلك غياب المساواة بين الرجل والمرأة وخاصة في الاجر ويتم التعامل مع المرأة وفق قانون الطلب والعرض، اي يتم النظر للمرأة على انها سلعة تباع وتشتري قوة عملها وفق حاجة الراسمالي الطفيلي المالك لوسائل الانتاج ،وكما يلاحظ ايضاً غياب المساواة في الأجور بين الرجل والمرأة وبالمتوسط ما بين 25-30 بالمئة ، اضافة الى غياب ضمان حقها في العمل دستورياً وكما يلاحظ ايضاً ان الدول الراسمالية وبعض الدول في اسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية يتعاملون مع المرأة ليس افضل من التعامل الذي حصل لها في المجتمع العبودي والاقطاعي وفي كثير من المؤشرات ومنها،الاجور، طبيعة العمل، النظرة الدونية وعدم احترامها كإنسان كائن حي ومستقل وهذا ما يحدث في بعض الدول العربية والإسلامية، افغانستان انموذجا حيا وملموسا على ذلك ، فتعامل هذه الدول لا يقل عن التعامل الذي حصلت عليه المرأة في النظام العبودي او الاقطاعي.
ان ظهور الراسمالية وتطورها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي… ، رافقه ظهور ازمات عديدة وشاملة لجميع مرافق الحياة الاجتماعية والاقتصادية والمالية… وحتى الاخلاقية، بالرغم من أن الراسمالية تخلو من القيم الإنسانية والأخلاقية الحقيقة ، وموقفها من الشغيلة بشكل عام والمرأة بشكل خاص ينطلق من تحقيق الربح وتعظيمه ، وان القوى العاملة ما هي إلا سلعة تباع وتشترى وفق قوانين الراسمالية السائدة في المجتمع الطبقي البرجوازي. ان من اهم الاسباب الرئيسية لظهور وتعمق وتطور وتكرار الأزمة العامة في المجتمع الراسمالي تكمن في الاتي: اشتداد التناقضات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الداخلية في المجتمع الراسمالي وفي الاقتصاد الراسمالي نفسه ووجود سمة الاحتكار والطفيلية والتعفن اضافة الى السمة العدوانية والاجرامية والوحشية وتعمق التناقض المستمر بين العمل وراس المال وكذلك التزايد المستمر في الانفاق العسكري، اي سباق التسلح، بدليل خلال المدة (2020–2024) بلغ متوسط الانفاق العسكري الاميركي نحو 800 مليار دولار، وهذا لم يحدث في فترة ما يسمى بالحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية فقيمة الانفاق العسكري في عهد الرئيس الاميركي ريغان بلغ نحو 400 مليار دولار.؟ لمن ولمصلحة من تم ويتم ذلك الان؟.
ان اول ضحايا الازمات هي الشغيلة بشكل عام والمرأة بشكل خاص ، فاول اجراء للراسمالي هو تسريح، تقليص عدد العاملين وبالتالي ظهور البطالة والتي تشكل الموت البطيء للانسان في المجتمع الراسمالي الذي لا يضمن حق العمل للمواطن دستوريا ، وكلما تطورت الملكية الخاصة الاحتكارية لوسائل الانتاج وخاصة في مرحلة الامبريالية يزداد ويشتد الاستغلال والاضطهاد للشغيلة ومنها المرأة وظهور افرازت اقتصادية واجتماعية… مرعبة وكارثية في المجتمع الراسمالي ومنها: تعمق الفجوة الاجتماعية والاقتصادية وغياب العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتنامي معدلات البطالة والجريمة المنظمة وتفشي المخدرات وخاصة وسط الشباب وتنامي الامية واشباه الاميين وهذه الافرازات قد انتقلت الى الغالبية العظمى من دول البلدان النامية بحكم الترابط والتشابك في العلاقات الاقتصادية والتجارية وغير ذلك، بدليل ان الاغنياء في المجتمع الراسمالي يمثلون 1 بالمئة من المجتمع يستحوذون على 82 بالمئة من ثروة شعوب العالم وان 99 بالمئة من شعوب العالم يملكون 18 بالمئة من ثروة العالم.
ان غياب التكافؤ في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دول المركز والاطراف وفي كافة المجالات وفرض الوصفة (( السحرية)) على الغالبية العظمى من البلدان النامية من قبل مؤسسات الحكم الدولية ومنها صندوق النقد والبنك الدوليين ، وكانت نتائج تطبيق هذه الوصفة سلبية على البلدان التي طبقتها وفي مقدمتها تشديد التبعية والتخلف للقوى الدولية وتنامي معدلات البطالة والفقر والامية والمديونية الخارجية بدليل في عام 2010 كانت المديونية نحو 5،7 ترليون زادت الى 92،5 ترليون دولار أمريكي لعام 2021. ( 1). وتخسر البلدان النامية سنوياً اكثر من100 مليار دولار بسبب غياب التكافؤ في العلاقات الاقتصادية والتجارية ويتم هذا على حساب الشغيلة ومنها المرأة وبنفس الوقت تتعاظم الارباح الخيالية لصالح الطغمة الاوليغارشية المافيوية في الغرب الامبريالي. (2).
تشكل المرأة اكثر. من 40 بالمئة من مجمل القوى العاملة في غالبية دول العالم ولكن لا تتقاضى سوى عشر المداخيل من الأجور بسبب الاستغلال والاضطهاد لهن بدليل يحصل الراسماليون في اميركا نحو 63 مليار دولار كارباح اضافية، فالراسمالي الاميركي مثلاً لا يدفع الا 41 سنتاً من كل دولار تكسبه المرأة الاميركية لقاء عمل مساوي تماماً لعمل الرجل.( 3). وبهذا الخصوص اشار لينين (( اصبحت اميركا من بين اوائل البلدان من حيث عمق الهوة بين حفنة من المليارديرات الوقحين والغارقين في القذراة والبذخ من جهة وبين الكادحين الذين يعيشون ابداً على حافة الاملاق من جهة أخرى)).( 4).
ان ما حققته الراسمالية في الميدان الاجتماعي والاقتصادي… اميركا انموذجا هو غياب المساواة بين الرجل والمرأة وغياب المساواة بين الرجل الأبيض والرجل الأسود وهذا يشكل قمة العنصرية اضافة الى ذلك وجود 35 مليون اميركي من الرجال والنساء تحت خط الفقر و70 مليون اميركي من الرجال والنساء اميين. و23 مليون من البالغين اميين و40 بالمئة من المتعلمين لا يجيدون القراءة والكتابة بشكل سليم. (. 5). يشير الكاتب الاميركي ادوارد ليتوك (( عندما يسير بلد ما نحو الإنهيار لا تنخفض عملته فحسب، بل يرخص لحم مواطنيه)). ( 6). وكما يؤكد ليتوك حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي في اميركا اذ يقول (( لا يمكننا أن نرى اي يوم من ايام الاسبوع :: اولا– ام ( امرأة) بيضاء شقراء مع طفلها جالسة على الرصيف بأسلوب لا ترى شبيهاً له الا في كالكوتا، ثالثا: عدد كبير من المتسولين يمدون طاساتهم اليك بصورة ملحة……(،7) . مقابل ذلك تنفق اميركا سنوياً نحو 800 مليار دولار على الجيش الاميركي وقدمت مساعدات للنظام البنديري \ الارهابي في اوكرانيا وخلال سنة، من شباط \ 2022 — شباط \ 2023 اكثر من 100 مليار دولار، هذا المبلغ يكفي لمعالجة اهم الظواهر الاجتماعية والاقتصادية ومنها المشردين….؟.
ان الشعارات التي تبنتها وتتبناها اليوم الطبقة البرجوازية الحاكمة في المجتمع الراسمالي اميركا انموذجا وكذلك حلفائهم في بعض دول الاطراف حول ما يسمى بحقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية والعلنية وحرية التعبير والمساواة والانتخابات (( الديمقراطية)) وغيرها من الخزعبلات الاخرى، ما هي إلا شعارات خادعة ومظللة ووهمية وبعيدة عن التطبيق العملي وهي شعارات يتم استخدامها لاستغلال الشغيلة بما فيهم المرأة، وهذه الشعارات تحمل طابعاً طبقيا وسياسياً واقتصادياً وايديولوجيا في آن واحد ويتم استخدامها وفق الكيل بمكيالين او ازدواجية المعايير وفق مصلحة النخبة الاوليغارشية الحاكمة بالدرجة الأولى. ان مفهوم المساواة والحرية والعدالة… وفق مفهوم (( المنظرين)) البرجوازين لا يكمن بمساواة الرجل والمرأة في الحقوق المشروعة ومنها حق العمل والاجر العادل : ، بل من وجهة نظر صقور الديمقراطية وحقوق الإنسان من البرجوازين،ان المساواة بين الراسمالين في (( حقهم)) في استغلال الشغيلة ونهب ثروات الشعوب وتراكم راس المال الاجرامي والغير شرعي،، وإقامة الانقلابات الفاشية في اسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية ورابطة الدول المستقلة ،وعملية الاغتيالات السياسية لقادة حركة التحرر الوطني وقادة الحركة الشيوعية واليسارية العالمية والعمل على خلق سيناريوهات التفكك والانهيار ومنها مثلاً ما يسمى بالربيع اللاعربي الذي خطط له نادي بلدربيغ وغيرها من الجرائم الاخرى والتي تعكس شكل ومضمون الراسمالية الطفيلية والمتوحشة والاحتكارية والعدوانية واللصوصية وقتل وتخريب وافساد منظم للوعي الوطني والطبقي الملتزم عبر ضخ الورقة الخضراء بهدف شراء الذمم ومنهم:: عملاء النفوذ والطابور الخامس والليبراليون المتطرفون والاصلاحيون المتوحشون وخونة الشعب والفكر، والعمل على تأسيس شبكات التجسس والدعارة السياسية في مختلف البلدان بهدف العمل على تقويض الانظمة الوطنية والتقدمية واليسارية المناهظة لنهج الامبريالية الاميركية وحلفائها، وكان ماركس على حق عندما قال ان الفقر لا يخلق الثورة بل الوعي بالفقر هو الذي يخلق الثورة الاجتماعية، طبعاً يتطلب تحقيق ذلك وجود حزب طليعي يعتمد على نظرية ثورية الا وهي النظرية الماركسية- اللينينية.
ان من اخطر افرازت الراسمالية وفي مرحلتها المتقدمة الامبريالية هي العمل الخطير حول تفكيك الأسرة التي شكلت وتشكل النواة الرئيسية لوحدة المجتمع وبقائه، الا وهي اشاعة ظاهرة المثليين في دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأميركا وغيرها من الدول الاخرى، وانا لا استبعد من انتقال هذه الظاهرة الغريبه والشاذة الى الدول العربية والإسلامية سواء بشكل سري او اي شكل اخر.
ان المثليين يشكلون خطراً جدياً على مستقبل العائلة والمجتمع وهذه الظاهرة الغريبه والشاذة والغير مالوفة تشكل انهيار اخلاقي واجتماعي وسياسي واقتصادي وايديولوجي في اي بلد تسوده هذه الظاهرة الغريبه واللامنطقية، يخطئ من يعتقد ويتفاخر باحتفالات المثليين جنسياً ومزدوجي الميل الجنسي، معتبراً ان المثليين وتنامي الجنسي المتحولين جنسياً ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية هو امر اساسي لبناء ديمقراطية قوية وصحية وضرورة الحفاظ عليها، وهذا يمثل وجهة نظر (( الديمقراطيات الكبري)) اليوم وفي عالمنا المعاصر؟!. ان هذا الموقف يعكس جوهر الراسمالية وفي مرحلتها المتقدمة الامبريالية، فهي تتصف بالتعفن والطفيلية والاجرام والعدوان والوحشية. هذا هو جوهر الراسمالية التي تقوم على اساس الملكية الخاصة الاحتكارية لوسائل الانتاج.
ان البابا فرنسيس يقول ان المثيلية ليست جرما وانما تعد اثما ،وتسعى الادارة الامريكية اليوم على فرض هذه الظاهرة الغريبه والشاذة عن كل القيم الإنسانية والاجتماعية والثقافية والعقلية وهي حتى ضد جميع الاديان السماوية التي ترفض ذلك، فالادارة الاميركية تعتبرها (( قيم اجتماعية وديمقراطية وحق من حقوق الإنسان…)) بدليل تم فرض هذه الظاهرة اللامنطقية في شكلها ومضمونها على النظام البنديري \ الارهابي الحاكم في اوكرانيا وتم تشريع قانون خاص بذلك من قبل البرلمان الاوكرايني واصبحت المثلية في اوكرانيا تمارس وبشكل علني وقانوني في النظام النازي \ النيونازي في اوكرانيا. ان هذه الظاهرة اصبحت منتشرة في دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأميركا وغيرها من الدول الاخرى، وان الحكومة الكندية قدمت لمن يريد بالتحول الجنسي نحو 75 الف دولار لا اجراء العملية، اي التحول من رجل الى امراة والعكس صحيح، ناهيك عن السماح بالزواج رجل برجل وامرأة بامرأة، حتى الحيوانات لا تقوم بذلك.
في روسيا الاتحادية، تم رفض الفكرة شكلاً ومضمونا في المجتمع الروسي، وان الدستور الروسي يؤكد على وحدة العائلة وهي تتكون من الام والاب والاولاد فقط.
ان هذه الظاهرة الخطيرة، المثيلين، لها اهداف عديدة ومن اهمها: هي تفكيك وتفتيت وحدة الاسرة ، وكذلك العمل على تفكيك وحدة المجتمع واشاعة الفوضى الاجتماعية والأخلاقية بشكل مرعب ومخيف وكارثي وغير مالوف شكلاً ومضمونا، وكذلك تهدف ايضاً الى تقليص عدد سكان العالم وبكل الوسائل المتاحة ومنها نظرية مالثوس والنيومالثوسية الرجعية واللاعلمية وكذلك مايسمى بنظرية المليار الذهبي ناهيك عن اشعال الحروب غير العادلة. ان كل هذه الاجراءات وغيرها تهدف الى اضعاف وتخريب المجتمع، وهذا هو جوهر الراسمالية المتوحشة والطفيلية واللصوصية. احذروا خطر الراسمالية المتعففة.
ان الراسمالية لن ولا تقوم بتحرير المرأة لا من الناحية الاقتصادية ولا من غيرها، بل تعتبرها كاي سلعة في السوق تباع وتشترى وفق قانون الراسمالية، قانون العرض والطلب. ان الراسمالية تحط من كرامة وادمية وإنسانية وشخصية المرأة ولا تقوم بتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة لا في العمل ولا في الاجور ولا تقوم بضمان حق العمل دستورياً للشغيلة ومنها المرأة، وان الملكية الخاصة الاحتكارية لوسائل الانتاج لن تضمن تلك الحقوق المشروعة اصلاً، بل تقوم بتكريس الفوارق الاجتماعية والاقتصادية وتعميق الفجوة الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع ولصالح الاوليغارشية المافيوية والطفيلية الحاكمة.
احذروا خطر الراسمالية من انها لا تحرر المرأة ولا تحقق المساواة بين الرجل والمرأة. هذه هي الحقيقة الموضوعية.
المصادر ::
1- انظر جريدة البرافدا، 24-27 \ 12 \ 2021، باللغة الروسية.
2- فيليكس فولوكوف وآخرون، ماهي القيمة الزائدة؟ ، موسكو، ص،325-326.
3- المصدر السابق، ص 194-195.
4- لينين، المؤلفات الكاملة، المجلد 37،ص،49، باللغة الروسية.
5- عبد العظيم مناف، العراق واميركا — التحدي الذهبي، القاهرة، ص 57، ادوارد ليتواك، ، انهيار الحلم الاميركي — الازمة الاقتصادية في مجتمع متدهور، تعريب ليلى غانم، ليبيا، السنة 1425،ص،222.
6- ادوارد ليتواك، مصدر سابق، ص 168.
7- ادوارد ليتواك، مصدر سابق، ص 388.
يتبع
موسكو\ اذار \ 2023.ب