ثانية نعود إلى المربع الأول مربع الخرافات والأساطير التي يدفن بها الكورد تاريخهم الحقيقي المحدوث , كل الشعوب تمكنت من نفض غبار الأساطير عن حقائق تاريخها إلى حد كبير وتعرفت على أبطالها الحقيقيين, إلا الكورد , فما أن يظهر نتوء من الحقيقة حتى يهجم الجميع على تغطته بالأزبال والرماد والغبار حتى كلمة نوروز الفارسية الواضحة يُحاول الأخ الكاتب تحويرها وإشتقاقها من أسطورة أخرى في ذهنه , هي كلمة فارسية ( نَو جديد, روز يوم ) المعنى واضحة لكن الكورد لا يترجمونها حرفياً بل مفهومها يعني رأس السنة ( سرصال) أو يسمونها باللفظ الفارسي (نو روز) تقلب الواو الصامتة إلى ف بثلاث نقاط عند البهدينان أما قصة الضحاك والأطفال والأولاد فهذه معجزة الأكراد.
كاوة لم يكن حداداً كان زعيم الميديين في الموصل قائداً في الجيش الآشوري إستغلّ هو والملك البابلي ضعف الملك الآشوري إبن آشور بانيبال القاسي الظالم جداً بحيث لم ينج أحد من بطشه ودام حكمه طويلاً, فقتل أخاه ودمر بابل وخرق عهده مع الميديين …., فتعاون هو ونبوبلاصر الكلداني فقتلوا الملك المسكين سانابل, كان هذا في 612 قبل الميلاد وكان عصر كي خسرو القوي وليس عصر أستياك الضعيف الذي يسموه مؤرخو الكورد الفطاحل بالضحاك الفارق الزمني بينهما 70 عاماً, كي خسرو هذا هب لنجدة سانابل ضد نابوبلاصر الكلداني ولم يعلم أن الثائر هو كاوة الميدي ونابوبلاصر هو حليفه, ولما علم إنضم إلى الثوار وكانت نهاية الأشوريين, أما الثورة ضد أستياك 546 قبل الميلاد , فقادها حفيده لإبنته كورش الأخميني وهو خلع وليست ثورة دموية, بعد أن شاخ استياك دون أن يخلف ولداً لتولي الحكم, كورش صاحب أول وثيقة لحقوق الإنسان (الآن محفوظة في لندن) شعاره لا يُظلم إنسانٌ في بابل بعد الآن, هو الذي أطلق أسرى اليهود واعاد مسلة حمورابي وأعاد ممتلكات كل من وقف على مظالمه , فكيف يظلم جده وأمه على قيد الحياة؟ نحن لم نقف على ميوله الدينية لكن إبنه قمبيز كان ملحداً وكانت هناك إضطرابات دينية , والتغيرات الزردشتية لم تنتشر بعد فكانت المزداسنية الميدية هي السائدة.
أما نوروز فهو تقويم زرادشتي حدد فيه رأس السنة الجديدة بحسب غلبة النور على الظلام أو الليل على النهار بحسب مبدأ الخير والشر فأعتكف عشر سنوات من 630 -620) قبل الميلاد يترصّد طول وقُصر الليل والنهار حتى توصل بأن اليوم الذي يتفوّق فيه النهار على الليل هو الإعتدال الربيعي فعينه أول أيام السنة الجديدة فهو يوم جديد وشهر جديد وسنة جديدة وسرصال عند الكورد وحتى اليوم عند الئيزديين الذين لم يُغيّرو سرصالهم لا في زمن الميديين الذين هرب منهم زرادشت ولا بعده
, نوروز لا علاقة له بالقوميّة إنما الإسلام جعله عيداً قوميّاً, هو عيد ديني من الطراز الأول عينه رجل دين من أعلى رتبة, لكنه أصبح عيداً قوميّاً بعد الإسلام خاصة في العصر العباسي حين منع الإسلام أي مظهر من مظاهر الدين المجوسي الكافر تشبث الفرس بعيدهم بطابع قومي وكانت لهم سطوة كبيرة في العهد العباسي بين فترةٍ وأخرى فتخلّد العيد بالإسم الفارسي بين الكورد أيضاً .
هكذا التقارب الزمني بين الأحداث أحدث خلطاً بين الأحداث والشخصيات والمناسبة خاصة بين كاوة وإطاحته بالضحاك 612, وزرادشت وإعلانه نوروز في 620 ومعاصرهما كي خسرو المشهور , والحدث الآخر أيضاً قريب منهما كورش المشهور ضد أستياك الضعيف المخلوع في546 بقياس البعد التاريخي , كلها تتناقل عبر آلاف الروايات الشفوية مليئة بالمغالات والصقل.
أما النار فهي طقس جميع الأعياد, وهذا جارٍ حتى اليوم لا عيد للئيزديين يفوت دون إشعال النار في عشيّته وكذلك في عشيات جميع الأيام المقدسة , الإسلام جعله في بطون الغرف وبشكل مختصر جداً متمثل في فتيلة في سراج, حتى نوروز لم يبق منه عند الئيزديين سوى (نةفروز جةشنا بيرؤز) بعد الفتح البريطاني للعراق تحرك الكورد ومعهم الئيزديون وأصبحوا يشعلون نار نوروز على أعلى المرتفعات وبفضل المرحوم نوري السعيد.
حاجي علو
21 .3 . 2023