زراعة الشعر في
أجسامهم عادية مثل باقي البشر حولهم؛ لكن رؤوسهم ليست كذلك. هذا أول ما ستلاحظه عندما تزور اسطنبول لأول مرة.
ستعلق هذه الصورة في ذهنك إلى جانب صور آيا صوفيا ومسجد السلطان أحمد، وجسر البوسفور، وشباب عاصمة الخلافة العثمانية الأجمل من نسائها، وطبعاً أشياء أخرى كثيرة.
عصابة مطاطية سوداء بعرض 2 سم على الأقل تمر في منتصف الرأس من الجانبين. دماء تسيل على شكل حبيبات قانية من أعلى الجمجمة.
أسفل العصابة مباشرة من الجانبين أو الخلف تكاد تكون فروة الرأس منزوعة تماماً، حتى أن بعضهم يضع رقعة بيضاء كبيرة من الضمادات الطبية.
لكنهم جميعاً من دون ريب راضون تماماً؛ إذ تعلو أطراف شفاههم ابتسامة غامضة.
لا يأبهون للنظرات المحملقة المتسائلة. معظمها لأناس مثلي في زيارتهم الأولى إلى اسطنبول.
إذ أن أهل المدينة إن نظروا، فهي في الواقع، نظرة فخر لـ»صناعة» تدر على تركيا عشرات الملايين من الدولارات بعد أن تراجعت السياحة العادية فيما تصاعدت السياحة الصحية باطراد.
زراعة الشعر في تركيا.. ارتفاع ملحوظ
ففي 2016 وحدها دخل تركيا أكثر من 750 سائح صحي، من بينهم 60 ألف لزراعة الشعر. وفي 2017 زار البلاد مواطنو 70 دولة من حول العالم لنفس الهدف.
لكن أسامة أبو ضهير ( 30 عاماً)، ضرب عصفورين بحجر واحد. عندما عرض عليه عمل في اسطنبول، كان يفكر في زراعة الشعر.
أخيراً فعلها وحصل على العمل، وما إن استقرت به الأمور في مدينة المسلسلات التركية حتى بدأ يماطل لعدم توفر الوقت أحياناً، وخوفاً من الألم في معظم الأحيان، خاصة أن الأمر أصبح سهلاً وفي المتناول، وسيفعلها يوماً ما.
ذاك اليوم لم يكن بعيداً. «كيف لك أن تقاوم تلك الرغبة في امتلاك شعر فقدته في سن مبكرة وأنت ترى تلك الرؤوس الغريبة أينما اتجهت في اسطنبول»، يعلق أسامة.
فالإعلانات في كل مكان، والعروض لا تنتهي في صناعة هي الأسرع نمواً تركيا؛ حتى أن العيادات الجديدة تتوالد كالأرانب، وتجري نحو 150-500 عملية زراعة شعر يومياً.
حسم أمره بتشجيع من زوجته. لكن يبقى السؤال الأكبر: أيها سيختار؟ صديقان له سبقاه في إجراء العملية. أحدهما نجحت، والآخر بين بين.
إذاً، عملية اختيار العيادة الصحيحة من بين هذا الكم الهائل من العيادات تكاد تكون المهمة الأصعب.
فزراعة الشعر عملية دقيقة جداً، حيث يقوم الطبيب أو الفني الذي يساعده، بعمل آلاف الثقوب في مقدمة فروة الرأس، ثم اقتلاع آلاف البصيلات بعد اختيارها بعناية من خلف الرأس أو الجانبين أو ما يسمى طبياً بـ»المنطقة المانحة»، ثم يحشرها في تلك الثقوب ما يؤدي إلى نمو شعر جديد.
وهذه الطريقة الوحيدة تقريباً لمكافحة الصلع. وعندما تفشل العملية، ينمو الشعر في الاتجاه الخاطئ ما يؤدي إلى التهابات جلدية وندوب.
العملية ذاتها تكلف في أميركا والدول الأوروبية نحو 25 ألف دولار. في تركيا تتراوح ما بين 600 دولار إلى 2000.
ويعود ذلك جزئياً إلى المنافسة المحمومة بين العيادات الكثيرة، حتى إن بعضها تلجأ إلى إجراءات متطرفة، بتعيين موظفين لا يمتلكون المؤهلات الكافية ما قد يشكل خطراً على المرضى.
وأسامة يدرك ذلك.
المكان: CLINIQUE EXPERT – اسطنبول
أخيراً، وجد أسامة ما رأى أنه الأفضل والأنسب والأكثر ضماناً لنجاح العملية من غيره: مركز CLINIQUE EXPERT التركية.
حين قرأت أكثر عنه على الإنترنت، وجدت أن المركز نجح في 52 ألف عملية زراعة شعر من 62 بلد عربي وأوروبي.
كان موقع المركز كمن يتباهى بنجاحه المتواصل منذ 12 سنة.
يتحدث أسامة عن تجربته هذه ويقول:
«قبل أن أقرر زراعة شعري في مركز CLINIQUE EXPERT، كنت أفاصلهم بالسعر كثيراً، لأن الموضوع عبارة عن تجارة.
الدفع كان بالدولار مع أني أخبرتهم أني مقيم بتركيا، لكن هذا نظامهم.
وفي النهاية، سنوات خبرة المركز حفزتني كثيراً، وقررت القيام بالعملية».
ما أول خطوة تقوم بها؟
«طلبوا مني صوراً لجميع زوايا رأسي، أرسلتها على واتساب.
كانت أول زيارة لي عبارة عن دردشة حول العملية، بعدما فحصوا بأجهزة خاصة قوة الشعر، ورسموا المساحة التي سيزرعون بها.
أطلعوني على كل ما سيفعله الأطباء خلال العملية. أخذت القرار. وحان الوقت».
الزمان: نوفمبر/تشرين الثاني 2017
«قبل أن يصل سائق المركز ليأخذني من منزلي الساعة الخامسة والنصف صباحاً، كنت قد التزمت بالتعليمات التي طلبها مني الأطباء في المركز.
يجب تقليل كمية الكافيين والنيكوتين قبل 3 أيام من موعد العملية.
بدأت العملية الساعة 6 صباحاً واستمرت حتى الثانية. 8 ساعات غفوْت فيها كثيراً.
هاجسي الأكبر كان إبرة البنج تلك التي أرعبني كل من حدثني عنها خلال عملية زراعة شعره.
لكن لم يكن الأمر مخيفاً على الإطلاق، ففي هذا المركز كانوا يتبعون طريقة مختلفة عن المعهود.
أولاً حقن إبرة بنج عام في ذراعي، غفوت بعدها بدقائق، وحين استيقظت كانوا قد حقنوا فروة رأسي بإبر بنج موضعية لم أشعر بوخزة واحدة منها.