الاستئجار ضرورة حياتية نظمها القانون و تدل على اختلاف المستوى المعيشي للشعوب و باتت ظاهرة مستفحلة في بعض المجتمعات رغم الجهود و الخطط الحكومية و تخصيص الميزانيات للقضاء عليها وأنقاذ المستأجرين ، الا انها باقية و ستبقى طالما الاطماح و المصالح الانسانية تحكم و لعقد الايجار اركان و شروط .
خرجت الاستئجار من اطار البيوت الى مجال اوسع لتشمل الدول ، فمثلا قامت بريطانيا باستئجار (هونغ كونغ) من الصين و مدة عقدها كان (99) سنة ، و عندما انتهت المدة عادت الى حضن الصين بكل هدوء وسلاسة دون مخاض و صعوبات ، و كذلك عندما تم فتح قناة السويس عام (1869) بعد مضي عشر سنوات من بدأ العمل به في عهد الخديو سعيد تنفيذا لفكرة طرحها المهندس الفرنسى (دي ليسيبس) ، و كان له الدور الكبير في تحسين الوضع الاقتصادي لمصر و دول العالم باسره ،و كانت الحصة الكبرى هي لبريطانيا و فرنسا حيث استأجروها من مصر لمدة (99) عاما ، و لكن الخطأ الذي وقع فيه مصر هي قيامها بتأمين القناة أي أستعجالها قبل انقضاء مدة العقد مما سبب بالعدوان الثلاثي عليها عام (1956) و كان باقي المدة لا يتجاوز (8) سنوات ، فان اقدامها على هذه الخطوة افسدت المنفعة المرجوة من هذا المشروع الاقتصادي الضخم ، فأن صبر و ( ماو) وتريثه رغم حقده لبريطانيا حقق له ما يربو و استعجال المصريين امطر عليهم الوبال والحرب .
و لكن السؤال الذي يفرض نفسه ؟ ما الذي منع بريطانيا و حتى فرنسا عند توقيعهما اتفاقية سايكس بيكو عام (1916) من استئجار المنطقة الكوردية للمدة المعتادة (99) سنة و هل انهما حققا ما خططا له بأقل كلفة و خسارة ام ان الشعب الكوردي و قيادته لم يكن في مستوى التاثير و المطالبة بمثل هذا الاجراء ام ان الطرف الذي كان يسيطر على المناطق الكودرية و التي هي الدولة العثمانية قد اصابها الانهيار و باتت اراضيها وليمة تتجمع عليها الغرباء لتجد كل منها حصتها، فيالت الكورد كانوا مستأجرين لدولة و ان طالت مدة عقدها و حينها كان تحقيق حلمنابالحقوق المشروعة و تقرير المصير سهلا ياتينا دون جهد و بمجرد مرور الزمن ، فان الوقت يمر و الجهود تبذل و لكننا لازلنا نركض وراء الحقوق و هي تتهرب لان المصالح الدولية اخذت بزمامها و يوجهها حسب ما تشتهيه وفي الوجهة التي تريدها .
ان طلب الايجار مر وغريب و خاصة عندما يكون المستأجر صاحب ارض و مال و لكنه كان أسلوباً في تحقيق الاهداف لمن علم واعتبر .
فياليت الكورد ان يوقع عقد للاجار مع دولة عظمى و ان طال مدته لينعم الاجيال القادمة بحقوقهم و ان الفرصة سانجة للعقد مع امريكا لان سياستها ترسمها بريطانيا في الخفاء ، وما بناء أكبر قنصلية امريكية في اربيل إلا فرصة ذهبية لمثل هذه الخطوة .
عبدالله جعفر كوفلي /ماجستير قانون دولي