1 ـــ الواقع العراقي, بأحداثه ومتغيراته, التي يتغلب عليها ظاهرتي الفساد والأرهاب, يشير الى تفكك الدولة وانهيار المنظومة الحاكمة, اكثر من خمسة ملايين موظف حكومي, امي غير منتج, شهاداتهم وشخصياتهم مزورة, يتطفلون على الشحيح المتبقي من وارد الثروة الوطنية (النفط), او ما توفره حكومات التبعية من علف القروض, مقابل التفريط بمستقبل الأجيال, وهناك جيل من الخريجين والفنيين, دفعتهم البطالة والعوز الى ممارسة الأعمال الحرة, مما جعل تواجدهم بين مفاصل المجتمع العراقي, يترسخ غضب وعي وانتماء وطني, في انتفاضة خرجت من العمق الحضاري, لمجتمع الجنوب والوسط, واخذت مواقعها حراك شعبي, لا يمكن اخماده او الألتفاف عليه.
2 ـــ احزاب الأسلام السياسي, استهلكت مرحلتها وسقطت في الشارع العراقي تماماً, اعتمادها على المليشيات المسلحة والقمع والدعم الخارجي, سيُعقّد المشهد ويضيّق من فرص افلاتها, ويجعلها هدفاً للتدخلات الخارجية, كما حدث للنظام البعثي عام 2003, كلما تعمقت الأزمة الأقتصادية ثم السياسية, وتغلغل الوعي الوطني في الضمير العراقي, تصبح شوارع المحافظات العراقية وساحاتها, مجالاً حيوياً لنفوذ وتأثير الأنتفاضة الشعبية, اما التعويل على المواقف المضادة للأرادة الوطنية, التي قد تتخذها المراجع الدينية, هو الآخر سيفقد تأثيره, الشك المجتمعي يقترب من اليقين, في سؤال بحجم التاريخ, هل ان البيضة الفاسدة لأحزاب الأسلام السياسي, خرجت حقاً من الأسلام, ام العكس؟؟؟, هنا ستجيب عليه الأنتفاضة في لحظة الحقيقة.
3 ـــ هل ستنحاز المراجع الدينية , الى حق الملايين المستضعفة ورغيف خبزها؟؟, الأمر يصطدم مع المستحيل, بحكم معتقداتها ومصالحها, في هذه الحالة قد تجرب ما تبقي من نفوذها المعنوي, في رزمة مواعظ ونصائح وافتاء, في لحظات تصبح فيها للحقائق نفوذ في الوعي المجتمعي, فساد وارهاب احزاب الأسلام السياسي, سيستهلك اسماء الله والأولياء والأضرحة المقدسة اكثر, ويفرغ المراجع الدينية من ثقة الجماهير بها, الفقر والجهل وفقدان الأمل, في خضم الأكاذيب والخذلان, سيوقظ الضمير ويشحذ الوعي الجمعي, في حراك غير مسبوق, يبقى السؤال الأهم مفتوحاً, هل ان التغيير الذي يرافق الأنهيار, سيكون بمبادرة امريكية, كما هي العادة, ام ان الأنتفاضة, من حيث الوعي والبرامج والتنظيم, ووفرة الكوادر الوطنية, ستفرض رياحها على سفينة التغيير, او ربما سيولد تفهم دولي اقليمي للواقع العراقي الجديد, وتصبح الأنتفاضة, مرجعية وطنية, تدفع الآخر, للتعامل مع العراق, باحترام وحسن نوايا في العلاقات وتبادل المنافع, ام ستعود حليمة الى عادتها القديمة, وتلدغ العراق وللمرة الألف من ذات جحر التآمر, عبر تحالف اسلامي بعثي جديد؟؟؟؟.
4 ـــ كما هو العراق, لا زالت الأنتفاضة وحيدة على غصن التحدي, سقط الذين كانوا, كالذباب يصطادهم دبق الفساد, يزفرون حشرجة اليأس, املاً في مكاسب مجانية, وللأنتفاضة جيلها التموزي الجديد, تجري في شرايينه دماء البواسل المتبقية, من ازمنة المواقف الوطنية, صحيح ان عددهم قليل, لكنهم قبيلة وعي في الفعل الوطني, لا خيار للمثقف الطليعي, سوى الأمساك بعروة الأنتفاضة, ليعيد النفس الوطني الى رئة المجتمع, فبدون عراق وطني, لا يمكن بناء دولة وطنية, وحكومة جديرة بمواطنيها, قادرة على اعادة التوازن الى نفوس, دعاة الأقلمة والفدرلة والتقسيم, وتعيد للمادة (140) رشدها, لتسحب اذيالها من وحل دستور الفتنة.
25 / 12 / 2018