لا شك إن القلق الكردي (السوري) مشروع ومبرر، لأن الجميع يتربص بهم وخاصة بالإدارة الذاتية وقوات الحماية الشعبية الباسلة، ومن ضمنهم هؤلاء بعض الأطراف الكردية السورية والعراقية والتركية للأسف الشديد.
ولا يحسد حزب الإتحاد الديمقراطي- الجناح السياسي لقوات (ي ب ك)، على وضعه الحالي، الذي وضعته فيه ترامب وجزء من إدارته الغير مسؤولة، بسبب عزمه سحب قوات بلاده من شرق الفرات، ونتيجة القرار الغير مفهوم والمتسرع، فتح الباب على مصرعيه أمام خصوم أمريكا والكرد، ليتهيأوا للإنقضاض على الكرد الذي لا حليف لهم سوى زنودهم ودمائهم الذكية.
والخيارات أمام الكرد ضئيلة وكلها سئة، ولا أريد أن أكون في مكان الإخوة في قيادة (ب ي د)
وقيادة (ي ب ك)، لأن الظرف حساس للغاية، وأي تقدير خاطئ مكلف جدآ لشعبنا الكردي، الذي ضحى بالغالي والنفيس من أجل ينال حريته ويحرر تراب غرب كردستان، من ديريك حمكه وإنتهاء بتراب عفرين الجريحة.
وبرأي هناك خيارين وكليهما سيئين هما:
الخيار الأول:
أن تتفق الإدارة الذاتي ومن خلفها (ي ب ك)، مع النظام السوري برعاية روسية، يتم بموجبها السماح لقوة معينة من قوات النظام بالمتمركز على النقاط الحدوية، لمنع تركيا من شن واسع المدى على شرق الفرات، وعلى أن يشمل هذا التواجد المناطق الحضرية ككوباني وسريه كانية وغريه سبي وعمودا، لكي لا يستطيع الأتراك من تهجير السكان الكرد من مدنهم، وجلب مطرفي الإخوان المسلمين وجبهة النصرة والبقية الباقية، وإسكانهم في تلك المدن بهدف تغير ديمغرافية المنطقة، كما فعلوا بمنطقة عفرين قبل عدة أشهر، مثلما شاهدنا. وهذا الخيار هو أقل تكلفة إن وافق النظام على ذلك.
ولكني واثق بأن النظام السوري لن يوافق على ذلك، إلا إذا أن أحس بأن الخطر التركي جدي، وستضيع عليه هذه المنطقى الغنية بالنفط والغاز والماء والمحاصيل الزراعية، عندها يمكن أن يوافق على مثل هذا الطرح. النظام يريد مقابل ذلك، عودته الكاملة أي كما في السابق قبل الثورة بقده وقضيضه، وليس في ذهنه أية حقوق سياسية أو قومية للكرد، فما بالكم بإقليم فدرالي ودسترت ذلك؟
الخيار الثاني:
وهو خيار المقاومة والدفاع عن الذات في حال شنت تركيا هجومآ على المنطقة الكردية بشرق الفرات إلى الرمق الأخير. وهذا الخيار له عواقب كثيرة منها عدد الضحايا الذين يقعون، وعمليات التهجير والتغير الديمغرافي القصري الذي سيرافق ذلك من قبل الأتراك وإرهابي المعارضة السورية، التي تأتمر بأوامر أنقرة وأجهزة مخابراتها.
والنقطة الثانية، الكرد محاصرين من كل الجهات، بما فيها جهة جنوب كردستان، التي يتحكم بها زلمة تركيا الملا مسعود وأيتامه في الأنكسة، الذين يتقاضون رواتب ثابة من الميت (جهاز الأمن) التركي.
والنقطة الثالث في هذا الخيار، ضعف الإمكانيات العسكرية، قلة الزخائر، عدم إمتلاك المقاومين
الكرد للصواريخ المضادة للطيران الحربي والمدرعات والمناظير الليلية، ومعدات قتالية إخرى كثيرة. إلى جانب ذلك الكردلا يملكون السلاح الحديث والنوعي، كي يستطيعون مجابهة المحتلين والغزات الأتراك الأوغاد.
وبناءَ عليه، على القيادة أن لا تتسرع في قرارها، ولا تتخوف ويصيبها حالة من الهلع، لأن ذلك سيكون مدمرآ للغاية لنا الكرد. ولا أظن القوى الإقليمية ومعهم الروس سيطلقون يد تركيا، بغزو المنطقة بهذه السهولة، ليس حُبآ بالكرد ولكن من أجل مصالهم السياسية والإستراتيجية الهامة في سوريا.
لأن سيطرة الأتراك على شرق منطقة شرق الفرات، يعني إدامة النزيف السوري، وتقوية شوكت تركيا الإخوانية بقيادة أردوغان، وهذا ليس في صالح إيران والروس، الذين إستثمروا كثيرآ في النظام من أجل الحفاظ على مصالحهم في سوريا، وكلا البلدين يعاني من مشاكل إقتصادية ومالية ضخمة، وخاصة بعد فرض واشنطن عقوبات إقتصادية ومالية قاسية على البلدين.
ولا أظن بأن الأمريكان سيخلون الساحة السورية تمامآ لروسيا وإيران، التي يحاسرها ترامب من كل جهة، لإرغامها على تغير سلوكها وإنهاء وجودها في سوريا. إذا الأمر معقد وليس سهلآ كما يبدو من الوهلة الأولى.
في النهاية على القيادة الكردية، أن توازن بين جميع الخيارات وتختار الخيار الأقل سوءً وتكلفة وكان الله في عون الكرد.
25 – 12 – 2018