.
المكان في ميناء ألخيسيدراس الإسباني في نيسان/ أبريل 2018، حيث ضبطت تسعة أطنان من المخدرات في ذات يوم، وهي أكبر كمية من الكوكائين في أوروبا تمت مصادرتها في حاويات، بحسب وزير الداخلية الاسبانية. وقُدرت القيمة السوقية لهذه المخدرات المُصادرة بحوالي نصف مليار يورو على الأقل. وفي العادة يصادر المحققون كميات من المخدرات تأتي في معظمها من أمريكا الجنوبية. ولكن الكميات المُصادرة من قبل المحققين ضمن صناديق الموز تًصيب مدمني الكوكايين في أوروبا بضربة كبيرة:
استمرار تدفق الكوكائين
ارتفاع كميات المخدرات المُصادرة يكشف عن ظاهرة يصفها محققو الجمارك والشرطة الألمان باسم “تسونامي القادم من أمريكا الجنوبية”. وعلى مدار سنوات يتم ضبط المزيد من الكوكائين بشكل متكرر في جميع أنحاء العالم. وفي عام 2018 أيضاً، ازدادت الكمية مرة أخرى، ويتضح من التقييم الداخلي للمكتب الاتحادي للشرطة الجنائية، الذي قدم نتائج ذلك التقرير لإذاعة شمال ألمانيا (NDR) .
ووفقا للتقرير، تم ضبط 608 طناً من الكوكائين في جميع أنحاء العالم بحلول تشرين الثاني/ نوفمبر من هذا العام. ومن المعروف أنه لن يتم الإعلان عن الكثير من المُصادرات حتى العام المقبل، يرى المكتب الاتحادي للتحقيقات الجنائية أنه من الممكن تماماً أن تتجاوز الكميات المُصادرة لهذا العام الـ 639 طناً تمت مصادرتها السنة الماضية (عام 2017). كريستيان هوبي يدير قسم مكافحة المخدرات في المكتب الاتحادي للتحقيقات الجنائية، قال في حديثه لإذاعة شمال ألمانيا (NDR): “إن سبب استمرار تدفق الكوكائين يكمن “في المقام الأول في حجم الإنتاج الكبير في دول مثل كولومبيا وبيرو وبوليفيا”. إضافة إلى ذلك، يرى هوبي أنه يتم إنتاج الكوكائين بشكل كبير اليوم، حتى أنه يمكن حصاد كميات أكبر من الكوكائين اليوم مقارنة بالسنوات القليلة الماضية.
ارتفاع درجة نقاوة المخدرات والجريمة المتزايدة
وفقا لدراسة حديثة أجراها مركز الرصد الأوروبي للمخدرات والإدمان (EMCDDA) ، فقد أدى التدفق المستمر للكوكايين إلى زيادة مطردة في درجة نقاوة المخدرات لدى الباعة المتجولين وبالسعر نفسه.ووفقاً للمعلومات الواردة في تقرير إذاعة شمال ألمانيا (NDR)، يتوقع المكتب الجنائي للجمارك انخفاض أسعار بيع الكوكائين بالجملة.
ويحذر أليساندرو بيرونا من مركز الرصد الأوروبي للمكافحة والإدمان، من أن تقتحم المنافسة المتنامية سوق الكوكائين في أوروبا أيضاً، ويقول: “نحن نشهد أعمال القتل والخطف، والعنف ضد الشرطة والترهيب من قبل عمال الموانئ.” وحتى الآن، فإن بلجيكا وهولندا على وجه الخصوص هما محور العصابات الإجرامية. ويعد كلا البلدين، من خلال موانئهما في روتردام وأنتويرب، البوابة الرئيسية للكوكائين في أوروبا منذ عدة سنوات. غير أن هوبي، من المكتب الاتحادي للتحقيقات الجنائية يرى أن الخطر يكمن في المنافسة المتنامية بين مختلف الشبكات الإجرامية، والتي يمكن أن تؤدي أيضاً إلى المزيد من العنف في ألمانيا. على سبيل المثال في المنافسة “الشديدة” تعرض عمال الموانئ للتهديد أو الفساد أو العنف أثناء عمليات تسليم الكوكائين.
الاتجار بالمخدرات بداية لجرائم أخرى
اليوم يهيمن على سوق الكوكائين في أوروبا شبكات إجرامية مختلفة، وتعد الشبكات الإجرامية من غرب البلقان والمغرب، أبرز الشبكات الإجرامية الموجودة حالياً إلى جانب الشبكات الألمانية. بالإضافة إلى ذلك، تم خلال حملة مداهمة دولية ضد المافيا الإيطالية في بداية كانون الأول/ ديسمبر، من أعضاء مشتبه بهم في شبكة N’Drangheta الإجرامية حوالي أربعة أطنان من الكوكائين.
وقال هوبي أنه ينبغي التوضيح، أن المليارات من أرباح المخدرات لن تُستخدم فقط لدفع ثمن أساليب الحياة المكلفة لبعض المديرين التنفيذيين. بل إن الاتجار بالمخدرات هو بمثابة “عامل مساعد” إلى جرائم أخرى، مثل الاتجار بالبشر والسطو وغسل الأموال. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأرباح غير القانونية ستصل أيضاً إلى الاقتصاد القانوني وتقوضه، على حد قول هوبي.
المزيد من الكوكائين في مياه الصرف الصحي
لم يعد الكوكائين في ألمانيا المخدر الخاص بالنخبة. فبالنظر إلى تقارير اخصائيي الإدمان عن المتعاطين من جميع طبقات المجتمع، يتم تعاطي المسحوق من قبل الطلاب وعمال البناء بالإضافة إلى المصرفيين والفنانين. ووفقا لمعلومات من تقرير إذاعة شمال ألمانيا (NDR)، صادر محققو الجمارك ورجال الشرطة في ألمانيا حوالي 5 أطنان من الكوكائين هذا العام. مقارنة بالسنة السابقة، والتي تم خلالها تسجيل نتائج قياسية، فإن هذا يعد انخفاضاً في الكمية المُصادرة. لكن مقارنة مع جميع السنوات السابقة، لا تزال هذه الكمية عند مستوى عالٍ.
وتُظهر مقارنة عينات للمياه المجمعة على مستوى أوروبا من عشر مدن رئيسية مختلفة، بما في ذلك برشلونة و أنتويرب وباريس وأوسلو، زيادة كبيرة في منتجات تحلل الكوكائين منذ عام 2015. وبحسب أليساندرو بيرونا، يمكن تفسير هذه الزيادة بطرق مختلفة، ولكن العديد من العوامل تشير إلى أن منتجات الكوكائين يتم استهلاكها وتدخينها من قبل المزيد من المستهلكين اليوم. ولهذا من الضروري بحث هذا الموضوع بشكل أفضل.
وبما أن تجار المخدرات يعملون بشكل متزايد على الصعيد الدولي، فإنه يتعين على سلطات تنفيذ القانون التصرف وفقا لذلك، كما يقول المحقق كريستيان هوبي، من المكتب الاتحادي للتحقيقات الجنائية، والذي يرى أنه :”قد حان وقت مواجهة الشبكة الدولية للمجرمين، عن طريق شبكة سلطات تطبيق القانون، الأمر الذي يسهل من تبادل المعلومات في الوقت المناسب واتخاذ التدابير اللازمة في البلد”.