“امتى شهر ايار يخلص، “سنة مايو الكبيسة” هذه العبارات التي تم تداولها على شكل صور مضحكة عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي انتشرت في الفترة الماضية نتيجة شعور البعض بأن شهر أيار طويل للغاية، خاصة بعد مرور الكثير من الأحداث خلاله، بداية من شهر رمضان الكريم مروراً بعيد الأضحى حتى الدخول في الامتحانات وغيرها الكثير.
وتتداخل مجموعة من العوامل النفسية التي تدفع إلى هذا الشعور، سواء كان الشعور بطول الشهر أو حتى قصره ومرور الأيام سريعة، وبما يجعل الفرد يشعر بأن الأيام تمضي أسرع أو أبطاً من المعتاد تبعاً لتلك العوامل، دون أن يدري السبب وراء ذلك الشعور ومدى ارتباطه بهذه العوامل بشكل مباشر.
ونقلا عن موقع “سكاي نيوز عربية”، يُحدد الاستاذ الباحث بقسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة كاليفورنيا الجنوبية، “ألبرت سكيب ريزو“، 6 عوامل رئيسية يُمكن أن تُسهم في إدراك المرء للوقت، بما في ذلك التجارب النفسية.
وبمزيدٍ من التفصيل، يشرح الأكاديمي المتخصص في العلوم السلوكية كل عاملٍ من تلك العوامل على حدة، ومدى تأثيره في الشعور بمرور الأيام سريعة أو بطيئة تبعاً للحالة النفسية للأفراد، وكذلك مدى تأثير ضغوطات العمل ومستويات النشاط الفعلي على إدراك طبيعة تحرّك الوقت.
أولاً: العدد الفعلي للأيام
يوضح ريزو أول و”أبسط” تلك العوامل في “المعنى الحرفي” لطول الأيام، ذلك أن ثمة بعض الأشهر بالفعل أطول من غيرها، فشهر شباط 28 يوماً هو الأقصر على الإطلاق بين شهور السنة، بينما تحتوي الأشهر الأخرى على 30 أو 31 يوماً. هذا الاختلاف بطبيعة الحال قد يجعل الشهر يبدو أطول أو أقصر على حسب عدد الأيام.
هناك 7 أشهر تحتوي على 31 يوماً (هي كانون الثاني اذار أيار تموز وأب وتشرين الأول وكانون الأول) ومن البديهي أن يتسرب شعور لدى الفرد بأنها الشهور الأطول من حيث العدد الفعلي للأيام مقارنة بباقي الشهور، وهذا العامل المباشر والأبسط لمسألة إدراك الوقت في هذا السياق.
ثانياً: مستويات النشاط
ثاني تلك العوامل مرتبط بـ “مستويات النشاط”، ذلك أنه “يمكن أن يتأثر إدراك الوقت بمدى انشغال الشخص أو نشاطه”، فشهر مليء بالأنشطة والأحداث والعمل يمكن أن يُشعر المرء بمدة أطول، لأن هناك المزيد من الذكريات والتجارب معبأة فيه.
لكن على العكس من ذلك، قد يبدو أن الشهر الذي يكون لدى الشخص فيه القليل من العمل والنشاط والأحداث المتتالية يمر بسرعة أكبر عن المعتاد.
ثالثاً: الحالة العاطفية
طبقاً للأكاديمي المتخصص في العلوم السلوكية، فإنه يمكن أن تؤثر الحالات العاطفية للناس أيضاً على إدراكهم للوقت، فإذا كان الشخص يمر بفترة صعبة (تؤثر عليه عاطفياً ونفسياً)، فقد يبدو أن الوقت يمتد وبما يجعل الشهر يبدو أطول من غيره من الشهور. ومن ناحية أخرى، قد يبدو أن شهراً مليئاً بالبهجة والإيجابية يمر بسرعة.
رابعاً: التأثيرات الموسمية
يضيف الاستاذ الباحث بقسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة كاليفورنيا الجنوبية، إلى العوامل الثلاثة المذكورة عاملاً رابعاً وهو “التأثيرات الموسمية”، إذ يمكن أن يكون للمواسم أيضاً تأثير على إدراك الوقت.
ويقول إنه يمكن أن يشعر المرء خلال أشهر الشتاء بأنها أطول بسبب ساعات النهار الأقصر، والمزيد من الوقت الذي يقضيه في الداخل بسبب الطقس البارد. وعلى العكس من ذلك، قد تبدو أشهر الصيف أقصر بسبب زيادة ساعات النهار والمزيد من الأنشطة في الهواء الطلق، والتي ربما تجعل اليوم يمر سريعاً.
ويُمكن أن يرتبط ذلك على حسب الشخص ومدى نشاطه في تلك المواسم.
خامساً: المستجدات (التجارب الجديدة)
في تحليل ريزو، يمكن للتجارب والبيئات الجديدة أن تجعل الوقت يبدو وكأنه يتباطأ. لذلك فإذا كان الشهر مليئاً بالكثير من التجارب الجديدة أو التغييرات الجديدة فإنه قد يبدو أطول من غيره من الشهور.
مثال للتوضيح: خوض الفرد تجربة عمل جديدة في بيئة مختلفة، يُمكن أن يدفعه إلى الشعور بامتداد الوقت ومرور الأيام بطيئة حتى انتهاء الشهر الأول، إلى أن يألف الوضع الجديد ويعتاده.
سادساً: التوقع أو الانتظار
وبخصوص العامل السادس “التوقع والانتظار”، يقول الاستاذ الباحث بقسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة كاليفورنيا الجنوبية: “إذا كنت تنتظر بفارغ الصبر شيئاً ما في المستقبل، فغالباً ما تشعر بأن الوقت الذي يسبقه يطول”.
ويضيف: “أحد الأمثلة في مجال خبرتي يتضمن ظاهرة يشار إليها باسم (ضغط الوقت) حيث إن مرضى سرطان الثدي على سبيل المثال، الذين استخدموا الواقع الافتراضي لإلهاء أنفسهم أثناء حقن العلاج الكيميائي، قللوا من تقدير الوقت الذي كانوا فيه في غرفة الحقن.
وتبعاً لذلك، قد يُبلّغ شخص ما قد يكون قد حصل على حقنة كيمائية لمدة 78 دقيقة، أنه قد قدر الوقت بـ 43 دقيقة فقط في المتوسط.