السبت, ديسمبر 21, 2024
Homeاراءالإبادة الجماعية مستمرة ديناميات وأبعاد وفواعل الانقسام في المجتمع الايزيدي ح3: د.خليل...

الإبادة الجماعية مستمرة ديناميات وأبعاد وفواعل الانقسام في المجتمع الايزيدي ح3: د.خليل جندي

تقييم كتاب:
انتماء الايزيديين للأحزاب السياسية
إذا كانت البيئة السياسية للفترة من 1963-2003 محكومة باستقطاب بين حزب البعث والحركة التحررية الكردية، فانه “بعد انهيار ثورة أيلول 1975 ظهرت في كردستان عديد من الأحزاب السياسية ناهيك عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، فتأسس الاتحاد الوطني والحزب الاشتراكي وحزب الكادحين والحزب الشيوعي ذو التاريخ العريق في كردستان (…) وانتمى الايزيديون إلى هذه الأحزاب” (ص 76). هذا فضلاً عن “تأسيس أحزاب ايزيدية سياسية متنافسة في الفكر والايديولوجيا كرس الانقسامات المجتمعية أكثر وخلق العداوات الشخصية بين رؤساء العشائر والشخصيات الاجتماعية”. والأسواء من كل ذلك وعمّق الصراعات والخلافات داخل المجتمع الايزيدي، هو كسب الأحزاب الكردية للكثير من رؤساء العشائر والشخصيات الايزيدية الذين كانوا أعضاء في حزب البعث للاستفادة منهم وتوظيف خبراتهم التنظيمية لصالحهم. (ص 77)
وعند عام 2014 يدخل لاعب جديد على الساحة الايزيدية، وهو حزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي يمارس نفوذه القوي على الايزيديين بعد تدخله لإنقاذ المحاصرين في جبل سنجار في الأسابيع الأولى من غزو تنظيم داعش للمنطقة. ويواصل الحزب طموحاته السياسية من خلال دعم إنشاء وحدة إدارية تسمى “الإدارة الذاتية لسنجار” وكذلك “مجلس سنجار الايزيدي”، ويطرح سردية محددة “تربط بين الزرادشتية والإيزيدية” كون “أصل كل الأكراد هو الإيزيدية وأصل الإيزيديين هو الزرادشتية”. ويهتم هذا الحزب “بإحياء دين اختفى منذ 15 قرناً من المنطقة (الزرادشتية) بين الأكراد والإيزيديين على حد سواء، وتقديمه كمظلة لتوحيد المقاتلين حول محور انتماء واحد لكل الأكراد.” ويهدف هذا النهج إلى التغلب على الصلة العميقة بين الأكراد والإسلام، وخلق رابط طويل الأمد وعميق الجذور بين الأكراد والحيز الذي يعيشون فيه” (ص 47)
ان ظهور هذه الأحزاب، والحشد الشعبي فيما بعد عام 2014، يسهم بمزيد من الانقسام داخل المجتمع الايزيدي، و “كرست التربية والماكينة الإعلامية الحزبية في مناطق الايزيدية في ذهنية الفرد الايزيدي أنّ الحزب هو الهدف وليس المجتمع الايزيدي المنقسم على نفسه” (ص 76)
ويعد الاقتصاد السياسي أحد ديناميات الانقسام داخل المجتمع الايزيدي، ففي حين كان غالبية الايزيديين يعتمدون في اقتصادهم على الزراعة ورعي المواشي كمصدر معيشة لهم، إلاّ أنه بعد سقوط النظام عام 2003 “ينخرط معظم الايزيديين في العمل السياسي ضمن صفوف الأحزاب الكردية بصفة: مؤيدين، كوادر، معلمين ومحاضرين في المدارس الكردية، قوات البيشمركة (التابعين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، الديمقراطي بالدرجة الأساس)، الأسايش (قوات الأمن)، مقابل الحصول على مصدر معيشي يمكنهم عن طريقه اعالة أسرهم”. أما “سكان المنطقة الذين لم يركنوا هذا الخيار أو لم يحصلوا على فرصة أو مكسب مادي من الأحزاب الكردية، يلتحقون بصفوف قوات الأمن العراقية” (ص 70-71) وقسم آخر يلتحق بقوات الحشد الشعبي الشيعي. ولا ننسى انه بعد انتكاسة الحركة الكردية المسلحة عام 1975 في كردستان العراق وإقدام نظام البعث على تهجير القرى الايزيدي عام 1975 وحصرهم في مجمعات سكنية، سواء في (ولات شيخ أو سنجار) وفقدان السكان لمصادر عيشهم، يدفع آلاف الايزيديين إلى العمل كعمال بلديات خاصة في الموصل، ويقودهم ذلك أن يكونوا مؤيدين أو منتمين لحزب السلطة.
ارتباطاً، أو تكملة، لديناميات الاقتصاد السياسي كأحد أسباب الانقسام داخل المجتمع الايزيدي، يأتي البعد الداخلي السياسي، أو السايكولوجي ان شئت، لتكملة حالة هذا الانقسام. فإن فقدان ثقة الفرد الايزيدي بنفسه، وخوفه من هاجس مؤامرة الآخرين ضده (الفرمانات) يجعله لا يثق بالمؤسسات التي يعيش في ظلها، فيلجأ إلى العشيرة والدين، وبسبب عدم ثقته بالمؤسسات القانونية، لا يلجا إلى القانون، بل إلى الوساطة والعلاقات الشخصية والتقرب إلى أصحاب الشأن لحل مشاكله. ان سايكولوجية عدم الثقة بالذات وبالمحيط الاجتماعي يتم توظيفها من قبل الأطراف السياسية بغرض السيطرة على المجتمع الايزيدي وتوجيهها بما يخدم مصالحهم. وان “تدخل الأحزاب في الشأن الايزيدي الديني قد عمل على تصدع ثقة المجتمع بزعاماته التقليدية، ذلك ان تدخل الأحزاب السياسية في اختيار المناصب الدينية والدنيوية كمنصب الأمير والبابا شيخ، ساهم في فقدان ثقة شرائح عديدة من المجتمع الايزيدي بالمجلس الروحاني وبمنصب الأمير والبابا شيخ” (ص 73-74) حيث إن وحدة الرأي الايزيدي لا تخدم مصالح عديد من الأطراف.
يجب عدم نسيان البعد الدولي والإقليمي للصراع منذ احتلال بريطانيا للعراق وحتى غزو داعش لسنجار، فقد أصبحت سنجار بالذات منطقة تقاطعات دولية في عقبة الانتداب البريطاني للعراق، وظلت محط صراع وقلق بالنسبة للحكومات العراقية المتعاقبة بسبب موقعها الجيوسياسي، لذا “تعد دراسة انضمام الايزيديين للدولة الناشئة في العراق عام 1921 ضرورة لفهم المأزق الذي يواجهونه اليوم، لا سيما بعد أن تمزقت هذه الدولة في مغامرة استمرت مائة عام (…) وكان الايزيديون محط صراع قوى ثلاثي تركي- فرنسي- بريطاني حول مناطقهم (…) وكان ذلك مدعاة لانقسامات داخل المجتمع من خلال التحرك الدولي لجذب زعاماتهم واستقطابها في لعبة الدولي الكبرى لتقسيم الشرق الأدنى (…) فقبل مائة عام كان الأتراك في الشمال، والبريطانيون داخل العراق، فضلاً عن الفرنسيين في الغرب، يمثلون ثلاث قوى تتنازع النفوذ على ايزيديي سنجار، لقد تغيرت بعض أسماء القوى لكن مشهد الصراع ما يزال ماثلاً في استمرارية مسار التاريخ في دائرة الاستقطاب المتجدد” (ص 84-85)، واليوم زاد عنصر أخر على مشهد الصراع ألا وهي إيران وطرح “طريق السبايا” الذي يمر عبر سنجار، فهل هو حصان طروادة إيراني؟ (ص 97). فهل نحن أمام تغيير ديمغرافي لمنطقة سنجار، تلتحق بتغيير ديمغرافية الشيخان!
تتبع الحلقة الرابعة (خريطة طريق وتوصيات لمعالجة الانقسام)
RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular