لغة التهديد والتصعيد في لغته ونمطه ولاسيما في فترات الازمات والاحساس بالضعف، هي من المميزات التي تحلى بها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية طوال العقود الاربعة المنصرمة خصوصا وإنه يوحي في کثير من الاحيان بأنه سيخلط الحابل بالنابل ويقلب عاليها سافلها في المنطقة ويدمر کافة مصالح الدول الکبرى فيها، هذا الاسلوب الذي لم تکف عنه طهران ولاتزال تواظب عليه بمنتهى الحرص، أشبه مايکون بالدخان الذي تعمل على تغطية المنطقة والعالم ولکن من دون أن نجد من أي أثر للطبيخ الذي تصاعد عن ناره ذلك الدخان!
“ليست لديهم الشجاعة أو القدرة على اتخاذ أي إجراءات ضدنا. لدينا قدرات كافية للتصدي لتحركاتهم وتدربنا بشكل كامل على ذلك”، هذا ماقد صرح به قائد البحرية الايرانية حبيب الله سياري، وهو إستعراض للقووة يأتي بعد قرار الانسحاب الامريکي المفاجئ من سوريا والذي کما يبدو إنه يقرأه ويفسره بسياق قد لايتفق أبدا مع السياق الذي قد قرأه وفسره المراقبون والمحللون السياسيون، ذلك إن سياري يعتقد بأن إنسحاب واشنطن من سوريا قد يعني التمهيد لترك طهران وشأنها وهو تصور أبعد مايکون عن الحقيقة والواقع ذلك إن معظم المٶشرات تدل على إن واشنطن تسعى من أجل التفرغ للملف الايراني على أمل حسمه في العام 2019.
هل حقا إن النظام الايراني لايأبه أو يکترث لقدوم حاملة الطائرات “يو اس اس جون سي ستينيس” الخليج يوم الجمعة الماضي والذي يتزامن مع قرار الانسحاب الامريکي المفاجئ من سوريا؟ وهل حقا إن هذا النظام يستعجل المواجهة والاصطدام مع الامريکيين؟ ليس هناك من يمکن أن يجيب بنعم على السٶالين، مثلما إنه ليس هناك من يثق بالتهديدات”العنترية”للقادة والمسٶولين الايرانيين ضد واشنطن، بل يبدو واضحا جدا بأن طهران تقف حاليا وهي تترقب والخوف يهيمن عليها، ولاسيما وإنه ليس هناك أية أرضية أو أجواء مناسبة تسمح للنظام الايراني بخوض حالة حرب ومواجهة مع أکبر قوة عظمى في العالم.
هل هناك من يعتقد بأن النظام الايراني وفي أوضاعه وظروفه الحالية المتداعية على بعضها والتي تشهد وتٶکد کلها بأنه على أسوء مايکون، على إستعداد لخوض مواجهة ضروس ضد الولايات المتحدة الامريکية؟ من الواضح جدا إن النظام الايراني يحاول دائما الاستفادة من عاملين في الحالات والاوضاع الاستثنائية التي تواجهه، أولهما هو السعي للإستفادة من العامل الزمني من خلال إطالة وإدامة فترة التهديدات والتحديات التي تسبق المواجهة الى أبعد حد، والثاني هو العمل من أجل إعداد سيناريو تنازل يمکن للنظام أن يمسح به ماء وجهه، ولکن هل ستستمح إدارة ترامب المعروفة بتشددها البالغ مع النظام الايراني بذلك؟
زيارة ترامب الخاطفة للعراق الملفتة للنظر وإطلاقه من هناك تصريحا خاصا ضد طهران، تدل على إن واشنطن ماضية في سبيلا حساباتها بشأن الاوضاع في إيران، أما الاخيرة، فإنها کانت وستبقى على عادتها بإثارة دخان التهديدات النارية ولکن من دون أي طبيخ!