اتضح أن اللب الداخلي الصلب لكوكبنا ليس سلسا ولا متساويا، بل تم تركيبه مثل “نسيج من القماش” وفقا للباحثين الذين حللوا آلاف الزلازل التي ترتد عن مركز المعدن الصلب للأرض.
وبقياس هذا التشتت الخلفي على شبكة عالمية من أجهزة الاستشعار، يقول الباحثون إن النتائج التي توصلوا إليها توفر “نظرة ثاقبة جديدة” حول كيفية نمو اللب الداخلي للأرض وترسيخه بمرور الوقت. ويكشف عملهم أيضا أن التموجات في “نسيج” اللب الداخلي تصبح أكثر وضوحا كلما تعمقت الموجات الزلزالية في قلب الأرض الداخلي.
ولطالما اشتبه العلماء في أن اللب الداخلي للأرض يحتوي على طبقات من بلورات الحديد تخلق حبيبات مثل تلك التي تظهر في الخشب حيث يتصلب الحديد على أعماق أكبر.
لكن الاختلافات الطفيفة في الموجات الزلزالية التي تنتشر 2900 كيلومتر (حوالي 1800 ميل) إلى اللب الداخلي لا يمكن قياسها بأي أداة واحدة.
وفي هذه الدراسة، استخدم عالم الجيولوجيا بجامعة كورنيل، غوانينغ بانغ، وزملاؤه البيانات الزلزالية من شبكة عالمية مكونة من 20 مجموعة من مقاييس الزلازل المصممة لاكتشاف الإشارات الصغيرة من الانفجارات النووية تحت الأرض.
وكانت المحاولات السابقة لرسم خريطة اللب الداخلي، التي نشرها بانغ وغيره من علماء الزلازل، قد نظرت فقط في البيانات من مجموعة زلزالية واحدة، أو بقع من اللب الداخلي.
ومن خلال عدم التجانس، يعني بانغ أن اللب الداخلي للأرض ليس كتلة واحدة موحدة، ولكنه مليء بالملمس الذي يعمل كسجل لكيفية تشكله – وقد يتطور في ظل قوى ديناميكية وعزم دوران مستدامة.
وقام الفريق بتحليل البيانات الزلزالية من حوالي 2455 زلزالا كانت قوية بما يكفي للانعكاس من لب الأرض الداخلي والعودة إلى السطح مع تغيرات يمكن اكتشافها في موجاتها.
ويوضح عالم الزلازل بجامعة يوتا ومعد الدراسة كيث كوبر: “هذه الإشارة التي تأتي من اللب الداخلي صغيرة جدا. الحجم هو في حدود نانومتر. لذلك من الصعب جدا رؤية الأصداء وانعكاساتها في البيانات الزلزالية”.
ومن هذه القراءات ، قام كوبر وبانغ وزملاؤه بتجميع خريطة ثلاثية الأبعاد تمثل القوة النسبية للموجات الزلزالية المنتشرة في لب الأرض الداخلي، وكشفوا عن التموجات التي يقل عرضها عن 10 كيلومترات.
وأصبحت هذه المخالفات أكثر وضوحا تجاه المركز، وتشتت الموجات الزلزالية أكثر بمجرد مرور 500 إلى 800 كيلومتر تحت الحد الفاصل بين لب الأرض الداخلي والخارجي.
ويشير هذا النمط إلى أن اللب الداخلي للأرض قد مر بفترة من النمو السريع، ثم بدأ ببطء في التصلب في الكتلة الصلبة المكونة من الحديد في الغالب التي نعرفها اليوم.
وكتب الباحثون في ورقتهم المنشورة، أن بعض الحديد السائل ربما يكون محاصرا في أعمق الأعماق و”سيتجمد لاحقا في الوقت المناسب، ومن المفترض أن يؤدي إلى نسيج مميز مقارنة بالجزء العلوي من اللب الداخلي”.
وفي حين أننا قد نقدر بشكل أفضل المشهد الداخلي المعقد الذي يترسب عميقا تحت أقدامنا، فإن المهمة لم يتم إنجازها بعد لعلماء الجيولوجيا مثل بانغ وكوبر.
نُشرت الدراسة في مجلة Nature.
المصدر: ساينس ألرت