ألتهبت مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الاعلام، في متابعة تفاصيل الزيارة السرية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى قاعدة عين الأسد في العراق، وكرر علينا جليل قوله بأنه يقف الى جانب الموقف الرافض للطريقة التي تمت بها الزيارة لكونها غير طبيعية وتؤشر الى انتقاص واضح من السيادة العراقية، وهذا يلقي على عاتق القوى الوطنية مهمة العمل الجاد لتهيئة مستلزمات إنهاء وجود القوات الأجنبية في بلادنا، واحترام سيادة العراق من أي دولة أخرى.
قالت سكينة: اعتقد إن احترام سيادة العراق مطلوبة من أي دول أخرى، وهذا عندي يعني أيضا رفض أي تدخل خارجي في الشأن العراقي الداخلي.
كان صديقي الصدوق أبو سكينة صامتا، لم يشاركنا الحديث واكتفى بالسماع. حين سالت أم سكينة زوجتي عن برامجنا للاحتفال بنهاية السنة واستقبال السنة الجديدة، رفع رأسه وسعل عدة مرات مبديا اهتماما اكثر بما صارت تحكيه سوزان أبنة جليل عن الأصوات التي دعت الى عدم جواز الاحتفال برأس السنة أو تقديم التهنئة للمسيحين.
قالت زوجتي: ان أصحاب هذه الدعوات يتناسون ان المسيحين كمواطنين عراقيين لهم السبق في وجودهم التاريخي في بلادنا، فهم أبناء واحفاد الكلدان والاشوريين وبناة الحضارات الأولى على ارض الرافدين.
حاولت المساهمة في الحديث فقلت : ان هذه المواقف تعزز من خطاب الكراهية والفتنة الطائفية وعدم قبول الاخر، فأصحابها يتناسون التنوع الذي يمتاز به الشعب العراقي والذي يجب ان يكون مفخرة وقوة للوطن.
سعل أبو سكينة فالتفتنا جميعا اليه، فقال مخاطبا الجميع: أتذكر حديثا موثقا عن الشهيد البطل حسين محمد الشبيبي (صارم)، وهو ابن احد ابرز بيوتات مدينة النجف مجدا ووجاهة، اذ قدم للعراق مجموعة من علماء الدين المتنورين والمناضلين، ووالده الشيخ محمد الشبيبي عضو مجلس السلم أبان العهد الملكي وصاحب المنبر الحسيني المشهور في شارع الخورنق، حيث حث الشهيد رفاقه وهم نزلاء في السجن معه، على احياء المناسبات الدينية مهما كانت لأنها حسب تعبيره أصبحت مناسبات شعبية، فيحق لكل مواطن، المشاركة فيها واحيائها،لادامة ألاواصر بين أبناء الوطن الواحد. هذا من جانب، ومن جانب اخر، ان هذه المواقف اجدها مجحفة بحق وحدة الدم العراقي، فلقد قدم المسيحيين ومثلهم الايزيدين والمندائين وغيرهم من ديانات أخرى، التضحيات الغالية للخلاص من ديكتاتورية البعث الشوفيني، وثم من عصابات داعش الدموية الإرهابية. ان هذه الأصوات عندي هي التي تنتقص من روح السيادة الحقيقية للوطن وللشعب، وهي الأخطر ويجب التصدي لها بحزم وبمختلف الوسائل، والا فهم مثل الداعشي الاثول المحشش الذي وضع العبوات الناسفة المدمرة في الطابق الأسفل للبناية وصعد ليختبأ في الطابق الأعلى .
* طريق الشعب العدد 96 ليوم الاثنين 31 كانون الأول 2018