لنتصور جميعاً ردّ فعل والدين يشاهدان احتضار فلذة كبدهما بين أيديهم؟! من الطبيعي يعملان المستحيل ويلجأن الى جميع الوسائل من أجل إنقاذه. هذا المثل ينطبق على واقعنا الايزيدي حالياً؛ فمجتمعنا يتشرذم ويتفكك ويتجه نحو مصير ومستقبل مجهول. ففي سوريا بقسميه الجزيري والعامودي والعفريني، لم يبق غير بضع آلاف ايزيدي على أرض الوطن. وفي تركيا من سرحد وديار بكر الى ماردين وويران شهر، لم يبق غير بضع مئات على أرض الآباء والأجداد. وفي أرمينيا وجورجيا وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي، انتشر الايزيديون في جمهوريات الاتحاد الروسي وقسم كبير منهم رمى بهم الدهر في دول الغرب، وعوائل صفى بهم الدهر في قارة استراليا. أما في العراق فإن مأساة الايزيديين لا توصف، خاصة بعد الإبادة الجماعية التي تعرضوا لها في 3 آب 2014. تلك الإبادة التي ضربت العمود الفقري في شنكال والرمزية التي تحملها عبر التاريخ.
نستذكر من باب التوضيح، وليس من باب النقد والتجريح، لبعض الحقائق؛
أولها: تشكيل العشرات من المراكز والجمعيات والبيوت والمنتديات الايزيدية داخل الوطن وفي المهجر منذ بداية تسعينات القرن الماضي والى وقتنا الحاضر، ورغم أن هذه المراكز والجمعيات والبيوت قدمت مشكورة ما عليها، إلاّ أن معظمهم في الجانب الآخر، اما واقعة تحت سيطرة ورحمة الأحزاب، وبعضها تحولت الى واجهات وأوكار حزبية-أمنية لشراء الذمم وملاحقة المعارضين لسياسة أحزابهم، أو ان البعض الآخر تتحكم بها عشائر وعوائل بحد ذاتها، أو تسيرها شخصيات لمصالحها الذاتية.
ثانيهما: وجود “أمير” أقل ما يقال عنه ضعيف، لا رأي له يحركه هذا الطرف أو ذاك، وبالتالي مستسلم لأوامر حزبية، مع مجلس روحاني مشلول، لا حول ولا قوة له!
ثالثهما: السيدة نادية مراد التي نالت جائرة نوبل للسلام، هذه الجائزة وغيرها تم اهدائها أصلاً إلى الايزيدية وقضيتهم الإنسانية بعد عملية ابادتهم من قبل تنظيم الدولة الإسلامية (داااعش).يبنى الايزيديون على السيدة نادية مراد وجميع حاملي الجوائز الأخرى باسم القضية الايزيدية آمال كبيرة، وينتظرون منهم المزيد من الإنجازات لخدمة القضية الايزيدية، وبإمكانهم جميعاً (بالذات السيدة نادية مراد) أن تقدم الكثير لبني جلدتها وتكون بديلة للكثير من الفعاليات الايزيدية بما فيه دور “الأمير الفاشل”، إلاّ أنها باعتقادنا لم تقوم بدورها المهم المطلوب دولياً ومحلياً بسبب قلة تجربتها ، وتجربة وخبرة بعض أفراد وسطها الاجتماعي ومحدودية ثقافتهم، وانتهازيتهم، الذين احتوها وحجبوا تحركها، كما منعوها من تشكيل هيئة استشارية واسعة النطاق من ذوي الخبرة والكفاءة في المجالات كافة ، لتعتمد عليهم في مهمتها الإنسانية وخاصة من أجل الدفاع عن القضية الايزيدية المشروعة.
نحن في هذه الإحاطة، لا نهدف الى التقليل والحط من قيمة ودور أي كان، بقدر الإشارة الى بعض الوقائع التي يعرفها الايزيديون حتماً. وهنا أيضاً لا نتطرق الى أسباب ودوافع ومسببي الإبادة الجماعية، حتماً سيأتي يوم يحاسب فيه المجرمون، بل نفكر مع جميع شرفاء الايزيدية وأصدقائهم، في إيجاد وسائل وأدوات جديدة تماماً لبناء جدار متين يصد انهيار المجتمع، وينقذه من الانقراض! نفكر في البحث عن آلية فاعلة، وجسم ايزيدي عالمي ومحلي جامع خارج نطاق السيطرة الحزبية والعشائرية والعائلية، وبعيداً عن المصالح الشخصية الضيقة.
في وقتنا الحاضر، الايزيديون، ليسوا بحاجة الى البحث عن الهوية، فهم عند مفصل تاريخي لحماية مجتمعهم وقضيتهم بعد الإبادة الجماعية، تلك القضية التي خرجت من النطاق المحلي الضيق، واصبحت قضية معروفة على النطاق العالمي، خاصة بعد ان اعترفت برلمانات دول غربية عدة بالإبادة الجماعية.
لم يتم تسمية الجسم/الكيان الايزيدي العالمي المزمع إنشاءه لحد الآن، ولم تحدد أهدافه بشكل كامل، ولم يضع برنامجه ونظامه الداخلي بعد، على أمل أن يطرح هذا المقترح على وسائل التواصل الاجتماعي للمناقشة لمدة عدة أشهر، لاستلام الأفكار والمقترحات والآراء ليقود كل ذلك الى تشكيل تنظيم، حركة، لوبي، سمها ما شئت، مختلفة شكلاً ومضموناً وأهدافاً وتنظيماً عن جميع التكوينات والفعاليات الايزيدية الموجودة في الداخل أو المهجر، يكون لهذا الكيان/الجسم الحيوية وروح الاستمرارية لحاضر ومستقبل الايزيدية، والعمل على وقف التدهور الجاري في جسد المجتمع. سوف يكون عماد هذا الجسم جميع الايزيديين الغيارى وذوي الخبرة والكفاءة والنزاهة ورجال الأعمال ورجال الدين المتنورين، والاعتماد خاصة على جيل الشباب، من كل بلدان موطن الايزيدية إضافة الى المهجر، يقسمون على ميثاق شرف العمل بكل اخلاص وتفاني لمصلحة الايزيدياتي فقط، وعدم تسخيرها الى اية جهة أخرى. وبعد المناقشات التي تأخذ عدة أشهر، واستلام الأفكار والمقترحات، يتفق على لقاء 100 الى 150 شخص من كلا الجنسين لعقد مؤتمر رسمي للاتفاق على تسمية التنظيم العالمي المزمع إنشاؤه، وإقرار البرنامج والنظام الداخلي له.
شنكال اليوم هي فلذة كبد الايزيدية، وهي تحتضر بين أيدينا وأمام أنظارنا!! إذن عودة النازحين الايزيديين السنجاريين/الشنكاليين الى بلدهم سنجار، ستكون من أولى أوليات هذا التنظيم قبل وبعد بنائها، وسيتم الحديث مع الدول والمنظمات المانحة لمساعدة نازحي سنجار، ان تقوم شركاتهم مباشرة باستثمار مخصصاتهم المالية والعينية في البناء وتوفير الخدمات في مجمعات وقرى سنجار، وليس صرفها عبر أطراف ومنظمات فاسدة. ولن ننتظر ولن نقف مكتوفي الأيدي أمام تغيير ديمغرافية سنجار لكي تلتحق بديموغرافية أختها الشيخان!!
• بانتظار مناقشاتكم وآرائكم ومقترحاتكم البناءة.
• د. خليل جندي/ عن نخبة من الايزيديين