ان الحديث عن السلاح المنفلت الذي لا يخضع لقوانين الدولة ولا الى اعراف المجتمع المدني عبارة عن قنبلة موقوتة من الممكن ان تنفجر في أي لحظة ليعم الدمار والقتل بدون أي ضوابط لا إنسانية ولا دينية وهو ما اشرنا له في العديد من المرات خلال عشرون عاما بان السلاح الذي اشيع بعد سقوط النظام وامتلكته مجاميع مختلفة وعشائر عراقية عديدة ثم المنظمات الإرهابية وأخيرا المليشيات الطائفية المسلحة ومافيات الجريمة المنظمة، هذه السعة جعلت من استخدام السلاح ظاهرة شبه طبيعية في الصدامات بين الافراد وبين المجموعات والعشائر، أدت بالنتيجة الى ازهاق أرواح أبرياء لا ناقة لهم ولا جمل، وان هذا السلاح ليس مقتصراً على أسلحة صغيرة او متداولة فحسب بل أسلحة ثقيلة مختلفة مما جعله نداً للقوات المسلحة والمؤسسات الأمنية العراقية، وكان محط نزال بينه وبين القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ( الجيش والشرطة الاتحادية وباقي الأجهزة الأمنية) في الكثير من المواقع، وله تاثيرات غير قليلة على امن وسلامة المواطنين وهذا ما اكدناه في اكثرمن موقع ومقال، اشرنا ان البلاد تعج بالمليشيات التي تحمل السلاح بكل حرية وتحدي وهو دليل على ضعف الدولة امام الكم الهائل، وهي منتشرة في جميع الأجهزة بما فيها الأجهزة الامنية وليس هذا فحسب فالسلاح المنتشر في ايدي هذه الميليشيات المرتبطة بالخارج ممكن ان تكون في أي لحظة سبباً في الانفجار الداخلي بين هذه الميليشيات او بين قوى اخرى تستغل هشاشة القرارات الحكومية إضافة الى تهديد لكيان الدولة في الوقت الحاضر او في المستقبل، ان السلاح المنفلت يجب ان يكون في اولويات أي حكومة، حالياً او في المستقبل ، في الجهة الأخرى نجد ان هناك اصراراً على ابقاء الميليشيات التي تعد بالعشرات والاعتماد على السلاح المنفلت ، وان ينكر البعض او يحاول ظاهرياً طرح مطالبات بانهاء السلارح والمليشيات، بينما شاهدنا استماتة البعض في ضم اعدداً منها للحشد الشعبي، ولهذا نرى ضرورة طرح الأسئلة الشعبيةالملحىة ومنها..
1 – لماذا الإصرار على ابقاء الحشد الشعبي كحالة مستقلة تقريباً عن الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية؟
2 – هل هناك هدف قريب او بعيد المدى خلف هذا الإصرار؟
3 – هل هناك خوف من فقدان السلطة بالنسبة للقوى المتنفذة الشيعية ليكون الحشد او المليشيات المسلحة حاضرة عند الطلب؟
4 – هل قضية تبادل السلطة سليماً عبارة عن شعار للتموية ؟
5- هل توافق الحكومة والقوى المتنفذة على إقامة ميليشيات مسلحة من قبل المكون الآخر؟
6 ـ الى متى بقاء هذه المليشيات المسلحة التي تعتبر حالة غير طبيعية ولا شرعية في دولة تؤمن بالديمقراطية والتعددية ؟
7- الا نرى فقدان الثقة بين الأطراف والكتل المتحالفة هو حالة شاذة من التربص بالاخر بدلاً من الأمان والتعايش السلمي في المجتمع؟
8 – الى متى إبقاء السلاح المنفلت والمنتشر بدون رقيب اوحسيب خارج تحكم سيطرة الدولة ؟
9 – اليس من الاسلم والأفضل قيام الحكومة بردع المنظمات والميليشيات المسلحة الناشطة في الاعتداء والقتل والخطف والتبعية للخارج ؟
10 – الا ترى القوى المتنفذة ان هذا الكم من الانفلات والعمل خارج سيطرة الدولة يهدد السلم الاجتماعي وحرية المواطنين وامنهم الذي فقد تقريباً بعد عام 2003 ؟
11 – متى تتم استعادة الثقة الشعبية بالدولة وسياستها تجاه السلاح المنفلت والميليشات الطائفية وومارساتها الخارجة عن القانون وتدخلاتها السافرة في كل شاردة وواردة ؟
12 – الم يحن الوقت لضم الحشد الشعبي الى القوات المسلحة العراقية وان يكون تحت امرة القائد العام للقوات المسلحة والتخلص من الازدواجية غير الشرعية ؟
13 – من هو المسؤول عن عشرات الاغتيالات وخطف المواطنين الذي كان وما زال ممنهجاً عند البعض من المليشيات الطائفية؟
14 – لماذا يجري طمس وإخفاء الحقائق وعدم الكشف عن المجرمين ان كانوا افراداً او مجموعات
هناك عشرات الأسئلة تطرح كل يوم حول السلاح المنفلت والمليشيات المتعددة والمرتبطة والصراعات العشائرية المسلحة بأسلحة ثقيلة واطلاق الرصاص، وتشير طريق الشعب بتاريخ 5 / تموز / 2023 في مقال حول الموضوع “إطلاق النار العشوائي في المناسبات بوقوع العديد من الضحايا، إذ صار معتادا في حفلات الزفاف والأعياد وفوز المنتخب الوطني لكرة القدم، وتشييع الجنائز، والخلافات العشائرية، أن يطلق مواطنون الرصاص العشوائي، فرحاً وحزنا وغضبا واحتجاجا، ولم ينفع مع ذلك تهديدات السلطات القضائية والأمنية” بسبب وجود السلاح بشكل واسع، نعم هناك الكثير منه يتداوله البعض بدون حسيب ولا رقيب، المواطنون يطالبون بالأجوبة الشافية بدلاً عن السكوت وغلق الاذان “وترك الحبل على الغارب” وهي عملية مماطلة وكانهم لا يريدون فك الارتباط بهذه الميليشيات وتحويلها الى أداة بايدي خارجية لا تريد خير العراق وتسعى الى استمرار الأوضاع السياسية متأزمة ووسط خلافات للتدمير والخراب، من هذا المنطلق فان عدم حصر السلاح بيد الدولة والبقاء على الميليشيات الطائفية التي تزيد مخاطر الانفجارات والحرب الاهلية فان الرفض الشعبي يزداد ويتجه الى تأييد حصر السلاح وانهاء وجود المليشيات الطائفية وضم الحشد الشعبي الى القوات العراقية المسلحة ( الجيش والشرطة الاتحادية والأجهزة الأمنية ) فليس من الصحيح وجود مليشيات مسلحة البعض منها مرتبطة خارجياً ان تبنى الدولة المدنية المستقلة، في هذا المجال جاء في مقال نشرته طريق الشعب في 3 / تموز / 2023 حيث اكد يوري أفنين نائب الأول لسكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي “: يجب الا تبقى في البلاد اية شركات عسكرية خاصة ، حيث انها في الواقع بمثابة جيوش خاصة” وهذا اذا ما يحدث في العراق فان المليشيات الطائفية المسلحة لا تختلف عن أي شركات او منظمات مسلحة لا تخضع للدولة ولا الى قائد القوات المسلحة وهي دائماً مستعدة لاطلاق الطلقة الأولى بمجرد الخلاف او الظن بوجود مؤامرة داخلية من قبل المكون الآ خر، اما الخارجية فهي مسلسل تلفزيوني لحلقات لا نهاية، هذا الهاجس الموجود دائما في تفكير التطرف قد يكون اخطر مما يتصوره البعض، انه الصراع المزدوج داخل القوى المتنفذة الشيعية وصراع وهمي مع القوى الاخرى المتحالفة معها، هذا الهاجس هو احد الاعمدة في عدم الاستقرار السياسي والقلق على تبادل السلطة سلمياً، اما الحكومة الحالية كونها حكومة محاصصة وتوافق فان قضية انهاء السلاح المنفلت وحصره بيد الدولة غاية في التعقيد لان فوضى انتشار السلاح ليست بالمهمة السهلة وتحتاج الى جهود تحالفية ودعم شعبي ووطني ورفض أي تدخل خارجي ، فالسلاح بيد المليشيات ومنها مشاركة في الحكومة الحالية، والسلاح منتشر بين العشائر وبيد مافيا الجريمة المنظمة المختصة بالتهريب والمخدرات والخطف والاغتيال، اما المليشيات الطائفية المسلحة المرتبطة بالخارج فلها روابط مع البعض من الكتل المشاركة في حكومة السوداني، هي لوحة معقدة تجثم على الواقع السياسي في البلاد، بدورنا قدمنا الكثير الملاحظات والانتقادات البنائة من اجل الخلاص والوصول الى شاطئ الدولة المدنية القوية ذات الدستور الواضح والمنافي لاي فوضى، واوضحنا في مقال سابق (متى يتم حصر السلاح المنفلت بيد الدولة) ولهذا نقول “بصراحة ضرورة ان تحسم الحكومة أمرها في قضية حصر السلاح بيد الدولة، وتنقية الحشد الشعبي من فصائل موالية لإيران وإلا لن يكون هناك أمان أو بناء أو خلاص من هذه المأساة وهذا الخراب الشامل، ولن يسلم الحشد الشعبي من استخدامه واستخدام اسمه لتمرير مصالح معروفة التوجه والهدف!” هي الحقيقة وان حاول البعض من القوى صاحبة القرار التقليل من مخاطرها ووضع حد لهذه المهزلة التراجيدية لانها باتت اخطر قضية تجابهها البلاد وكذلك الاستقرار والسلم الاجتماعي، كل لحظة تمر بدون اتخاذ الخطوات اللازمة للخروج من مهزلة المحاصصة الطائفية والذهاب نحو الوطنية التي تعتمد على الثقة في العمل ووحدة الإرادة والتحدي من اجل بناء العراق ليصبح دولة المؤسسات الشرعية ، عراق يتخلص من جميع المعوقات التي تقف ضد البناء والتقدم ويقف سداً قوياً امام أي قوى داخلية او خارجية تحاول المساس باستقلاليته وقراراته الوطنية، عراق يمنع أي تدخل خارجي في شؤونه الداخلية.