الشاعر والأديب عصمت شاهين الدوسكى شاءت الأقدار أن
يترعرع منذ نعومة أظفاره في مدينة الموصل الحدباء ،أم الربعين
وفتح عينيه في مدارسها بعد انتقال عائلته إليها بسبب البحث عن
المعيشة الكريمة شأن كثير من العوائل في تلك الفترة الستينات
والسبعينات ..وهو بالأصل ابن العراق وكوردستانها ودرس
العربية وكان لا يفقه حروفها حتى إن مدير المدرسة أبى قبوله لأنه
لا ينطق حروف العربية ولكن عاطفة الأبوة ، دفع المدير إلى قبوله
وإلحاح الأب. وخاض غمار الدرس وعشق حروف العربية ونطقها
ونمى عنده حب اللغة وتدرج في معالم لغة القران الكريم الذي
يعشقها كل من أدرك عظمة لغة القران وجمالها ورونقها وبهائها
لأنه كلام الله مدون بالعربية ، انه العشق الإلهي والرباني في فتى
يفتح عينيه ليرى بعمق معاني كلمات الرحمن وبدأ يقرأ ويفتح
طلاسم الحروف بعد أن قرأ أمهات الكتب المختلفة ونمى عنده
إحساس الشعور بالكتابة الشعرية وعذوبتها. حتى برز بين أقرانه
في متعة الكتابة والسير في قوافيها ينظم الشعر بعد أن ذاق حلاوة
حروفها وسار في دروبها وفتح الله عليه عشق الله في حروفه
النورانية لأن الله نور السموات والأرض ) اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ
الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا
شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ
نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [ النور: 35]
وفي مهد ولادته مدينة دهوك ما زال في محراب الكتابة يكتب عن
واقع الحياة بأسلوبه الهندسي الإنساني الراقي وأنا أقرأ قصيدته "
اتصال من امرأة مجهولة " في معانيها ومضامينها ،نعم أيها
الشاعر لست مهربا ولست من أصحاب السوابق في الشرطة
والمخابرات عصمت شاهين الدوسكي أنت متخصص في هندسة
بناء الكلمات والمشاعر للحب الطاهر وتبيان سرقات النصابين
الذين فرضوا على رقاب الناس لرعايتهم وحمايتهم ولكنهم رعاة
قساة القلوب والسلوك إنهم من نسل الذئاب وينهشون بلحم الفقراء
إنهم جوعا لا مال لهم ولا سكن ولا طعام حاميهم حراميهم ،بعلم
هندسة الكلمات وتراكيبها الجميلة تكشف سرقاتهم إنهم يضعون
العمامة باسم الدين وآخرون يلبسون آخر تصميمات الغرب في
الأكل واللبس والجلوس على موائدهم العامرة وشرابهم دماء
الفقراء ولحوم المساكين والمعدمين بحرمانهم من كل ملذات الحياة
،وانتم أيها الشعب الساكت الغاضب يرمونكم إن نطقتم بالرصاص
الحي لإسكاتكم وقطع أنفاسكم لا يهم رجالا كنتم أو نساء شيبا أو
عجائز إنما نحن الرعاة والحكام جئنا لقيادتكم بكل الأسماء المقدسة
والمدنية الذين تربيتم على أيديهم على بيع ممتلكات أوطان الفقراء
بثمن بخس لتتربعوا على عرش فرعون وهتلر وهدام وحكام السوء
لقيادة الرعية المنكوبة بأولادهم وفلذات أكبادهم ،قلمك سكين
ومسطرة المهندس أيها الدوسكى لترسم الحب وتمزجه بالمآسي
والنكبات والكوارث والأزمات وجفاف المياه في الأنهار والتشرد
والهجرة والنزوح وموت الفلاح في أرضه أو هجرته أو قفل معمل
الفقير لتستورد عفونة أقربائك من دول الجوار أو لم تبق حقلا أو
ميدانا يا فرعون لم تلوثه بجرائمك ..فأنت مشروع إبادة الفقراء
والجياع والثكلى ..ارحل فالرحيل قريب وخذها بنعومة الكلمات من
فم مهندس الكلمات وصياغة درر الكلمات من فم ورسم عصمت
شاهين الدوسكى وريشته الدالة على الإنسانية ،الذي يدخل الفرح
إلى قلوب أهله وأناسه ومواطنيه في بلده عابرا بها إلى سماء
الأشقاء في الأوطان القريبة والبعيدة .