دائما ما نسمع عن قيام دولة ما بطرد سفير دولة أخرى من أراضيها، حيث تعلن الدولة أن الدبلوماسي المعني “شخص غير مرغوب به“.
ونسمع أيضا عن استدعاء دولة لسفير دولة أخرى على أرضها لتسليمه مذكرة احتجاج، أو استدعاء دولة لسفيرها من دولة ثانية للتشاور.
والخميس (20 تموز 2023، طلب العراق من السفيرة السويدية مغادرة أراضيه احتجاجا على خطط لحرق نسخة من المصحف في عاصمة الدولة الإسكندنافية، دفعت مئات المحتجين إلى اقتحام السفارة السويدية لدى بغداد وإضرام النار فيها.
في المقابل، استدعت السويد القائم بالأعمال العراقي في ستوكهولم احتجاجا على حرق السفارة الذي اعتبرته “أمرا غير مقبول على الإطلاق” قبل أن تقوم بغداد بسحبه.
وفي القضية عينها، قالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إنها استدعت القائم بأعمال السفارة السويدية لدى الرياض وسلمته مذكرة احتجاج “تتضمن مطالبة المملكة، السلطات السويدية باتخاذ كافة الإجراءات الفورية واللازمة لوقف هذه الأعمال المشينة والتي تخالف كافة التعاليم الدينية والقوانين والأعراف الدولية”، في إشارة لحرق المصحف.
ولكن ماذا تعني هذه المصطلحات في الأعراف والمواثيق الدبلوماسية الدولية التي تنظمها اتفاقية فيينا وما هو الفرق بينها؟
وهذه الاتفاقية، جرى توقيعها عام 1961 بهدف تنظيم العلاقات بين الدول ووضع أطر عريضة لعمل البعثات الدبلوماسية بين دول العالم.
وتتألف الاتفاقية التي أبرمتها 191 دولة، من 53 مادة وتغطي معظم الجوانب الرئيسية للعلاقات الدبلوماسية الدائمة بين الدول، من فتح السفارات إلى تحديد الحصانة الدبلوماسية للعاملين فيها وغيرها من القضايا.
“شخص غير مرغوب به“
ويعمل الدبلوماسي على تمثيل مصالح دولته في دولة أخرى كرئيس بعثة أو عضو فيها، حيث تتنوع مهامه على أرض الدولة التي استقبلته.
ويشير مصطلح “شخص غير مرغوب به” إلى أن الدولة المضيفة تلقي باللوم على دبلوماسي مقيم على أراضيها لسلوكه غير اللائق أو لارتكابه مخالفة في أثناء تمتعه بحصانة دبلوماسية.
ومع ذلك، لا يعني طرد السفير أو أحد الدبلوماسيين إنهاء العلاقات الدبلوماسية بين أي بلدين، حيث يصنف هذا الإجراء غالبا موقفا تصعيديا لتسجيل موقف معين من دولة تجاه أخرى.
ويحق للدولة المضيفة في أي وقت وتحت أي ظرف ودون تبرير الأسباب، أن تقوم بطرد رئيس البعثة الدبلوماسية لدولة أخرى على أراضيها أو أي عضو آخر في البعثة.
وتمنح الدولة المضيفة في الغالب فترة زمنية معينة لمغادرة الدبلوماسي غير المرغوب به أراضيها.
وغالبا ما يكون هذا الإجراء بطرد الدبلوماسي مرتبطا بمخالفات معينة قد يكون هذا المبعوث ارتكبها كالتجسس مثلا أو تدخله في الشؤون الداخلية للبلد أو استغلال حصانته لارتكاب مخالفات قانونية.
كما يحق للدولة المضيفة، وفقا لاتفاقية فيينا، رفض اسم دبلوماسي ترغب دولة أخرى في تعيينه قبل اعتماده بصفة رسمية.
وتنص الاتفاقية بوضوح على أن المبعوثين الدبلوماسيين، بمن فيهم “أعضاء السلك الدبلوماسي والموظفون الإداريون والفنيون وموظفو خدمة البعثة” يتمتعون “بالحصانة من الولاية القضائية الجنائية للدولة المستقبلة“.
كما يتمتع هؤلاء بالحصانة من الإجراءات المدنية ما لم تكن القضية تتعلق بممتلكات أو مصالح تجارية لا علاقة لها بواجباتهم الدبلوماسية.
يجب ألا يكون الدبلوماسيون عرضة لأي شكل من أشكال الاعتقال أو الاحتجاز، كما على الدولة المستقبلة بذل كل الجهود لحماية شخصهم وكرامتهم.
المباني الدبلوماسية
تنص المادة (22) من الاتفاقية الدولية على أن المباني الدبلوماسية ومنازل السفراء ذات حرمة لا يمكن للحكومة المضيفة دخولها وتفتيشها دون إذن من رئيس البعثة.
كما يتوجب على الدولة المضيفة اتخاذ كافة الإجراءات لحماية هذه المباني من الاعتداءات، كما يجب ألا تكون الممتلكات بداخلها عرضة للاستيلاء أو الحجز.
ويجب أن يسمح البلد المضيف بالاتصال المجاني بين دبلوماسي البعثة وبلدهم الأم ويحميها، علاوة على أن عدم إمكانية فتح حقيبة دبلوماسية مطلقا، حتى في حالة الاشتباه بارتكاب إساءة الاستخدام.
استدعاء السفير ومذكرة الاحتجاج
ويحق للدولة المستضيفة استدعاء سفير دولة أخرى على أراضيها لتسليمه مذكرة احتجاج على قضية معينة أو موقف ضد سياسة بلده وإبلاغه رسميا بها من قبل وزارة خارجية الدولة المعترضة.
ويعتبر هذا الإجراء وسيلة من وسائل الاحتجاج للدولة المضيفة في الأعراف الدبلوماسية بين الدول التي تنظمها اتفاقية فيينا.
ويهدف ذلك لتسجيل موقف ضد الدولة أو طلب إيضاحات منها إزاء مسألة بعينها تعترض عليها الدولة.
استدعاء سفير الدولة من الخارج
وبعكس الإجراء السابق، يمكن لدولة معينة أن تستدعي سفيرها في دولة أخرى للتشاور إزاء قضية معينة مثلا أو حتى لانتهاء فترة عمله لأي سبب كان.
كما يدل هذا المصطلح إلى احتمالية سحب السفير من دولة معينة، وهنا ينخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي من درجة سفير – وهي الأعلى – إلى القائم بأعمال، وهي خطوة احتجاجية على موقف أو سياسات معينة في تلك الدولة.
وفي هذه الحالة غالبا ما يستمر عمل البعثة الدبلوماسية، ولكن بتمثيل أقل من درجة سفير.
أما القطع الكامل للعلاقات الدبلوماسية، فهو الإجراء الاعتراضي الأخير الذي ينهي أي علاقة بين بلدين، تماما مثلما حدث بين السعودية وإيران في 2016 قبل أن تعود العلاقات لوضعها الطبيعي خلال وقت سابق من هذا العام.