كيف ينتقل المهاجرون من بيلاروسيا إلى بولندا ثم ألمانيا؟

يستمر عبور المهاجرين بطريقة غير قانونية من بيلاروسيا إلى دول الاتحاد الأوروبي، على الرغم من المحاولات المضنية لإغلاق الحدود. يشرح هذا التحقيق الصحفي كيف ينجح المهربون في تهريب المهاجرين إلى التكتل الأوروبي.

حرس الحدود البولندي على حدود البلاد مع بيلاروسيا

تُظهر صفحة موقع تويتر التابعة لحرس الحدود البولندي أنه خلال الأسبوع الماضي، حاول ما يقارب 1000 مهاجر العبور من بيلاروسيا إلى بولندا أو تم اكتشافهم في بولندا، وعبروا الحدود نحو ألمانيا.

وفي 14 يوليو/تموز الجاري، نشر الحساب أنه منذ بداية عام 2023، تم احتجاز 418 شخصًا لمساعدتهم أشخاصا أو التحريض على الهجرة إلى بولندا. وقد اعتقل الحرس الحدودي حوالي 400 شخص بشكل عام خلال سنة 2022، لكن من المرجح أن يتضاعف هذا العدد هذا العام.

توقيف المهاجرين والمهربين يومياً!

جنسيات المهاجرين الذين يحاولون العبور مختلفة ومتنوعة، بينهم الهنود والأفغان والبنغال والباكستانيين والسوريين والإيرانيين والتركمان والسريلانكيين والكاميرونيين والماليين والغينيين والأنغوليين والغامبيين والكونغوليين والنيجيريين والسنغاليين والموريتانيين والسودانيين والأكراد. وهو ما يوضح أن المعبر الحدودي بين بيلاروسيا وبولندا ما يزال منتعشا.

وعلى الرغم من أن عدد محاولات عبور الحدود كان مرتفعًا هذا العام، إلا أن عدد الاعتقالات من قبل قوات الحدود البولندية يشير إلى أن نجاح عمليات العبور غير القانونية كان محدودًا.

فقد نجح الاتحاد الأوروبي في جعل الأمر أكثر صعوبة على شركات الطيران لنقل المهاجرين بتأشيرات بيلاروسية. وقد أفاد تحقيق أجرته منصة أخبار البلقان Balkan Insight (BIRN) أن “تهريب المهاجرين عبر الحدود البيلاروسية البولندية لا يزال مزدهراً، على الرغم من الدوريات الحدودية على مدار الساعة والجدار الجديد”.

وكشف مراسلو BIRN عن عدد المهاجرين الذين يسافرون الآن إلى روسيا، وبالضبط إلى موسكو، قبل بدء رحلتهم نحو مينسك، إذ لا توجد ضوابط حدودية بين روسيا وبيلاروسيا، التي وقفت إلى جانب جارتها في حربها ضد أوكرانيا.

من مينسك ، يتصل المهاجرون عمومًا بمهرب ثانٍ لنقلهم عبر الحدود إلى بولندا، وغالبًا إلى ألمانيا أو دول أخرى في أوروبا الغربية. تحدثت BIRN إلى مهاجر سوري كردي يبلغ من العمر 36 عامًا يدعى داريان ، وهو الآن في ألمانيا بعد ستة أشهر من محاولته عبور الحدود البيلاروسية.

داريان: حالفني الحظ في المحاولة الثالثة!

وصل داريان إلى بولندا في محاولته الثالثة لعبور الحدود، وخطته تتضمن مساعدة من ثلاثة مهربين مختلفين. تمكن في النهاية من العبور عبر نهر بين بيلاروسيا وبولندا. في السابق، حاول تسلق السياج الحدودي باستخدام سلم، وفي إحدى المرات قفز بنجاح فوق الحائط ليدفعه حرس الحدود البولنديون إلى العودة من حيث أتى.

قال داريان في تصريحاته للصحيفة “عندما يصف المهربون الرحلة، يجعلون الأمر يبدو سهلاً للغاية، يصورونه لك مثل النزهة، يخبروننا أنه في غضون يومين أو ثلاثة سنكون في ألمانيا”، لكن لم تكن الأمور بهذه السهولة على داريان.

يحكي الشاب قائلا “استغرق الأمر نصف عام للمرور، تعرضنا للضرب من قبل حرس الحدود البيلاروسيين عدة مرات، وتركنا بعض المهربين في الغابة وعادوا أدراجهم عندما لم ينجح الأمر”. وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات، صرح حرس الحدود البولندي لـ BIRN أنه تم تسجيل ما بين 100 و 200 عملية عبور يوميًا في أواخر الربيع وأوائل الصيف من هذا العام.

دورية ألمانية توقف مهاجرين بالقرب من الحدود مع بولندا

من موسكو إلى مينسك وما بعدها!

حسب التحقيق، يحتاج المهاجرون إلى الاتصال بمهربين على الأقل: أحدهما لنقلهم إلى بيلاروسيا والآخر لنقلهم إلى أوروبا الغربية. للوصول إلى بيلاروسيا، يدفع كل مهاجر حوالي 3500 دولار (حوالي 3119 يورو) للمهرب المقيم في روسيا لتزويدهم بتأشيرة طالب أو دعوة خاصة، تتيح لهم دخول البلاد.

لا يتم دفع المال للمهرب، إلى غاية خروج المهاجر من مطار موسكو. ومن هناك، تقله سيارة أجرة من المطار وتنقله إلى العاصمة البيلاروسية مينسك. تكلف هذه الرحلة 300 دولار إضافي (حوالي 267 يورو). قال أحد المهربين لـ BIRN إن لديهم سيارات كافية لنقل أكثر من عشرة أشخاص في اليوم. بمجرد وصولهم إلى مينسك ، يتم نقل المهاجرين إلى سكن خاص، حيث يدفعون حوالي 10 دولارات لليلة الواحدة.

في مينسك، يتصل المهاجرون بمهرب ثان، ينقلهم من بيلاروسيا إلى بولندا. لكن يجب على المهاجرين أن يصلوا إلى الحدود البيلاروسية البولندية بمفردهم ودون مساعدة. إذا كان المهاجرون لا يستطيعون الدفع مقابل مرشد ليوصلهم إلى الحدود ، فيمكنهم دفع ثمن آلية لتحديد الموقع الجغرافي على هواتفهم والتنقل عبر الغابة إلى نقطة الالتقاء في بولندا، ومن هناك سيتم نقلهم إلى ألمانيا.

معظم المهربين المشتبه بهم يتحدثون اللغة السلافية، وقد وأوضح التحقيق الصحفي أن عبور النهر بدلاً من الجدار يكلف أكثر ماديا، حوالي 5000 دولار (حوالي 4458 يورو). المهرب الذي طلب هذا المبلغ، وعد بمعدل نجاح لعملية التهريب بحوالي 90 بالمئة، قائلا “أنا الوحيد الذي لديه مرشدين يعملون في الجانب البولندي أيضًا”.

كما يعمل سائقو المركبات بمبالغ تتراوح ما بين 2000 دولار و 3000 دولار للرحلة الواحدة (ما بين 1700 و 2600 يورو). وتوثق مقاطع الفيديو التي حصل عليها الصحفيون الاستقصائيون، إلى أن معظم السائقين يتحدثون لغة سلافية – الروسية أو الأوكرانية، أو البولندية أوالتشيكية. وهذه هي الجنسيات التي تظهر في لائحة اعتقالات الحرس الحدودي البولندي.

قالت آنا ميشالسكا، المتحدثة باسم حرس الحدود البولندي في تصريحات لـ BIRN إن “174 من الذين تم القبض عليهم في عام 2022 لمحاولتهم تهريب المهاجرين كانوا أوكرانيين، و47 بولنديًا و37 من جورجيا. في النصف الأول من عام 2023 ، كان 171 من الأوكرانيين و 37 من الجورجيين و 33 من البيلاروسيين.