قرأت لكم كتاب الطاوية والفيزياء الحديثة من تأليف فريتجوف كابرا – ومن 313 صفحة /طبعة 1999 م / اعداد خالد علوكة .
للتوضيح اكثر : الصوفي من صفا قلبه لله فقط – وهي تجربة ذاتية ، و حتى الفقرا اعتبروا صوفية من اهل الطريق حسب فراس السواح في كتابه انجيل الطاوية .. وشرح الدائرة ادناه غرضها ان كل سواد فيه بياض والعكس صحيح وكذا النور والظلام والخير والشر انهما متلازمان ولانجد واحد بدون الاخر. ولايمكن ان ينتصر احدهم على الاخر انما يكافحان وعندما يتعادلان نجد من يرجعهم للمربع الاول ليبدأ دوران بعضهما على بعض كما في رسم الكرة وعلى مبدأ كل شئ له نقيضه..)).
وص161 – (وقع التجربة الصافية يدل على انه لامكان بلا زمان ولازمان بلا مكان ، إنهما متواشجان . في رأيي أن حدس الصوفية الشرقية بوعي الزمان هو أحد الاسباب الرئيسية لماذا تبدو نظراتها في الطبيعة أكثر مطابقة للنظرات العلمية الحديثة من نظرات فلاسفة الاغريق . ومن جهة اخرى فأن الفلسفات الشرقية هي فلسفات مكانية زمانية ، وبالتالي فإن حدسهم غالبا مايأتي قريبا جدا من الاراء عن الطبيعة التي تشتمل عليها النظريات النسبية الحديثة ).
وص172 – ( يؤمن الصوفيون إنهم يستطيعون فعلاً اختبار المرحلة الزمنية للمكان الزمان كاملة حيث لايتدفق الزمان ابدا. وهكذا يقول دوجن استاذ الزن :
الاغلبية يؤمنون بان الزمان يمر، والواقع انه يمكث حيث هو .إن فكرة المرور قد تسمى الزمن ، ولكنها فكرة خاطئة ، لانه حالما يراها المرء تمر مروراً ، فانه لايستطيع أن يفهم أنها تمكث حيث هي . ويقول غوفندا { الرؤية مرتبطة مع مكان ذي بعد عال لذلك لازمان لها } …)
وص173 – ( وبالمقابل يؤكد الصوفيون الشرقيون انه في الزمان المتعالي يتخطون ايضا عالم السبب والنتيجة . وحسب كلمات سوامي فيفكانادا: { الزمان والمكان والسببية مثل الزجاج يظهر المطلق من خلاله … في المطلق لايوجد زمان ولامكان ولا سببية }. تبين التقاليد الروحانية الشرقية لاتباعها طرقا شتى للعبور خلف التجربة العادية للزمان لتحرير انفسهم من سلسلة السبب والنتيجة – من عبودية الكارما كما يقول الهندوس والبوذيون ، لذلك قيل إن الصوفية الشرقية هي التحرر من الزمان وبالمناسبة فان الشئ نفسه يقال عن الفيزياء النسبية ) .
وص176 – ( الهدف المركزي للصوفية الشرقية هي اختبار كل الظاهر في العالم باعتبارها تجليات للواقع المطلق ذاته ، وينظرون لهذا الواقع باعتباره جوهر الكون يخضع ويؤكد كل الاشياء والاحداث التي نراقبها ).
وص 177- ( وقد علم بوذا { ان كل الاشياء المركبة هي غير دائمة وكل الآلام في العالم تنشأ من محاولتنا التمسك بالاشكال الثابتة – الاشياء او الناس او الافكار – بدلا من قبول العالم يتحرك ويتغير }.ويؤكد البوذيون – بانه لايوجد شئ ابدأً يستحق ان تتمسك به – ).
و178 – ( الفيزياء الحديثة تولت ايضا الى ادراك الكون باعتباره شبكة من العلاقات مثل الصوفية الشرقية ، واعترفت بان هذه الشبكة ديناميكية فطرية .)
وص 180- ( الفيزياء الحديثة تصور المادة ليس على انها سلبية وخامدة بل حركة دؤوبة راقصة متذبذبة تقوم البنى النووية والذرية بتحديد نماذج إيقاعها ، وهذه هي ايضا الطريقة التي يرى بها الصوفيون الشرقيون العالم المادي .جميعهم يؤكدون ان الكون يجب ان يفهم ديناميكا وهو يتحرك ويتذبذب ويرقص ).
وص 188 – ( يبدو ان الصوفيون الشرقيين في حالات وعيهم غير العادية وعوا تفسيرالمكان والزمان على المستوى الجهري او الماكروسكوني ، وبالتالي رأوا الاشياء الجهرية او العيانية بطريقة مشابهة جدا لمفهوم جسيمات مادون الذرة ).
وص203 –( نقرأ عند الآي شنغ : القوانين الطبيعية ليست قوى خارجية للاشياء ، بل تمثل انسجام الحركة المتأصلة فيها ).
وص 206 – ( الكون كله منخرط في نشاط وحركة لاينتهيان في رقص كوني مستمر للطاقة ).
وص221 – ( ولدى الصوفيين الشرقيين نظرة ديناميكية للكون تشبه تلك التي في الفيزياء الحديثة وبالتالي ليس مدهشاً انهم ايضا استخدموا صورة الرقص لينقلوا حدسهم بالطبيعة ).
وص222- ( وحسب نظرية الحقل – معناها: ميكانيكية احصائية عند النقطة الحرجة – فان كل جسيم يقوم فعلا بإداء اغنيته دائما منتجاً نماذج إيقاعية من الطاقة – الجسيمات الوهمية – وباشكال كثيفة ولطيفة . ان رمز الرقص الكوني وجد تعبيره الاعمق وألاجمل في الهندوسية بصورة الاله الراقص شيفا ملكاً للراقصين ). **
وص 247 – ( الوصف للهادرونات وتعني – مجموعة جسيمات – في الفيزياء الجسيمية يذكر بكلمات د.ت. سوزوكي المقتبسة من قبل : لقد ادرك البوذيون الشئ كحادث وليس كشئ اوكجوهر – ).
وص 261 – (حسب كلمات توما الاكويني : -هناك قانون أبدي معين للفطنة والعقل موجود في عقل الله ويتحكم بالكون كله – هذه الفكرة عن القانون الابدي المقدس للطبيعة اثر تأثيرا عظيما في الفلسفة والعلم الغربيين . كتب ديكارت عن { القوانيين التي وضعها الله في الطبيعة } ، وآمن نيوتن أن الهدف الاسمى لكتابه العلمي تقديم برهان عن { القوانين التي اسبغها الله على الطبيعة } . وفي الفيزياء الحديثة تطور موقف مختلف كل الاختلاف الآن ، لقد توصل العلماء الى رؤية أن كل نظرياتهم عن الظواهر الطبيعية بما في ذلك القوانين التي يضعونها بانها ابداعات العقل البشري ) .
وص 263 –( من الواضح أن نظرة – التعضيد الذاتي – الكاملة الى الطبيعة التي كل ظواهر الكون فيها محددة بالتماسك الذاتي المتبادل تقترب كثيرا من النظرة العالمية الشرقية ، الكون الذي لايقبل التقسيم . ونقرأ في تاو تي شنغ :
يتبع الانسان قوانين الارض –
والارض تتبع قوانين السماء –
والسماء تتبع قوانين الطاو –
والتاو يتبع قوانين طبيعته الجوهرية – )
وص 264- ( لايهتم الحكماء الشرقيون عموما بشرح الاشياء ، بل بالحصول على تجربة مباشرة غير عقلية على وحدة كل الاشياء ).
ذلك ان شرح الطبيعة يعني تماما إظهار وحدتها إذ لاوجود لشئ يشرح ، وعنما سئل كاهن توزان الذي كان يزن بعض الكتان – ماهو البوذا؟ قال توزان – هذا الكتان يوزن ثلاثة أرطال – و تحرير العقل البشري من الكلمات والشروحات هو أحد الاهداف الرئيسية للصوفية الشرقية .
وتتفق المدارس الاساسية للصوفية الشرقية مع نظرة فلسفة التعضيد الذاتي بأن الكون كلانية متواشجة لايوجد جزء فيه نقول انه اساسي اكثر من ألآخر . اي الشعور بالكل في الواحد وبالواحد بالكل ).
وص 270 – ( إن فكرة أن كل جسم يتضمن كل الجسيمات ألاخرى لم تنشأ في الصوفية الشرقية فقط بل ايضا في الفكر الصوفي الغربي ).
وص273 – ( عن المعرفة كالتي كانت في عقل لاوتزو قبل أكثر من ألفي سنة عندما قال:
من لايعرف لايتكلم –
ومن يتكلم لايعرف -)
وص 277 – نقرأ في الخلاصة ( ان التماثلات بين نظرات الفيزيائيين ونظرات الصوفيين تصبح أكثر بروزا عندما نتذكر التشابهات الاخرى التي توجد على الرغم من مقارباتها المختلفة ، فاولا طريقتها عملية عميقة ، والفيزيائيون يستخلصون معرفتهم من تجاربهم ، والصوفيون من استبصاراتهم التأملية ).
وص278 – (غالبا مايتحدث الصوفيون عن معاناتهم الابعاد العليا التي فيها تتجمع انطباعات من مراكز الوعي المختلفة في كل منسجم ، ويوجد موقف مشابه في الفيزياء الحديثة حيث شكلية المكان والزمان الرباعية الابعاد تطورت فتوحدت المفاهيم والمراقبات المنتمية الى انواع مختلفة في العالم الثلاثي الابعاد . ونقرأ – فانا ارى ان العلم والصوفية مظهران متكاملان للعقل البشري لقدراته العقلانية والحدسية ) .
وص 301 – ( نواجه فرقا من الفروقات الهامة بين العلماء والصوفيين : فالصوفيون عموما لايهتمون بالمعرفة التقريبية ، انهم يهتمون بالمعرفة المطلقة التي تشتمل على فهم الوجود بمجموعته ، والصوفيون يلحون عادة انه لاتوجد ظاهرة مفردة يمكن شرحها شرحا كاملا ، انهم عموما لايهتمون بشرح الاشياء بل بالتجربة المباشرة اللاعقلية لوحدة كل الاشياء ).
وص 302 – (في نقد الطاوية والفيزياء الحديثة نقرأ (فالصوفية في المحافل العلمية ينظر اليها عادة على انها غامضة جداً ومشوشة وسديمية وغير علمية أبداً ، وهذا الرأي خاطئ عن الصوفية فعلاً مؤسف إذ عندما تنظر في النصوص الكلاسيكية للتقاليد الصوفية فترى ان التجربة الصوفية العميقة لاتتسم أبداً بالغموض أو السديمية ، بل بالعكس إنها مرتبطة دائما بالوضوح فالاستعارات النمطية لوصف التجربة هي { إماطة لثام الجهالة } و{ اختراق الضلال } و { تنظيف مرآة العقل } و{ ادراك النور الصافي } و { الوعي الكامل الذي لايجاري } فالتجربة الصوفية تتخطى التحليل العقلي – وتوصف التجربة الصوفية بالتنوير ) .
وص 303- (إن نيوتن تحقق في اشراق حدسي مفاجئ عندما سقطت تفاحة من شجرة ، ان القوة التي شدت التفاحة الى الارض هي القوة ذاتها التي تشد الكواكب نحو الشمس ).
وص304 – (ونقد ينصب في ان الفيزيائيين والصوفيين يتحدثون عن عالمين مختلفين .والآن نظرا لما يقال باعتقادي ان هناك عالماً واحداً فقط . لكن هذا الواقع له مظاهر وابعاد ومستويات كثيرة ، فالفيزيائيون والصوفيين يتعاملون مع مظاهر مختلفة للواقع . فقد استكشف الفيزيائيون مستويات المادة ، والصوفيون مستويات العقل .
ونقد اخر كثيرا ماكان يظهر، يوافق ان الفيزيائين والصوفيين تصدوا لمستويات مختلفة من الواقع ، لكنه يجادل ان الصوفيين في مستوى روحي اعلى يشتمل على المستوى الادنى للظواهر الفيزيائية بينما المستوى الفيزيائي لايشتمل على المستوى الروحي .
آب – اغسطس / 2023م —- انتهى —-