الجمعة, ديسمبر 27, 2024
Homeمقالاتهل تشهد فنلندا خريفا ساخنا؟ : يوسف أبو الفوز

هل تشهد فنلندا خريفا ساخنا؟ : يوسف أبو الفوز

المعارضة لحكومة اليمين الفنلندية تهيئ لموجة احتجاجات

ما زالت سياسات حكومة اليمين في فنلندا تثير استياء الشارع الفنلندي، وتتواصل الأحزاب والحركات المعارضة في نشاطاتها الاحتجاجية،  وأصدر مؤخرا العديد من الأحزاب والمنظمات النقابية  مختلف البيانات المعارضة لبرنامج الحكومة، يأتي في صدارة ذلك بيان المنظمة المركزية لنقابات العمال (SAK)، التي تعمل كمظلة نقابية يدخل في عضويتها حوالي عشرين نقابة، من أهم نقابات العمال، تتوزع على مختلف قطاعات الصناعات والخدمات، ومعروف أن للأحزاب اليسارية ثقل كبير في نشاطها، وتشير الإحصاءات الرسمية، الى أن عدد أعضائها أكثر من 800 ألف عضو، 44 بالمائة منهم نساء، في بلد يبلغ عدد سكانه خمسة ملايين ونصف.

وأعلنت المنظمة النقابية أنها لن تقبل التغييرات التي خططت حكومة اليمين لتشريعها وتنفيذها، ورسمت خطة لرفع الجاهزية التنظيمية، فإذ يهدف برنامج الحكومة لتقييد الحق في الإضراب، إجراء تخفيضات في حقوق الضمان الاجتماعي، وتخفيف الحماية من الفصل وعدم دفع أي أجر عن اليوم الأول من المرض، فإن الحركة النقابية (عليها ان تكون مستعدة للاحتجاج لعرض آرائها بطرق أخرى)، وهذا يعني الإضرابات وتوقف العمل والمظاهرات. وأعلن العديد من النقابات الفرعية الموافقة على زيادة خطوات الاستعداد، كنقابة القطاع العام والرعاية الاجتماعية وأيضا نقابة موظفي الخدمة المدنية التي ترى أن برنامج الحكومة غير متوازن وتتوقع أنه يفسد سوق العمل المضطرب أساسا. فحكومة اليمين الفنلندية، تريد في برنامجها، من ضمن أمور عديدة، تضييق تعريف الدعم القانوني للإضراب، والحد من سقف العمل السياسي للنقابات، وزيادة غرامات الإضراب (غير القانوني) وفرض غرامة قدرها 200 يورو على العامل لمشاركته في إضراب (غير قانوني). وأعلن رئيس نقابات الصناعة الفنلندية، النقابي ريكو آلتوا، (الاجتماعي الديمقراطي)، أن العمل يجري على قدم وساق، لتقييم الإجراءات الاحتجاجية التي ستتخذها الحركة النقابية في الخريف القادم، فيما لو قدمت حكومة اليمين مقترحاتها كبرنامج حكومي إلى البرلمان لإقراره، وأثناء كتابة هذا المقال، نشرت الخميس الماضي، رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء الفنلندي بيتري اربو (يمين تقليدي)، وقعها ياركو إلورانتا (الاجتماعي الديمقراطي) رئيس المنظمة المركزية لنقابات العمال، حملت أفكار بيان المنظمة، اكد فيها (من وجهة نظر العديد من الفنلنديين، تبدو خطط حكومتك سيئة) واعتبرت وسائل الأعلام الرسالة جزءا من التحضيرات لأعمال الخريف.

ويذكر أن الحزب الشيوعي الفنلندي، وهو من أقدم الأحزاب الفنلندية، تأسس عام 1918، وهو خارج البرلمان حاليا، سبق وأصدر بيانا أوضح فيه معارضته لحكومة اليمين وبرنامجها الذي (يستهدف حقوق عموم الشعب خصوصا العمال وذوي الدخل المحدود)، معتبرا أن الهدف الأساس لبرنامج الحكومة هو (إضعاف دعم معيشة الناس، والتدخل في حقوقهم الأساسية، وتوجيه الحياة العملية بشكل أكثر فأكثر نحو سيطرة أرباب العمل وعدم المساواة). وأدان نية الحكومة (الحد بشكل كبير من الزيادات في الرواتب)، إلى جانب ذلك فأن الحكومة تتبع (طرقا جديدة لزيادة أرباح أرباب العمل وتجميع المزيد من رأس المال عن طريق إفقار العمال). وأكدت المجموعة النقابية في الحزب الشيوعي الفنلندي في بيان لها (أنه يجب علينا جميعًا، نحن العمال والنقابات العمالية، أن نعمل الآن بنشاط وبقوة من أجل حقوق العمال وأن نستخدم وسائل مختلفة للاحتجاج ومعارضة السياسة البرجوازية، مع إبراز حقيقة، من بين أمور أخرى، لا إكراه لإضعاف تشريعات العمل أو قطع الضمان الاجتماعي والخدمات (.

توافقا مع كل هذا، بادرت منظمة الكتاب والفنانين الفنلندية، المعروفة باسم (كيلّا) وهي واحدة من أعرق المنظمات الثقافية الفنلندية، كتجمع للكتاب والفنانين اليساريين، تأسست في عام 1936، واصدرت بيانا مفصلا، تحت عنوان (في معارضة سياسة حكومة اليمين) شكلت لجنة خاصة من أعضائها لإعداده وانجازه، وأدانت فيه سعي الحكومة في برنامجها لتفكيك هياكل الدعم لأكثر الفئات ضعفاً في المجتمع، كالعاطلين والمتقاعدين، وتهديد تاريخ فنلندا كواحدة من أبرز الدول النقابية في العالم. وأشار البيان إلى أن المقترحات بخصوص الهجرة واللجوء ستجعل من فنلندا البلد الأكثر تشددا في دول الاتحاد الأوروبي، حيث تخفض حصص اللاجئين بشكل كبير، وتشدد المعايير للحصول على حق اللجوء وتصاريح العمل، وتعرقل مسار الحصول على الجنسية. ويشير البيان إلى أن الحكومة الحالية هي أكثر حكومة يمينية في فنلندا منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وان تنفيذ برنامجها سيقترن بتحول ثقافي وخطابي مقلق، اذ سيتم تفعيل الأفكار العنصرية والفاشية لتصبح خطابا عاما، وهذا (نتيجة لسياسات ثقافية وسياسية نيو ليبرالية متجددة منذ فترة طويلة، ونظام اقتصادي رأسمالي له آثار بعيدة المدى يجب أن نستمر في مواجهته). ويختم البيان بالدعوة للحوار ما بين كل معارضي حكومة اليمين، ويؤكد (نأمل في تقوية شبكات التضامن بحيث يستمر العمل الحاسم للتنظيم والاحتجاج بأشكاله المختلفة الذي يقوم به الكثير من الأشخاص والمجموعات في الوقت الحالي(.

ويشير  بعض المراقبين إلى أن حكومة اليمين الحالية ستكرر فشل حكومات يمينية سابقة في مواجهة الحركة النقابية، فالمطلوب منها زيادة معدل تشغيل العمالة وتعزيز القدرة التنافسية لأجل خفض المديونية المالية العامة، وأمام حقيقة أن فنلندا تخلفت عن دول الشمال الأخرى، وأصبحت أكثر مديونية، مع استمرار الضعف في التنمية الإنتاجية ومعدل العمالة فأن توقعات صندوق النقد الدولي عن ديون فنلندا يمكن ان تصل إلى نسبة 82 بالمائة في عام 2028، بينما ستكون نسبة ديون السويد والدنمارك أقل من 30% في ذلك الوقت، وعليه فأن تنفيذ برنامج حكومة اليمين سيأتي بنتائج عكسية، وأبرز ما في ذلك اشتداد واتساع نشاطات المعارضة، التي تتسع، وسوف لن تتوقف حتى سقوط حكومة اليمين!

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular