الأربعاء, أكتوبر 23, 2024
Homeاراءمظهر من مظاهر الهوية الايزيدية ح 1 : ترجمة الدكتور خليل جندي

مظهر من مظاهر الهوية الايزيدية ح 1 : ترجمة الدكتور خليل جندي

 

المقبرة، الرمز، والذاكرة (*)

Dr. Birgül Açıkyıldız
كلية الآداب والعلوم (قسم الآثار) جامعة حران، شانلي أورفا، تركيا
bacikyildiz@harran.edu.tr

ترجمة: خليل جندي

الحلقة (1-6)

خلاصة

يهدف هذا المقال إلى بحث العلاقة بين المقابر والهوية الإيزيدية من خلال التركيز على گورستانا حسن بك (مقبرة حسن بك) التي تعود إلى قرى eliyê Sora (Güneli) Mezre (Çilesiz)، Xanik / Berhokê (Mağaracık)، و Efşe (كاليلي) الواقعة في نصيبين جنوب شرق تركيا. سوف يتم تحليل السمات والرموز المعمارية لشواهد القبور، والسؤال عن كيفية إعادة بناء الهوية الايزيدية، وتحويل نفسها في العمارة الجنائزية الحديثة الضخمة في جنوب شرق تركيا. تشير الممارسات الطقسية في مقبرة حسن بك إلى أنه بالإمكان استخدام طقوس الموت لتقوية ودمج الروابط الاجتماعية للمجتمع. وبالتالي، سوف يناقش معنى أماكن الذاكرة والممارسات الجنائزية للايزيديين المنفيين، ودورهم كعلامات هوية في إعادة إنتاج العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع الايزيدي.

الكلمات الدالة

الايزيديين – مقبرة – ذاكرة – رمز – بلاد ما بين النهرين – تركيا
تعرض الايزيديون الى ضغوط ومذابح وابادات وترحيل على مدار التاريخ. ونتيجة لذلك، فإن المعاني التي أطلقها الإيزيديون على الموت المرتبط بالمجازر والمفاجئات والمأسي، كانت انعكاساتها على العمارة الجنائزية مختلفة عن تلك المرتبطة بالموت الطبيعي. من المحتمل أيضاً، انه بسبب هذه الوفيات الكارثية احتلت الهندسة الجنائزية مكانة بارزة في الثقافة الأيزيدية طوال تاريخها. تستمر الحياة المأساوية للمجتمع الايزيدي، ويحافظ الايزيديون على رمزية وجودهم من خلال المقابر حتى يومنا هذا كمظهر من مظاهر الهوية.

شكل 1 خريطة المستوطنات اليزيدية في شرق تركيا

يحافظ الأيزيديون على رمزية وجودهم من خلال المقابر. يمكن ملاحظة التطورات وردود الأفعال بشكل مشابه في جميع التجمعات الايزيدية اليوم.
مع ذلك، وفي النطاق المحدود لهذا المقال، سوف أتعامل فقط مع إيزيديي تركيا، سأركز بشكل أكثر دقة، على مقبرة حسن بك ((Goristana Hesen Begê ، حيث يوجد أهالي قرى جبل سورا (كونجلي)، قرية مَرْزى (Çilesiz)، خانكى/بَرْهوكى Xanik / Berhokê (Mağaracık) و أفشى (Kaleli) الواقعة على طرف نصيبين. (الرسم البياني رقم 1). وان سكان هذه القرى جميعهم من الايزيديين وهم على وشك الانقراض اليوم. الايزيديون الذين هاجروا إلى أوروبا من هذه القرى، ما زالوا يواصلون على دفن أمواتهم في هذه المقبرة. الايزيديين الذين غادروا بلادهم، وهاجروا إلى الدول الغربية، ليس بإمكانهم العودة إلى أماكن سكناهم بسبب العداء وعدم الاستقرار السياسي في المنطقة.

من السمات المهمة للطقوس هي أن هذه الطقوس الجنائزية توحد أفراد المجتمع مع بعضهم البعض، والأقارب، والأسلاف، والأجيال الجديدة. (Myerhoff 1984: 306) بالإضافة إلى جوانب تكريم الموتى ودعم المعزين، تعمل طقوس الموت أيضًا كوسائل لبناء الهوية الفردية والجماعية (Reimers 1999: 148). ، لذلك، حسب الكاتب Baudrillard، أنا أزعم في هذه الدراسة أن الموت ليس نقطة نهاية الحياة وليست سلبية، بل مشحونة بالمعنى الرمزي كجزء لإجراء التبادل المستمر، ودائمًا ما يكون جزءًا من الحياة، وخطًا اجتماعيًا في الحدود التي تفصل بين “الموتى” و “الحي” (Baudriallard 1993: 127). وبنفس الطريقة، فإن دفن الموتى ليست مسألة تخص الميت واسرهم، لكنه يشارك المجتمع بأكمله في التغلب على فقدان واحد من أعضائه. الطقوس الجنائزية المرتبطة بالموت هي أيضًا تمثيل لفعل أيديولوجي تقوم به الكائنات الحية، وهناك علاقة قوية بين المعتقدات والممارسات الجنائزية لإضفاء الشرعية على النظام الاجتماعي وهيكل سلطته (Bloch/Parry: 41) وفقط من خلال أداء الطقوس يمكن للأفراد التغلب على الأزمة التي تحدث نتيجة الموت والعودة الى الجماعة الاجتماعية. (Laneri 2007: 5, 7). وبالرغم من أن لكل مجتمع طقوسه الخاصة بالموت، التي تتميز بسبب معتقدات المجتمعات وتقاليدها، إلاّ أن السمات المشتركة لطقوس الموت هي أنها ظاهرة اجتماعية لأن المجتمعات تشارك فيها. علاوة على ذلك، كما يؤكد Warner، تمثل المقابر أدلة وشواهد وجود مجتمع الميت على قطعة الأرض التي يقع فيها القبر. بهذا المعنى، فإن القبور التي شيدت للمتوفي هي بمثابة شعار ورمز يشهد على حياة ووجود المجتمع ويقوي المجموعات المنقسمة في المجتمع (Warner 2011:164). وتتمتع المقابر بأهمية سياسية أيضاً، ويمكن أن تكون بمثابة أداة تمثل النضال من أجل البقاء. بالنسبة لأولئك الذين يقومون السلطات، فإن انشاء أماكن للذاكرة يساعد مجتمعهم على الاستمرار. وهذا هو السبب الذي تدفع السلطات اللجوء إلى استخدام جميع أنواع الإمكانيات لتدمير، أو ترويض، أو تقييد الذكريات غير المرغوب فيها، أو التواريخ الملازمة لها، ومنعهم من حق المطالبة بأي شيء، والانتشار، وترك أي دليل هناك (Özsoy 2013: 195).

لقد تم تأسيس الأساس النظري للدراسة على النهج العرقي/الاثني، كما وصفه Barth. لا يعتبر العرق صفة فطرية، يمتلك الجودة بشكل طبيعي، والتراث الثقافي المشترك، ولكن يعتبر كجانب من جوانب التنظيم الاجتماعي. يشير هذا المصطلح إلى الحدود الاجتماعية التي تستخدمها الأفراد والجماعات ليعطوا أنفسهم ثقافة مشتركة في حياتهم اليومية، التي تشكل أفعالهم وتوجههم العقلي مقارنةً بالجماعات الاجتماعية الأخرى (Barth 1994: 9-38).

في هذا المقال، سأقدم أولاً بعض المعلومات الأساسية عن دين الشعب الايزيدي، وموجزاً عن تاريخهم في تركيا وألمانيا، كما أقوم بوصف وتحليل تصاميم ورموز شواهد القبور في مقبرة حسن بك. ثم، سأناقش كيف يستجيب الإيزيديون لوجودهم في أوطانهم، حيث هم لم يعودوا يعيشون فيها، من خلال تقاليد الدفن، والسؤال: كيف تعيد الهوية الايزيدية بناء نفسها وتحويلها في العمارة الجنائزية الضخمة والطقوس الجنائزية في حقبة ما بعد عام 1990.

الهوامش والمصادر
——————————————-
(*) هذا فصل من كتاب الدكتوره بيركول آجيكيلدز، قمت بترجمته من اللغة الانكليزية، وهو منشور في المجلد 27 لسنة 2023 تحت عنوان “إيران والقوقاز” مطبعة Brill الصفحات 22-38. وذلك لاطلاع المهتمين بالشأن الايزيدي.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular