الشنكاليين والأيزديين منهم على وجه الخصوص تجرعوا الويلات جراء غزوة د11عش في آب 2014 إثر تعرضهم لأبشع الأعمال الاجرامية على يد التكفيريين المجرمين من جند الدولة الاسلامية في العراق والشام (د11عش) وذلك بمجازر القتل بحقهم وسبي نسائهم وبناتهم وأطفالهم.
اضافة الى كل ذلك.. تشردوا في مختلف المدن والدول بحيث هاجر عشرات الآلاف منهم لدول أوروبا والغرب، وما زال نسبة 80% منهم نازحين في مخيمات النزوح بإقليم كوردستان.
التاريخ وتجاربه يثبتان أن للإنسان طاقة لا يمكن تصورها، ويمكن له أن يستغلها في أي مجال يريد الخوض فيه.
الأيزديين و في هذا الاتجاه… تحولوا من مجتمع نازح في المخيمات الى مشاريع انتاجية وعوامل ايجابية، فحولوا واقعهم المأساوي الى طاقات ايجابية يمكن لأي فرد أو مجتمع الاحتذاء بهم.
ففي الجانب الدراسي ـ العلمي.. استغلوا قربهم من المعاهد والجامعات،،، تشجعوا وثابروا واجتهدوا، وباتت العائلة تقدم ما يمكن منها تقديمه لبناتهم وأولادهم في المدارس من كافة أنواع الدعم والتحفيز لمواصلة دراستهم والحصول على الشهادات الجامعية، حيث أماكن نزوحهم في مخيماتهم وقربها من المدن التي تتوفر فيها المعاهد والكليات والجامعات بمناطق زاخو و دهوك و قضائي الشيخان و سميل وغيرها من المدن والمناطق التابعة لمحافظة دهوك حتى محافظتي أربيل والسليمانية.. ساعدتهم في الاصرار على اكمال مسيرتهم الدراسية والعلمية حتى باتت تلك المعاهد والجامعات تضم أساتذة شنكاليين بالاضافة الى تخرج العشرات بكل سنة دراسية من مختلف الأقسام العلمية ولا تخلو سنة منها دون حصولهم على مقاعد دراسية في المراتب العليا للجامعات كالطب والهندسة والقانون، هذا غير الأقسام العلمية الجامعية الأخرى والمعاهد بأقسامها المختلفة.
أما في الجانب المعيشي ـ المادي (الاقتصادي).. فقد كانوا وما يزالون عناصر منتجة ووفيرة بإقليم كوردستان وهذا بشهادة المجتمع المستضيف نفسه (أهالي المناطق) والذين يؤكدون في انهم لم يكونوا يحصلون على المنتجات الزراعية الصيفية وبهذه السهولة ولم تكن تتوفر في مطابخهم إلا بسواعد وكد الشنكاليين.
إذ وبفعل خبرتهم بالزراعة وحبهم للعمل الزراعي ببساتين الطماطة والخيار والرقي (الخضروات) فقد باتت الأراضي الخاوية بمناطق الإقليم خضراء في كل موسم من المواسم الزراعية الصيفية وحتى الزراعة الشتوية منها أيضا، فأضحت أسواق الإقليم مزدهرة بمختلف أنواع الفواكه والخضروات التي تحتاجها المطبخ الكوردستاني، بل تعدى الامر إلى توافد التجار من بقية المناطق العراقية كبغداد والجنوب أيضا.
وما يتصل بالمواسم الزراعية تلك… الآبار التي تتم ايجارها سنويا وبمئات ملايين الدنانير وهذه هي الأخرى تعتبر عوامل انتاجية لأصحاب تلك الآبار وأراضيهم.
كما أن مختلف المحلات التجارية وأنواعها العديدة هي الأخرى ازدهرت.. وبات الشنكاليون فيها عوامل تجارية مؤثرة في البيع والشراء (بالجملة والمفرد)، ولنا في ذلك الأعداد الكبيرة للمحلات في الكمبات التي تخصهم بمخيمات النزوح.
لقد تحولوا من مجتمع أراد العودة عبر التكيّف الذاتي الى مجتمع منتج ومصدر للأعمال التجارية وأمثلة يمكن التعويل عليها في مواصلة الحياة مهما كانت شدة قساوتها.
أما عن المجتمع الشنكالي النازح من المسلمين.. فليس لدي معلومات كافية عن خوضهم غمار الزراعة في كوردستان،،، ولكنهم بارعون بأعمال التجارة في السيارات وما إلى ذلك والمحلات من الدكاكين والأدوات الاحتياطية وأعمال تصليح السيارات ولهم بصمتهم في ذلك النوع من التجارة ومصادر المعيشة.
كل ما تحولوا اليه من عوامل ايجابية يعود بالنفع الى إقليم كوردستان.. بتجارتها ومعيشتها ومطبخها وحتى على مستوى الأفراد،،، وبشكل عام نمو اقتصادها في الجوانب المرتبطة بما ذكرناه آنفاً.
مجتمع شنكالي نازح فقد كل شيء.. وترك كل شيء ورائه بدياره… الى مجتمع منتج ومصدر ومفيد.
لقد اثبتوا في أنهم ذي ارادة وعزيمة قوية لا يمكن كسرها مهما كانت الأهوال عليها تعيسة… وكلما كانت الحملة عليهم شرسة وقوية، يعودون من جديد الى الحياة ومتحدّين بذلك كافة العوامل التي تلاحقهم من أيادي المجتمعات التكفيرية والقوى العدائية التي تريد النيل منهم ومن وجودهم.
وبالتأكيد هنالك سلبيات في النزوح.. الا أنني ارتأيت الخوض هذه المرة والكتابة عن بعض الجوانب الايجابية للشنكاليين في أماكن اقامتهم بمخيمات النزوح والتي تمتد من مدينة زاخو حتى محافظة السليمانية.
هكذا مجتمعات تبقى شامخة ولا يمكن اذلالها بسهولة… انهم الشنكاليين الذين يظهرون من عمق مآسيهم،،، ليوجهون سهام الارادة والتحدي والاصرار الى صدور أعدائهم ولكن بطريقتهم الخاصة.
مصطو الياس الدنايي
لا مكان: 19- 6 – 2023
*الموضوع خاص بمجلة محفل في عددها الموسمي الجديد (25).
#صور من مشاركاتنا بأفراح مناسبات تخرج طلابنا & صور من بستان للطماطة في كوردستان
https://www.facebook.com/oikmhf/posts/pfbid02Wj6aPAVg58BGmXLRES54jfdt6kcbc8G9RtUpy5vxxeL3Hctdj36Uu2RSEkaW8qTwl