من يتابع الأخبار في القنوات التلفزيونية العراقية الرسمية، وحتى مواقع كثيرة للتواصل الاجتماعي، وتلك التحليلات الغريبة التي نسمعها ممن يعتبَرون محللين سياسيين، وحتى مختصين بجوانب اجتماعية كثيرة، وفي الكورد قبل سواهم، والمفاجآت التي لا تنقطع وهي أن العراق لا يعرف الاستقرار، لا يعرف الهدوء. وعند التذكير باللاعبين بدور عدم الاستقرار فيه، يشار إلى الكورد على أنهم يشكلون عاملاً كبيراً وخطيراً في عدم استقرار العراق، وما في النهاية من دعوة إلى ممارسة العنف ضدهم، لحماية ما يعتبرونه الأمن الاستراتيجي للعراق العربي، ولوضع حد أمام تمادي الكورد وساستهم، لئلا يعودوا يلعبون بالنار وهم يحرقون أنفسهم، ويريدون أن يسيئو إلى غيرهم. يا لها من جناية كبيرة !!! .
لو أن هؤلاء الذين يتباهون بعروبتهم، وبسيادة العراق وأمنه، نظروا قليلاً إلى ما يجري، ليس في العراق وحده، إنما خارجه، سوف يجدون أن إقليم كوردستان العراق هذا رغم ما يعانيه من مشاكل، بسبب محاولات دول الجوار، ومنها العراق نفسه، في إبقاء إقليمنا الكوردي متوتراً .
لكن الشيء الرئيسي، والذي يتميز به إقليمنا الكوردي، عن كل ما تعرَف به دول الجوار، وفي المنطقة نفسها، هو جانب الاستقرار والهدوء، الذي يصعب وجود نظير له .
نعم، ساسة الكورد وزعماؤهم هنا، يصرّحون بوجود مشاكل لا بد من مواجهتها: سياسية، اجتماعية، واقتصادية وغيرها، وهذا أمر طبيعي. لكن الذي يبقى، رغم كل هذه المعوّقات والتوترات، هو هذا الهدوء الذي يعرَف به الإقليم على مستوى العالم أجمع. أليس هناك من يحافظ عليه في الداخل ؟
وما يهم كثيراً أيضاً، هو وجود عشرات الألوف من أخوتنا من العرب الذين يقيمون في مدن الإقليم المختلفة: في هولير، السليمانية، ودهوك، وغيرها، يمارسون أعمالاً مختلفة، إلى جانب أنهم يجدون أماناً وراحة فيها.
أما في الصيف، فمن السهل رؤية مئات الحافلات التي تأتي إلى داخل الإقليم، وهي سياحية، ومن مختلف مدن العراق، وهي تمضي أسابيع فيها، مرتاحة، مطمئنة، شاعرة بالبهجة والأمان، وتتنقل بين مدن الإقليم، وتزور أماكن سياحية، دون أي شعور بالخوف، على العكس تماماً من شعورها وهي تقيم في مدنها، حيث الاضطراب والمخاوف والتهديدات الجانبية مستمرة .
لو أن ساسة العراق وزعماءهم اعترفوا بمثل هذه الظاهرة الفريدة من نوعها، ظاهرة الأمن الذي يحسه كل مقيم في الإقليم، ولكان الوضع مختلفاً، ولما أطلقوا شعارات وكلمات يُشتمٌّ من ورائها حس الكراهية والحقد وحتى التفرقة العنصرية، وهذه التصرفات تعبّر عن ضيق أفق أصحابها، ونتيجتها سلبية تماماً.
لا بل حتى من بين هؤلاء من يأتي إلى الإقليم، ويجد من يرحّب به في الإقامة والتنقل هنا وهناك، وما في ذلك من تسامح وتقدير للآخر والحفاظ على سلامته .
فمتى يصحو هؤلاء من غفلتهم، متى يتخلون عن تلك النظرة الاستعلائية التي يعرَفون بها منذ زمن بعيد، منذ نشوء الدولة العراقية المعتبَرة حديثة، قبل أكثر من قرن، وينظرون وراءهم ليتعرفوا على أخطائهم التي يقعون فيها باستمرار، ولينتقلوا إلى حياة اجتماعية مستقرة أكثر ؟
لو تحقق ذلك، وبنوع من الاحترام المتبادل، لن يكون هناك إلا ما يعرَف بهم إقليمنا الحبيب، إقليم كوردستان- العراق، حيث يعرف أخوتنا العراقيون جيداً ذلك، وأنهم بحاجة إليه، دائماً، وهم يقصدونه، ويحتمون به، عند شعورهم بالخطر، ولا أكثر من الأمثلة الدالة على ذلك ؟؟!