عمّال ومحقّقون أمميون يعملون على جمع الأدلة من مقبرة جماعية في منطقة سنجار- أرشيفية
“قرار إنهاء عمل فريق التحقيق الدولي (يونيتاد) في سبتمبر من العام القادم ليس في توقيته الصحيح”، هكذا يصف رئيس المنظمة الأيزيدية للتوثيق، حسام عبدالله، لـ”ارفع صوتك” قرار مجلس الأمن الدولي بحل فريق “يونيتاد” في سبتمبر من العام القادم 2024.
وقرر مجلس الأمن الدولي في 15 من سبتمبر الحالي إنهاء ولاية فريق التحقيق الدولي لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من قبل داعش، والمعروف بـ”يونيتاد” بعد عام بناءً على طلب من الحكومة العراقية.
ويطالب مجلس الأمن في قراره الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم تقرير في يناير المقبل، يتضمن توصياته الخاصة ومطالبة العراق بتسليم الأدلة التي جمعها الفريق الدولي.
لكن عبدالله، الذي تعمل منظمته منذ سنوات في توثيق الأدلة على جرائم الإبادة الجماعية، التي ارتكبها تنظيم داعش ضد الأيزيديين، يرى أن العراق لا يزال بحاجة إلى عمل فريق التحقيق الدولي “يونيتاد”، ويطالب في الوقت ذاته الفريق الدولي بأن تكون أعماله أكثر وضوحاً وأن يكشف ما يتوصل إليه، في التحقيقات، بشكل دقيق.
ويضيف عبدالله “كان من المفترض على مجلس الأمن الدولي قبل اصدار هذا القرار البحث عن حيثيات أخرى لما بعد التحقيق ولما بعد جمع الأدلة من قبل فريق التحقيق الدولي، كأن تكون هناك محكمة دولية للنظر في جرائم المرتكبة على الأراضي العراقية من قبل داعش، أو أن تكون هناك محكمة هجينه مختلطة عراقية ودولية”.
ويعرب عبدالله عن مخاوف الأيزيديين والأقليات الأخرى من ترك الموضوع بيد الحكومة العراقية في ظل التجاذبات السياسية المستمرة، التي يعيشها العراق طيلة الحكومات السابقة منذ سيطرة داعش على سنجار ومحافظة نينوى 2014 وارتكاب الابادة الجماعية.
ويوضح عبدالله “يجب أن يكون لدينا قانون واضح يجرّم الإبادة الجماعية على أنها جريمة ضد الانسانية وجريمة عدوان وجريمة حرب، وعليه في ظل غياب هذه القوانين وعدم توصيف هذه الجرائم في قانون العقوبات العراقية فنحن أمام مسؤولية كبيرة في كيفية تحقيق العدالة مستقبلاً، وهذا مصدر مخاوفنا”.
وشكّل مجلس الأمن الدولي عام 2017 فريق التحقيق الدولي لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من قبل داعش بطلب من الحكومة العراقية، بحسب القرار رقم 2379 الذي تم تبنيه بالإجماع، وطُلب فيه إلى الأمين العام تكوين فريق للتحقيق يترأسه مستشار خاص، لدعم الجهود المحلية لمحاسبة تنظيم داعش من خلال جمع الأدلة الجنائية وتخزينها وحفظها في العراق سيما عن الأفعال التي قد ترقى إلى جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية والإبادة الجماعية والتي ارتكبت داخل العراق.
ويؤكد العضو السابق في المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق، علي أكرم، أن الفريق الدولي ومنذ تشكيله أدى الكثير من المهام والتحقيق في الكثير من الجرائم التي تخص داعش، سواء الجرائم التي استهدفت سنجار أو الجرائم التي استهدفت المجتمع الأيزيدي أو الجرائم التي استهدفت التركمان منها في تازَ خورماتو جنوب كركوك أو في تلعفر والاستهداف بالسلاح الكيمياوي، أو جرائم حدثت ضد طلاب قاعدة سبايكر وجرائم أخرى والتحقيق مستمر لهذا اليوم في جميع هذه الجرائم.
ويضيف أكرم لـ”ارفع صوتك”، “المشكلة التي تواجه الفريق تتمثل في قضية المقاضاة واكمال عملية العدالة، وهي غير موجودة بوضوح في قرار مجلس الأمن فيما يتعلق بالعلاقة ما بين فريق يونيتاد والقضاء العراقي، باعتبار أن المجلس الدولي له معايير في التعامل مع هذا الموضوع وكانت هناك جهود لتأسيس محاكم مشتركة بالتنسيق مع القضاء العراقي وبدعم من المجتمع الدولي ولكنها كانت ضمن المحاورات والمشاورات والحوار المستمر”.
ويشير أكرم الى أنه وبعد انتهاء عمل الفريق في التاريخ المحدد(سبتمبر 2024)، وإذا لم يُمدد له، فالعراق لن يتمكن من الحصول على هذه الملفات بالكامل للأسباب التي ذكرناها وبسبب غياب معايير متعلقة بحقوق الإنسان، على الرغم من كونها جرائم حدثت داخل الأراضي العراقية.
“لا يمكن للعراق من خلال مؤسسات محلية أن يؤدي هذه المهام باستكمال التحقيق في هذا الملفات، ومنذ تأسيس البعثة لم يُبادر إلى تأسيس فريق وطني موازي، كي يستفاد من خبرة يونتاد ويستفاد من التدريبات والعمل مع هذا الفريق” يتابع أكرم.
بدوره يشير الخبير القانوني وائل البياتي، إلى أبرز العوائق التي تحول دون ملء العراق الفراغ الناجم من انتهاء عمل فريق “يونيتاد”.
ويقول البياتي لـ”ارفع صوتك”: “لا يستطيع العراق لعب دور الفريق الدولي لعدة اسباب، منها ما يتعلق بالجانب التقني وجانب الخبرات، والعراق يعوزه الكثير من التدريب وتطوير بناء قدرات العاملين في هذا المجال، بالإضافة إلى افتقار العراق إلى امتلاك التقنيات اللازمة التي تسهّل إجراء عمليات التحقيق باستخدام تقنيات حديثة. كما أن المحاكم العراقية لن تستطيع أن تحاكم مرتكبي الجرائم من قبل تنظيم داعش وفقا لنصوص قانونية تنطبق على توصيف أفعالهم”.
ويرى البياتي أن “الحكومة لا تمتلك أي مبرر لعدم تقديم الدعم اللازم لمسألة توثيق هذه الجرائم وتوفير الدعم المادي والمعنوي للفرق التي تعمل في هذا المجال، خصوصاً انها تمتلك موازنة هي الأعلى في تاريخ العراق ولمدة تمتد لثلاث سنوات، لكن تبقى المسألة مسألة إرادة سياسية أكثر مما هي مسألة توفير الدعم المالي والتخصيصات لإنجاز هذه المهام من قبل الفرق الوطنية”.
الكاتب:دلشاد حسين