مساء 23/12/2018 تصاعدت الدعوات بعضها لتمديد مجالس المحافظات وبعضها لألغائها، وذلك بمناسبة إنتهاء المدة القانونية لها ففشلها في تقديم الخدمات وغيرها، ولقد غلبت الدعوات لألغائها على تمديدها الذي وصف باللاقانوني وعد أي قرار لها بعد أنتهاء تلك المدة باطلاً لا قانونياً. واتهمت المجالس هذه ومعها الحكومات المحلية العراقية دون استثناء بارتكاب الفساد والسرقة وخرق القانون ومن بين المتهمين لها وانتقادها النائب في البرلمان العراقي علي البديري ونواب آخرين أعضاء المجالس ودون أستثناء أيضاً بتقاسم موارد الدوائر الحكومية فيما بينهم وبيع الدرجات الوظيفية..الخ من أشكال الفساد. وفي خضم هذه الدعوات أميط اللثام عن فضائح الحكومات المحلية في بغداد والبصرة والنجف..الخ من فساد وسوء إدارة وان (10) محافظين تنحو عن مناصبهم خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
بلا شك ان العيوب والمساوىء التي تعاني منها الحكومة المركزية في العراق تجدها جلية وبقوة في مجالس المحافظات العراقية والحكومات المحلية. وعندي ان منسوب الفساد والخروقات في الحكومات المحلية أعلى منه في الحكومة المركزية، رغم الأراء بقصر عمر الحكومة العراقية الجديدة. واعتبار البرلمان الذي انبثقت عنه مزوراً. ولا شك كذلك ان الحكومات المحلية في أية دولة تعتبر بمثابة البنية التحتية للحكومة المركزية او القاعدة الأدارية لها ، ان جاز القول وبانهيارها تنهار الحكومة المركزية ، وها هو الشعب من برلمانيين ومواطنين يطالب بالغاء مجالس المحافظات في العراق والذي يجر بالتالي إلى المطالبة بالغاء واسقاط الحكومات المحلية، دع جانباً القول ان المتظاهرين المحتجين سبق وان طالبوا مراراً بالغاء مجالس المحافظات واحالة اعضائها ورؤساء الحكومات المحلية إلى العدالة لينالوا جزاءهم العادل ، وسجل اكثر من مرة قيام المتظاهرين بأقتحام مقرات الحكومات المحلية ومجالس المحافظات وكانت الشرطة بالمرصاد لهم امام ابواب المقار مستخدمة الغازات المسيلة للدموع واحياناً الرصاص الحي والقتل والاعتقال وتغيب النشاطين ضد الثائرين على حكومات ومجالس المحافظات عن الأنظار.
وتأتي المطالبة بألغاء مجالس المحافظات وسط أزمات حادة تعصف بالعراق وحكومته المركزية غير المتكاملة بحيث راح الجميع مقتنعاً بزوال مبررات بقاء العراق دولة وبرلماناً وحكومة ..الخ منمفاصل أخرى فالعراق اشبه مايكون بالخاضع للفحوصات السريرية وراقد في غرفة الانعاش ان صح التعبير ولم تنفع المحاولات لانقاذه من موته المحتم ولن تنجح وراح الكل يصفون سيئاته على وزن أفعل : اسوأ نظام تعليمي أسوأ جواز سفر أسوأ مكان للصحفيين والأسوأ في مجال الأمن والاستقرار ..الخ ويكاد لايمر أسبوع دون ان يكشف عن سيئات وعلى وزن افعل له. أو تطلق احكام رهيبة بحقه.
بتأريخ 21/12/2018 ورد في تقرير لمركز الدراسات الدولية الاستراتيجية الأمريكية عن العراق مايلي:
(العراق مفلس تقريباً ، ويواجه أزمة اقتصادية هائلة ولديه حكومة من اكثر الحكومات فساداً في العالم ).
ويخطيء من يعتقد ان بالأمكان انقاذ العراق مما يعانيه وهنا الكلام موجه إلى اصحاب المشاريع الساذجة لأصلاح الوضع العراقي . إلى الشيخ جمال الضاري و (مشروعه الوطني) والدكتور اياد علاوي و( المصالحة الوطنية ) والسيد عمار الحكيم ( التسوية السياسية ) وخميس خنجر (المشروع العربي) والدكتور غسان العطية (مبادرة موطني) ..الخ من مقترحات ومشاريع فجة وعقيمة في أن لعلاج مريض (العراق) مفروغ من موته وإستحالة شفائه، بل أن جميع المشاريع والافكار المطروحة من قبيل تلك التي ذكرتها واخرى لم اذكرها تطيل من الأزمات والمأسي العراقية وتعمقها مالم يتصدرها حل الغاء العراق دولة وحكومة وبرلماناً وجغرافية وحدوداً سياسية . الأمر الذي يمتنع معظمهم ان لم نقل جميعهم من اصحاب القرار وغيرهم ليس العمل به بل حتى التفكير به (واكثرهم للحق كارهون) . نعم اصحاب المشاريع والعواصم بغداد ودمشق وانقرة وطهران وواشنطن (للحق كارهون).
ومع إقتراب العراق من نهايته المحتومة . وسبق لكاتب هذا المقال في مقابلة اجرتها معه فضائية NRT بعد الأنتخابات البرلمانية العراقية في 12-5-2018 وان قال : ان البرلمان الحالي وهو الابن الشرعي لاضخم عملية تزوير صارخة وكذلك الحكومة المنبثقة عنه، سيكونان آخر برلمان وحكومة في تأريخ العراق الموحد القسري . ولن يجدي أي مسعى للحيلولة دون حدوث ذلك . وها هي الآراء والتصريحات للقادة السياسيين وغيرهم في الداخل والخارج تلتقي مع رأي بصورة غير مباشرة . فالسيدة حنان الفتلاوي زعيمة كتلة إرادة لوحت ( بفشل حكومة عبدالمهدي وانهاء العملية السياسية) أما رجل الدين المسيحي الأب فادي فلقد حذر يوم 23-12-2018 (من ظهور مرحلة أخرى في البلاد تكون أشد خطورة) وعند السياسي المعروف بهاء الأعرجي ( مابعد تشكيل الحكومة أشد سوءاً) وكان الباحث العراقي القدير د.واثق الهاشمي مبدياً شكوكه بوضع أفضل بعد تشكيل الحكومة وقبل ذلك بشهور كان قد تنبأ من ان تشكيل الحكومة الجديدة قد يستغرق 6 أشهر ، وكان تنبؤه في محله. ورأى المرجع الديني محمد جواد الخالصي امام جمعة الكاظمية قبل أكثر من اسبوع في خطبة له بان ( العراق ماضَ نحو التجزئة) وهذا ما يأمله العراقيون للخلاص من كابوس اسمه العراق . وقبل هؤلاء وغيرهم من الذين ابدوا باراء وتنبؤات مماثلة ، اطلق دونالد ترامب جملته الشهيدة : (أقسم بثلاث حافلات مليئة بالقرآن والانجيل والتوراة ان العراق لن ينعم بالأستقرار أبداً ) صدق ترامب . لكنه مع ذلك يناقض نفسه ويقع في الأزدواجية وقبله الرؤساء الامريكان السابقون: اوباما وكلينتون وبوش ، حين يؤكد بأستمرار على دعم الحكومة العراقية بالمال والسلاح والخبرات التي على خطى المشاريع والافكار الفاشلة التي عرضت لها فمثلما تساهم تلك المشاريع والافكار في اطالة المأسي والعذابات للعراقيين ، فأن المعونة الامريكية للعراق اطالة للمأسي عينها. وليست مجالس المحافظات والحكومات المحلية وحدها يجب ان تلغى بل البرلمان والحكومة المركزية والجمهورية والعراق أيضاً. وإلى الابتعاد عن كرة الحق والازدواجية في التعامل مع الشأن العراقي.
العراق الى زوال وفناء.