.
يبدو التخبط واضحاً ضمن السياسة الإيرانية الخارجية، فوزير خارجيتها بالأمس اعترف بالفم المليئ بأنهم لم يفكروا يوماً بإزالة “الكيان الصهيوني”، وها هو اليوم بعد أيام معدودات فقط، يرى بأن إسرائيل ومعها الولايات المتحدة الأمريكية سيخرجون معاً من كوكب الأرض!
طبعاً إيران التي لا تكل ولا تمل عن انتقاد الأمريكان وتصفهم بالعدو الأكبر، وكذلك بما يخص إسرائيل، نراها يوماً بعد يوم تتمدد في العمق العربي، عابرة الحدود ومخترقة لكل الدول العربية.
وفي هذا الصدد سخر وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف من خروج امريكا والكيان الصهيوني من منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
وأشار ظريف في تغريدة على ” تويتر” الى الاتفاقيات التي خرجت منها الادارة الامريكية منها الاتفاق النووي واتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ ومعاهدة باريس للمناخ وكتب يقول: ادارة ترامب وبرفقة الكيان الصهيوني قد خرجا رسميا اليوم من اليونسكو.
وتسائل ظريف بسخرية: هل بقي شئ لتخرج منه الادارة الامريكية وصنيعتها الكيان الصهيوني ؟ واضاف: لربما يخرجان دفعة واحدة معا من كوكب الارض !
وتاريخ الأمس، وبالتحديد في زمن الشاه الإيراني، محمد رضا بهلوي، اتسمت العلاقات السياسية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بالكثير من الحميمية، وظلت العلاقة ممتازة مع رجل أمريكا القوي، وشرطي الخليج كما كان يكنى في ذلك الوقت، بعد أن استدعته وثبتت حكمه في إيران 1941؛ ليخلف والده رضا شاه، الذي أقلق واشنطن ودول الحلفاء في الحرب العالمية الثانية بتعاونه مع ألمانيا النازية بقيادة هتلر وتزويدها بالنفط الإيراني.
كان لدى محمد رضا بهلوي الابن ولع بالغرب، وحلم بتحويل بلاده لدولة عظمى، فارتمى في أحضان أمريكا، وانتهج سياسات الحفاظ على المصالح الأمريكية خلال السنوات الطويلة، ومنح واشنطن في بلاده امتيازات، وأدخل مستشارين عسكريين أمريكيين؛ لمراقبة الأوضاع في إيران؛ بهدف الحفاظ على مصالح أمريكا، كما كانت أمريكا تتحكم في تعيين نواب البرلمان وتحديد أدوارهم، وفرضت قانون الحصانة القضائية للأجانب «كابيتو لاسيون» الذي يعفى بموجبه الأجانب من التساؤل القانوني على أرض إيران حتى لو ارتكبوا جرائم.
وسمح بهلوي أيضًا للولايات المتحدة بأن تقيم قواعد لها في شمال إيران بالقرب من الحدود الروسية؛ للتجسس على السوفييت.
وساهمت الولايات المتحدة في توطيد أركان حكم بهلوي، حيث قامت واشنطن ولندن بتدبير انقلاب عسكري سنة 1953 ضد رئيس الوزراء الإيراني المنتخب ديمقراطيًّا، محمد مصدق، وهو زعيم علماني سعى إلى تأميم قطاع النفط الإيراني، وأطاحت به، وأعادت شاه بهلوي إلى إيران بعد أن فر منها، وبعد عودته حكم بهلوي على «مصدق» بالسجن ثلاث سنوات بتهمة الخيانة، وبعد انتهاء المدة فرضت الإقامة الجبرية عليه في منزله بقية حياته، إلى أن توفى عام 1967.