كنت مختطفة لعدة سنوات لكوني ايزيدية فأصبحت احدى ضحايا غزو تنظيم داعش لمدينة شنكال
وقالت الناجية امينة قاسم خلف من قرية تل قصب القديمة :
في الصباح الباكر لليوم الثالث من اب عام 2014 تم احتلال مناطقنا من قبل تنظيم ارهابي يسمى الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش) ، كنت مع العائلة وتم القاء القبض علينا وكان عمري آنذاك خمسة عشر عاماً .
بعد ان تمكن التنظيم في يوم الثالث من آب الدخول الى القرى والنواحي التابعة لقضاء شنكال ومحاصرة الاهالي وقطع الطرق المؤدية الى الجبل، تم اختطافنا في الساعة السابعة صباحاً، كانت عائلتنا تتكون من ثمان افراد والوالدة حامل بولد في بطنها وولدت بعدها في السجون الداعشية في تلعفر .
وكان ثلاثة من اشقائي في مكان آخر ولكنهم اختطفوا ايضاً في الشارع العام لدوميز شنكال واخذونا الى مدرسة كبيرة في منطقة بعاج وهناك انتحرت المختطفة (جيلان برجس)
كانوا يأمروننا بالاستحمام كي يقدموننا كهدايا الى الامراء لكن جيلان فضلت الانتحار وأقدمت على ذلك في الحمام بقطع شرايين يدها وقد رايتها عندما كانت تودع الحياة في الحمام وكان جسدها ملطخ بالدم، طلب الدواعش من المختطفات بعدم التقرب من جثتها .
عزل الرجال عن العوائل في البعاج واخذوا الفتيات والنساء إلى مدينة الموصل وبقينا في الموصل عشرة ايام ثم أعادونا الى البعاج مرة اخرى . وهنا انقطعت عن الوالدين وأشقائي لكن علمت بان الوالدة محجوزة في سجن بادوش .
فترة البقاء في السجون الداعشية بالنسبة لشقيقاتي الثلاثة لمدة شهر واحد، واحد ة تكبرني والأخرى اصغر مني والثالثة أكبر مني بسنة .
بعد فترة قصيرة وعدني شخص بان يأخذنا انا وشقيقتي الى قرية كوجو للعيش مع الوالدين وبقينا ثلاثة اشهر والخوف تَملكنا وبعدها كشفت اسرار المحتجزين ، جاء عناصر التنظيم اصحاب الشعور الطويلة والايادي المتسخة باختيار الفتيات والنساء الجميلات ونقلونا الى دولة سورية بسيارات (الباص ) كي نكون خادمات وبيعنا كسبايا الاغتصاب لعناصر التنظيم في مدينة الرقة السورية فاسكنونا في مزرعة محاطة بالغابات والأشجار الكثيفة وعناصر داعش كانوا مرقمين اي دون اسماء بل ينادون بعضهم بالارقام مثلا 16 -17-18 …. الخ…….تم اغتصاب بعض الفتيات في مدينة الموصل في العراق اما البقية فقد تم اغتصابهن في مدينة الرقة السورية .
وعندما كنا في المزرعة حاولنا الهرب وكانت معي المختطفة (نجوى سعيد) وهربنا في الساعة التاسعة لغرض النجاة وكانوا يقولون بان تركيا قريبة جداً عن الرقة ، كنا في ركض مستمر عبر الغابات والمناطق غير المأهولة بالسكان ولكن أخيراً اصطدمنا بالنهر القريب من الحدود التركية السورية . اجبرنا بالدخول الى بيت قريب وطلبنا منهم الامان وإيجاد حل لنا كي نعبر النهر ، رحبوا بنا وكان كلامهم كالعسل، دمعت عيونهم على وضعنا بعدما قصنا لهم قصتنا عند غزو شنكال ولكن تبين انها عائلة داعشية ، اخدعونا بالكلام كي لا نهرب لحين مجىء قوة داعشية، القي القبض علينا عند بزوغ الفجر وأعادونا الى نفس المزرعة وفي نفس اليوم تم توزيعنا على مناطق متفرقة، اخذونا انا وشقيقتي مع اربع فتيات الى مقر في مدينة (حمص) وفيها مختطفتان من أهل شنكال وهناك بدا الموت يتسلل في مفاصلي في المقر واني طفلة اصرخ وأحاول الفرار لكنه قيدني وتم اغتصابي ، واغتصبني قبل ان يغتصب شقيقتي في المقر وبعدها اخذوا شقيقتي (زريفة قاسم خلف) الى منزل اخر وهي كانت جارة لي وعناصر التنظيم كانوا يطلقون العيارات النارية والرصاصات في الكثير من الاوقات وفي احد الايام سألت فتاة مختطفة أيضاً الا تعلمين عن عنوان شقيقتي ؟
قالت : انها في المنزل المجاور لك وهي محتجزة ولكنها لم تغتصب بعد وفجأة سمعت صوت رصاصة وكانت تلك الرصاصة هي التي قد استخدمتها شقيقتي لانتحار نفسها كي لا تغتصب عندما حاول الداعشي (ابو سليمان الليبي) شخص من التنظيم اغتصابها وبعد ذلك اخبروني بانها انتحرت . وانا بقيت وحيدة في المقر ومحتجزة لدى شخص من مدينة (ادلب) يكنى (ابو محمد) اسمه الحقيقي مصطفى .
وقد أخبرني بموضوع انتحارها ( ابو محمد ) وقال: لقد اشترى (ابو سليمان الليبي) شقيقتك (زريفة قاسم) وحاول اغتصابها وبسببه انتحرت، اما المختطفات اللواتي كن معي تم نقلهن الى مكان آخر ,
بقيت شهر كامل في المقر وكنت ابكي وحيدة وأواجه عمليات الاغتصاب ما يقارب شهر كامل من قبل مختلف الاشخاص من عناصر التنظيم ، طلبت منه نقلي من المقر الى منزل فيه مجموعة من المختطفات للعيش معهن وبعد ذلك اخذني الى منزله للعيش مع عائلته .
ان ما حدث معي انقلب حياتي رأسا على عقب ودمر احلام طفولتي، بقيت عنده سنة كاملة، ولم يبقَ شيئاً لم يفعل بي، حصتي تناول وجبة واحدة من الطعام يومياً بالاضافة الى التعذيب المستمر وممارسة الجنس القصري والاغتصاب والاضطهاد وعائلته تتعامل معي بطريقة لا انسانية وكأني لست بشراً بينهم وعندما كانوا يغادرون المنزل يغلقون الابواب حيث لم يكن باستطاعتي جلب كاس من الماء أو رغيف خبز من المطبخ ما لم يعودوا، وبقيت سنة على هذا الوضع المأساوي وعائلته كانت تجبرني على قراءة القرآن وترك الدين الايزيدي واعتناق الدين الاسلامي ولم اكن الفتاة الوحيدة التي كانت تواجه هذه المصاعب في هذا العصر المتقدم بل كانت هناك الالاف من الفتيات والنساء اللواتي تغتصبن مثلي .
بعدها كنت في مدينة ( طبقة) بعد سنة كاملة في منزله اصبت بمرض نفسي احيانا كنت اسقط على الارض واسند جسدي المتعب على جدران البيت . ذات يوم غادروا المنزل حينها كنت انا الوحيدة في المنزل فهربت ليلاً مرة اخرى عبر النافذة لان جميع الابواب مغلقة، كنت اركض مسافات طويلة لمدة يومين بشكل مستمر وحافية القدمين دون ان احمل معي طعاماً او شراباً ، في الليلة الاولى اختفيت بين غابات خارج طبقة السورية ، وفي اليوم الثاني ايضا ركضت دون ان ادرك الى أين أتجه، كنت اهرب للتخلص من العذاب الذي كنت اواجهه من قبل الارهاب وفي صباح يوم الثاني شاهدوني بعض عناصر الدواعش فامسكوني وأخذوني الى المحكمة الإسلامية وهناك سألوني :
– لماذا تهربين ؟
– بينت لهم ما كنت اعاني من قبل عائلة (ابو محمد الادلبي) وهذه هي شريعتكم ايضا ً، لكنهم أعادوني الى نفس المنزل، وبعد شهر قتل ابو محمد بقصف جوي ، طلبت زوجته مني مغادرة الدار وأبلغت سلطات الدواعش، فأخذوني وباعوني الى داعشي سعودي الجنسية ، بقيت عنده يوم واحد، وهو باعني الى الداعشي زياد (ابو طارق) من أهل الموصل وتزوجني بعقد الزواج من المحكمة الشرعية، بقيت عنده لحين تحرري بتاريخ 11/ 7/ 2017 كان يغتصبني كالوحوش لمدة سنتين وننتقل من حي الى آخر في الموصل ، وبقيت شهر عند عائلته ايضاً، في احد الايام تعرض المنزل الى قصف جوي وتهدم المنزل وبعد ذلك اخذني الى مقر عسكري تابع للدواعش ومرة اخرى تعرضنا الى قصف جوي بثلاثة ايام قبل رمضان 2017، لكن دون تاثير وكانت معي في المقر الفتاة (هيام دخيل خلف علي) وهي من قريتي وفي النهاية اخذونا الى الموصل القديمة وخلال سنتين كانوا ياخذونا من مكان الى اخر وفي احد المنازل تعرضنا الى قصف جوي وكان معنا (12) شخص اي تابعين لعناصر تنظيم الداعش وتم قصفنا وهذا القصف ادى الى قتلهم جميعاً ، واستشهدت صديقتي (هيام) ايضا ولم يبقَ احد من تلك المجموعة وبقيت لوحدي على قيد الحياة لكن مصابة وأخرجوني اهالي الموصل من تحت الركام وقد أصبت بكسر في يدي اليسرى وقدمي اليمنى وجرح عميق في البطن مع احتراق ورضوخ في بقية الجسم .
ثم اخذوني الى مستشفى الموصل، بقيت في العناية المركزة لمدة شهر كامل، وبعد خروجنا تعرضنا الى قصف اخر في نفس المكان فاخذوني الى منزل آخر في الموصل القديمة، وكانت هناك معارك في شوارع الموصل بين القوات العراقية والدواعش، كنا نبقى أيام بلا طعام وانقطاع التام للماء وكانت معي (فتاة مسيحية سورية مختطفة، شهد خضر ميرزا من تل بنات ، سامية سفيل عمو من تل قصب، لازمة الكوركوركي من سيبا شيخدر)، بقينا في هذا الحصار خمسة أشهر، ذات يوم خرجت زميلتي (سامية سفيل عمو) لجلب الماء ، فعند خروجها من الغرفة اصيبت بطلقة قناص في ذراعها وحينها كنت طريحة الفراش لاني كنت اعاني الماُ من اصاباتي، وبعدها في احدى أيام الجمعة في رمضان 2017 خرجت زميلتنا (شهناز دخيل بشار/ من قرية كوجو) محاولة الهروب والتجاء الى قوات الجيش العراقي في الموصل ، لكنها استشهدت في الشارع العام بقصف الطائرات،
والمخطوفة (شهد خضر ميرزا ) من مجمع تل بنات كانت تعاني من الام القلب والصدر نتيجة التعذيب والهموم ، لم نستطيع الخروج والوصول الى المستشفى فكنا في بكاء مستمر وتوفيت بعد تحريرها بأيام في مستشفى دهوك.
بعد مرور ثلاث سنوات وعدة اشهر من الخطف والتعذيب الجسدي والاغتصاب المستمر، تحررت مدينة الموصل بالكامل، كانت هناك الالاف من القتلى والجرحى والرؤوس المقطوعة والاجساد المرمية والمحترقة في شوارع المدينة، سلمنا انفسنا الى القوات العراقية، وتم تداوي جروح سامية .
واختتمت أمينة حديثها : مازال اربع افراد من عائلتي مخطوفين (الوالدين وشقيقين) وجدتي ايضا كانت مختطفة ولكنها ماتت بعد التحرير، وتحررت مع زميلاتي سامية بتاريخ 11 / 7/2017 وهذه مأـساة خطفي من اليوم الاول إلى لحظة تحريري من زنزانة الموت والهروب نحو احضان الحياة.
الصور للضحايا (الناجية امينة قاسم – الشهيدة جيلان برجس – الشهيدة زريفة قاسم – الشهيدة هيام دخيل خلف – الشهيدة شهد خضر ميرزا – الشهيدة شهناز دخيل بشار)
……………………………………………