طفل ينظر من شباك صفه في إحدى المدارس المخصصة لتعليم أطفال اللاجئين في مخيم نصيب في تركيا. أرشيف
من قبل شريف بيبي
تلقى موقع مهاجر نيوز الكثير من الرسائل من لاجئين عراقيين مقيمين في تركيا، يشكون الإهمال الذي يتعرضون له من قبل المنظمات الأممية والدولية، إضافة إلى أوضاعهم المعيشية السيئة. في ما يلي شهادة لفراس الخميسي، أب لثلاثة أطفال ولاجئ عراقي في تركيا منذ عام 2013، يوضح فيها ظروفه ويطالب بإيجاد حلول للاجئين العراقيين في تركيا.
أشارت البيانات والإحصاءات الرسمية التركية، وتلك الخاصة بالمؤسسات الدولية، إلى أن العراقيين يشكلون العدد الأكبر من اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين في المؤسسات الدولية في تركيا، بعد اللاجئين السوريين.
وحسب السلطات التركية، شهدت هجرة العراقيين إلى البلاد ارتفاعا ملحوظا على مرحلتين، الأولى عقب الغزو الأمريكي عام 2003 والثانية بعد سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على الموصل في 2014.
مهاجر نيوز تلقى الكثير من الرسائل من لاجئين عراقيين في تركيا يتحدثون عن ظروف معيشية قاسية مقارنة بأقرانهم من اللاجئين من جنسيات أخرى، حيث يتحدثون عن إهمال من قبل مفوضية اللاجئين لملفاتهم، وعدم حصولهم على مساعدات مثل السوريين مثلا، حتى أن حصولهم على التعليم بات صعبا جدا لأسباب متعددة.
فراس الخميسي، لاجئ عراقي في تركيا منذ 2013 مقيم في سامسون، قال لمهاجر نيوز إن “اللاجئين العراقيين في تركيا متروكون لمصيرهم. أنا هنا مع عائلتي منذ نحو ست سنوات، لا أتلقى مساعدات من أحد، ولا حتى مفوضية اللاجئين، على الرغم من كافة التقارير والمعطيات المنشورة حول ما تقدمه المفوضية لنا”.
وأضاف “معظم الجمعيات المحلية هنا تكاد تكون خدماتها محصورة فقط بالإيرانيين والأفغان… ما من أسباب واضحة حول هذا التركيز أو عدم شمل اللاجئين العراقيين ضمن هذه الخدمات”.
“… ما هو وطننا؟”
خلال المكالمة الهاتفية، شدد الرجل الأربعيني على أن “معاملات السوريين والإيرانيين والأفغان سهلة جدا بالمقارنة مع معاملاتنا، نحن العراقيين. ففي ما يتعلق بإعادة التوطين، لا يضطرون للانتظار أكثر من ثمانية أشهر للحصول على جواب، إضافة إلى الوجهة التي سيتم تسفيرهم إليها. بالنسبة للعراقيين، معظم ممن نالوا الحماية الدولية في تركيا وجاءتهم الموافقة على إعادة توطينهم، لكنهم ما زالوا ينتظرون منذ سنوات دون أن ينالوا شيئا”.
“كل ما يحيط بحياة اللاجئين العراقيين هنا يبعث على القلق، وتحديدا مستقبل أطفالنا. قبل بضعة أيام سألتني ابنتي ما هو وطننا، لم أعرف بما أجيبها، هل هو العراق؟ ولكنها لم تعرف العراق وطنا، وطبعا ليس تركيا. ابنتي هذه تتكلم التركية والإنكليزية بطلاقة ولكن لا تعرف شيئا عن العربية”.
عند حديثه عن ابنته ارتجف صوته قليلا قبل أن يتابع “لدي طفلان آخران، صدقا لا أعرف ما الذي ستكون عليه أيامهما في المستقبل”.
يذكر أن تركيا بالنسبة للعراقيين محطة عبور باتجاه أوروبا، كما أن نسبة العراقيين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين ضمن برنامج إعادة التوطين في إحدى الدول الأوروبية هي الأعلى بين فئات اللاجئين الآخرين، فضلا عن أن نسبة طالبي اللجوء من العراقيين في تركيا هي الأعلى أيضا.
ما هي أكثر العوائق التي تواجهكم في تركيا؟
تعتبر اللغة وفرص العمل من أصعب المعوقات التي تواجهنا. الحصول على تصاريح العمل صعب جدا بالنسبة إلى الاجئين العراقيين، فضلا عن أن إجراءاتها مكلفة جدا أيضا، وهذا ما يدفع بالكثيرين للعمل بالأسود (بدون أوراق) وفي ظل ظروف سيئة للغاية وأجور زهيدة، لتأمين مصروفاتهم اليومية.
“الفقر منتشر بشدة في صفوف العراقيين في تركيا، ما من مساعدات حقيقية تصلنا. هناك فقط مبلغ 100 دولار أمريكي تحصل عليه العائلات الحاصلة على الحماية الدولية شهريا من الاتحاد الأوروبي. الكثير من العراقيين إما أن يضطروا إلى العمل بوظائف في ظروف سيئة جدا ومعاشات متدنية، أو تساعدهم عائلاتهم من الخارج… “.
بالنسبة للتعليم، الحكومة التركية أتاحت لأطفالنا دخول المدارس التركية، لكن الحكومة العراقية لا تعترف بالمناهج التركية، وبالتالي إذا ما أراد أحدنا العودة إلى العراق فسيواجه أطفاله عائقا بالاندماج في المدارس هناك.
الكثير منا استسلموا للواقع وأرسلوا أبناءهم للمدارس التركية المجانية، لا خيار سوى ذلك وإلا سيبقون بلا تعليم.
افتتحت مؤخرا مدارس عراقية خاصة، تدرس وفقا للمنهاج العراقي، ولكن أقساطها مرتفعة جدا ما يحول دون وصول الشريحة الأكبر من اللاجئين العراقيين أصحاب الدخل المحدود إليها.
طبعا كل الشكر والتقدير لتركيا وشعبها على استضافتنا، ولكن العراقيين هنا ليسوا مرتاحين بتاتا. دائما ينظر إلينا على أننا غرباء، حتى المقبرة التي ندفن فيها موتانا باتت تعرف بمقبرة الغرباء.
ما دور مفوضية شؤون اللاجئين؟
لا نريد من المفوضية شيئا سوى تفعيل برنامج إعادة التوطين للاجئين العراقيين الموجودين في تركيا.
عمليات إعادة التوطين من خلال المفوضية للعراقيين نادرة. غالبا ما يقول لنا موظفو المفوضية عبارات مبهمة لا نفهمها عندما نراجع بشأن ملفاتنا، مفادها كما نفهمها أن لا جديد في وضعنا… منذ 2017 وحتى الآن، فقط تمت إعادة توطين شخصين عراقيين فقط.
أضف إلى ذلك أن مكاتب المفوضية باتت لا ترد على اتصالاتنا الهاتفية، خطوطهم الهاتفية إما مشغولة طوال الوقت أو خارج الخدمة. يتواصلون معنا عبر رسائل نصية من أرقام لا يمكن الاتصال بها.
نعلم أن المفوضية أنهت عمليات تسجيل طالبي الحماية الدولية في تركيا في 10 أيلول/سبتمبر الماضي، وأحالت كافة مهامها المرتبطة بهذا الموضوع على المديرية العامة لإدارة الهجرة (DGMM – السلطة الوطنية التي يعهد بها قانون الأجانب والحماية الدولية). إلا أن السؤال يبقى، ما مصير الملفات التي كانت بحوزة المفوضية قبل تاريخ إنهاء مهماتها مع الوافدين الجدد؟
آلاف العراقيين من الحاصلين على الحماية الدولية، وسئموا الانتظار واختاروا السفر عبر البحر غرقوا، ما من أحد يسأل عنهم، ولا ذكر لهم حتى في أغلب بيانات المنظمات الدولية. لماذا كل هذا الإجحاف بحق اللاجئين العراقيين؟