في بدايات تأسيس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، إستبشر الشعب الايراني خيرا به بعد أن ظل يرکز على دعم ومساعدة ومناصرة المستضعفين والمحرومين، ذلك إن النظام الملکي قد ساعد والى حد ما على تفشي الفقر والحرمان في إيران، ولذلك کان هناك تفاٶل بأن الشعب”وخصوصا الطبقات الفقيرة منه” سينعم بأوضاع معيشية أفضل من تلك التي کانت في ظل النظام الملکي، ولکن وبعد مرور 40 عام على تأسيس النظام، فإن رفع الشعب الايراني لشعارات صادمة تقول وبالحرف الواحد:( نريد أن نصل من خط الموت الى خط الفقر)، فإن ذلك يعني بأن هذا النظام قد تفوق على النظام السابق من حيث إفقار وتجويع وحرمان الشعب الايراني.
تسليط الضوء وبصورة ملفتة للنظر بين الفينة والاخرى في إيران على قضية الفقر ونسبة الذين يقبعون تحته، صار أمراملفتا للنظر، خصوصا وإن تکرار التصريحات والمواقف من جانب قادة ومسٶولين إيرانيين بهذا الخصوص، يعني إعتراف بأن القضية ليست مسألة طارئة بل إنها صارت ليست ظاهرة فقط وإنما حتى کأمر واقع وإن آخر من قد سلط الضوء بهذا الخصوص هو النائب رسول خضري، عضو اللجنة الاجتماعية في البرلمان الإيراني، مذكرا، قبل أيام، بأن حوالي 40 مليون شخص في البلاد دون خط الفقر، وإن تأکيده على 40 مليون، يلفت النظر أکثر لأن هذا الرقم قد تکرر خلال عامي 2017 و2018.
العودة لتسليط الضوء على ظاهرة الفقر والعيش تحت خطه، تأتي مع ظروف وأوضاع إستثنائية تواجهها طهران على أثر العقوبات الامريکية والتي ستظهر آثارها وتداعياتها أکثر خلال الاسابيع القادمة، ومع إن حکومة روحاني قد سعت خلال برامجها لإيلاء أهتمام أکبر بأوضاع الشعب، لکن هناك الکثير من المعوقات التي تقف بوجهها وأهمها بأنه ليس هناك من ضمان لإنسيابية في عائدات بيع النفط والغاز الايراني بسبب العقوبات الامريکية، وإن ذلك يعني بأن هناك قطاعات کبيرة أخرى من الشعب الايراني سوف تنضم بسبب من ذلك الى القابعين تحت خط الفقر.
هل إن طهران ستنجح في العبور بإيران وشعبها خلال العام الجديد من الاوضاع غير العادية التي تواجهها؟ وهل ستنجح في مواجهة التحديات والتهديدات المختلفة المحدقة بها؟ وهل ستتمکن من إختراق جدار العقوبات الامريکية وتسخر من إدارة ترمب کما فعلت مع الادارة التي سبقتها؟ الاجابة على هذه الاسئلة من شأنها تحديد المسار الذي ستسير في ظلاله الاوضاع في إيران، مع إن معظم المراقبين السياسيين يعتقدون بأن حظوظ طهران في إحراز نتائج جيدة، أقل من قليلة!