الأحد, نوفمبر 24, 2024
Homeمقالاتعادل سليم..حكاية ثوري شجاع لا يهاب الموت..: صباح كنجي

عادل سليم..حكاية ثوري شجاع لا يهاب الموت..: صباح كنجي

الكتابة عن عادل سليم وامثاله من الثوريين الصادقين.. وهم قلة نادرة في الوجود.. ليست امراً سهلاً.. ويصعب تقفي خطوات سيره المغلفة بالكثير من الأسرار.. إذا استثنينا طبيعة تحركه وسط الألغام البشرية في كواليس السياسة ومطباتها.. التي لا تخلو من تعقيدات وملابسات.. يصعب فك الكثير من طلاسمها وتشابكات خيوطها.. الملتفة كالأفعى وسط حزمة احداث ومواقف.. لا تخلوا من صراعات محتدمة.. شهدت مصادمات.. وأفرزت نتائج.. لا يمكن البت بها من خلال نظرة سطحية.. من دون معرفة طبيعة علاقات الطرف الثاني ونواياه وما يخفيه من غايات.. لم يكن من السهل الاستدلال عليها في لحظات تاريخية شهدت شهقات تداخل بين الحياة والموت..

وكما كانت بدايته صعبة وهو يلج طريق الثوار الحالمين بخلق مجتمع أفضل.. وقرر بوعي وإدراك مستند على صبر لا حدود له.. لتحمل اعباء ومشاق الكفاح والنضال.. ومواجهة مخاطره.. كانت نهايته أصعب.. ترافقت بالغاز رحيل مفاجئ.. ما زالت ابعادها مغلفة بالأسرار.. لا تخلو من مؤشرات قسوة أوضاع مارست فيها أجهزة القمع اساليبها الدنيئة في التخلص من رجال رفضوا الانحناء.. بمساعدة واستدراج من كان بالقرب منه.. في مشوار مسيرة نضالية لا تخلو ممن رضخ للذل.. وقرر ان يغير جلده في لحظة تماهي مع عبث سلطة البعث واجهزته القمعية.. التي قررت.. الفتك بعادل سليم ورفاقه الاحرار..

تقول الحكاية..

ـ الولادة كانت في محلة خانقاه ـ أربيل عام 1926 في منزل كبير لأبيه الذي كان يعمل في تجارة الأقمشة والتبوغ.. وانه دخل المدرسة المظفرية عام 1933 وكان من الطلبة المتفوقين فيها وفي بقية مراحل دراسته.. وانه شارك في مخيم مصيف سرسنك للطلبة المتفوقين لمدة 20 يوماً على نفقة الحكومة الملكية في حينها..

وفي صباه وقبل ان يستكمل السادسة عشر من العمر.. انخرط في العمل السياسي.. من خلال منظمة (الحطابين الكردية ـ دارْ كه رْ) وتعرف من خلالها على مجموعة من العاملين فيها.. لتشكل بداية انعطافه الاجتماعي وميله لخلق عالم أفضل للكادحين الحطابين.. وغيرهم ممن كانوا يعانون من شظف العيش في أجواء الحرب العالمية الثانية..

هذه المنظمة التي تحولت الى حزب هيوا ـ الأمل ـ الذي ترأسه رفيق حلمي.. وقال عنه فهد مؤسس الحزب الشيوعي العراقي في تعليقه البليغ على هذا النشاط.. الأكراد بحاجة لحزب للعمل وليس للأمل.. واعقبها انخراط عادل سليم في مجموعة يكتي تيكوشين ـ وحدة النضال لفترة محددة.. ومن ثم كادر معروف في حزب شورش ـ الثورة عام 1943 التي تشكل على يد مجموعة من الماركسيين الكرد.. أبرزهم صالح الحيدري ونافع يونس وعمل معهم لغاية عام 1946.. وكان قد بلغ العقدين من العمر حينما قرر حزب شورش وتنظيم رزكاري.. الانضمام لصفوف الحزب الشيوعي العراق.. وبقي يعمل فيه وبرز ككادر قيادي وثوري يحسب له الحساب.. ترك بصماته في أكثر من ميدان ومدينة.. بحكم خصاله وقدراته السياسية والفكرية.. التي مكنته على التحليل والتشخيص الدقيق.. واتخاذ الموقف الصحيح من الأحداث والمستجدات.. واهلته لخلق علاقات متينة مع من كان معه من مناضلين وجمهور محيط بهم.. في مراحل تاريخية شهدت تحولات وانعطافات.. لم تكن تخلو من صعوبات ومخاطر.. ساعدت على فرز وتشخيص المناضلين.. ممن اتصفوا بالصلابة والنقاء الثوري ونكران الذات.. وكان عادل سليم واحداً من هؤلاء.. الذين اختبرتهم الحياة.. ممن كلفوا بمهمات في العديد من المدن والقرى ولم يتوانى يوماً في تقديم المساعدة لأجيال من المناضلين.. الذين كافحوا معه من أجل التغيّير وخلق عالم أفضل خال من الاضطهاد والقهر والجوع والذل.. عالم يليق بالإنسان كاثمن شيء في الوجود وفقاً لتعبير ماركس..

وتحمل عادل سليم أعباء مواقفه ونضاله.. وانتبهت سلطات العهد الملكي لنشاطه السياسي المبكر وجرت مراقبته وملاحقته.. وفتحت له كواليس وأبواب المعتقلات والسجون.. وتم فصله من الدراسة عام 1943..

واعتقل ثانية في 17 شباط 1949 بعد اعدام فهد ورفاقه بأيام معدودة.. نتيجة لاعترافات رفيق جالاك.. وحكم عليه بسبع سنوات سجن.. وأرسل الى سجن نكرة السلمان السيء الصيت الذي شهد اضراب المعتقلين.. ومنهم عادل سليم ورفاقه الميامين.. ورفضهم لإجراءات القمع المذلة.. وتم نقلهم أثرها الى سجون بغداد وبعقوبة.. ومن ثم اجبر على البقاء في مدينة بدرة لغاية عام 1957.. حيث تم إطلاق سراحه بكفالة ليعود شامخاً الى أربيل من جديد.. محملاً بخصال ومعرفة صقلتها “أروقة” السجون وتجارب رجال احتك بهم.. زادت من إصراره على مواصلة المشوار.. بيقين راسخ.. ورؤية أوضح لا يشوبها غبار..

بعد 14 تموز 1958.. مع التغيير الذي حصل في العهد الجمهوري.. واصل عادل سليم نشاطه السياسي والاجتماعي في مناطق أربيل وكركوك والسليمانية.. واعتقل لمرتين في العهد الجمهوري..

الاعتقال الأول جرى عام 1961 وبقي مسجوناً لتسعة أشهر.. حيث أطلق سراحه ليعتقل ثانية في شباط 1962 ويتعرض للتعذيب البشع.. كسرت اضلاعه وساقه.. وبقي مسجوناً لغاية عام 1965.. مرّ خلالها بعدة سجون ومعتقلات بما فيها سجن الحلة..

لم تخلوا فترة مكوثه في المعتقلات والسجون بالنسبة له ـ رغم قساوتها ـ من تأثيراته الثورية والإنسانية وتمكن من ترك انطباع لدى رفاقه.. يشكل رصيداً ثورياً له.. وأكد من كان معه في تلك المعتقلات:

 انّ عادل سليم..

كان له الدور البارز في تقوية معنويات الرفاق.. ودفعهم للصمود.. ناهيك عن قدراته في تنظيم شؤون المعتقلين.. وضبط إيقاع السجن القاسي.. بما يوفر علاقات إنسانية.. طابعها التضحية والمساعدة ونكران الذات في ميدان الخدمات داخل المعتقل.. وهي صفات لا تقل أهمية عن كفاح المناضل البطولي خارج السجن.. وهذا ما تجسد في الصفحات اللاحقة من حياته.. بعد خروجه من المعتقل عام 1965..

حيث عمل في صفوف الأنصار الشيوعين في كردستان.. وشملت رقعة نشاطاته مناطق سوران وبهدينان والموصل.. وأصبح سكرتيراً لمحلية نينوى ودهوك في الكونفرنس الثاني في آب 1968 كما يقول توما توماس في مذكراته المطبوعة تحت عنوان (أوراق توما توماس)..

وحضر المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي العراقي كعضو في مكتب لجنة الإقليم من عام 1966 كما ورد في (مذكرات بهاء الدين نوري)..

في هذه المرحلة تجسدت امكانياته القيادية الحزبية والجماهيرية.. عرف كمناضل جسور وقائد حزبي جدير بالاحترام والتقدير.. تمكن من جمع شمل رفاقه وتثويرهم وزجهم في نشاطات وفعاليات مهمة.. من خلال قيادته المباشرة للجان القيادية في المحافظات.. واشرافه على المنظمات في الاقضية والنواحي والقرى.. وأرسل للدراسة الحزبية مع توما توماس لسنة كاملة في الاتحاد السوفيتي عام 1969.. وانتهت علاقته بمحلية نينوى ودهوك عام 1972

 ذكر لي أكثر من رفيق قيادي كان يعمل في مدن وقرى سهل نينوى.. من ضمنهم علي خليل ـ أبو ماجد وجوقي سعدون أبو فواد.. مواقف طريفة عنه.. تعكس جديته في العمل.. منها ما يتعلق بيوم اشرافه على منظمة دوغات.. حيث التقى بأعضاء اللجنة التي تقود التنظيم لساعات طويلة.. واستمع لملاحظاتهم ومقترحاتهم وانتقاداتهم.. وحال الانتهاء من الاجتماع.. طلب ـ استكمالاً لمهمته ـ من علي خليل ـ أبو ماجد الذي كان يقود اللجنة.. ان يلتقي برفيق ثرثار في المنظمة يختاره أبو ماجد.. وشكل هذا طلباً غريباً وغير مفهوماً له وللأخرين.. من أعضاء اللجنة فاستوضحوا منه..

ـ لماذا تطلب ان تلتقي برفيق ثرثار، وما أهمية هذا اللقاء؟ أجابهم بجدية:

ـ كي اسمع ما لم اسمعه منكم في الاجتماع.. ويزداد اطلاعي على الوضع.. أنتم قدمتم لي وللحزب صورة والثرثار سيستكمل المشهد بما لم تقصونه وتتحدثون عنه في هذا الاجتماع..

بهذه الرؤية.. وبلا مجاملة.. كان يعمل عادل سليم.. ويسعى من خلال اوقاته في فترات وجوده بين من ينشط معهم لمعرفة أدق التفاصيل عن الأوضاع.. كي يستخلص منها إمكانية تحديد الموقف الصحيح وتقدير حجم المسؤولية.. وهو يخطو خطواته بثقة نحو المستقبل..

وهذا ما أكده حسين كنجي ـ أبو عمشه ـ عنه بحكم معرفته به.. حيث أثنى على خصاله وأشاد بدوره في تلك المراحل الصعبة من الكفاح المسلح.. وما رافقها من جهود جبارة لتجاوز اثار وخسائر انقلاب الثامن من شباط ومخلفاته الدموية والنفسية.. حيث قاد الموصل بجدارة وكان يأتي الى بعشيقة وبحزاني مع زوجته الرفيقة ام شوان.. وخلق علاقات مودة واحترام مع رفاقه في المنطقة.. وما زال الشيوعيون يتذكرونه بفخر واعتزاز..

لهذا السبب أيضاً.. وتقديراً له.. هناك من حمل اسمه في قرى وجبال كردستان وبقية مدن العراق.. حيث جرى إطلاق اسمه (عادل) على العديد من المواليد من قبل رفاقه في الأنصار والمعتقلات وساروا في ذات الطريق في فترة الكفاح المسلح الثانية من منتصف عام 1978 وما تلاها..

يقول عنه الشاعر احمد دلزارْ الذي تعرف عليه في السجن مستذكراً خصاله..

(لقد جمعتنا مع الرفيق عادل سليم اجتماعات ولقاءات عديدة، وتجاورنا في كونفرانساتْ واجتماعات حزبية كثيرة، ودارت بيننا حوارات لا أول لها ولا آخر.. رأيته دائماً واضحاً وضوح الشمس عند عرض أفكاره أو نقده. قوى الحجة يعرض وجهة نظره في نقاط محددة لا لبس فيها. عاش منذ فجر شبابه مناضلاً صلباً ومدافعاً عن حقوق الفقراء والمعدومين، عبر رحلة ممتدة وغنية بالمواقف الشجاعة لم يخضع لأي اغراءات زائلة، ويكفيه تلك المشاعر الفياضة التي عبر عنها الآلاف في وداعه الاخير، وجاءوا من كل حدبٍ وصوب لتوديع رفيقهم الشجاع متحدّين الارهاب البعثي).

ـ الوفاة 12 أيلول 1978..

كانت لحظة احتدام لمؤشر الموت مع جملة نشاطات بين كركوك واربيل.. في لجة احداث معقدة شهدت انفراط علاقة سياسية بائسة مع السلطة وأجهزتها القمعية.. التي اخذت بمطاردة الشيوعيين.. وقرر عادل سليم التدخل بحكم مسؤوليته وصلاحياته الرسمية لمواجهة الموقف وتحولاته.. وبعد عدة لقاءات غير مجدية.. ترافقت مع أحاديث متوترة مع قادة حزب البعث في المحافظة ومسؤولهم.. قرر الانسحاب والتوجه الى أربيل..

 لكنه لم يصل..

حيث توقف قلبه عن الخفقان في ذلك الزمن.. الذي شهد نهاية لبداية.. هي بداية نهاية عادل سليم الغامضة.. لتسجل بين طيات التاريخ حكاية رجل ثوري عرفت بداياته.. لكن الغموض ما زال يرافق هذه النهاية المؤلمة..

هو غموض لا يخلو من توجيه أصابع الاتهام لمن كان معه.. وقرر الانحناء للعاصفة.. وقبل بصفحة الغدر وما كان يخطط لعادل سليم وينهيه.. عادل سليم لم يمت في تلك اللحظات.. عادل سليم تحول لأسطورة ثورية يعشقها الأحرار في العراق والعالم.. اسطورة يعلو صوتها في كل لحظة بين من يلتصق بجبال كردستان.. ويردد صداها من يسكن اهوار العراق..

اسطورة عنوانها الحرية.. حرية الانسان التي لا تتجزأ..

ومات.. أجل مات.. من شارك بقتله.. بين “أروقة” أجهزة القمع.. ومن كان يدرك ويعلم بما يخطط له في تلك الأجواء الملتبسة المحملة بالكثير من صفحات الغدر والخيانة والذل..

ثمة الكثير مما قيل عن عادل سليم..

وثمة الأكثر مما لم يقال..

لكن ما زلت استذكر ذلك اليوم من عام 1996 حينما كنت اسكن في مساكن برزة بدمشق.. وإذا بامرأة تجاوزت الستين من العمر متكئة على الجدار المقابل للباب.. تنتظر بصبر.. الألم يعتصر قلبها.. ملامحها توشي بالكثير من الحزن الدفين.. وحال فتحي الباب انتبهتْ.. كأني أيقظتها من غفوة تفكير كان قد ذهب بها لبعيد.. اقتربت تستفسر بهدوء..

ـ هل انت صباح؟

ـ نعم

وأسرعت للتعريف بنفسها..

ـ أنا ام شوان.. زوجة عادل سليم..

يا إلهي تذكرت هذا الاسم الذي كان له صدى في الكثير من محادثات ابي ومن معه في البيت.. منذ ان كنت في العاشرة من عمري.. وما تلاها في فترة الصبا.. ومن ثم الشباب.. حيث بدأت انشط في صفوف اتحاد الطلبة.. قبل ان اتعمد بالانتساب لمسيرة الشيوعيين..

تذكرت الكثير مما كان يقال عنه.. كما تذكرت تلك اللقطات.. التي ناقش فيها عادل سليم.. الأرعن صدام حسين في الاجتماع الموسع.. لما سمي بـ لجان الجبهة.. وما رافق ذلك النقاش من ملابسات ومواقف اسفرت عن وضع عادل سليم في دائرة الاتهام.. اتهام هو في شفرت الموت اغتيال موعود..

قلت لها محاولاً ان اعود لفتح الباب من جديد بعد ان أوصدته.. تفضلي: قالت:

ـ لا ابني.. انا مستعجلة.. كنتي معي في دمشق.. ونريد العودة الى كوبنهاكن.. ولا تكفي نقودنا لقطع بطاقة سفر لكنتي.. احتاج 200 دولار فقط..

ذهبت الى المقر الحزب والى فخري كريم.. ولم يعينوني بهذا المبلغ البسيط.. رغم تعهدي بإرجاعه لهم حال وصولي الى كوبنهاكن.. اريد منك 200 دولار فقط..

كاد ان يغمى عليّ.. لكني تماسكت كعادتي حينما اواجه مشاكل واتجاوز المواقف الصعبة والمحرجة بالبحث عن حل ممكن لها.. بدلاً من اللجوء للتبرير او الهروب من معضلة..

لكن مشكلة ام شوان رغم بساطتها ليس باستطاعتي حلها.. أنا المفلس المزمن.. الذي لا يملك أكثر من 200 ليرة سورية.. فكيف بـ 200 دولار..

اجبتها على الفور بلا تردد..

ـ ام شوان لو تطلبين عيني الآن لن أقول لك لا.. لكن للأسف ليس لديّ هذا المبلغ.. سأسعى لطلب المبلغ من شخص قريب.. يحتاج انْ نمشي لبيته مدة عشرة دقائق أو ربع ساعة لا أكثر.. لم اقل لها من هو الشخص المقصود.. تحسباً لما قالته عن مقر الحزب وفخري كريم.. وما في هذا الموقف البائس من صدمة للسامع.. فكيف بها صاحبة المشكلة التي تبحث عن الحل في غربتها..

مع وصولنا للهدف.. طلبت منها ان تنتظرني لدقائق معدودة.. وحالما طرقت باب الشقة في الطابق الثاني من البناية وجدت أبو جوزيف ـ توما توماس جالساً في بيت ابنه جوزيف مع احفاده.. رحب بي الرجل وقال:

ـ اجلس..

قلت له:

ـ الوقت ليس للجلوس.. معي في الشارع أم شوان.. زوجة عادل سليم.. تحتاج لمبلغ 200 دولار لكي تتمكن من العودة لـ كوبنهاكن مع كنتها.. ذهبتْ لمقر الحزب وفخري كريم تستنجد بهم.. لم يلبوا طلبها.. وبدون توقف اوضحت له: لم اقل لها أني اتيت لك.. كي لا تصاب بصدمة جديدة.. امنحني هذا المبلغ وسأعيده لك انا لاحقاً إن تعذر عليها ذلك..

لم يعلق.. قال على الفور

ـ اذهب واطلب منها ان تصعد حالاً..

اسرعت العودة في النزول.. لنصعد معاً موضحاً لها.. ينتظرك أبو جوزيف.. المشكلة محلولة.. وحال وصولنا بعد ان استقبلها بعيون دامعة وحياها مستذكراً بعواطف مؤلمة أيامه مع عادل سليم.. وضع امامها على الطاولة مبلغ 1000 دولار قال لها:

ـ خذي هذا المبلغ ولا ترجعيه.. لكنها أصرت.. انا بحاجة لـ 200 دولار فقط.. وقبل ان نخرج كان ثمة حديث طويل.. حديث مؤلم.. قالت فيه ام شوان..

ـ أنا لست مزعوجة من رفضهم وموقفهم المخزي.. لكني مزعوجة من قسم فخري كريم وهو يكرر.. بقبر الشهداء ليس لي هذا المبلغ.. كررت القول.. أبو جوزيف.. وبحسرة وصوت.. أقرب الى النواح والشجي الحزين المؤثر للمذبوح من الوريد الى الوريد نطقت:

 فخري حلف بقبر الشهداء.. انه لا يملك هذا المبلغ.. يعني حلف بقبر عادل سليم بالكذب.. هذا ما يؤلمني يا أبو جوزيف.. وصل الاستهتار بهم للحلف بقبر الشهداء بالكذب! أيّ زمن هذا.. والى أين نسير؟

ذلك هو السؤال الذي لم يجاوب عليه عادل سليم.. وتركه لنا لنجيب نحن عليه..

الى اين المسير؟

ماذا سيكون ـ بعد رحيل عادل سليم ـ المصير؟

هل من بصير

يكشف ما في السرة

من دليل

عن الغدر بالرجل القدير

في زمن النفير

شهقة الموت تشهد

لـ عادل سليم

وهو يصرخ متحدياً

بشاعة زمن

وقساوة وحوش

وخيانة مساوم حقير

افتقد الضمير

ــــــــــــــــ

صباح كنجي

30/10/2023

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular