1- هل حقا الدول الإسلامية والعربية وروسيا والصين، لا تملك القدرات السياسية والدبلوماسية لإيقاف الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين؟ بغض النظر على ضعفهم السياسي والعسكري (جميع أسلحتهم من أمريكا أو دول الناتو) وحتى اقتصاديا (معظم رؤوس أموالهم ونفطهم تتحكم بها الشركات الرأسمالية العالمية، ومعروفة من يتحكم بهذه الشركات)، والبعض من الدول الإسلامية بدأت تخرج من تحت عباءة تأثير التأويلات السياسية المحرفة للنص القرآني، وخلق بعض القوى السياسية لمفهوم الصهيونية؛ للطعن في الوجود التاريخي للشعب اليهودي في إسرائيل والمعترف به من قبل الديانات السماوية الثلاث، بغض النظر عن الصراع السياسي وخلفياته ما بين الدولتين.
أم أنهم متواطئون، ويريدون إنهاء حماس والجهاد الإسلامي، لأنهم على دراية تامة أن الحركتين، بعكس الحكومة الفلسطينية، أدوات إيران في المنطقة ضد الدول العربية مثلما هي ضد إسرائيل، تحت حجة محور المقاومة التي تترأسها، والتي بها أخرجت القضية الفلسطينية من أيدي الدول العربية وحكومة فلسطين، وأصبحت تتحكم بها عن طريق الحركتين كما تتحكم بلبنان عن طريق حزب الله، وبالعراق عن طريق الحشد الشيعي.
وروسيا لا تود إيقافها لذلك ما قدمته لمجلس الأمن لم تكن من أجل أيقاف الحرب، بل بطلب كانت تتضمن منهجية تبيان انتصار حماس والجهاد الإسلامي في الحرب، كما وكانت على دراية تامة أن أمريكا ستستخدم حق الفيتو، وبها بينت على أنها مع الحركتين، لكن ليس ضد إسرائيل، وهي السياسة التي تتبعها تركيا. والطرفين يريدون توسيع الصراع في منطقة الشرق الأوسط كل حسب مصالحه، روسيا تريد إلهاء أمريكا في جبهات متعددة، وتركيا تحلم بإخراجها من غرب وجنوب كوردستان.
ولا شك أمريكا تدرس كل هذه وبعمق إستراتيجي، لذلك تصريحاتها ومحاولاتها تتركز على عدم توسيع الحرب في المنطقة، إلى حين بلوغ إسرائيل غايتها من حربها على حماس والجهاد الإسلامي حاليا وحزب الله لاحقا.
2- هل أمريكا تجر إيران إلى الحرب؟
ما هي خلفيات الرد الأمريكي الخجول تجاه هجمات الميليشيات الإيرانية على قواعدها؟ علما أنها حشدت قوات على مستوى شبه حرب كبرى في المنطقة، وربما أبعد.
وهل إيران ستحارب إسرائيل وأمريكا عمليا كما تفعله في البعد النظري؟
على الأرجح هناك مخطط أمريكي لجر إيران بشكل غير مباشر لدخول حرب مباشرة إما مع إسرائيل أو أمريكا والطرفين سواء بالنسبة لدول الناتو، لأنها ستشارك في أي حرب يقدم عليها أمريكا، ولا يهم إن كان الحرب مع الجيش الإيراني، أو في بقعة مجاورة، مثلما فعلتها بروسيا وأوقعتها في مستنقع الحرب الأوكرانية، والنظام الإيراني على دراية بهذا المخطط، وتدرسه بحنكة، ولهذا يحاول حصر الصراع بين القواعد الأمريكية وميليشياته، وبشكل محدود، حتى إن أئمة ولاية الفقيه حذروا حزب الله بعدم توسيع الصراع مع إسرائيل من خلال الوفد الذي وصل إلى جنوب لبنان قبل يومين. فهي تعاني من واقع اقتصادي داخلي مزري، وليست لها القدرة على أية حرب طويلة الأمد كما فعلتها مع العراق.
لكن مع ذلك قد تقع في المستنقع فهي ليست بأذكى من النظام الروسي وحيث الخبرة الإستراتيجية الواسعة المترسخة من مرحلة الإتحاد السوفيتي، مع ذلك وقع بوتين في الفخ، وهي تستنزف اقتصاديا وعسكريا، ربما ربحت جغرافيا لكن في البعد الإستراتيجي لا قيمة لها.
روسيا تضحي بإيران وميليشياتها بتصعيد الصراع، بعدما حرضتها على إشعال الحرب على قطاع غزة. إيران لا تملك إمكانيات روسيا الاقتصادية والعسكرية، ومنهارة اقتصاديا، لكنها ستعتمد على ميليشياتها في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن. وروسيا مهما توسع الصراع في الشرق الأوسط لن تقحم ذاتها عسكريا فيها، ولن تقوم بفتح جبهة أخرى مقابل ما تقوم به في أوكرانيا، بل ستكتفي بدفع أدواتها إلى الصراع مهما توسع.
من الرابح في هذا التصعيد ومن هو الخاسر هذه معادلة معقدة، لكن إيران ستكون أول الخاسرين، مثلما حصلت لروسيا في أوكرانيا.
والسؤال: هل ستكون منطقة الشرق الأوسط بداية حرب شبه عالمية، أستبعدها، لكن لا أستبعد توسع الصراع جغرافيا وعسكريا.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
30/10/2023م