ثلاثة اسماء متداولة الان لرئاسة البرلمان بينهم نائب من حزب تقدم الذي يتزعمه محمد الحلبوسي رئيس المجلس السابق الذي ابعدته المحكمة الاتحادية.
ويفترض بحسب القانون ان يتم اختيار بديل للحلبوسي في اول جلسة للبرلمان بعد الاقالة التي وصفها حزب تقدم بـ”الاستهداف السياسي”.
ورفض الحلبوسي امس، قرار المحكمة الاتحادية، وقال إنه ليس من صلاحيات المحكمة النظر بعضوية النائب.
وردا على القرار قدم ثلاثة وزراء استقالتهم، ليصل عدد الوزراء المستقلين بشكل جماعي منذ 2007 الى 35 وزيراُ، نصفهم تقريبا من السُنة.
وعلق نواب الحلبوسي حضور جلسات البرلمان، فيما يتوقع ان يصدر الاخير قرارات تصعيدية قد تصل الى مقاطعة الانتخابات المحلية.
وكانت المحكمة الاتحادية قد اصدرت مساء الثلاثاء، قرارا بانهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، بناء على دعوى قضائية قدمت ضد الاخير.
وقال الحلبوسي خلال مؤتمر صحفي امس الاربعاء، ان “واجب المحكمة الاتحادية الالتزام بالدستور وتطبيق نصوصه بنحو غير قابل للاجتهاد”.
وأضاف “المحكمة الاتحادية بقرارها خالفت الدستور وهذا أمر خطير، إذ لا يحق للمحكمة النظر بصحة عضوية نائب إلا بعد قرار من مجلس النواب”.
وتابع “الدستور حدد الحالات التي تستوجب إنهاء العضوية في البرلمان وهي الاستقالة أو حالة الوفاة أو الجناية أو المرض”، مؤكداً “نحن حريصون على إيضاح الجنبة القانونية عما حدث وليس الجنبة السياسية”.
واعتبر الحلبوسي أن “المحكمة الاتحادية لم تراع كل شروط إنهاء عضويتي من مجلس النواب”، مشدداً “واجب المحكمة الاتحادية الالتزام بالدستور وتطبيق نصوصه بنحو غير قابل للاجتهاد”.
وفي لحظة النطلق بالحكم وصف الحلبوسي القرار بـ”الغريب” وقال إنه سيسعى لاستيضاحه، وبان “هناك من يسعى لتفتيت المكونات الاجتماعية”.
وجاء في البيان الذي نشر على الموقع الرسمي للمحكمة أنها “قررت إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد ريكان الحلبوسي أعتبارا من تاريخ صدور الحكم في 14 تشرين الثاني 2023″.
كما اتخذت المحكمة قرارا مماثلا بحق النائب ليث مصطفى حمود الدليمي الذي أقام الدعوى، وفقا للبيان.
واتهم الدليمي رئيس البرلمان بـ”تزوير” تأريخ طلب استقالة باسمه قدم سابقا، بهدف طرده من المؤسسة التشريعية.
وتقول مصادر سياسية مطلعة وجود ثلاثة اسماء مطروحة كبديل للحلبوسي وهم “مثنى السامرائي زعيم تحالف العزم (اشد منافسي الحلبوسي)، وخالد العبيدي وزير الدفاع الاسبق والنائب عن التحالف نفسه”.
اضافة الى تردد اسم النائب والقيادي في حزب تقدم زياد الجنابي، وهو الاكثر ترجيحا، في “تسوية قد تكون مقبولة لتنحية الحلبوسي وبقاء حزبه في المنصب”، وفق ماتقوله المصادر العليمة.
ومبدئيا سيحل محسن المندلاوي القيادي في الاطار التنسيقي، والنائب الاول لرئيس البرلمان بديلا للحلبوسي لحين انتخاب رئيس جديد.
وتنص المادة 12 من النظام الداخلي للبرلمان على إذا خلا منصب رئيس المجلس أو أي من نائبيه لأي سبب كان “ينتخب المجلس بالأغلبية المطلقة خلفاً له في أول جلسة يعقدها لسد الشاغر وفقاً لضوابط التوازنات السياسية بين الكتل”.
وكان البرلمان قد حدد امس، جلسة جديدة، عقب اقالة الحلبوسي، حيث تستعد القوى السياسية الى تعديل قانون الانتخابات لتتمكن من تمديد عمل المفوضية والا سيتعرض موعد الاقتراع الى التهديد.
وفي السياق ذاته تتوقع المصادر ان يلجأ حزب الحلبوسي، في خطوة تصعيدية الى مقاطعة الانتخابات المحلية مستثمرا دعوة زعيم التيار الصدري الى عدم مشاركة أنصاره بالانتخابات.
وكان الحلبوسي الذي يقضي ولايته الثانية في رئاسة البرلمان منذ 2018، قد عاد مؤخرا من جولة في الانبار للترويج لقوائمه الثلاثة التي ستشارك بالانتخابات.
ويرأس الحلبوسي قائمة تقدم، فيما يرأس وزيرا التخطيط محمد تميم والصناعة خالد البتال، المستقيلين توا، القائمتين الأخيرتين.
ونشرت مواقع اخبارية اوراق مكتوبة باليد لاستقالة الوزيرين الاخيرين اضافة الى وزير الثقافة احمد البدراني.
وقال بيان حزب تقدم اننا “تفاجأنا بصدور قرار المحكمة الاتحادية والذي نجد فيه خرقاً دستورياً صارخاً، واستهدافاً سياسياً واضحاً”.
وأضاف البيان أن الحزب سيقاطع اجتماعات الائتلاف الحاكم (ائتلاف ادارة الدولة)، وسيستقيل نوابه من اللجان البرلمانية وسيشارك في “مقاطعة سياسية” للبرلمان الى جانب استقالة الوزراء.
وتعد هذه الاستقالة هي الاستقالة الثالثة الجماعية للوزراء السُنة منذ 2007، حيث كان 6 وزراء قد استقالوا في حكومة نوري المالكي الاولى بسبب خلافات مع الاخير.
وبعد عام من استقالة الوزراء التابعين حينها لكتلة جبهة الحوار الوطني، عادوا الى الحكومة بتصويت البرلمان.
ثم استقال وزراء القائمة العراقية في 2013 وهم 9 وزراء بسبب احداث التظاهرات في المناطق الغربية التي سبقت ظهور “داعش”.
كما كان 32 وزيرا تابعا للتيار الصدري قد استقالوا على ثلاث مراحل، في حكومتي المالكي الاول والثانية، وحكومة حيدر العبادي في 2016.
تهم إضافية.. وارتدادات متوقعة
الى ذلك يعتزم النائب باسم خشان، رفع دعوى قضائية جديدة لدى المحكمة الاتحادية العليا ضد الحلبوسي تخصُّ قرار تعيين ستة مستشارين لم يستوفوا الشروط القانونية.
والنائب خشان كان قد دخل طرفا ثالثا في القضية التي رفعها النائب المقال ليث الدليمي والتي تسببت بإنهاء عضوية رئيس مجلس النواب.
وقال خشان في تدوينة امس “اليوم لديّ دعوى طعن أخرى أمام المحكمة الاتحادية العليا في قرار تعيين ستة مستشارين لم يستوفوا شروط تعيينهم”.
واضاف “وهذا القرار مزيّف أيضا، لأن الرئيس المحكوم ببطلان عضويته (ويقصد الحلبوسي) أدعى موافقة المجلس ولم يصوت عليه غير 20 أو30 نائبا فقط”.
وكان الاطار التنسيقي الشيعي قد دعا الى جلسة طارئة للتحالف عقب التطورات الاخيرة، يعقبه اجتماع لائتلاف ادارة الدولة.
لكن احسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي قال في مقابلة مع (المدى) ان “تلك الاجتماعات الطارئة هي فقط لإيقاف التداعيات المتوقعة ولن تحدث اي تأثير”.
واضاف الشمري ان “القرار انتهى وليس هناك مجال لصفقات او تسويات سياسية لان قرار المحكمة الاتحادية بات ونهائي وهذا ماذكرته المحكمة خلال النطق بالحكم”.
وعن الارتدادات المتوقعة لقرار الاتحادية، اشار الشمري الى “تراجع فكرة استمرار هذه المعادلة السياسية التي حاول البعض ان يثبت بقائه برئاساتها وبطبيعة الاتفاقات التي جرت منذ اللحظة الاولى لتشكيلها”.
وتابع “كما ان موازين القوى قد تغيرت داخل البيت السُني على اعتبار ان حزب تقدم يواجه الان تحدي البقاء، والارتباط بشخص الحلبوسي كرئيس للحزب سوف تؤثر وتؤدي الى تراجع ثقل الحزب عقب قرار الاقالة”.
كما يرى الباحث في الشأن السياسي ان جزءا من الارتدادات هو “الارتباك الحاصل داخل القوى السُنية، فبالرغم من وجود خصوم كثر للحلبوسي لكن يبدو هناك ضابط ولن تندفع تلك القوى الى خلط الامور ببعضها حتى لاتؤثر على الاستحقاق السًني، حيث سيحاولون الان اعادة ترتيب اوراقهم واصطفافاتهم”.
كذلك يتوقع الشمري ان الارتدادات سوف تلاحق “تحالف ادارة الدولة والذي يعاني من ازمات كثيرة وهو على مايبدو غير قادر على انقاذ الموقف، فضلا عن تأثيرات على الحكومة والبرلمان بسبب استقالة الوزراء ومقاطعة النواب”.
بغداد/ تميم الحسن