يقول الكاتب (أمين يونس) في كتابه: (مقالات حزينة وغاضبة) الصادر من مطبعة جامعة دهوك (2013). كما تنتظر شخصيات صموئيل بيكيت (غودو) في مسرحيته المشهورة: (غودو الذي لا يأتي) نحن العراقيين ننتظر شخصا خارقا، أو نبيا، مخلصا، مهديا، مسيحا.. لينقذنا مما نحن فيه.
يقول كاتب المقال مراد سليمان علو: بما إن الأيزيديون جزء من العراقيين ـ بالنسبة للذي يقيم في العراق ـ وكانوا ينتظرون مخلصهم (شرفدين) ليقدم من الغرب كما تقول الأسطورة الأيزيدية؛ ليحقق العدالة الاجتماعية ويأخذ بحيف أيزيدخان، ويحقق العدالة بين الناس جميعا. ولكن بعد الفرمان الرابع والسبعون في الثالث من آب (2014) تراجع الاعتقاد بالغيب وقلّ الإيمان في صدور الناس وخاصة الشباب، وهذه ظاهرة تستحق الدراسة.
وبهذه المناسبة أدعو طلبة الإدارة، والتسويق، والإعلام، وعلم النفس، والاجتماع لدراستها ميدانيا والوقوف على خفاياها.
أقول، ازدادت ظاهرة (عدم التدين) ـ رغم المرونة التي نجدها في ديانتنا ـ والبعض يسميها جزافا (الإلحاد) وقد ينعت البعض الآخر بالذين لم يعودوا يثقون بأقوال رجال الدين ب (الكفار والمارقين) ويستحقون دخول النار وهم أحياء، وكأن ما وقع عليهم من ظلم وجور من قبل جيرانهم ليس كافيا.
من جهة أخرى، وبعد تمديد سنوات الفرمان (وهذا يحدث للمرة الأولى في تاريخ أيزيدخان، وربمّا في تاريخ شعوب المنطقة) كان لابد من انبثاق بصيص أمل في زاوية ما من هذا الظلام، فكانت ظاهرة الناجية (نادية مراد)، وخاصة بعد نيلها جائزة نوبل للسلام في (2018)، حيث أتاحت لها هذه الميزة بالمطالبة علنا ومن جهات رسمية وشبه رسمية إقليمية ومحلية ودولية ولأول مرة.
قامت السيدة (نادية مراد) بأنشطة اجتماعية واقتصادية وإنسانية في قرى ومدن الأيزيدية وخاصة في حوض جبل شنكال وباتت تدق أبواب المسؤولين والوزراء والرؤساء لغرض إتاحة الفرصة أمام شعبها ليتنفس الحرية بعد أن ذاق الأمرّين على يد (داعش) وحكومات العراق المتعاقبة. فكان الصدى رائعا بين الناس في الداخل والخارج. وأهتمت المؤسسات الرسمية والمنظمات العالمية بها وبمشاريعها ومدت لها يد العون، بل وعدتها بكلّ خير.
ومن جهة أخرى أخذ الناس يطالبونها باستمرار بتقديم الخدمات والمنح والهدايا وخاصة بعد أن اشتهرت ب (بمبادراتها) وباتت تسمى مساهماتها وتفعيلها للمشاريع الصغيرة والمهمة وكذلك الكبيرة ب (مبادرة نادية).
أصبح الاعتماد على (نادية) جوهريا بعد أن انزوت وتراجعت الدكتورة والبرلمانية المشهورة فيان دخيل وتبين زيف وعود زملائها البرلمانيين الآخرين.
فكلما تأخر مشروع خدمي من هذه المشاريع انبرى (كويتب) أو باحث (نص ردن) وطالب السيدة الفاضلة (نادية مراد) بالتدخل وحساب المشروع ضمن (مبادراتها) الذائعة الصيت. بل يدعونها للمسيرات والاعتراضات والتجمعات الجماهيرية والاحتفالات أينما كانت.
لم يبقى (مصلحجي) ولا (قلمجي) إلا وطالبها بمشروع، ربمّا كنت الوحيد الذي لم أفعل، حيث كنت أكتفي بكتابة القصائد لها، وقد أستغل هذه الفرصة الآن، وسأطالبها بـ:
النظر بعين الاعتبار كضحية للفرمان أن تهتم بكتبي وكتاباتي وحكاياتي وقصصي وقصائدي ورواياتي التي تبحث وتتناول الفرمان لطبعها ونشرها كمجز ثقافي متكامل ضمن (مبادراتها) العديدة ليس لكوني وعائلتي من ضحايا الفرمان وهجرت من وطني المشمس إلى مدينة باردة أعيش فيها غريبا مريضا لا أستطيع العمل ولا أملك ثمن طباعة ونشر كتبي، بل لأن هذه الكتابات تستحق أن يطلع عليها الناس وتترجم لهم الحقيقة بوجهة نظر مختلفة.
ـ عود على بدء:
يبدو إن إخفاق الشيعة ـ خاصة شيعة العراق ـ على مر العصور في الوصول إلى السلطة، وانتظار من ينقذهم، عمل على توحيد فكرة الألم والأمل معا في فكرة المنقذ الإلهي وإنزالها إلى ارض الواقع، فكان (الحسين).
الأيزيدية لم يرغبوا في الوصول إلى السلطة يوما، ولكنهم مثل أخوتهم الشيعة كانوا ينتظرون من ينقذهم من الموت وإنهاء الفرمانات عليهم، ويحقق العدالة الاجتماعية لهم، فكان (شرفدين).
يذكر الباحث والكاتب في الحوار المتمدن البغدادي الراحل وليد يوسف عطو:
إن فكرة الشفاعة والتي نجدها في تضحيات الإمام الحسين، نجد ما يشابهها في المسيحية حيث سيتم إنقاذ البشرية على يد المسيح عن طريق إراقة دمه على الصليب وموته وقيامته. حيث يعتبر الأنجيل إن السيد المسيح مولود بدون خطيئة وهو لذلك ليس نبيا فحسب، بل جاء مخلصا للبشرية.
يقول صاحب المقال إن الأيزيدية بصورة عامة لا يفكرون بالشفاعة على هذه الطريقة فكل أيزيدي ذكر أو أنثى لديه (أخ الآخرة) سيشفع له عندما يحين وقت الحساب وعندما تكتفي روحة من التناسخ، ربمّا لسبع مرات متتالية. وهم في كل موسم يضعون عشر أرباحهم ذهبا أو فضة في خزنة (شرفدين) وهي فتحة سرية في جبل شنكال تؤدي إلى كهف مجهول تسمى ب (خزنة شرفدين) يضع فيها (مريدو شرفدين) عشر أرباحهم السنوية (لاحظ إنها تساوي الخمس في قيمتها عند الشيعة)
وسأعود إلى نشاطات السيدة نادية مراد في شنكال وقراها والتي أراها وهي بالتأكيد علامة على عدم قدرة الدولة على البناء وإنشاء المشاريع التنموية والخدمية في المناطق التي تحتاج إلى مثل هذه الخدمات وخاصة شنكال وقراها، أو ربمّا هو تقصير متعمد من كلا الجانبين المركزي والكردي كون المنطقة تقع ضمن المناطق المتنازع عليها حسب المادة (140) السيئة الصيت. فلا تحل المشكلة ويتنازل طرف للطرف الآخر ولا يتبرع طرف بالمساعدة في تقديم بعض الخدمات إلى المنطقة مما تضطر الجهات المدنية ومنها مشاريع مبادرة نادية إلى التوسط والتوسل أحيانا لغرض تقديم بعض الخير لهذا الشعب المحتاج.
في النهاية الأخت نادية مراد مجرد شخص وسيصيبها التعب والعجز في يوم ما ولن تكون قادرة على الاستمرار في هذا العطاء فعلينا أن نخفض مستوى توقعاتنا ونقلل من الضغط عليها، فمن حقها أن ترتاح بعد رحلة مضنية مع الفرمان وفقدها لعائلتها وتعرضها لأقسى أنواع العنف والعذاب ولا نحمّلها ما لا طاقة لها على تحمله.
ويبدو إن شبابنا على حق وهو بهذا يسبق غيره في تأكيده على أن زمن المعجزات قد ولى، وهذا هو زمن العمل وزمن الاتصالات التي تسهل عملية التواصل والعمل المشترك للتغلب على عقبات الحياة.
ـ مسك الختام:
انتظار (غودو) ليس حلا فهو لن يأتي كما تؤكد شباب الأيزيدية، وكذلك لا يجوز لمنطقة مترامية الأطراف مثل حوض جبل شنكال الاعتماد على مبادرات الأخت نادية مراد وتنسى الدولة دورها أو تتناسى في القيام بواجبها تجاه المناطق المنكوبة وبالتالي هذه المقالة نقدية بقدر ما هي جدلية حاولت فيها أن أصحح العلاقة بين الأيزيدي والأيزيدياتي من جهة والأيزيدي وحكومته من جهة أخرى من علاقة عبودية إلى علاقة حرية.
ختاما على المحبة نلتقي.
أحسنت استاذ مراد .مقال جدير بالاهتمام . ونتمنى من القائمين على مبادرة السيدة مراد تلبية طلبك وطبع نتاجاتك القيمة .ليستفيد منها الجميع .تقديري،واحترامي
الأستاذ غازي نزام،
الجزيل الأحترام:
شكرا لكم على تشجيعكم لمقالتي والإهتمام بكتاباتي، ولفت النظر إلى كتبي من جديد. وفي الحقيقة جاء هذا الطلب متلازما مع سياق كتابة المقالة ليس إلا.. وأنا شخصيا لا أرتجي خيرا وأهتماما من مجتمع مسكين لا يقرأ ولا يعرف أهمية الكتابة.
ختاما لكم مني اطيب الأمنيات