تعتزم مجموعة تطوعية شابة في سنجار، معظم أفرادها فتيات، إعادة الحياة الى بساتين التين والزيتون في القضاء، بعد أن أوشكت أشجار التين والزيتون التي تشتهر بها سنجار على الاندثار، بسبب الحرب وتدهور الأوضاع الأمنية.
ما لا يقل عن 50 شاب وشابة يعملون بشغف في إطار مشروع طويل المدى، يتمثل بمبادرة تطوعية لزراعة مليون شجرة في سنجار بمحافظة نينوى، لتكون بديلاً لآلاف الأشجار التي اندثرت في القضاء. المشروع ينفذه بيت التعايش في سنجار.
ميرزا دينايي، مدير بيت التعايش في سنجار، قال “المرحلة الأولى من المشروع انطلقت منذ شهر وتتمثل بزراعة 25 ألف شجرة، المشروع ينفذ على نفقتي الخاصة”. تتضمن الحملة في بدايتها تكثير أشجار التين والزيتون من الأقلام في حديقة بيت التعايش والاعتناء بها حتى تصبح جاهزة لزراعتها في البساتين.
الهدف من الحملة، بحسب دينايي، زراعة المزيد من اشجار التين والزيتون لتصبح مصدراً رئيسياً لمعيشة سكان المنطقة، الذين قضوا العقد الماضي حياتهم في النزوح وبدأوا تدريجياً بالعودة الى مناطقهم.
“نريد أن نواصل لحين زراعة مليون شجرة ونعوض الأشجار التي اندثرت”، واضاف دينايي، “نوزع البعض من أشجار الزيتون مجاناً على المزارعين، بالأخص الذين جفّت أشجارهم”.
وفقاً لإحصائية غير رسمية لشعبة زراعة سنجار، حوالي 4000 شجرة تين جفت أو ذبلت ثمارها خلال هذا العام.
الفريق التطوعي يتألف من 50 شاب وشابة على الأقل، يعمل خمسة أو ستة منهم يومياً من الساعة التاسعة صباحاً حتى الخامسة مساءً.
“نذهب لإحضار أقلام وشتلات أشجار الزيتون والتين من سنجار ثم نزرعها في حديقة بيت التعايش حتى تنمو وتتحول الى نبتات”، تقول رنا بلو، المشرفة على الفريق التطوعي.
تشتهر منطقة جبل سنجار بأشجار التين وتتواجد في محيطها أشجار الزيتون.
حالما علمت أن الدكتور ميرزا لديه هذه الفكرة التحقت بالفريق دون تردد، أحب الزراعة وأشعر بالسعادة هن
أعضاء الفريق تلقوا تدريبات حول كيفية تكثير الأشجار بالأقلام والشتلات بصورة علمية. إجمالاً، تم انتاج ثمانية آلاف شتلة خلال شهر، سبعة آلاف منها لأشجار التين.
وقالت رنا بلو إن “المشروع سيستمر حتى نصل لمليون شجرة… نريد دعم ومساعدة المزارعين لكي نبث الروح من جديد في أشجار التين والزيتون بسنجار… تشتهر سنجار بزراعة وانتاج التين والزيتون، لا نريد أن نفقد هذه الثروة الثمينة وسننقلها الى أجيالنا القادمة”.
بيت التعايش، الذي أطلق المبادرة، مركز ثقافي واجتماعي غير حكومي في ناحية سنوني التابعة لقضاء سنجار تم إنشاؤه في تموز 2022 على مساحة 1200 متر مربع ويتكون المركز من ثلاثة طوابق. المركز يتلقى الدعم المالي من ميرزا دينايي.
ميرزا دينايي، طبيب وناشط، حائز على جائزة أورورا للأعمال الانسانية التي منحت له عام 2019 في مراسيم جرت بالعاصمة الأرمينية، ييريفان، تكريماً لدوره في إغاثة النازحين، وخصوصاً الايزيديين.
فائيزا عمر (22 سنة)، متطوعة مشاركة في مبادرة زراعة مليون شجرة في سنجار، قالت “حالما علمت أن الدكتور ميرزا لديه هذه الفكرة التحقت بالفريق دون تردد، أحب الزراعة وأشعر بالسعادة هنا، أريد أن أقدم خدمة عن طريق هذا المشروع”.
فائيزا تشارك في مهمة جمع الأقلام وزراعتها.
يعد زيتون نينوى من أجود أصناف الزيتون في العراق، بالأخص لاستخراج الزيت، حيث أن لهذا الزيتون القدرة على البقاء في الماء والملح لمدة سبع سنوات دون أن يفسد.
أما محصول التين الذي يشتهر بطعمه ولونه المميز فيتم تسويقه في أسواق الموصل ودهوك.
وفقاً لإحصائيات شعبة زراعة سنجار، توجد 50 ألف شجرة تين في القضاء، ما عدا عشرات الآلاف من الأشجار الأخرى التي جفت أو احترقت بسبب المواجهات بين مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) والقوات العراقية.
ويرى مسؤولو قطاع الزراعة في المنطقة بأن الحرب وعدم الاعتناء بالأشجار خلال تلك الفترة قلّص انتاج التين الى النصف.
تكمن أهمية مشروع مليون شجرة في الكيفية التي يتم بعدها الاعتناء بالأشجار، نحن من نتولى ذلك
وقال بركات عيسى، مسؤول شعبة زراعة سنوني إن “مبادرة بيت التعايش فكرة جيدة جداً لأن العديد من المزارعين ينتظرون الدعم من أجل إعادة إحياء بساتينهم، وهو أمر عجزنا عن تنفيذه بسبب غياب الدعم المالي”.
ولفت بركات الى أن “سنجار بحاجة الى مثل هذه المشاريع”.
أياد سليمان جندو، يملك بستاناً في منطقة كَرسي بسنجار، وصف المشروع بالخطوة “الجيدة جداً”. بستان جندو كان يضم 110 شجرة تين، أما الآن فتقلص عددها الى 60 شجرة ويأمل أن يزرع 100 شجرة في حال تلقيه الدعم.
“توزيع شتلات التين والزيتون مهم جداً لقضاء سنجار، لكننا بحاجة الى مزيد من الدعم من حيث تقديم الارشادات وتنفيذ مشاريع الري من أجل تطوير قطاع البستنة”.
ميرزا دينايي أوضح بأن المشروع يتضمن مساعدة المزارعين على الاعتناء بالأشجار وريها وتقديم الإرشادات لهم، “تكمن أهمية مشروع مليون شجرة في الكيفية التي يتم بعدها الاعتناء بالأشجار، نحن من نتولى ذلك”، لكن دينايي ناشد الجهات التي تعتبر المشروع مهماً بدعمهم بغية إنجاحه.