ان الهدف الرئيس من اي اتفاقية يتم عقدها بين بلدين او اكثر هو وقف الحرب والابتعاد عن استخدام السلاح والجنوح للسلام بهدف تجنب الخسائر البشرية والمادية للبلدين المتحاربين وان اي خرق للإتفاقية وتحت اي مبرر كان يعني الإستمرار بالحرب والخراب والدمار الاجتماعي والاقتصادي…، ويتحمل مسؤولية ذلك الطرف الذي قام بخرق الاتفاقية وعدم الالتزام بها وخاصة اذا تم التوقيع عليها من قبل الطرفين.
ان اي حرب سواء كانت محلية او اقليمية او دولية في النهاية سوف تتوقف هذه الحرب وفق شروط معينة بين البلدين المتحاربين وكما هو معروف ان البلد المنتصر في الحرب في الغالب هو من يفرض شروطه على البلد الذي اعلن استسلامه كما حدث مثلاً مع اليابان في الحرب العالمية الثانية واستسلام الجيش الياباني امام الجيش الاحمر الجيش السوفيتي وتم توقيع اتفاقية الاستسلام من قبل القيادة اليابانية مع الجانب السوفيتي، قيادة الجيش الأحمر ولكن يمكن ان تحدث في التاريخ الحديث مثلاً وقف الحرب بدون اي نتيجة تذكر بين الطرفين المتحاربين مثالاً على ذلك الحرب الكورية، الحرب العراقية الإيرانية انموذجا حيا وملموسا على ذلك، ولكن الحرب الاميركية الاوكرانية مع روسيا الاتحادية لم تحدث كما حدث في الحرب الكوريتين او الحرب العراقية الإيرانية.
ان النظام الحاكم في اوكرانيا هو من بدأ الحرب ضد جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك على اثر الانقلاب الحكومي في شباط عام 2014 وتم اعلان هذه الحرب من قبل الرئيس الاوكراني المؤقت تورجينوف ضد جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك واتبع النظام البنديري الحاكم في اوكرانيا سياسة الارض المحروقة ضد شعب الدونباس وتكبد الشعب الدونباسي خسائر بشرية ومادية كبيرة وكانت الخسائر البشرية اكثر من 15 الف قتيل بينهم اطفال ونساء وكبار السن واكثر من 50 الف جريح ومعوق واستمر الرئيس الاوكراني بروشينكو وزيلنسكي على نفس النهج ضد جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك للمدة 2014-2021 ولكن هذه السياسة، او هذا النهج الخطير كان يسير في طريق مسدود وكانت القيادة الروسية تسعى لوقف هذه الحرب الجنونية ضد جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك علماً ان شعب الدونباس يشكل اكثر من 85 بالمئة من الروس.
لقد تدخلت كل من بون وباريس ومنظمة الامن والتعاون الاقليمي كوسيط لوقف الحرب بين الدونباس، موسكو وكييف وتوصلت هذه الاطراف ميركل والان وبريشنكو وممثلي منظمة الامن والتعاون الاوروبي ومع ممثل عن شعب الدونباس الاكسندر زاخارجينكا الى عقد اتفاقية لوقف الحرب في جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك وبحضور الرئيس الاوكراني بروشينكو والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند وميركل وممثل عن منظمة الامن والتعاون الاوروبي وممثل عن شعب الدونباس زاخارجينكا. (1). ولكن لم يلتزم الرئيس الاوكراني بروشينكو بتنفيذ اي بند من بنود اتفاقية مينسك الاولى التي وقع عليها بنفسه. نعتقد، انه وقع تحت تأثيرات شيطانية دولية وإقليمية وخاصة كل من واشنطن ولندن…، وتبين ان منظمة الأمن والتعاون الاوربي كانت تتجسس على الجيش الشعبي في الدونباس حول عمله وتحركاته العسكرية لانها كانت مخولة بالتحرك داخل جمهورية دانيسك ولوكانسك وتحت غطاء العمل من اجل وقف الحرب وان الغالبية العظمى من اعضاء هذه المنظمة لهم صلة وثيقة بالمخابرات المركزية الأمريكية والبريطانية…، وهذا لم يعد سراً فيما بعد؟
بعد استلام زيلينسكي رئاسة اوكرانيا وعبر الانتخابات والتي حصل على اكثر من 70 بالمئة من الاصوات لصالحه وكانت حصة الاسد من هذه الاصوات هي من جمهورية دانيسك ولوكانسك وزابوروجيا وخرسيون، لان زيلينسكي اوعدهم بوقف هذه الحرب واعطاء حقوق شعب الدونباس ومنها اللغة الروسية وامتيازات في الجانب الاداري، اي اشبه بالحكم الذاتي وان شعب الدونباس قد ايد زيلينسكي ليس حباً به بل ضد بروشينكو المرشح للرئاسة الاوكرانية وهو يحمل نزعة نازية \ بنديرية.
ان زيلينسكي لم يعمل على وقف الحرب ضد جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك بل استمر على نفس نهج تورجينوف وبرشينكو في سياسة الارض المحروقة ضد شعب الدونباس ومن جديد تكرر السيناريو الثاني من خلال بون وباريس بالتدخل لوقف الحرب وتمت ممارسة (( ضغوطات)) على زيلينسكي من اجل وقف الحرب وتم التوصل إلى عقد اتفاقية مينسك الثانية وتم التوقيع عليها في باريس بحضور ميركل والان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الاوكرانية زيلينسكي ووقع جميع هؤلاء اتفاقية مينسك الثانية من اجل وقف الحرب ضد جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الا ان الرئيس الاوكراني زيلينسكي لم ينفذ اي بند من بنود اتفاقية مينسك الثانية كما فعل من قبله بروشينكو ويبرر زيلينسكي انه وقع تحت ثاثيرات ضغوطات خارجية حول التوقيع على اتفاقية مينسك الثانية وبالنتيجة استمر زيلينسكي على نفس سياسة تورجينوف وبرشينكو في سياسة الارض المحروقة ضد جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك.( 2).
بتاريخ 23\2\2022 طلبت القيادة الروسية من الرئيس زيلينسكي ان يسحب قواته العسكرية من الدونباس وكان عدد القوات الاوكرانية نحو 150 الف عسكري مع الاليات العسكرية المختلفة وفي 8\3\2022 حصلت القيادة الروسية على وثيقة رسمية تبين ان النظام الحاكم في اوكرانيا يستعد لاجتياح الدونباس، وبهذا لم يبقى اي خيار امام القيادة الروسية الا اعلان العملية العسكرية الروسية الخاصة بتاريخ 24\2\2022 من اجل تحرير شعب الدونباس من النازية \ النيونازية البنديرية .
ان اتفاقية مينسك الاولى والثانية لم تكن إلا فخا شيطانيا تم اعداده من قبل واشنطن ولندن وباريس وبون.. من اجل ان يتم تهيئة واعداد الجيش الاوكراني للحرب ضد روسيا الاتحادية من حيث المبدأ وهذا ما اعترفت به ميركل والان وبريشنكو… وبشكل علني ولم توجد اي رغبة جدية لواشنطن ولندن وباريس وبون والناتو وبروكسيل لوقف الحرب بل تم تقديم الدعم المالي والعسكري للنظام الحاكم في اوكرانيا من اجل استمرار الحرب الاميركية الاوكرانية ضد شعب الدونباس والشعب الروسي.
اتفاقية اسطنبول
ان استمرار الحرب بين الشعبين الشقيقين الروسي والاوكرايني لا يصب لصالحهم اصلاً وهي حرب خطط لها من قبل قوى دولية وبالتنسيق مع قوى اقليمية حليفة للقوى الدولية وان المنفذ الرئيس لهذا المشروع اللاشرعي واللاقانوني هو الرئيس الاوكراني بروشينكو وزيلنسكي تحديداً وان هدف القوى الدولية والاقليمية من هذه الحرب غير العادلة هو تصفية الحسابات السياسية والاقتصادية والعسكرية مع روسيا الاتحادية وعبر اوكرانيا الا ان هذا المشروع اللاشرعي واللاقانوني ليس له حظاً بالنجاح من حيث المبدأ.
ومن خلال استمرار هذه الحرب الجنونية منذ شباط \ 2022 ولغاية اذار \ 2023 تدخلت قوى اقليمية عديدة ومنها القيادة التركية كوسيط جديد لوقف هذه الحرب بين اوكرانيا وروسيا الاتحادية اضافة الى حل مشكلة تصدير الحبوب لصالح اوكرانيا وروسيا الاتحادية في آن واحد ووافقت القيادة الروسية على فكرة الحوار والمباحثات مع الجانب الاوكرايني من اجل وقف الحرب وهي تعد اخر فرصة لانهاء الحرب لان اتفاقية مينسك الاولى والثانية لم يلتزم النظام الحاكم في اوكرانيا بتنفيذ اي بند من بنود هذه الاتفاقيات.
بعد الاتفاق من قبل الجانب الاوكرايني والروسي تم تشكيل الوفد الاوكرايني برئاسة دافيد اراخامي، احد المقربين من الرئيس الاوكراني زيلينسكي وهو رئيس كتلة (( خدام الشعب)) في البرلمان الاوكرايني والوفد الروسي برئاسة فلاديمير ميدينسكي وزير الثقافة الروسي السابق وهو من اصل اوكرايني حسب ما نقل الاعلام.
في البدء كانت المباحثات بين الوفدين الروسي والاوكرايني قد تمت في بيلاروسيا، مينسك ولعدة جولات من المباحثات بين الطرفين، واذا طلب رئيس الوفد الاوكرايني نقل المباحثات الى اسطنبول وافقت القيادة الروسية على طلب اوكرانيا وبعد المباحثات بين الطرفين وبحضور مباشر اوغير مباشر من قبل تركيا وعلى ما يبدوا لعب ممثل الرئيس التركي اردوغان دورا لا يستهان به في التوصل الى الصيغة النهائية لعقد اتفاقية اسطنبول في اذار \ 2023 من اجل وقف الحرب وتضمنت اتفاقية اسطنبول كما اعلن عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبشكل علني وعبر التلفاز اهم البنود الاتية و هي ::
1- حياد اوكرانيا، اي من مثل فنلندا سابقاً.
2- عدم دخول اوكرانيا حلف الناتو.
3- عدم اقامة اي قاعدة عسكرية للناتو في اوكرانيا.
4- الاعتراف بالقرم وجمهورية دانيسك ولوكانسك بانها ارض روسية.
5- تم الاتفاق على تحديد عدد القوات المسلحة الاوكرانية من حيث العدد والعدة
6– العمل على اجتثاث النازية \ النيونازية من اوكرانيا وغيرها من بنود الاتفاقية وكان عدد بنود هذه الاتفاقية بنحو18 مادة وتم التوقيع عليها من قبل رئيس الوفد الاوكرايني ورئيس الوفد الروسي وبحضور ممثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. (3).
اثناء المباحثات طلب رئيس الوفد الاوكرايني اراخامي من الوفد الروسي حول تبيان مصداقية روسيا الاتحادية في وقف الحرب وكان طلبة يكمن في ان تقوم القيادة الروسية بسحب قواتها العسكرية من ضواحي العاصمة كييف لاثبات حسن النوايا ، انه كان اسلوب شيطاني ، فوافقت القيادة الروسية على سحب قواتها العسكرية من ضواحي كييف وبعد ذلك طبل الاعلام البرجوازي والمشوه للحقائق الموضوعية، ان روسيا الاتحادية قد هزمت عسكرياً في ضواحي العاصمة كييف؟!. انها كانت خطة قد اعدتها قوى خارجية، وكما نعتقد، انه كان(( فخا ذكياً)) من جانب هذه القوى ولصالح اوكرانيا ولكن القيادة الروسية قد سلكت سلوك الواثق من نفسه من أجل وقف الحرب بين البلدين الا ان القوى الدولية والاقليمية والنظام الاوكرايني كان لديهم مخطط اخر بالضد من الشعب الروسي والدونباسي الا وهو استمرار الحرب واطالة امدها.
بعد انتهاء المباحثات بين الوفدين الروسي والاوكرايني والتوقيع على بنود اتفاقية اسطنبول ورجوع الوفدين لبلديهما وبزيادة مفاجئة الى اوكرانيا من قبل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون الى العاصمة كييف واللقاء مع كبار المسؤولين في السلطة الاوكرانية اذ ابلغهم بعدم تنفيذ اي بند من بنود اتفاقية اسطنبول، بل الاستمرار بالحرب حتى اخر جندي اوكرايني؟ وهذا ما اعلنه اراخامي وعبر التلفاز ومن خلال مقابلة معه وبنفس الوقت زار وفد اميركي رفيع المستوى كييف بعد جونسون وبنفس الهدف.( 4).
يؤكد دافيد اراخامي رئيس الوفد الاوكرايني في اسطنبول ان القيادة الروسية كانت جادة ومستعدة لانهاء الحرب وتنفيذ بنود اتفاقية اسطنبول.
نعتقد، ان القوى الدولية والاقليمية كانت تقف وراء عدم تنفيذ اتفاقية اسطنبول، وان افشال و عدم تطبيق اتفاقية اسطنبول يعود ايضاً الى ان الرئيس الاميركي جون بايدن قد وضع فيتو على اتفاقية اسطنبول.( 5). اضافة الى موقف بوريس جونسون الذي شكل قراراً ملزما للقيادة الاوكرانية بعدم تنفيذ بنود اتفاقية اسطنبول.
يطرح سؤال مشروع ، من كان يقف وراء عدم تنفيذ اتفاقية مينسك الاولى والثانية واسطنبول؟ ومن كان ولا يزال يقدم الدعم المالي والعسكري للنظام الحاكم في اوكرانيا ولغاية اليوم؟ ولمصلحة من تم ويتم ذلك؟ واخيراً من بدا الحرب؟.
لقد صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول اهمية اتفاقية اسطنبول والالتزام بها وتنفيذ بنودها، انها اتفاقية تهدف إلى وقف الحرب بين البلدين والشعبين الشقيقين الروسي والاوكرايني وفي حالة الالتزام بتنفيذ اتفاقية اسطنبول لوقفت هذه الحرب الجنونية في اذار \ 2023 وانتهت مأساة الشعبين الشقيقين الروسي والاوكرايني وتم تحقيق الامن والاستقرار بين البلدين وتصبح اوكرانيا مثل فنلندا. (6).( المقصود قبل انضمام فنلندا لحلف شمال الأطلسي، الناتو والتي تعد عملية استفزازية ضد روسيا الاتحادية من قبل اميركا وحلفائها وشيطنة فنلندا. (7).
نعتقد، ان عدم تنفيذ اتفاقية مينسك الاولى والثانية واسطنبول تقف وراءها قوى دولية وإقليمية ولها اهداف عدائية ضد الشعب الروسي ( باستثناء تركيا وخاصة دورها في اتفاقية اسطنبول) بالرغم من أن تركيا قد دعمت وساندت النظام البنديري الحاكم في اوكرانيا بالطائرات المسيرة…، وبغض النظر عن ذلك بهدف تحقيق الربح او غيره .2، وكما نعتقد، لعبت واشنطن ولندن وباريس وبون والناتو وبروكسيل دوراً أساسياً وكبيرا في عدم تنفيذ اتفاقية مينسك الاولى والثانية واتفاقية اسطنبول ، لان الغرب الامبريالي لديه عداء تاريخي ضد الشعب الروسي سابقا ، الشعب السوفيتي ،وضد الشعب الاتحاد الروسي الان ، وان هدفهم الرئيس هو اطالة امد الحرب ودعم زيلينسكي المتهم بتعاطي المخدرات بالمال والسلاح والخبراء العسكريين والارهابيين والمرتزقة الاجانب من اجل اضعاف ثم تفكيك روسيا الاتحادية. 3، نعتقد، ان جميع هذه الاتفاقيات الشيطانية كانت ما هي إلا فخا لصالح النظام الحاكم في اوكرانيا وبالضد من روسيا الاتحادية من اجل استثمار الوقت لصالح اوكرانيا والعمل على تهيئة الجيش الاوكراني للحرب ضد روسيا الاتحادية، وهذا ما اعترف به الرئيس الاوكراني بروشينكو وميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند. 4، يعتقد قادة الغرب والناتو ان اطالة امد الحرب سيكون لصالح اوكرانيا في تحقيق اهدافها. ان اطالة امد الحرب سيكون ليس لصالح زيلينسكي وفريقه، لان اطالة امد الحرب واحتمال كبير يظهر خطر تفكيك اوكرانيا واختفائها من الخارطة السياسية \ الجغرافية لان موازين القوى مختلفة بين روسيا الاتحادية واوكرانيا، من حيث عدد السكان والقوة العسكرية، والقوة الاقتصادية الهيمنة على الاجواء ، ولحمة الشعب الروسي وغير ذلك وهذا يعد مؤشراً لتفوق روسيا الاتحادية على اوكرانيا. 5، كان من الافضل والاجدر ان لا تمنح القيادة الروسية الثقة بقاد الغرب الامبريالي، لان هذه القيادات ليس لديها سوى مصالحها الخاصة بها بالدرجة الأولى وهي دائماً تخون وتتخلى عن اقرب حلفائها عندما ينتهي دوره وفق منظورها ومصالحها فلا ثقة ولا التزام بهذه القيادات السياسية المتنفذة في البلدان الراسمالية.
اخطاء خصوم روسيا الاتحادية في حربهم
نعتقد، ان قادة الغرب الامبريالي بزعامة الامبريالية الاميركية لم تكن حساباتهم ناجحة سواء في موقفهم او في تقديراتهم حول وضع روسيا الاتحادية وفي كافة المجالات في حربهم ضدها ومن اهم الاخطاء من وجهة نظري هي الاتي ::
1- ان اميركا وحلفائها في تنافس دائم ومستمر مع روسيا القيصرية وفي صراع مع الاتحاد السوفيتي وفي تنافس مع روسيا الاتحادية ولكل مرحلة معينة وهذا التنافس والصراع يحمل طابعاً سياسيا واقتصادياً وعسكريا وايديولوجيا وفق طبيعة كل مرحلة من هذه المراحل اضافة الى ذلك وجود، امتداد عداء تاريخي للغرب الراسمالي قبل ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى وبعدها ولغاية اليوم. ان هذه الحرب الاميركية الاوكرانية ضد روسيا الاتحادية تدور في اطار منظومة النظام الراسمالي العالمي تحديداً. نعتقد، لقد ارتكبت القيادة الاميركية خطا كبيراً الا وهو الرفض القاطع وعدم التفاهم مع القيادة الروسية حول رسالتها في شهر كانون الأول \ 2021، حول تأمين امن روسيا الاتحادية وحول خطر توسيع حلف الناتو شرقاً…، وكان الاجدر بالقيادة الاميركية ان تبدأ بمناقشة المذكرة الرسمية التي قدمتها القيادة الروسية لها وليس الرفض القاطع، انه تجاهل غير مقبول من قبل القيادة الاميركية اتجاه روسيا الاتحادية، ومن حق روسيا الاتحادية ان تؤمن امنها القومي… كما تفعل اميركا وتقول ان العراق وسوريا وليبيا وايران وكوريا الشمالية… (( يهددون)) الامن القومي الاميركي؟ غريباً حقا انها ازدواجية المعايير، او الكيل بمكيالين، هل اليوم جمهوريات البلطيق وبلدان اوربا الشرقية وفنلندا والسويد لا يهددون الامن القومي لروسيا الاتحادية؟ ان روسيا الاتحادية اليوم تم تطويقها بحلف الناتو سابقاً واليوم، ان هذا النهج الخطير يشكل تهديداً خطيراً وحقيقيا على امن واستقرار شعوب العالم كافة وليس فقط على الشعب الروسي.
3- لم تمارس واشنطن ولندن وباريس وبون والناتو وبروكسيل اي دور حقيقي ومقبول وجدي على الرئيس الاوكراني بروشينكو وكذلك على زيلنسكي لوقف الحرب وتنفيذ بنود اتفاقية مينسك الاولى والثانية واسطنبول؟ بالرغم من أن بون وباريس قد ساهمت في انجاز هذه الاتفاقيات الشيطانية وخاصة اتفاقية مينسك الاولى والثانية وهذا يعني أن الادارة الامريكية وحلفائها يريدون الحرب واستمرارها مع روسيا الاتحادية وبالضد من مصالح الشعب الروسي. ومع ذلك يدعّون الديمقراطية وحقوق الإنسان…؟!.
4- نعتقد، في حالة تم تنفيذ اتفاقية مينسك الاولى والثانية واخر فرصة هي اتفاقية اسطنبول لما وقعت الحرب بين البلدين، بين الشعبين الشقيقين الروسي والاوكرايني وما تحملا الخسائر البشرية والمادية المرعبة و خاصة لنظام زيلينسكي المتهم بتعاطي المخدرات. لمن ولمصلحة من تم ويتم ذلك؟ .
5- ان الغرب الامبريالي قد فقد روسيا الاتحادية كشريك وكدولة راسمالية التوجه…، وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد طلب الانضمام لحلف الناتو سابقاً والتعاون المشترك بين اميركا وحلفائها من جهة وبين روسيا الاتحادية من جهة أخرى وفق مبدأ المساواة والنفع المتبادل والمصلحة المشتركة وعدم التخل في الشؤون الداخلية ،لكن
القيادة الاميركية رفضت ذلك لان هدف الغرب الراسمالي هو العمل على احتواء روسيا الاتحادية والاستحواذ على ثرواتها المادية وهذا هو جوهر الاستراتيجية الاميركية اتجاه روسيا الاتحادية. ولكن حصلوا ما حصلوا عليه اليوم مع روسيا الاتحادية فهي اتجهت نحو الشرق وهذا هو التوجه الذي يخدم مصالح الشعب الروسي من حيث المبدأ.
6- نعتقد على الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ان يتخلوا عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة وتحت اي مبررات كانت وكذلك الابتعاد عن الاساليب اللاديمقراطية واللامشروعة واللاانسانية والمخالفة للقانون الدولي الإنساني واتباع لغة الحوار السلمي مع الدول في معالجة المشاكل الاقتصادية والسياسية والتجارية وفق المصالح المشتركة وكذلك النخلي عن اسلوب القوة العسكرية لانه اسلوب فاشل في العلاقات بين الدول وحسب ما يدعي قادة الغرب حول قيمهم (( الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير…)) والتخلي عن اسلوب الحصار وبكل انواعه انه اسلوب مخالف للقانون الدولي الإنساني وهو يعكس ايضاً ضعف من يفرض هذا الاسلوب وليس قوة البلد انه اسلوب مخالف للقيم الاخلاقية والانسانية والقانون الدولي. ان هذا النهج في حالة استمرار القيادة الاميركية به فهي تسير في طريق مسدود وطريق الانتحار الطوعي. بدليل ماذا حصلت اميركا في فيتنام وافغانستان والعراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال…،.
موقف القيادة الروسية
ليس دفاعا عن احد وانما قول الحقيقة الموضوعية وللتاربخ، ان روسيا الاتحادية دولة ذات نهج راسمالي الان ولكن قول الحقيقة الموضوعية نابع من النظرة من الداخل والمتابعة المستمرة للاحداث في روسيا الاتحادية قبل تفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1991 ولغاية اليوم. يمكن القول ما هو الاتي :
1- ان القيادة الروسية كانت جادة ومستعدة لتنفيذ اتفاقية مينسك الاولى والثانية واسطنبول وليس لديها أي اطماع اتجاه اوكرانيا باستثناء ضم القرم بدليل ان اتفاقية مينسك الاولى والثانية مثلاً تم اقرار جمهورية دانيسك ولوكانسك من ان تبقى ضمن اطار الدولة الاوكرانية وهذه حقيقة موضوعية بدليل ان القيادة الروسية قد وافقت ووقعت على اتفاقية مينسك الاولى والثانية وبارادتها السياسية.( 8).
2- ان القيادة الروسية ليس لديها اطماع بخصوص ضم مساحات من اوكرانيا مثلاً فلديها مساحة كبيرة وواسعة بنحو 17 مليون كيلو متر مربع وهذا يعني ليس لديها اطماع في وقتها بخصوص جمهورية دانيسك ولوكانسك وتم التوقيع على اتفاقية مينسك الاولى والثانية وكان المطلب الرئيس هو اعطاء الشعب الدونباسي حقه في استعمال اللغة الروسية واعطاء صلاحيات لجمهورية دانيسك ولوكانسك وفق اتفاقية مينسك الاولى والثانية علماً ان اكثر من85 بالمئة من شعب الدونباس هم من الروس وهذا تاريخياً وليس اليوم ولكن زيلينسكي كمشروع اميركي لم يلتزم بتنفيذ بنود اتفاقية مينسك الثانية واتفاقية اسطنبول وهذا الموقف قد فرض عليه لانه اسير اتجاه اسياده وهو اداة طيعة ومنفذة لتوجيهات واشنطن ولندن وباريس وبون والناتو واداة مخربة بالضد من مصالح شعبه الاوكرايني فهو قام بتشريع قانون الخصخصة السيئ الصيت في شكله ومضمونه حول بيع الارض الزراعية الاوكرانية للشركات الاجنبية وحصة الاسد للشركات الاميركية والبريطانية… وبثمن بخس جدا ناهيك عن تشريع قانون المثليين…، وهذه هي الحقيقة الموضوعية.
3- نعتقد، لقد تغيرت الأمور وفي كافة المجالات بالنسبة لروسيا الاتحادية اتجاه النظام البنديري الحاكم في اوكرانيا وخاصة بعد ان رفض النظام الحاكم في اوكرانيا تنفيذ اتفاقية اسطنبول او حتى قبل ذلك بدليل، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قادة النظام الاوكرايني في حالة عدم تنفيذ اتفاقية مينسك الاولى والثانية… ستكون النتائج سلبية على النظام الحاكم في كييف وسوف يتم وضع اوكرانيا كدولة في خطر جدي و سوف يتم التعامل مع النظام الاوكرايني بصيغة اخرى، معاملة اخرى ووفق شروط اخرى يتم تحديدها من قبلنا وليس من قبل كييف، وسوف لن تصب لصالح اوكرانيا كدولة، اي يمكن ان يصبح مصير اوكرانيا مجهولاً ومفتوحا على كافة الاحتمالات. نعتقد، ان القيادة الاميركية في واشنطن ولندن وباريس وبون والناتو وبروكسيل لم يأخذوا تحذيرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بجدية من حيث المبدأ.
4- لقد تطورت الاحداث والقضايا في الميدان السياسي والاقتصادي والعسكري…، لدى روسيا الاتحادية ابتداء من بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة بتاريخ 24\2\2022 ولغاية اليوم واصبح للعملية العسكرية الروسية الخاصة اهداف عديدة ومنها: اجتثاث النازية \ النيونازية والبنديرينة.. من المجتمع الاوكرايني ونزع السلاح الثقيل من الجيش الاوكراني والاعتراف بالقرم وجمهورية دانيسك ولوكانسك وزابوروجيا وخرسيون… وتأمين الامن القومي لروسيا الاتحادية والعمل على تعزيز السيادة والاستقلال الوطني والنضال من اجل قيام نظام عالمي جديد نظام التعددية القطبية…،
5- يؤكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ان العملية العسكرية الروسية الخاصة سوف لن تتوقف الا بتحقيق اهداف العملية العسكرية الروسية الخاصة اتجاه النظام الحاكم في اوكرانيا. نعتقد لا يوجد خيار اخر امام الشعب الروسي الا بتحقيق النصر والحاق الهزيمة بالنازية \ النيونازية والبنديرينة… في اوكرانيا وهذا سوف يصب لصالح الشعبين الشقيقين الروسي والاوكرايني.
6- نعتقد، ان العملية العسكرية الروسية الخاصة سوف تحقق الاهداف المرسومة لها وهذا سوف يحدث تغييراً ايجابياً على الصعيدين الإقليمي والدولي لصالح شعوب العالم،وسوف يضع ذلك حداً لهيمنة ونفوذ القطب الواحد من خلال ظهور نظام التعددية القطبية وهذا سيصب لصالح شعوب العالم المحبة للسلام والتواقة للتعايش السلمي.
7- ان مساعي القوى الدولية اليوم تقوم على تخويف، تحذير قادة دول الاتحاد الأوروبي من خلال نشر فكرة مفادها، ان القيادة الروسية بعد تحقيق اهدافها في اوكرانيا سوف تقوم باعلان الحرب ضد دول اوربا وهذه الدول اعضاء في حلف الناتو ويقصد: بولونيا وجمهوريات البلطيق…، مما يدفعنا ان نستعد للدفاع عن حلفائنا…، هذا ما حذر منه الرئيس الاميركي جون بايدن وبهذا الخصوص اشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هذه التصريحات التحذيرات قائلاً، ليس لدينا اطماع اتجاه اوربا الشرقية وغيرها من الدول الاخرى ولكن نطالب بإعادة النظر حول توسيع الناتو شرقا بما فيها اوربا الشرقية وفنلندا والسويد لان هذا التوسع يهدد الأمن القومي لروسيا الاتحادية وهذا مطلب شرعي. ان توسع الناتو شرقاً تم بموافقة الرئيس الروسي بوريس يلتسن المخمور دائماً وبثمن بخس جدا وهو 13 مليار دولار في حكم بيل كلينتون وهو ثمن للفوز بالانتخابات الرئاسية في عام 1996 ورغم ذلك فلم يفوز بوريس يلسين بل الفائز الحقيقي هو غينيادي زوغانوف سكرتير عام الحزب الشيوعي الروسي.. ولكن؟.
8- من خلال ما تم ذكره وغيره تبين ان من بدا بالحرب هو النظام الحاكم في اوكرانيا بعد الانقلاب الحكومي في شباط \ 2014 وكان ثمنه بخس جدا وهو 5 مليار دولار لشراء ذمم كبار المسؤولين في السلطة الاوكرانية وحظيت هذة الحرب بالدعم والاسناد المالي والإداري والخبراء العسكريين والارهابيين والمرتزقة الاجانب…، من قبل القوى الدولية والاقليمية…، من اجل دعم واسناد نظام زيلينسكي ولعبت واشنطن ولندن وباريس وبون والناتو وبروكسيل… الدور الرئيس والكبير في استمرار الحرب الاميركية الاوكرانية ضد الشعب الروسي وضد جمهورية دانيسك ولوكانسك وان هذه القوى الدولية والاقليمية دفعت واوهمت زيلينسكي بان يحقق النصر العسكري على روسيا الاتحادية من خلال تقديم الدعم المالي والعسكري… بهدف الاستمرار بالحرب حتى اخر جندي اوكرايني، وان هذه القيادات غير مقتنعة اصلاً بقولها الى زيلينسكي لانهم يدركون الحقيقة الموضوعية ان اوكرانيا لا ولن تستطيع ان تحقق النصر العسكري على روسيا الاتحادية وفق جميع المؤشرات ومنها: المؤشر السكاني والاقتصادي والعسكري ولحمة الشعب الروسي والهيمنة على الاجواء من قبل سلاح الجو الروسي بالمقابل ان الجيش الاوكراني يعاني من قلة الذخيرة والاكل والملبس وقلة السلاح فهو يعتمد على الدعم الخارجي 100 بالمئة فهو اسير لمن يقدم له الدعم المالي والعسكري ونعتقد ان هذا الدعم سوف يتقلص للنظام البنديري الحاكم في اوكرانيا لان هناك مشاكل اقتصادية واجتماعية… في اميركا وحلفائها والناتو… ناهيك عن ظهور قضية غزة والتي لها اثرسلبي على زيلينسكي لان المهمة الاولى للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها هي الكيان الإسرائيلي بالدرجة الأولى.. فالمستقبل القريب سيكشف لنا مفاجآت كثيرة حول ذلك؟
كانون الأول \ 2023