بمناسبة أربعينية الدكتور جمال نبز كتبت المقال التالي:
كيف عرفت وناضلت لمدة نصف قرن من الزمان مع البروفيسور جمال نبز
بعد حضوري الكونفرانس الحزبي السابع للحزب الديمقراطي الكوردي في سورية المنعقد في مدينة عامودا في العام 1968 ثبت لدي انحراف الحزب عن مبادئه فقدمت إستقالتي منه وكنت إلى جانب العم أوصمان صبري في ذلك الكونفرانس وهو ايضا كان قد اكتشف انحراف حزبه الذي كان مؤسسه ورئيسه… وبعد ان رفض العم أوصمان ان يقوم بتنظيم حزب جديد ففضلت مغادرة سورية والتوجه الى أوروبا لأني تعرضت للاعتقال والملاحقة والمضايقة لكوني كنت في صف العم أوصمان صبري وحين سفري اعطاني أسماء الاشخاص الذين يثق بهم في أوروبا مثل حمرش رشو (من شمال كوردستان) في ألمانيا ومحمد بكر (من غرب كوردستان)في تشيكوسلوفاكيا والاستاذ جمال نبز (من جنوب كوردستان) وغيرهم من الشخصيات الكوردية المتواجدة في اوروبا…
في نهاية عام 1969 وصلت الى المانيا وكنت على اتصال دائم مع حمرش رشو وكنت كل يوم ألتقي بالكورد من كل أجزاء كوردستان من الذين يعيشون في مدينة برلين ويزورونه وكانت احاديثهم متشابهة إلى ان زاره الاستاذ جمال نبز وقبل ان يصل اخبرني حمرش إن جمال من الكورد المتعصبين جدا للقومية الكوردية، مماجعلني ان أحبه قبل أن أراه وقلت في نفسي لربما أسمع منه شيئا يشبع جوعي ويروي عطشي لنهج جديد ينقذ شعبنا من الدوامة التي يعيشها منذ أمد بعيد.
وحينما وصل الاستاذ جمال نبز تبادلنا التحية واطراف الحديث وخلال حديثه كان الى جانب حل القضية الكوردية على طريق استقلال كوردستان وبنظره ان إقامة الدولة الكوردية ليست سوى الوسيلة الوحيد لتحقيق الامن والامان والعدالة للشعب الكوردي، فكان هذا الكلام هو الذي كنت أبحث عنه بالضبط… وبعد ذلك تتابعتلقاءاتنا وكنت أسمع آراءه واستمتع بها والتي كنت متشوقا للنضال من أجلها…
في إحدى لقاءاتنا أخبرني الدكتور جمال عن تنظيم كاژيك KAJYK وأهدافه في تثبيت حركة القومية الكوردية (الكورديتي) ضمن قالب ايديولوجي وفلسفي… فطلبت منه شيئا مكتوبا عن اهداف كاژيك فأعطاني كتيبا بعنوان الكاژيكنامه الذي قرأته في ليلة واحدة ومن الصباح ذهبت مسرعا للقاء الدكتور جمال وقلت له أنا مستعد استعدادا تاما وحتى آخر لحظة من حياتي للتضحية بكل ما أملك من اجل نصرة هذا الفكر العظيم الذي لا يهدف من اجل إقامة الدولة الكوردية فحسب بل الاهم يهدف الى تسليح شعبنا فكريا مما سيؤدي الى حماية الدولة الكوردية من السقوط مستقبلا، وبعد ذلك قرأت المنهاج والنظام الداخلي بعناية شديدة وقدمت طلب انتسابيلكاژيك، وبعد ذلك عرفني الدكتور جمال على بعض الرفاق في كاژيك مثل المحامي كامل ژير الذي كان في زيارته من كوردستان والمهندس بروسكه ابراهيم وغيرهم.
وكنت أحضر محاضرات البروفيسور جمال نبز التي كان يلقيها في جامعة برلين الحرة عن اللغة الكوردية… ومنذ تلك الايام حفظت بعض قصائد الشاعر هژار موكرياني التي كان يكتبها البروفيسور جمال على اللوح ويشرحها للطلبة بكل لهفة وخاصة حينما كان يصل الى الابيات التي كانت تقول: سأعيش كورديا وأموت علىكورديتي وسأجيب على اسئلة حساب القبر بالكوردية وفي العالم الآخر مرة أخرى سأدعو الى كورديتي…
وكان الدكتور جمال ضليعا بعدة لغات اوروبية وشرقية كالالمانية والانكليزية والفارسية والسنسكريتية وغيرها من اللغات، أما بالنسبة للغة الكوردية فكان ملم بجميع لهجاتها… وكما علمت منه أن أول تحصيله العلمي كان بالفيزياء من جامعة بغداد في خمسينيات القرن الماضي وفي حينها كتب عدة كتب علمية باللغة الكوردية وكانأول كوردي من استعمل اللغة الكوردية في شرح مادة الفيزياء فمثلا استعمل كلمة بازن اي السوار الذي تلبسه المرأة في معصمها فجعلها كلمة فيزيائية تعني الدائرة وهكذا كان المكتشف والمخترع والمجدد في اللغة الكوردية منذ البداية.
اخبرني الدكتور جمال كثيرا عن علاقاته بالكورد في بغداد حيث كانوا بعد الجامعة يلتقون مساء في دكان الخياط بشير مشير الذي اصبح دكانه كنادي كوردي سماه (قبلة آمال الكورد) وكان الدكتور جمال من أكثر الكورد محبة لدى بشير مشير لأن بشير مشير في كل مرة حينما كان يحتد النقاش السياسي والقومي كان يطرد ابراهيم احمد وجلال طالباني وغيرهم من دكانه وكان يقول ان جمال هو الوحيد يبقى لأنه رسميا انفصالي…
في العام 1962 توجه الدكتور جمال الى أوروبا وأول بلد استقر فيه كانت سويسرا ومنذ اليوم الاول نزل ضيفا على الامير كاميران بدرخان الذي كان يسأل الدكتور جمال بلهفة عن الاخبار وهل حقيقة ان الكورد قد قاموا بالثورة وأخبر الدكتور جمال الامير كاميران حتى منتصف الليل عن بطولات البيشمركه في قتالهم ضد الجيش العراقي وبعدها ذهبا للنوم ولكن الامير كاميران لم يستطع النوم من الاخبار الجميلة التي جاء بها الدكتور جمال… فقام الامير كاميران وقال موقظا الدكتور جمال: جمال… جمال… وحينما إستيقظ الدكتور جمال سأله الامير كاميران: هل مع البيشمركه بنادق فقال له جمال نعم عندهم بنادق وأنا من الصباح وحتى منتصف الليل وانا اقول لك عن المعارك فيما بين البيشمركه والجيش العراقي فهل من المعقول انهم كانوا يقاتلون بالعصي والحجارة… وكان الدكتور جمال بحديثه هذا كان يصور لي عن حجم فقدان الثقة الهائل لدى الشعب الكوردي بقيام الثورة لأنه منذ انهيار جمهورية كوردستان في العام 1946 ولغاية قيام الثورة في 1961 لم تقم اية ثورة ماعدا انتفاضة محلية لعشيرة جوانرو في شرق كوردستان مما جعل الامير الكوردي فاقدا للامل فكيف عامة الناس.
في العام 1970 مع اني حصلت على ثلاث منح دراسية ولكني بنفس الوقت أصبحت حاملا لفكر كاژيك الذي جعلني كالصوفي الذي وجد ضالته وأخذه الحال الى عوالم الصفاء الروحي وفي أعلى مراتبها… فقررت ان اتنازل عن المنح الدراسية في اوروبا الى غيري من الطلبة الكورد والتوجه الى كوردستان لنشر فكر كاژيك في غرب وشمال كوردستان… فالكثير من رفاقي القدماء كانوا يستغربون ويشكون في تصرفاتي في رفض المنح الدراسية من جهة وفي تكتمي عما يدور في ذهني من جهة أخرى لأن كاژيك كان تنظيما سريا ولا يجوز للاعضاء ان يبوحوا بعضويتهم على الاطلاق…
فودعت استاذي وقائدي جمال نبز وتوجهت الى كوردستان… ومن أجل ان تكون حركتي بدون قيود وبحرية اخترت مدينة بيروت التي كانت الواحة الوحيدة والقريبة من كوردستان التي تشع بالديمقراطية ولم تكن الحريات فيها أقل من الحريات الموجودة في اوروبا وبالفعل اصبحت بيروت مركزا لنشر وطباعة اعلامياتكاژيك وكذلك مركزا هاما للاتصال بالعالم كله عن طريق وكالات الانباء والسفارات وغيرها من المؤسسات الدولية المتواجدة في بيروت وبدون اية رقابة من الدول التي تحتل كوردستان… وكنت على اتصال دائم بأستاذي الدكتور جمال ولم أكن اخطي اية خطوة بدون علمه وبدون أخذ الضوء الاخضر منه وأنفذ المهام حسب ارشاداته وتوجيهاته.
ففي غرب كوردستان وبأمرمن الدكتور جمال شكلت تنظيمات كاژيك والمنظمات الشعبية كالشبيبة والمرأة والطلبة وغيرها من المنظمات التابعة لـكاژيك وكانت منظمة الطلبة من انشطهم وكانت تعمل تحت اسم الاتحاد القومي للطلبة الكورد وكانت مجلتهم بإسم مجلة هشياري يتم توزيعها بشكل واسع باليد في غرب كوردستان ومن بيروت كان يتم توزيعها بالبريد الرسمي الى جميع انحاء العالم… فقمت بزيارة ساكن الجنان الجنرال مصطفى البارزاني في قرية ديلمان وحضرت مؤتمر الطلبة في السليمانية وافتتحت مدرسة لتعليم اللغة الكوردية في بيروت وغيرها من الفعاليات التي قمت بها حسب توجيهات الدكتور جمال على ان تكون هذه الفعاليات تحت اسم اتحادنا الطلابي وليس بإسم كاژيك لضمان السرية…
ولقد كان في مدينة دمشق وحلب عشرات الكورد القادمين من شمال كوردستان لدراسة الشريعة الاسلامية… وكان أكثر من عشر طلاب ينهون دراستهم سنويا وكان هناك أكثر من عشر طلاب جدد يباشرون دراستهم سنويا في كل من دمشق وحلب وعملت على تنظيم معظم هؤلاء الطلبة في كاژيك وكانوا بمثابة الخطوة الاولى لنشر تنظيماتنا في شمال كوردستان.
في العام 1978 قامت مجموعة من كوادر كاژيك بالاعلان عن حزب جديد وعلني بإسم پاسوك في جنوب كوردستان.
في العام 1982 غادرت سورية الى اوروبا ومن هناك توجهت الى كوردستان عن طريق ايران.
في الاعوام 1982 لغاية 1984 كنت عضوا قياديا في پاسوك وقائدا ميدانيا للبيشمركه في جبال جنوب كوردستان وحضرت عدة معارك كان اهمها معركة بشت آشان في 1-5-1983. ولكن أصحاب الفكر القومي كانوا دائما ولا يزالون يتعرضون للمضايقات فتعرضت لمحاولة اغتيال فاشلة في مدينة كرج الايرانية وكان للشهيد ادريس البارزاني الفضل الاكبر في عدم وقوعي في قبضة المخابرات الايرانية وبالتالي وصولي سالما الى أوروبا فألف رحمة على روحه الطاهرة.
في نهاية 1984 وصلت الى بريطانيا وبدأت مع الدكتور جمال نضالا جديدا حيث كان مشجعا من الطراز الاول لكل حركة فيها بارقة أمل لإحداث تغيير ما في مسار نضال الشعب الكوردي من اجل الحرية والاستقلال وكان منها ما يلي:
- في العام 1985 كان الدكتور جمال من المؤسسين لعقد مؤتمر وطني كوردستاني من أجل وحدة صف الاحزاب والتيارات الكوردستانية مع كل من الجنرال عزيز عقراوي والدكتور محمد صالح كابوري والدكتور صلاح جمور والدكتور مظفر بارطومه والمهندس بروسكه ابراهيم والشيخ لطيف مريواني وشيخ الايزدية درويش حسو وغيرهم من الشخصيات الوطنية من كافة أجزاء كوردستان، وكل واحد منهم كانت له مهماته وانتخبوني رئيسا للمؤتمر كما تم انتخاب الدكتور جمال نبز المستشار الاول للمؤتمر الوطني الكوردستاني.
- في العام 1988 شجعني الدكتور جمال لتلبية دعوة الامم المتحدة من أجل التحقيق بفقدان 8000 كوردي بارزاني الذين اختطفهم النظام العراقي في العام 1983.
- اسس الدكتور جمال نبز الاكاديمية الكوردية للعلم والفن وحضرت مؤتمرها التأسيسي الذي انعقد في فيينا في العام 1991 وكان فيها عدد كبير من العلماء والادباء والمفكرين والفنانين الكورد… وأصدرت الاكاديمية العديد من المؤلفات وأخذت مطبعة فرهاد آزاد في السويد على عاتقها طباعة تلك المؤلفات.
- في العام 1995 طلب مني الدكتور جمال الموافقة على طلب البرلمان الكوردستاني في المنفى ومركزه في بلجيكا ان أكون عضوا فيه.
- في العام 1997 طلب مني الدكتور جمال الموافقة على دعوة العقيد معمر القذافي لزيارته في ليبيا.
- في العام 2000 طلب مني الدكتور جمال الموافقة على دعوة رئيس حكومة كوردستان نجيرفان بارزاني لزيارة كوردستان.
- عقد الدكتور جمال نبز عشرات الندوات في جميع البلدان الاوروبية وشاركت في حضور معظمها أما ندواته في لندن فقد قمت بتنظيمها وتسجيلها صوت وصورة لإضافتهم الى كتبه ومقالاته الغزيرة والرائعة والتي تعتبر كنزا قوميا خالدا كما قمت بطباعة العديد من كتبه في لندن ومنها كتاب الفكر القومي الكوردي وكتاب هوية ومسألة القومية الكوردية باللغة الكوردية، وكتاب الكورد وتاريخهم وثقافتهم باللغة الانكليزية…
- حضر الدكتور جمال نبز جميع المؤتمرات العامة للمؤتمر الوطني الكوردستاني وكان آخرها في العام 2009 وفي كل مؤتمر كانت له كلمة رائعة… وفي نهاية كل مؤتمر كان يلقي على الحاضرين ندوة لعدة ساعات تخص الاوضاع في كوردستان.
- كان للدكتور جمال رغبة جامحة لزيارة كوردستان ولو ليوم واحد وفي كل مرة كنت أذهب الى كوردستان كان يطلب مني ان اعرف مدى ايجابية القيادات تجاهه وتجاه الفكر القومي لأن المؤتمر الوطني الكوردستان عن طريق رفاقنا في هولير الشيخ أحمد وفي السليمانية المحامي كامل ژير حاولوا عدة مرات منذ 1992 انيكون للمؤتمر مكتبا وإجازة رسمية في كوردستان ولكن بدون فائدة وحينما إلتقيت بجميع القيادات الكوردية في زيارتي الاخيرة لكوردستان في العام 2012 فوجدت الترحيب بي بالكلام الجميل ولكن لم اجد منهم اية ايجابية عملية وكنت قد طلبت اجازة رسمية للمؤتمر من أعلى المستويات وكانوا مرحبين بالكلام ايضا والى الآن لم يحصل المؤتمر على اجازة وهذا ما قلته للدكتور جمال انهم لا يبدون اية ظاهرة ايجابية تجاهنا اي تجاه الفكر القومي وهذا ما جعل الدكتور جمال يتردد في الذهاب الى كوردستان وخاصة بعد ان وصلته اخبارا عن مسؤولين في جنوب كوردستان يبثون دعايات كاذبة حول الدكتور جمال وهو بعيد عنهم آلافالكيلومترات ولكن الاستقبال الرسمي لجنازته يدل بشكل قاطع انهم كانوا يخافون منه ومن فكره القومي.
- في العام 1995 حينما اعلنت عن تأسيس جمعية غرب كوردستان سارع الدكتور جمال نبز الى مشاركة فعاليات التأسيس حيث كانت الجمعية لا تملك مكتبا ولكنها باشرت نشاطاتها من منزل الرفيق الشهيد فرهاد زين علوش وأخذ الدكتور جمال نبز صورة تذكارية مع أعضاء الجمعية أمام مكتب الجمعية المؤقت في منزل فرهاد رحمه الله.
وقد توفي الدكتور جمال نبز أثناء ذهابه للعمل بحادث سيارة وكان راكبا في السيارة وفجأة تتوقف السيارة وبعنف مما أدى الى وقوعه وكسر ضلوع في صدره حيث أحدث إلى إلتهابات وبعد أسابيع أدت الالتهابات الى وفاته المفاجئ وكان بكامل صحته قبل ذلك الحادث المشؤوم وسفره في ذلك اليوم كان من أجل العمل وتأمين لقمة عيشه وهو في سن الـ 85، نعم ان الدكتور جمال كان يتمتع بصحة جيدة وقوة جسمانية كبيرة وكأنه كان يمارس الرياضة من طفولته ونشاطه الدائم وذهنية المتوقدة وسرعة حركته وكأنه شاب لم يتجاوز العشرين من عمره ولولا ذلك الحادث المشؤوم لكانت صحته تساعدة ليعيش أكثر من مئة عام إضافية.
ألم يكن من واجب حكومة كوردستان تخصيص راتب تقاعدي للدكتور جمال نبز لكي يتوقف عن الذهاب الى العمل وهو في ذلك العمر حيث كان من الاجدر ان يوجه قدراته للكتابة التي فيها المستقبل كله للشعب الكوردي… مع اني متأكد انه كان سيرفض اي راتب تقاعدي… لأن للدكتور جمال شخصية فريدة من نوعها ولا يمكن أن يقبل ابدا ان يعيش على حساب أحد.
بعد وفاة الدكتور جمال نبز في 8-12-2018 أرسلت العديد من الرسائل الى المسؤولين في حكومة كوردستان وشكرتهم على الاستقبال الرسمي لجنازة الدكتور جمال نبز في مطار هولير في 22-12-2018 ولكلمات الاحترام التي إلقيت في المطار له ولكتاباته ونضاله… كما قلت في رسالة الشكر في ان ما تركه جمال نبز يعتبرثروة قومية من حيث لغته الكوردية النقية ومن حيث آرائه التي تعتبر آية من الآيات الرائعة للفكر القومي الكوردي، فإن كتاباته جديرة بالتعميم وفي ان تصبح جزء من المناهج الدراسية في المدارس والجامعات… فتربية الانسان أهم بكثير من بناء الاوتيلات والجدران.
وكذلك كان لي مع الدكتور جمال الاحاديث المطولة عن الكثير من الامور الخاصة بالشعب الكوردي وكوردستان والحركة التحررية الكوردية التي كان يتطلع الدكتور جمال نبز إلى تحقيقها وارجو من الله ان تتحقق وان بعد وفاته لترتاح روحه…
عندي الآن ما يزيد على 400 رسالة كتبها الدكتور جمال لي بخط يده فهي بحد ذاته كنز لا يقدر بثمن… كما اني كتبت هذه الاسطر كرؤوس أقلام فقط… حيث ان كل فقرة منها يمكن ان تكون كتابا.
لقد كان العم أوصمان صبري أستاذي وقائدي منذ العام 1961 كما ان الدكتور جمال نبز كان أستاذي وقائدي منذ 1969 وكلاهما كانا كالجبال شامخين بفكرهما القومي وان لم يستطيعا من تحقيق ما كانا يؤمنان به في الحرية للكورد والاستقلال لكوردستان إلا انهما ومن المهم جدا ان الدول التي تحتل كوردستان لم تستطع التحايل عليهما كما انهم لم تراودهم لحظة تهاون أو تنازل في قضية الشعب الكوردي على الاطلاق وهناك من لا يتهاون بل هناك من يبيع نفسه وشعبه من أجل كرسي أو مال… ومن أجل صلابتهم تعرضوا لدعايات الدول التي تحتل كوردستان للتقليل من قيمتهم وقيمهم… ومع كل ما عانياه فقد بقيا صافيان نقيان أكثر من صفاء مياه ينابيع كوردستان… وأجمل من ورود الربيع في روابي الزوزان… وبالمختصر كانا ذهبا عيار 24 الغير متوفر في هذا الزمان.
وأخيرا وفي هذا الصدد أذكر إني سألتهما عن رأيهما بالآخر فقال لي العم أوصمان صبري ان جمال نبز قوميا كورديا من الدرجة الاولى ولكنه صلبا بعض الشئ… وقال لي الدكتور جمال نبز ان العم أوصمان صبري قوميا كورديا من الدرجة الاولى ولكنه صلبا بعض الشئ… وهكذا كان رأيهما متطابقان تماما لأنهما كانا وجهانلعملة واحدة ألا وهي الصلابة بدون حدود في المطالبة بحقوق الشعب الكوردي بالرغم من انهما الى جانب صلابتهم بوجه الاعداء كانا يتمتعان بحلاوة المعشر وأحاديثهما شيقة مع رفاقهم ولا تفارق البسمة وجوههم مما أدى الى ان احبهم كل من عرفهم.
ولا يسعني إلا ان انحني أمام قاماتهم وإلقاء تحية الاجلال والاكبار أمام ذكراهما التي لا يمكن ان انساها مهما حييت فألف رحمة على أرواحهم الطاهرة واسكنهم الله فسيح جناته وألهم أهلهم واصدقائهم الصبر والسلوان على خسارتهم التي لا تعوض أبدا.
د. جواد ملا
رئيس المؤتمر الوطني الكوردستاني
لندن 8-1-2019