منذ اكثر من سنة هناك مجموعة من نشطاء الكورد من تركيا وسوريا ضمن الجمعية الكوردية الأوربية في المانيا ، تعمل على مشروع التصالح بين الإيزيدييين والمسلمين في كوردستان واوربا والعالم وكان من المفترض ان يوقع “ميثاق المصالحة بين المسلمين والإيزيديين في كردستان وأوروبا والعالم ” في حفل احتفالي بمناسبة نهاية المشروع يوم 3 ديسمبر 2023 في مدينة كولن الالمانية . لكن حسب اخر تحديث لمشروع الميثاق التي تغير اكثر من مرة ( بين الاضافة والحذف ) سيتم التوقيع عليه في 18 يناير 2024 في مدينة دوسلدورف ب المانيا ،تحت عنوان (ميثاق التعايش السلمي المشترك بين المسلمين والإيزيديين في كوردستان وأوروبا والعالم ).
بادئ ذي بدء ومن نافلة القول لا بد أن أتوجه بالشكر للأخوة في الجمعية الكوردية الأوربية على ما بذلوه من جهود مضنية في اعداد وانجاز الوثيقة ضمن مشروع ابتدائي (تسامح تصالح ) وتحول الى ( المعالجة ” خطة العمل ” – التسامح – المصالحة ) على الرغم مما وقع فيها من أخطاءوغموضية الهدف .
حيث نقرأ في موقع المشروع ،مايلي:
https://www.kurdisheuropean.eu/index.php/projekt-vvv
1: التمويل من حكومة اقليم شمال الراين ـ ويستفاليا في المانيا تحت عنوان ( مشاركة المجتمع المدني للمجتمعات المسلمة والعلوية في شمال الراين-وستفاليا – إبرازها وتمكينها والتواصل).
2: عنوان الوثيقة الاصلي: “ميثاق المصالحة“.
3: الهدف : من أجل مواجهة الكراهية والعزلة بين الأديان والثقافات وتعزيز التضامن والصمود تجاه التطرف بجميع أنواعه وبالتالي منع الكوارث مثل الإبادة الجماعية لعام 2014 .
4: يتم نشر الوضع الحالي للميثاق باللغات الألمانية والإنجليزية والكوردية/الإيزيدية.
مآخذ وملاحظات على الوثيقة مع بعض اللإستفهامات الحائرة ؟!
( ورد في المشروع باللغة الالمانية ” الاعتراف بالذنب }التواطؤ –المشترك{ الكوردي المسلم في معاناة الإيزيديين ولتمكين الجانب الإيزيدي من المسامحة” لكن مع الاسف في نسخة الميثاق الجاهزة للتوقيع تم تغيير الجزء الاول من الهدف والابقاء على الطلب من الإيزيديين العفو عن الظلم الذي ارتكب بحقهم باسم الإسلام اي مامعناه رفع يافطة “عفا الله عما سلف”).
اولا: اخر عنوان للميثاق ( ميثاق التعايش السلمي المشترك بين المسلمين والإيزيديين في كوردستان وأوروبا والعالم ) اما الموقعون فهم كل من “إيزيديين، مسلمين، مسيحيين، يهود، علويين، كاكائيين، زرادشتيين؛ كرداً أوألماناً أو أوروبيين أو ممن ينتمون لجماعات قومية أو دينية أو ثقافية أخرى” .
ياترى هل التعايش السلمي بين المسلمين والإيزيديين في كوردستان واوروبا والعالم مفقودة لهذه الدرجة ؟
وهل هناك نزاع بين المسلمين والإيزيديين ؟ ام هناك اعتداء من تنظيم داعش على الإيزيديين ؟
ثانيا: ورد في مسودة الميثاق الجاهز للتوقيع مايلي: ( إننا نتخذ موقفا واضحا ضد معاداة الإيزيدية والسامية وكراهية الإسلام ….. ) الجميع على اطلاع لمصطلح “معاداة السامية” بصفته مفهوماً أوروبياً يعني كراهية اليهود،والامم المتحدة تشجع الدول على تحديد جرائم معاداة السامية بدافع الكراهية وتوثيقها وحظر ارتكابها في القانون والممارسة كما يتم الاحتفاء باليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا محرقة اليهود (الهولوكوست)،في الامم المتحدة في27 كانون الثاني/ يناير كل عام .
كما اننا لاننكر بوجود مصطلح كراهية الإسلام -أو ما تعرف بـ: ” الإسلاموفوبيا “- هي الخوف من المسلمين والتحيز ضدهم والتحامل عليهم / حيث خصصت الامم المتحدة يوما دوليا لمناهضة هذه الظاهرة باسم اليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام 15 آذار/مارس.
اما حشر اسم الإيزيدية في هذا الموضوع فهو غريب جدا وليس هناك ظاهرة دولية باسم معاداة الإيزيدية ! قد يكون هناك خطابات الكراهية ضدهم في بعض الاماكن ولكن اغلب دول وشعوب العالم متعاطفة ومتضامنة مع الايزيديين لاسيما بعد ما ارتكبت تنظيم داعش جريمة الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين في سنجار بناريخ 2014.08.03 .
ثالثا: جاء في الميثاق مايلي ( نرحب باعتراف البرلمان الأوروبي وبرلمانات بلجيكا وألمانيا وفرنسا وإقليم كوردستان – العراق وكندا وهولندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وأرمينيا بأن ما جرى للإيزيديين هي إبادة جماعية ) السؤال لماذا يتم ذكر دول وتهمل دول اخرى ك اسكتلندا واستراليا و برتغال و لوكسمبورغ ايضا اعترفت بالابادة اللإيزيدية مشكورة ؟!
رابعا: جاء في الميثاق مايلي (إننا ندين بشدة استهداف الحياة، والهوية الثقافية والدينية والتراث الثقافي، كما حدث مرارا وتكرارا وعلى مر التاريخ وآخرها في أغسطس 2014 من قبل تنظيم داعش الإرهابي، وبشكل خاص ضد الإيزيديين في منطقة سنجا…………………. إننا وبتضامن عميق وصادق وحقيقي نرجو من المتضررين وأحفادهم الصفح عن الظلم الذي ارتكب بحقهم باسم الإسلام…….)
مع شديد الاسف ان يكون نظرة القائمين على هذ الميثاق للعدالة التصالحية بهذا الشكل الساذج وياترى من هيالشخصيات والجهات الإيزيدية التي ستوقع على طلب الصفح والعفو عن من ارتكب الجرائم بحق اهالي سنجار ” مثلا” ؟ قبل تحقيق العدالة ،حيث يدعو الجهة المنظمة لهذا الكونفرانس بالسعي إلى تقديم من ارتكبوا الجرائم إلى المحاكم المختصة !
على مر التاريخ ارتكبت جرائم ابادة جماعية ضد شعوب اخرى في دول عديدة هل طلب ذات مرة من الضحايا واهاليهم بالعفو عن المجرمين قبل تقديمهم للعدالة .
معنى الصفح : لغة واصطلاحا
الصَّفْحُ: هو التَّجاوُزُ عن ذَنْبِ المُذْنِبِ ومُسامَحَتُهُ.
العَفْوُ عن الذَّنْبِ مع إِزالَةِ أَثَرِهِ مِن النَّفْسِ وإِسْقاطِ اللَّوْمِ والذَّمِّ عن صاحِبِهِ.
خامسا: هناك ثلاثة محاور في الميثاق
1: الدافع :تطرق الميثاق الى التمييز التاريخي والمستمر والتهميش والاضطهاد الذي تعرضت له الأقليات الدينية والثقافية في كوردستان فضلا عن حدوث ابادات جماعية ضد الكورد الفيليين، البارزانيين، مجازر ديرسم، حلبجة، كوباني ومؤخراً الإبادة الجماعية في شنكال على يد تنظيم داعش الإرهابي، وحملات الانفال ومن ثم التزام بالتضامن مع المتضررين من المجازر والإبادات الجماعية، ورفض للهجمات التي تستهدف الإيزيديين سواء في العراق أو كوردستان أو في جميع أنحاء العالم وتعزيز ثقافة التسامح والحوار للوصول الى مستقبل حر قائم على المساواة والعدالة مع الاشارة الى أن الإيزيدية هي ديانة توحيدية قديمة في كوردستان، مستقلة في عقيدتها ويجب احترام سماتها المميزة مثل أي دين آخر،مع حماية مقدساتهم.
استفهامان حول الدافع :
الاستفهام الاول : حقيقة لم افهم القصد من العبارة التالية في الميثاق ضمن محور الدافع ( ولا يخفى على أحد بأن الإيزيديين غالباً ما تم تشويه سمعتهم واستبعادهم عن قصد أو دون وعي، مما يضفي الشرعية على الهجمات ضدهم ) ؟
عن اية شرعية يتحدثون ؟ شرعية القتل والسبي والخطف والاسترقاق والاسلمة الاجبارية وتغيير اللغة والثقافة والملابس والتراث .
الاستفهام الثاني : الجملة التالية الواردة في الميثاق ضمن محور الدافع غير مفهومة ( وإذ ندرك أنه في القرون الماضية، شارك بعض من أفراد وقبائل الكرد المسلمين ضمن حملات ممنهجة والتي كانت تقودها الدولة العثمانية لاضطهاد وقمع الإيزيديين وأفراد الأقليات الأخرى ). ياترى ماهو الهدف من هذا الاعتراف ومن من الحضور والمشاركين الكورد المسلمين سوف يتحمل مسؤلية الاعتذار من الايزيديين ؟
2: الالتزام الذاتي
في هذا المحور هناك الكثير من الكلام الانشائي الجميلالذي يشمل الدعوة إلى التسامح والانفتاح نظام اجتماعي متساوٍ وديمقراطي ومتسامح ومنفتح قائم على المساواة والعدل يوفر الحرية لجميع المكونات الاجتماعية الثقافية والدينية ويحميها من التمييز والاضطهاد والاندماج في المجتمعات الاوروبية وانا توقفت عند العبارة التالية ( العمل معًا وفي تبادل مستمر لإنشاء لجان دائمة مكرسة خصيصًا للمهمة المستمرة المتمثلة في السلام الاجتماعي والعيش المشترك والمصالحة بين الأديان ).
دون تبيان نوعية اليات العمل لترجمة متن هذا الميثاق الى الواقع ضمن ميكانيزمات تنفيذية واجراءات عملية .
ام ان الكونفرانس المزمع عقده في 18 يناير \ كانون الثاني الجاري في دوسلدورف ب المانيا لمدة ساعتان ، هو فقط احتفالي للتوقيع على الميثاق .
3: نداء
في هذا المحور هناك دعوات كثيرة ونقتبس منها العبارات التالية:
1: السؤال الذي يطرح نفسه هو من هي تلك المنظمات والحكومات والسلطات الإدارية والمجتمعات، المدعوة بالاعتراف بالأخطاء والتواطؤ في الظلم التاريخي ضد الكورد الإيزيديين ؟ هل هناك حكومة اخرى عدا ممثلي حكومة اقليم كوردستان ستحضر الكونفرانس وتوقع على الميثاق ؟ يعد الميثاق وثيقة رسمية وتنشر في الاعلام وتحفظ في ارشيف برلمان ولاية شمال الراين (نورد راين – فيست فالن) بمدينة دوسلدورف الألمانية .
2: بعد الإبادة في سنجار لم يحدث الانتقام من قبل الايزيديين بالرغم من ان الأقلية الدينية الإيزيدية كانوا نازحون بنسبة 85% ( وان قلت النسبة الان بسب الهجرة والعودة ) يعيشون في مخيمات يحيط بهم فقدان الثقة بالآخر وضياع الانتماء والتشتت الفكري والتشظي في القرار وهي حالة طبيعية تنتج عن الجينوسايد، ورغم كل هذا لم نلاحظ بان هناك دعوات منظمة للانتقام والتحريض ضد الكورد والمسلمين كما جاء في الميثاق ! قد يكون هناك قلة من خطابات الكراهية وهي مجرد ردة فعل لخطاب الكراهية لقلة من بعض الأئمة الراديكاليين والتي يجب مكافحتها بالقوانين واللجؤء الى القضاء .
المصالحة بعد الإبادة ( العدالة تسبق السلام ).
من أجل نجاح المجتمعات التي تعرضت لجريمة الإبادة الجماعية بالانتقال نحو مرحلة التعافي وبناء السلام، يجب معالجة قضايا مثل التمييز الممنهج والإقصاء والتنميط ومكافحة خطابات الكراهية على كافة الاصعدة وانعدام المساواة والإفلات من العقاب…… الخ “. والتركيز على جبر الخواطر وتعويض الضحايا ورد الاعتبار والهيبة وتوفير الدعم اللازم لهم .
بما ان العدالة تسبق المصالحة التي تكون بين الضحايا والجناة عليه اقول يحق للنشطاء والمنظمات المدنية والهيئات الحكومية وبرلمانات وحكومات الدول في العالم ,تمثيل القضية الإيزيدية كونها قضية انسانية بامتياز والدفاع عنها ،لاسيما بعد ارتكاب داعش جرائم دوليه ضد الإيزيديين في منتصف عام 2014 ، لكن في مسألة المصالحة والتسامح والصفح عن مرتكبي الابادات لايحق الا للضحايا واهاليهم القيام بهذه الخطوة، طبعا ضمن اليات العدالة .
في المقابل ايضا لا اعتقد هناك اية جهة او حكومة او حزب او منظومة دينية او اجتماعية تنوب عن الجناة الذين عملوا انتهاكات فضيعة لحقوق الانسان وجرائم ابادة وفرمانات ضد الايزيديين .
انا استفسر من المشاركين في الكونفرانس الاحتفالي لتوثيق المصالحة في دوسلدورف من سيمثل الضحايا من اهالي سنجار وفي المقابل من سيمثل داعش واخواتها في التاريخ للتوقيع على هذه الوثيقة ؟
اتمنى ان لايؤثر هذا توقيع هذا الميثاق سلبا على وضع اللجوء للإيزيديين في المانيا.
في الختام
اقول على المنظومة الدينية الإيزيدية ” سمو الامير والمجلس الروحاني الإيزيدي الاعلى ” وايضا المنظومة الاجتماعية ” زعامات ورؤساء العشائر في سنجار ” واهالي الضحايا التفكير جيدا قبل التوقيع على اية وثيقة تخص جرائم الابادة الجماعية والتسامح والمصالحة ،التريث ودراستها جيدا من كافة الجوانب.
اما بخصوص المشاركين من الاحزاب والمنظمات الكوردية اقول ان اخر ابادة جماعية بحق الإيزيديين قد ارتكبه تنظيم داعش الإرهابي الذي كان يضم بين صفوفه عناصر من 80 جنسية من مختلف دول العالم وفي حال التصالح والتسامح يكون بين الايزيدية والقبائل العربية في محيط سنجار ولا اعرف ان كانت هناك من غير الكورد وحكومة كوردستان مدعويين للتوقيع على الوثيقة.
اتفق مع القائمين على المشروع اي مجتمع خارج من نفق الابادات عليه ان لا يتهرب من ماضيه بل مواجهته، مستخلصة منه الدروس والعبر في الممارسة السياسية، وفي الخطاب الديني والاعلامي والسياسي والثقافي والاكاديمي بغية خلق مجتمع قادر علي تجاوز مرارات الماضي الدموي، والتعافي من آثارها عبر اليات دولية.
عاشت يدك, من الذي عادى الئيزديين كي يتصالحو معهم ؟ الأفضل أن يسمي هؤلاء المسلمين الذين سيوقعون الميثاق, الافضل أن يسمو أنفسهم بداعش كي تكون المصالحة ذات معنى , ومن الذي يدفع التعويضات , الئيزديون ليس لهم عداء مع احد ولا حساسية لأحد ولا مستقبل لهم بدون الكورد المسلمين والشيعة المستعربين أيضاً وهم متصالحون مع الجميع دون ميثاق هزلي له مقاصد مبهمة , إما أن يحضر زعيم داعش الحالي او إمام الأزهر الذي يمثل كل المسلمين السنة كي يكون المعنى مفيداً (المسلمين) وشكراً