قبل يومين وبتاريخ 12/ 1/ 2024م، أصدر مطران بغداد نيافة مار يوسف عبا مطران وأمين سر أسقفية بغداد للسريان الكاثوليك وهو أيضاً أمين المجمع المقدس للكنيسة السريانية الكاثوليكية في العالم أجمع، بياناً حازماً ومفصلاً ردَّاً على بطرك الكلدان الكاثوليك لويس ساكو، والحقيقة إن هكذا بيان قوي وحازم من سلطة كنسية على سلطة كنسية ورجل دين آخر هي حالة نادرة منذ عقود طويلة إن لم تكن الأولى خاصة بين نفس الكنيسة، أي الكاثوليكية، ويبدو فيه أن الذي أوصل المسيحيين لهذه الحالة وأجبرَ أسقفية السريان والكاثوليك ونيافة المطران عبا وغيره على إصدار هكذا بيان هو البطرك ساكو نفسه، وذلك بتصرفاته وافتراءاته وتكبره وطموحاته السياسية وتماديه بتصريحاته المتهورة واللامسؤولة خاصة في الفترة الأخيرة بعد سحب المرسوم الجمهوري منه، وفشله في استرجاعه في كل الاتجاهات، من مطالبته السلطات العراقية، أو استجداء عطف الآخرين كشخصيات ورجال دين مسلمين، إلى تصريحه باللجوء لبعض الدول الأجنبية، أو الظهور إعلامياً في التلفزة أو كتابات مقالات، يساعده عدد من وعاظ السلطان الذين يحاولون تحويل فشل البطرك المدوي إلى انتصار، وكأن المسيحيين في ساحة حرب، ثم فشل ساكو في المواجهة السياسية مع أحد أبناء رعيته، وفشله في تسويق قضية هروبه من بغداد إلى أربيل، وآخر فشله رد دعواه المقامة على رئيس الجمهورية في المحكمة الاتحادية..إلخ، كل هذا الفشل أدى إلى انهيار البطرك ساكو فتمادى في تهجمه على كل من لا يوافق رأيه ويدعم موقفه، وعلى معارضيه الكثيرين من رعيته قبل غيرهم، وعلى من يتصرف بدون علمه ورضاه، من علمانيين ورجال دين، ليس من كنيسته فحسب التي فيها الكثير من أساقفته على قطيعة (زعل) معه منذ سنوات والذين لم يلبوا دعوته للاجتماع به، بل تهجمَ على الكنائس الأخرى ومنها تجريحه لشقيقته الكنيسة السريانية الكاثوليكية وغبطة بطريركها وأساقفتها ورجال دينها، والأمر المؤسف والغير اللائق مع مكانته كبطرك أنه نزل لمستوى لا يحسد عليه فاستغل مأساة حريق قرقوش الأخير بالتشهير ببعض أساقفة السريان الكاثوليك مقتبساً عبارات انفعالية رددها بعض العامة المتظاهرين ضد رجال دينهم نتيجة انفعالهم بماساتهم، والمهم فإن بيان مطرانيه السريان قد ردَّ بصورة حازمة ومفصلة على البطرك ساكو وتصريحاته وتصرفاته وتهويله لكثير من مشاكل المسيحيين للمتاجرة بها.
والحقيقة إن ما يهمني من البيان عموماً هو اختصاصي التي وردت فيه البيان والمتعلقة بالمعلومات التاريخية التي يزوِّرها البطرك ساكو دائماً، ومنها تزويره لتاريخ العراق وتاريخ المسيحية فيه، وافتراءاته المتكررة بمكانتهِ وكارديناليتهِ والترتيب الكنسي وعدد رعيته ونسبتهم، وتاريخ منح المراسيم..إلخ، وللعلم فإن كثيراً من المعلومات التي وردت في البيان قد ذكرتها أنا في مقالاتي السابقة مثل: (أساطير البطرك ساكو بسبب سحب المرسوم الجمهوري، وكيف منحت روما لقب بطريرك لجثالقتها المتكثلكين)، والتي جاء فيها:
1: وجود بطركين في العراق أعلى من البطرك ساكو، وهما معادلان لبابا روما ويحملان لقب قداسة أسوةً ببابا روما لأنهما السلطة العليا في كنيستيهما، بينما البطرك ساكو هو بطرك محلي، ولتقريب الصورة فالبطرك ساكو مثل رئيس إقليم، وبطاركة الكنائس المستقلة مثل رؤساء دول، علماً أن البطرك ساكو أصلاً ليس بطركاً، بل جاثليقاً (ملاحظة مهمة: نتيجة مقالي الأخير “كيف منحت روما لقب بطريرك لجثالقتها المتكثلكين” لاحظتُ أن بعض منشورات بطركية الكلدان بدأت تستعمل لقب جاثليق وبطرك معاً بصورة ملحوظة)، كما ذكرتُ أن أعلى درجة كهنوتية هي الأسقفية، أمَّا الكاردينالية فهي رتبة استشارية يعطيها البابا لعدد من رجال الدين منهم مطارنة وكهنة وإلى سنة 1963م كانت تمنح لعلمانيين أيضاً، علماً أن أول كاردينال لرجل دين عراقي كاثوليكي كانت لبطريرك السريان الكاثوليك جبرائي تبوني + 1968م، كما سبق ساكو ودلي أيضاً في رتبة الكاردينالية بطريرك السريان الكاثوليك موسى داود +2012م.
2: استعمال البطرك ساكو ومؤيديه مصطلح (بطرك الكلدان في العراق والعالم)، مموهين ومصورين للناس أن هناك كلدان في العالم، والحقيقة أن الكلدان موجودون في العراق فقط مع رعية قليلة قرب الحدود كأورميا- إيران، وقامشلي- سوريا، وبعض مناطق تركيا، لذلك ساكو هو بطرك الكلدان في العراق وكلدان العراق الذين هاجروا إلى أمريكا وأستراليا وأوربا وغيرها، وليس معناه أن هناك كلدان صينيون أو برازيليون أو نيجريون، أي مثلما شيخ قبلية طي العراقية هو شيخ أبناء قبليته في العراق والموجودين منهم في المهجر أيضاً.
3: إن عدد الكلدان في العالم سنة 2015م، هو (602058) فقط، حسب إحصائية كنيسة الكلدان التي أدرجها كاهن مقرَّب من ساكو في العراق هو الأب سالم ساكا في كتابه البطريركيات الشرقية الكاثوليكية، أربيل 2018م، ص233. علماً إني أرى 100 ألف زيادة، أي عدد الكلدان في العالم هو حوالي نصف مليون فقط، فأولاً الشرقيون يزيدون أعدادهم عادةً، ثانياً قارنت العدد مع إحصائيات عديدة موجودة عندي منذ سنة 1842م، ثالثاً دققت بنفسي العدد الحالي مع بعض الكنائس، فوجدته مبالغاً فيه، مع ملاحظة انه في كل مرة يردد ويكرر ساكو أن الكلدان يشكلون 80 بالمئة من مسيحي العراق، فلا أعرف من أين أتى بهذه النسبة؟. ومع أن العدد ليس مهماً فكما ذكر نيافة المطران يوسف عبا في البيان، لكن الأمر المضحك أن عدد جميع المسيحيين في العراق اليوم حوالي 200 ألف، ولا زال البطرك ساكو يتحدث عن نسبة وتناسب!.
4: إن بطررك الكلدان غير معترف به كبطريرك كرسي رسولي من روما أسوةً ببطاركة السريان والأقباط والموارنة والروم الكاثوليك الذين يستمدون رسوليتهم من أنطاكية والإسكندرية، حيث نص الباب 4 قانون 59 بند 2 من مجموعة قوانين الكنائس الشرقية البطريركية، التي أصدرها البابا يوحنا بولس الثاني في 18/ 10/ 1990م: إن ترتيب التقدّم بين كراسي الكنائس الشرقية البطريركية القديمة هو كالتالي: في المقام الأول الكرسي القسطنطيني ويليه الإسكندري فالأنطاكي فالأورشليمي، والقانون 59 مُستندٌ إلى القانون 55 الذي يؤكد أن هذا معمول به منذ القِدم، فيقول: إن النظام البطريركي قائم في كنيسة روما وَفقًا للتقليد الكنسي العريق في القدم الذي اعترفت به المجامع المسكونية الأولى.
وشكراً/ موفق نيسكو/ المرفقات بيان مطرانية السريان الكاثوليك في بغداد رداً على البطرك ساكو
https://www.raed.net/img?id=590490
https://www.raed.net/img?id=590495
https://www.raed.net/img?id=590497
https://www.raed.net/img?id=590499
https://www.raed.net/img?id=590500
https://www.raed.net/img?id=590518
https://www.raed.net/img?id=590519