أور الكلدانيين هي مدينة الرها (أور هاي، أورهاي) حاران، حرَّان، في تركيا الحالية، وليست أور الناصرية في العراق
كان مقرراً أن أقوم بنشر هذا المقال بعد مقال (هل وصل النبي يونان (يونس) إلى نينوى؟)، لأثبت زيف ربط النساطرة الذين سَمَّاهم الإنكليز آشوريين سنة 1876م لاغراض سياسية خبيثة، وقد تزامن نشر مقالي هذا مع إلغاء زيارة البابا للعراق التي كان مقرراً فيها أن يزور الناصرية في هذه الفترة، وحمداً للهِ والشكرُ لهُ، إن للبابا إلهٌ فوقهُ، حيث لم تتم الزيارة السياسية اللادينية التي يحاول بطريرك الكلدان لويس ساكو استغلالها لأغراض سياسية، بحجة ربط أور بالكلدان زوراً مثل ما فعل اليهود في العهد القديم حيث جعلوا من كنعان السامي من نسل حام علماً أن ارض كنعان ليست في أرض الحاميين بل في أرض الساميين تكوين 10: 1معروف أن اللغة الكنعانية سامية، ثم جعلوا جعلوا من كنعانملعوناً (تكوين 9، 25)، ليأخذوا أرضه في فلسطين (تكوين17: 8)، والجميع يعلم أن البطريرك ساكو وكنيسته لا علاقة لهم بالكلدان القدماء مطلقاً بل أن البابا أوجين الرابع أطلق كلمة كلدان على السريان النساطرة الذين تكثلكوا في 7/ 9/ 1445م لتميزهم عن النساطرة، حيث كانت بغداد منذ سنة 780م إلى سنة 1283م مقر كنيسة النساطرة، وبغداد تُسمَّى عند الغرب، بابل، ومع ذلك لم تُستعمل كلمة الكلدان لأن الاتفاق حينها فشل، ثم عادت وثبتت كلمة كلدان على النساطرة المتكثلكين رسمياً في 5 تموز 1830م، كما يعترف بنفسه في كتبه قبل أن يتكلدان فعلاً ويصبح سياسي، ونتمنى من الله إذا قام البابا يوماً بزيارة العراق، أن تكون زيارته دينية، لتفقد وضع ومحنة المسيحيين المهجرين شمال العراق، وليس الناصرية.
نعود لموضوعنا الأصلي
إن اليهود في كل تاريخهم القديم خاصة أكثر من نصف مليون منهم الذين سباهم العراقيون القدماء وعاشوا في العراق منذ القرن الثامن قبل الميلاد لم يذكروا أن منطقة أبيهم إبراهيم أور الكلدان هي في العراق، والرأي القائل أن أور الكلدان في العراق يعود للمؤرخ أبولومس سنة 150 ق.م. تقريباً الذي اعتبرها في العراق، لشهرة العراق وأخباره الواردة في العهد القديم بكثرة، وأصبحت بعدها مسألة كون مدينة أور الكلدانيين الوارد ذكرها في التوراة عن خروج إبراهيم منها وذهابه إلى حارن، أنها أور العراق قرب الناصرية رواية متداولة بكثرة بين الكتاب والمؤرخين خاصة شُرَّاح الكتاب المقدس الذين لم يُركُّزوا على الأمر لأن همَّهم كان دينياً عاماً من جهة، وعنهم أخذ المؤرخون هذا الأمر، على أن ذلك ليس حقيقة، فقد ذكر كثيرون منذ بداية المسيحية، أنها ليست أور العراق، بل الرها، أور هاي، أورهاي، أو حاران، حرَّان، حالياً مدينة أورفا في تركيا، وبعد الاكتشافات الأثرية ووضوح التاريخ ثبت ذلك جلياً، وعدا الآراء القديمة، فأغلب الأبحاث الحديثة والتفسيرات تقول إن أور الكلدانيين ليست في العراق، بل هي مدينة الرها وحرَّان قربها.
فهل أور التوراة هي أور العراق أم الرها وحاران؟
لقد قلنا في مقال سابق عنوانه (هل وصل يونان النبي (يونس) إلى نينوى؟)، إننا كُنا نستطيع إنهاء الموضوع بجملة واحدة، إن نينوى لم تكن عاصمة الآشوريين ولا ذكر لها أيام يونان النبي، وانتهى الموضوع، وهنا أيضاً نستطيع أن ننهي الموضوع بجملة واحدة فقط، هي (لم ترد كلمة أور الكلدانيين في النص العبري الأصلي مطلقاً، بل أور الكاسديين)، وانتهى الموضوع، ولكن إتماماً للفائدة سنناقش التاريخ والتوراة لنرى ذلك، علماً أن علينا أن نعلم أن الكتاب المقدس رغم وجود مادة تاريخية وجغرافية فيه، إلاَّ أنه بالنتيجة ليس كتاباً تاريخياً وجغرافياً بحتاً، بل كتاب مهمته الإيمان وقصة خلاص وعلاقة الإنسان مع الله، لذلك أقول:
إن غالبية نصوص العهد القديم منذ زمن موسى (القرن الرابع عشر قبل الميلاد) بقية متداولة شفهياً إلى القرن السادس قبل الميلاد عندما بدأ اليهود بتدوينه، أي بعد أكثر من ثمانمائة سنة، وعندما دونوه ذكروا أسماء البلاد والمدن التي كانت موجودة في عصرهم، فذكروا مثلاً بلاد آشور منذ الخليقة قبل أن ينزل آدم من فردوس عدن إلى الأرض تكوين (2: 14)، وذكروا مدينة بابل منذ الطوفان والتي لم يكن اسمها بابل قبل عهد حمورابي، ومدينة دان زمن إبراهيم (تكوين 14: 14) لم تكن تدعى دان، بل “لاشَم”، واتخذت هذا الاسم في زمن يشوع بن نون أو بعده (يشوع 19: 47، القضاة 18: 29)، ومدينة رعمسيس التي شيَّدها رمسيس الثاني +1213 ق.م.، لم تكن موجودة زمن يوسف (تكوين 47: 11)، ومدينة سيحون كان اسمها حشبون، وذكروا أور الكلدانيين سنة 1900 ق.م. تقريباً، والسبب، أن كاتب السفر كتب أسماء المدن الموجودة زمنه، لكن تلك التسميات لم تكن موجودة بهذا الاسم وقت الحدث، وباختصار مثل ما نقول اليوم إن مدينة تورينتو الكندية نُهبت سنة 1812م، بينما كان اسمها آنذاك يورك، أو كمن يكتب تاريخ فرنسا اليوم قبل ألفي سنة ولم يكن اسمها فرنسا، بل بلاد الغال، أو أن زقورة أور شُيَّدتْ قرب الناصرية، لكن في ذلك الزمان لم تكن الناصرية موجودة، أو أن نهر دجلة في العراق غيَّر مجراه سنة 1500 قبل الميلاد، لكن في ذلك الزمن لم يكن أسمه عراق، أو أن مدينة الموصل أو الحلة بنيت سنة 2000 قبل الميلاد، بينما كان اسمها نينوى وبابل، أو أن الفرس هاجموا مدينة القامشلي في القرن الرابع، وحينها كان اسمها نصيبين..إلخ.
وحتى اسم مدينة بابل فهو متاخر إلى زمن حمورابي، ولم يكن لها شهرة وذكر قبله واسمها القديم هو كا. دنكر. را. كي، (ka.dingir.ra.ki)، وعُرفت باسم شيشك في الكتاب المقدس (أرميا 25: 26)، وأسماء اخرى بالسومرية، تين تر كي tin–tir– ki، ومعناها موطن الحياة، ويقابلها في البابلية القديمة شُباط بلاطي، shubat balati، وعرفت في السومرية أيضاً، شو- انّا-كي، shu–anna–ki، ومعناه كف السماء، وهو اسم احدى محلاتها، وسُمِّيت بابل باسم، كيش كلاّ، ويعني البوابة أو المدخل، وعرفت أيضاً باسم، نُن-ﮔي، وهو نفس اسم مدينة أريدو جنوب أور. (طه باقر، معجم الدخيل في اللغة العربية، ص160-161، وانظر أيضاً الدكتور عامر عبدالله الجميلي، المعارف الجغرافية عند العراقيين القدماء، ص161، وراجع الجداول المسمارية والنصوص التي يرد فيها اسم مدينة بابل كادنكر كقائمة كيش، قائمة تل حرمل وقائمة نفر، وقائمة ثنائية سومرية أكدية، وقائمة آشور بانيبال، ص234، 242، 254، 267، 270، وغيرها).
وفي محاضرة للمطران الكلداني المتشدد للكلدانية الجديدة سرهد جمو بتاريخ 19 اكتوبر 2013م قال: إن أور الكلدان، هي أكدية، ولأن العهد القديم كُتب في عصر متأخر أيام الدولة الكلدانية (612-539 ق.م.)، فسمُّوها أور الكلدانيين، كمن يقول إن كريستوف كولمبس اكتشف أو وصل إلى أمريكا، بينما لم يكن اسمها أمريكا حين وصلها كولمبس.
إن أور الكلدانيين في الترجمة العبرية الأصلية هي أور الكاسديين، أو الكاشديين، وليس أور الكلدانيين، وفي الترجمة السبعينية 280 ق.م. بُدلت إلى أور الكلدانيين لأن اليهود وبالذات النبي دانيال كانوا قد سمَّوا الدولة البابلية الأخيرة، كلدانية، واشتهرت بذلك، وسواءً كانت أور الكلدانيين أو الكاسديين، فهي ليست في العراق، ويؤكد البروفسور ناحوم سارنا أستاذ الدراسات التوراتية ورئيس قسم الترجمة العبرية في جامعة برانديز بولاية بوسطن الأمريكية: من الخطأ أن نقول أور الكلدانيين (أور العراق)، لأن أور كانت مدينة سومرية.
وكلمة الكسدانيون هي نسبة إلى كاسد بن ناحور من امرأته مِلْكة ابنة هاران، الوارد في سفر (التكوين 22: 22)، وكذلك (يشوع 24: 2)، وناحور هو أخو إبراهيم بن تارح، أي أن إبراهيم هو عم كاسد.
لذلك كلمة أور الكلدانيين الواردة في العهد القديم للكتاب المقدس باللغة العبرية الأصلية التي كُتب بها، وفي كل قواميس شرح الكتاب المقدس هي أور الكاسديين، وليست أور الكلدانيين.
تكوين 11–28: ومات هاران قبل تارح أبيه في أرض ميلاده في أور الكلدانيين
וַיָּ֣מָת הָרָ֔ן עַל־פְּנֵ֖י תֶּ֣רַח אָבִ֑יו בְּאֶ֥רֶץ מֹולַדְתֹּ֖ו בְּא֥וּר כַּשְׂדִּֽים.
وينطبق هذا على الآيات الثلاثة الباقية من سفر التكوين (15: 9 كذلك 11–31)، وسفر نحيميا (9: 7).
https://c.top4top.net/p_11051n
[url=https://up.top4top.net/][
بقيت كلمة الكسدانيين تستعمل فيما بعد من قِبل البعض بشكل قليل مثل ابن خلدون إذ يستعملها في تاريخه أكثر من مرة، وابن وحشية الكسداني (914م) الذي يذكر أنه ترجم كتاب الفلاحة النبطية لأحد الكسدانيين المكتوب في القرن الثاني قبل الميلاد إلى العربية، ويقول: إن الكسدانين كانت لغتهم هي السريانية القديمة، وهناك من استعملها بصيغة كشدانيين مثل الزبيدي في تاج العروس.
ويقول الأب أنستاس الكرملي +1947م: إن أصل كلمة كلدان هو (كس)، واسم بلادهم (بلاد الكس)، (مجلة لغة العرب، أغسطس 1911م، ص53).
يقول الدكتور والمبشر الأمريكي آشيل غرانت (1807–1844م) الذي زار العراق سنة 1835م، والتقى بعدد كبير من مسيحييّ المنطقة: إن الكلدان جزء من النساطرة ويُسمِّيهم، النساطرة البابوية، أن قسماً من الكلدان يريدون بالاسم الكلداني التعبير عن علاقة إبراهيم وخروجه من أرض أور الكلدانيين، لكنني لم أجد أي دليل يدعم هذه الفكرة (The Nestorians or The Lost Tribes، النساطرة أو الأسباط الضائعة، 1841م، ص170).
إن كلمة أور سومرية ومعناها، مدينة، وتُطلق على أي مدينة، وكثيراً من المدن القديمة اقترنت كلمة أور بها، منها، أورشليم أي مدينة السلام، وأور نمو، وتعني مدينة الملك (المدينة الملوكية أو العاصمة)، والنصوص المسمارية الأكدية في الدولة الآشورية تُسمِّي مدينة نينوى، uru nina ki،(الدكتور باسم ميخائيل جبّور، ملاحم تاريخية من الأدب الأكدي، ملحمة شلمنصر الثالث إلى أورارتو، ص189)، وتشير إلى منطقة القصور الملكية الآشورية في قلب المدينة (uru sa uru) أي المدينة التي في قلب المدينة، وأور أراتوا (أراراط) هو الاسم القديم لأرمينيا، وقربها مدينة أورمياحول بحيرة فان، وأورك (مدينة الوركاء)، أوروكو، مدينة سومرية قديمة (تل الهبة قرب قرية الداودية حالياً)، أور با ليكال رأس، مدينة كراثا قرب الموصل، أور سورنوران (النوران، خرسباد، عاصمة الآشوريين)، أورا، مدينة في الأناضول تذكرها النصوص الحثيّة، أوربيلوم”أربيل”، وقد احتفظ الأكراد بهذه الكلمة وأدخلوها في تركيب أسماء مدنهم مثل أورمانا، أورمه داود، أوره مارى، أورى)، وحتى في اليونان هناك مدينة أوركومنيس، ويُفصِّل كتاب المعارف الجغرافية عند العراقيين القدماء في فصل جغرافية المدن: المدينة الداخلية، المدينة القديمة، ضاحية المدينة وندرج تقسيمات المدن باسم أور مع صفحتين باسم أور، وهما قليل من كثير (الدكتور عامر عبدالله الجميلي). وتعتبر أربيل من أقدم مدن العالم، ورد ذكرها في الكتابات المسمارية (uru.4 dingir)، مدينة الآلهة الأربعة، (د. باسم جبور، ملاحم تاريخية من الأدب الأكدي، ص199، وفي عهد الملك شولكي حوالي 2000 ق.م. ترد باسم (أوربيلم) وبالفتح أيضاً (أربيليوم)، ومعنى أربا-إيلا بالسريانية مدينة الآلهة الأربعة أيضاً)، وكانت مركز الإله عشتار فورد اسمها، عشتار-أربا-إيلا، ومعبدها، أي-كشان-كلاما، بيت سيدة الأقليم، (أي رويستن بايك، قصة الآثار الآشورية، ص76)، وورد اسمها في الرقم الفارسية أربيرة (عبد الرزاق الحسني، العراق قديماً وحديثاً، ص237).
https://d.top4top.net/p_1105x7
https://e.top4top.net/p_1105gi
وشكراً/موفق نيسكو
يتبع ج2
تحية طيبة
بلاشك إنك ذخر تاريخي عظيم , وأنت الذي إكتشفت بنفسك الإداعاءات والتسميات وخلط الأزمنة والأشخاص والمدن والأماكن بشكل لا يوثق في شيء , ومع ذلك تأخذ كل كلمةٍ قالها شخصٌ في الماضي مأخذ الجد ولا تناقضه حتى يظهر عكسه , (هكذا تعمل المحاكم الآن ’) وهذا خطأ جسيم يقع فيه باحث التاريخ فقد لا يعثر على من يدحض معلومة معينة فهل سنتشبث بها ؟ , فمثلاً رعمسيس مات قبل 1213 ق م بقليل فكيف بنى مدينتا رعمسيس وفيثوم في نفس ,العام أي بعد وفاته ؟ , ثم أن موسى وقومه هربوا من رعمسيس الثاني في هذا القرن بسبب أعمال السخرة لبناء ذينك المدينتين كقاعدة عسكرية لمحاربة الحيثيين , ثم تقول أن موسى توفي في القرن الرابع عشر ؟ كيف وهو في منتصف المسافة بالأجيال بين إبراهيم الخليل وبين داؤد المتوفي في 967 ق م ــ 1500 سنة خروج إبراهيم ؟
أنا ومنذ مدة غير قصيرة رفضت هذا الأسم ( أور الكلدانيين) هذا خلط , أور حقيقة وتقع عند السماوة الحالية في العراق وإسمها حفظها أحفاد براهيم الخليل وبعد ظهور إسم الكلدان الذين هاجموهم ظنوا هم أولئك سكان أور الذين هرب منهم جدهم براهيم الخليل فسموها أور الكلدانيين وهم لا يعلمون شيئاً عنها ، أما حران أو أورفة أو الرها التركيتين حالياً فقد لجأ إليها براهيم في ترحاله وهربه من حكومة بابل التي تسري فيها قوانين حمو رابي ( من يتزوج سفاحاً يخرج من البلد) ولذك السبب هرب وليس من نار نمرود الخرافي ولا هم يحزنون وفي زمن الكيشيين الكورد أي خلال القرن السادس عشر ق م حينما كان نمرود الكيشي يحكم بقوانين حمورابي , لكنه لم يشعل ناراً ولا هم يحزنون إبراهيم هرب في زمنه وليس من ناره ولا هجر أباه , وليس في القرن الثامن عشر ق م , أرجع إلى الأجيال 14 جيل , من داؤود المتوفي 967 ق م , وبعد مكوثه في حران سنتين مات والده فتركها إلى فلسطين
ولو أنت راجعت سفر العدد وأحصيت رجال بني إسرائيل (آلاف مؤلفة لكل سبط وهم أحفاد ثلأثة أجيال لإثناعشر إخوة )) ستتأكد مئة في المئة أن كثيراً من المصريين والكنعان قد إنضموا إليهم أو أنه كذب بإختصار شديد
رد