الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
Homeمقالاتسيّار الجميل : !سجّل : أنا عراقي لا طائفي 

سيّار الجميل : !سجّل : أنا عراقي لا طائفي 

:يصفني بعض الاخوة العراقيين بالطائفية سامحهم الله .. كتبت الليلة الفائتة أجيبهم بهذا الشعر المنثور ، قائلا 

1
سجّل تفاهتك عنّي أيّها الشقيّ : 
أنا عراقي ، لا طائفي ! 
منذ ولادتي زمن الزهر الندي
حرّ أنا ، لا أحمل شارات خصاصة ، 
الّا هوّية ، ووطن ، وتاريخ ، ولقب !
لا أبشّر بدينٍ ، لا أتبجّح بأيّ مذهبٍ 
لستُ مهرّجاً و سمساراً في أسواق النخاسة 
لا اتمّسح بأيّ زعيمٍ ، وأجعلهُ فوقَ الشهب 
لستُ معنيا بأية أحزاب وخنادق ، فهي 
مستنقعات ورثناها منذ العصور البدائية 
مسامات الحياة خنقتها اوبئة لهذا الحزب وذاك المذهب
الطائفية وباء أمات كلّ عشّاق التمدّن والفنّ والأدب 
الطائفي ، مجنونٌ يدور حول نفسهِ 
يمشي متبختراً بلا حذاءٍ ، بلا جورب 
مثل سجين متعفّن في زنزانة ، 
أو سردينةٍ فاسدة ٍ في علب

2
سجِّلْ اهتراءك المفضوح : أنا طائفي !
لا أحملُ فماً كريهاً يكره أهله 
لا اسبّ أحداً ، ولا أشتمُ كلّ النخب ، 
لا أطعن في الأنسابِ و المنسوب والنسب 
لا اخّزن الأحقاد ، ولا أشعل الفتنة العمياء 
كالنار في غابةٍ يابسةٍ مفروشةٍ بأحراش وقصب 
سجّل عليّ يا هذا : أنا عاشق للصبايا :
الفيحاء ، والحدباء ، والخضراء ، والشهباء ، والصهباء ، والحوراء ..
والأخريات تتوزعن فارعات من ذرى سفين حتى شطوط العرب 
سجّل حكايتي مع الأقزام ، فهم لا يطالون الّا الفراغ
وأنا أقطف التين والزيتون وعناقيد العنب . 
هم كسالى ينامون في برلمان (منتخب ): 
جوقة ضباع كريهة ، 
وقرد يهرّج ، كأنه في سوقِ هرج .. 
وعجوزٌ تلطمُ ، وذئاب حول فريسة سمينةٍ ذبحت 
والدمّ منها آسن في الشوارع الخلفية .. 
ذاكَ صاحب عمامة ، ولحية مقصوفة 
ومحبس من فضة ، و بساكل سبّحة من ذهب
والعجب كلّ العجب 
من كان يأكل الحشائش ، صار شيخ عرب 
الطائفي ليس مثلي ، فأنا 
طيرٌ يحومُ في سماءٍ واسعة 
لا أكره البشر .. لا أحتقر الغجر
أعشق خرير الماء ، أهوى حفيف الشجر ، 
ارسم كلماتي تحت زخّات المطر 
احترم كل الشعائر ، والاستنارة مبدأ كلّ حر 
أجمع كلّ رسوم احبتي في قاموس مُحب

3
بعد الفِ عام ، سجلّوا عني :
باسم من راح مهاجراً وأغترب ، 
أو فرّ لاجئاً نحو الشتات وهرب
انت يا هذا ، تشعل النار في الناس .. 
تجعلهم وقوداً كالحطب 
لا تدعني اتعبّد عبادة المنافقين
في محرابِ الأضرحة ، وتكايا الخاملين 
لا اؤمن يوماً بالتفاهات والخزعبلات المضحكة
الطائفيون يرقصون كالقرود لوحدهم 
في بيوت الطين الندّية ، أو أكواخ القصب 
هذا يرقصُ مهرّجاً ، ذاك يلطم وينتحب
سنّة وشيعة يتداولون خطابهم في العلن : 
هذا ناصبي عند روافض ، وذاك رافضي عند من نصب
هذا كلام توافه في بلد تحكمه المجانين 
يخلقون آلهة ومومياءات وشياطين عَجب


سجّل ايها الشقّي الغبي : انا عراقي لا طائفي 
لا ادّعي حسباً ، ولا أكذوبة نسب 
لا أستبد بالتاريخ ، وأعيش في كهوفه الحجرية 
لا امّيز نفسي عن الآخرين ، فلا اتوّسل البركات ، 
لا أؤمن بالسخافات والمعتقدات البالية 
لست بندولاً في ساعةٍ قديمةٍ مصنوعةٍ من خشب 
سجّل ايها الدعي .. أنتَ الطائفي لا أنا ، فأنا
لا اكره الانسان عبر أطوارِ الحقب 
لا أستحوذ على كنوز هذا الشعب 
لا أحتكر العراقَ لوحدي 
معتقداً أنّ غيري من العراقيين : توافه .. 
يأكلهم دود ، ويعتريهم جرب .. 
يهتزّ ضميري ، والنساء أمامكم تسبى وتغتصب 
الانسان ليس ملاكاً بلا خطيئة ، وبلا أيّ ذنب 
كلّنا يا ناس سواسيّة كأسنانِ المشط

5
سجّل ايها الدعيّ .. أنا عراقي لا طائفي
لا تشغلني الصحاح والأسانيد في كتب
لا تشغلني التسابيح والخواتم واللحى 
لا أسكن قصراً منيفاً في المنطقةِ الخضراء ، 
لست انافق متضرّعاً تحتَ القبب
لا امثّل دور الساحر الدجال وأنا 
أبكي .. والطم .. وأنتحب ، 
أو أرقص مع داعش بالدفوف اثر قتل الأبرياء 
لست من قتلة مثلث الموت المشؤوم
هائمٌ على وجهي في البراري البعيدة ، 
والعراق يخصى كلّ يومٍ ويغتصب 
عندما أجيد اللعبة : يعتريني الغضب 
الطائفيون من صعاليك ومثقفين .. غلاة بلا وطن
الوطنُ عندهم صندوق قمامةٍ 
هذا لا يعجبه العجب ، وذاك 
لا يعجبه الصيام في رجب 
الزمن .. سيبقى يدور دورته العمياء ، 
بعد أزمنة طوال .. سيغدو العراق حديقة غنّاء
بعد زوال المهزلة بين غاصبٍ ومغتصب 
بعد زوال التجريح وبدء احترام المشاعر 
سيكتب التاريخ يوماّ : ان العراقيين صاروا بشراً
المحبة أولا .. بعد احتراق كلّ الأوراق الطائفية .

والناس كلها تنادي : سجّل انا عراقي لا طائفي !

نشرت بتاريخ 11 يناير / كانون الثاني 2019 على موقع الدكتور سيار الجميل 

http://sayyaraljamil.com

RELATED ARTICLES

1 COMMENT

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular