:يصفني بعض الاخوة العراقيين بالطائفية سامحهم الله .. كتبت الليلة الفائتة أجيبهم بهذا الشعر المنثور ، قائلا
1
سجّل تفاهتك عنّي أيّها الشقيّ :
أنا عراقي ، لا طائفي !
منذ ولادتي زمن الزهر الندي
حرّ أنا ، لا أحمل شارات خصاصة ،
الّا هوّية ، ووطن ، وتاريخ ، ولقب !
لا أبشّر بدينٍ ، لا أتبجّح بأيّ مذهبٍ
لستُ مهرّجاً و سمساراً في أسواق النخاسة
لا اتمّسح بأيّ زعيمٍ ، وأجعلهُ فوقَ الشهب
لستُ معنيا بأية أحزاب وخنادق ، فهي
مستنقعات ورثناها منذ العصور البدائية
مسامات الحياة خنقتها اوبئة لهذا الحزب وذاك المذهب
الطائفية وباء أمات كلّ عشّاق التمدّن والفنّ والأدب
الطائفي ، مجنونٌ يدور حول نفسهِ
يمشي متبختراً بلا حذاءٍ ، بلا جورب
مثل سجين متعفّن في زنزانة ،
أو سردينةٍ فاسدة ٍ في علب
2
سجِّلْ اهتراءك المفضوح : أنا طائفي !
لا أحملُ فماً كريهاً يكره أهله
لا اسبّ أحداً ، ولا أشتمُ كلّ النخب ،
لا أطعن في الأنسابِ و المنسوب والنسب
لا اخّزن الأحقاد ، ولا أشعل الفتنة العمياء
كالنار في غابةٍ يابسةٍ مفروشةٍ بأحراش وقصب
سجّل عليّ يا هذا : أنا عاشق للصبايا :
الفيحاء ، والحدباء ، والخضراء ، والشهباء ، والصهباء ، والحوراء ..
والأخريات تتوزعن فارعات من ذرى سفين حتى شطوط العرب
سجّل حكايتي مع الأقزام ، فهم لا يطالون الّا الفراغ
وأنا أقطف التين والزيتون وعناقيد العنب .
هم كسالى ينامون في برلمان (منتخب ):
جوقة ضباع كريهة ،
وقرد يهرّج ، كأنه في سوقِ هرج ..
وعجوزٌ تلطمُ ، وذئاب حول فريسة سمينةٍ ذبحت
والدمّ منها آسن في الشوارع الخلفية ..
ذاكَ صاحب عمامة ، ولحية مقصوفة
ومحبس من فضة ، و بساكل سبّحة من ذهب
والعجب كلّ العجب
من كان يأكل الحشائش ، صار شيخ عرب
الطائفي ليس مثلي ، فأنا
طيرٌ يحومُ في سماءٍ واسعة
لا أكره البشر .. لا أحتقر الغجر
أعشق خرير الماء ، أهوى حفيف الشجر ،
ارسم كلماتي تحت زخّات المطر
احترم كل الشعائر ، والاستنارة مبدأ كلّ حر
أجمع كلّ رسوم احبتي في قاموس مُحب
3
بعد الفِ عام ، سجلّوا عني :
باسم من راح مهاجراً وأغترب ،
أو فرّ لاجئاً نحو الشتات وهرب
انت يا هذا ، تشعل النار في الناس ..
تجعلهم وقوداً كالحطب
لا تدعني اتعبّد عبادة المنافقين
في محرابِ الأضرحة ، وتكايا الخاملين
لا اؤمن يوماً بالتفاهات والخزعبلات المضحكة
الطائفيون يرقصون كالقرود لوحدهم
في بيوت الطين الندّية ، أو أكواخ القصب
هذا يرقصُ مهرّجاً ، ذاك يلطم وينتحب
سنّة وشيعة يتداولون خطابهم في العلن :
هذا ناصبي عند روافض ، وذاك رافضي عند من نصب
هذا كلام توافه في بلد تحكمه المجانين
يخلقون آلهة ومومياءات وشياطين عَجب
4
سجّل ايها الشقّي الغبي : انا عراقي لا طائفي
لا ادّعي حسباً ، ولا أكذوبة نسب
لا أستبد بالتاريخ ، وأعيش في كهوفه الحجرية
لا امّيز نفسي عن الآخرين ، فلا اتوّسل البركات ،
لا أؤمن بالسخافات والمعتقدات البالية
لست بندولاً في ساعةٍ قديمةٍ مصنوعةٍ من خشب
سجّل ايها الدعي .. أنتَ الطائفي لا أنا ، فأنا
لا اكره الانسان عبر أطوارِ الحقب
لا أستحوذ على كنوز هذا الشعب
لا أحتكر العراقَ لوحدي
معتقداً أنّ غيري من العراقيين : توافه ..
يأكلهم دود ، ويعتريهم جرب ..
يهتزّ ضميري ، والنساء أمامكم تسبى وتغتصب
الانسان ليس ملاكاً بلا خطيئة ، وبلا أيّ ذنب
كلّنا يا ناس سواسيّة كأسنانِ المشط
5
سجّل ايها الدعيّ .. أنا عراقي لا طائفي
لا تشغلني الصحاح والأسانيد في كتب
لا تشغلني التسابيح والخواتم واللحى
لا أسكن قصراً منيفاً في المنطقةِ الخضراء ،
لست انافق متضرّعاً تحتَ القبب
لا امثّل دور الساحر الدجال وأنا
أبكي .. والطم .. وأنتحب ،
أو أرقص مع داعش بالدفوف اثر قتل الأبرياء
لست من قتلة مثلث الموت المشؤوم
هائمٌ على وجهي في البراري البعيدة ،
والعراق يخصى كلّ يومٍ ويغتصب
عندما أجيد اللعبة : يعتريني الغضب
الطائفيون من صعاليك ومثقفين .. غلاة بلا وطن
الوطنُ عندهم صندوق قمامةٍ
هذا لا يعجبه العجب ، وذاك
لا يعجبه الصيام في رجب
الزمن .. سيبقى يدور دورته العمياء ،
بعد أزمنة طوال .. سيغدو العراق حديقة غنّاء
بعد زوال المهزلة بين غاصبٍ ومغتصب
بعد زوال التجريح وبدء احترام المشاعر
سيكتب التاريخ يوماّ : ان العراقيين صاروا بشراً
المحبة أولا .. بعد احتراق كلّ الأوراق الطائفية .
والناس كلها تنادي : سجّل انا عراقي لا طائفي !
نشرت بتاريخ 11 يناير / كانون الثاني 2019 على موقع الدكتور سيار الجميل
رائع دكتور.
جميل كجمالك.